ظل سُلطان العُلماء جالساً مع شحرور لا يسأله عن شئ وصاحبنا عليه سكون غريب يُحاول أن يضبط أنفاسه بعد حالة البُكاء التى خرج منها..
ثُم بدأ العز بن عبد السلام الحديث: قُل لى يا بُنى من أين أتيت؟!
شحرور: أنا من مصر..
تبسُم الشيخ وقال: مرحباً بِك يا ولدى....مرحباً بمن أتى من بلد الرجُل الصالح نجم الدين أيوب...
كم أحببت هذا الرَجُل فلم يبق فى الدُنيا الكثير ممن يحملون راية الحق مِثله
حينها سمع شحرور صوت كأنه باب يُفتح ورأى قدوم ظِل رجُل من بعيد فسكت الشيخ وتطلع لهذا القادم
تقدم الشاب من ناحية شحرور ...
كان شاباً متوسط الطول مفتول العضلات تشعر بالراحة من قسمات وجهه والجدية تبدو ظاهرة حتى فى مشيته!
نظر الشاب لشحرور نظرة خاطفة ثُم انكب سريعاً على يد الشيخ يُقبّلها والشيخ يبتسم ثُم سحب يده وعانق الشاب عِناقاً حاراً
وبعد السلام قال سُلطان العُلماء للشاب فى لومِ رقيق: تأخرت على أسبوعاً يا قُطُز...أين كُنت؟!!
(كان شحرور ينظر كأنه مسحور لسيف الدين قُطزالذى بعد أعوامٍ قليلة سيحمى الإسلام فى العالم من خطر المغول!)
قُطُز: عفواً يا شيخ ولكن ...ثُم نظر إلى شحرور نظرة ذات معنى كأنه يتحرّج من الكلام أمامه
فقال الشيخ مُطمئِناً: تحدث يا بُنى هذا أخوك قَدِمَ من مصر بلد الصالح نجم الدين أيوب
ابتسم قُطُز لشحرور فى ود ومد يده فشد شحرور عليها
(شحرور مُعتاد على السلام بقوة بنية اتباع سُنة النبى صلى الله عليه وسلّم..ولكن هذه المرة شعر كأن عظام يده ستنخلع من قوة قبضة سيف الدين قُطُز! )
قال قُطُز للشيخ: غبت عنك يا شيخى أجمع المعلومات حول الجنود الفرنجة الذين يدخلون أسواق السلاح عندنا
وبفضل الله جمعت مع أخوانى معلومات دقيقة حول مواعيد دخولهم والطُرق التى يسلكونها وحاليا نضع الخطط لبدء هجومنا عليهم ولكن ننتظر الإذن منك
كان سُلطان العُلماء يُنصت فى اهتمام للشاب ثُم قال: حسنا يا بُنى...غداً بإذن الله فى بعد خطبة الجُمعة ابدأ بالتحرك أنت وثلاث من أخوانك ولكن تذكروا ان ما نفعل ما نفعل حمية ولا اندفاعاً ولا غاية لنا سوى الحق وللذود عن ديننا
ثُم اعتدل الشيخ ورفع يديه للسماء وقال : أللهُم أن زرع الباطِل قد نما واستحصد..فأتح للحق المُبين أيدى حاصدة, تقلع جذوره وتُفنى شروره...
أمم قُطُز وشحرور على دُعاء الشيخ وتعجب شحرور من قوة الدعاء !
ثُم التفت الشيخ لِقُطُز وسأله وهو يبتسم : أتيت مٌقبِلاً أم مُدبراً؟
ضحك قُطز ضحكة خفيفة من الدُعابة التى لم يفهمها شحرور ...ثُم قال:
بل مُقبلاً يا سيدى وراجعت وِِردى ومُستعد إن شاء الله
حينها ثنى الشيخ رجله واستعد للقيام وهو يقول: إذاً هيا بنا وسيكون معنا أخوك شحرور عسى الله أن يُفرج همه!
تعجب صاحبنا المُزبِهل بالطبيعة
![[صورة: icon_rolleyes.gif]](http://forum.amrkhaled.net/images/smilies/icon_rolleyes.gif)
أن سُلطان العُلماء يعلم أسمه ولكنه قام كما قاموا..
ووقف بجانب سُلطان العُلماء خلف الشاب الجَلِد قُطُز ليُصلى بِهما ما شاء الله لهم من الليل..
افتتح قُطز بالفاتحة ثُم آيات من سورة المؤمنون:
بسم الله الرحمن الرحيم.. قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2} وَالَّذِينَ هُم ْعَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{7} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِم ْوَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{11}
ولكنه لم يُكمل !!
..
.أعاد تلاوة الآيات من جديد وهو يتوقف لحظات بعد كُل آية وكأنه يتدبر المعنى ويتأثر بِه بكُل حواسه
ثُم أعاد الآيات للمرة الثاثة وصدره ينشج من البُكاء والتأثر والشيخ وشحرور خلفه يبكيان من عذوبة القرآن وقوة المعانى التى زادها التكرار بهاءً وجمالاً....
ثُم ركع الشاب مع صاحبينا و...
موعدنا الحلقة القادمة :bye: