سواء كان الزعم بانتماء المسيحيين الى اعراق غير عربية زعما صحيحا ام خاطئا، فلا بد ان وراء هذا الزعم سبب. و تنصيل العرب المسلمين انفسهم من المسؤولية و إلقاء اللوم كليا على هؤلاء المسيحيين العرب، هو أمر غير منطقي.

ثم من ناحية علمية، و كما يقول الكاتب، فإن الزعم بوجود عرق عربي نقي لا شائبة فيه هو زعم غير دقيق، فعلى مر الزمن اختلطت الانساب و الاعراق ببعضها. و تبقى هناك مسألة العروبة كهوية وطنية او حضارية.

فإن وجد أحدنا نفسه غير منتمي لهذه الهوية، فما الحل؟ يعني لو قلنا ان الثقافة العربية قائمة على الاطروحة "أ" و "ب" و "ج"، و وجد شخص بأنه يرفض الاطروحات الثلاث من ناحية ضميرية و فكرية و عملية (اي ممارسة)، فعلى أي أساس تكون هويته الثقافية عربية؟

القواميس الغربية عادة تعرّف "العربي" على أنه الشخص المنتمي للعرق العربي، او الشخص المنتمي للثقافة العربية، او الشخص الذي يتحدث العربية كلغة أم. فإن انتفت الأولى و الثانية، يثبت لدينا أن هؤلاء الاشخاص هم "عرب" فقط من ناحية اللغة.

مسألة الانتماء في النهاية هي مسألة ضميرية. الكاتب نفسه يقول ان ما يسمى "الفرنسيين" هم أصلا من اعراق مختلفة مثلا، و مثلا الانتماء الوطني في اميركا هو حق دستوري و ليس حقا عرقيا او دينيا او لغويا.

و المفارقة في هذا المقال ان الكاتب يتهجم على الغرب و يشبههم بالصليبيين الهمج مصاصي الدماء، و يدعو الى اتخاذ العروبة هوية مطلقة و التعاون المطلق بين العرب الخ الخ الخ... و هو حضرته يقيم في الولايات المتحدة، يستفيد من الحريات التي توفرها له و العلم الذي تقدمه. يعني الذي يسمع حماسته في الكلام، يخيّل اليه انه مرابط في حصون العروبة، رافض تركها و العيش في سواها. يا عم روح بلا خيبة.

و هو ليس وحيدا، فغيره الكثيرون من "أبطال العروبة" و دعاة الهوية و الانتماء، ممن كانوا يستنفعون من النظم الغربية و المجتمعات الاوروبية و الاميركية، و لا استغرب ان كانوا يعيشون على المساعدات الحكومية او الطبية او العلمية التي تقدمها حكومة واشنطن الصليبية الهمجية، بينما يقضون وقت فراغهم في شجب دعاة التخلي عن الوطن. :lol: