نريدها سياحة.......و ليس استباحة !!!‏ مساهمات القراء
تتمةً و تعليقاً عن مقالة عنصريتي التي أعترف بها!!‏ و التي تحدثت عن الوجه القبيح لواقع السياحة الخليجية في بلدنا و إنصافاً للحق أنشر مساهمتي هذه ..



بدايةً لا بد لنا من الاقرار بأن السياحة هي أحد الروافد الهامة للاقتصاد الوطني و أعتقد أن هذا من المسلمات لجميع المواطنين سواء كانوا من العاملين في قطاع السياحة أو مواطنين عاديين ، و للسياحة أنواع متعددة تختلف من بلد إلى بلد حسب إمكانيات البلد و ثقافته السياحة و الصناعة السياحية.

و إذا قمنا بدراسة إمكانيات السياحة في بلدنا فإننا سنجد أنها من أغنى البلدان من حيث مقوماتها السياحية بكافة أنواعها الدينية و التاريخية و البيئية و غيرها.....هذا من حيث المقومات .

أما من حيث الثقافة السياحية و الصناعة السياحية فإنني أعتقد أنها من أهم العوامل التي تحدد نوعية السياح القادمين إلى وطننا العزيز ، و لنكون منصفين فنحن مقصرين حكومة و شعباً في عملية التوجيه السياحي. حيث يتم التركيز على أنواع من السياحة يعتقد القائمين عليها أنها تدر على الوطن الكثير الكثير ، فما أكثر المرابع الليلية و أماكن اللهو و غيرها من عناصر الجذب التي تستقطب أنواعاً من السياح لا تتناسب مع طبيعة بلدنا من حيث التقاليد و من حيث القيم و الأخلاق العامة .و بذلك فإننا نساهم إلى حد كبير في اختيار نوعية السائحين القادمين إلى بلدنا.

كوني رب لأسرة و أنتمي بعمق كبير إلى قيم مجتمعي فأنني أختار من المناطق السياحية ما يتناسب مع قناعاتي و شرقيتي التي أعتز بها ، و للحقيقة فقد التقيت بسائحين من دول عربية و خليجية مع أسرهم و كانوا في منتهى الأدب و الأخلاق و حتى أنهم محبطون جداً من أفعال البعض من جنسياتهم لما يقومون به خلال زياراتهم المكوكية لبلدنا .

أعتقد أننا لو وجهنا اهتمامنا بعناية أكثر إلى نوعية السياحة الأسرية و عملنا على تلبية إحتياجاتها خاصة ما يتعلق بالراحة و الاستجمام و الأمان و الأسعار المعقولة و المعاملة اللائقة و الاحترام لكان الوضع أفضل .و بذلك نكون قادرين على جذب هذه النوعية من السياحة التي تراعي قيمنا و أخلاقنا و تدعم أقتصادنا الوطني بأضعاف ما تساهم به السياحة القائمة على الرزيلة و الانحطاط.

مساهمتي هذه لا تدخل في باب دحض أفكار المساهمة السابقة و لكنها تتمة لبعض الأفكار التي وردت فيها و مساهمة في إيجاد بعض الحلول لمشكلة السياحة القائمة على فئة من رواد الرزيلة و الفواحش و أود أن أشير أن الذباب لا يحط إلا على العسل المكشوف بينما الزهور تستقطب النحل ليصنع منها العسل .

ولا يمكنني أن أغفل السياحة الأثرية التي تستقطب شريحة من المهتمين و المثقفين الأوربيين بالدرجة الأولى و لكنني أجد غصة كبيرة في أن أتحدث عن بلدي الذي لا نظير له من حيث غناه بالتراث و الأصالة و بعده التاريخي المتأصل الجذور و مع ذلك لا يستطيع جذب أعداد تليق بإمكانياته الجمة.

نحن فعلاً بحاجة إلى نشر ثقافة سياحية بمفاهيم جديدة تبرز مقومات بلدنا ، نحن بحاجة ماسة إلى خلق صناعة سياحية في بلد مازال الأمان فيه يحتل أعلى المراتب عالمياً بينما ما نزال نعتبر جميع الوافدين إلى مراكزنا الحدودية من فئة السائحين سواء كانوا سوريين أو عرب أو أجانب .

أختم مساهمتي بقصة صغيرة كنت أحد أطرافها عندما زارني رجل أعمال من الجنسية الألمانية حيث اصطحبته بزيارة إلى المناطق القديمة في مدينتي ، و لدى مرورنا بجانب بيت من البيوت العربية القديمة و الذي أصبح مرسماً لبعض الهواة طلبنا من القائمين عليه الإذن بالدخول ، رحبوا بنا و قدموا لنا القهوة العربية ضيافةً ..طافت عيونه في أرجاء البيت و في النهاية قال لي أن أي سائح أوربي على استعداد لأن يدفع ضعف ما يدفعه في فنادق الخمسة نجوم على أن تكون إقامته في بيت كهذا.



معن شاكر

من مساهمات