{myadvertisements[zone_1]}
ما هذا التحريف الذي نجده في القرآن يا ربي ؟
ضيف
Unregistered

 
مشاركة: #193
ما هذا التحريف الذي نجده في القرآن يا ربي ؟
أي بحث في موضوع جمع القرآن يجب أن يبدأ بالنظر في مميزات الكتاب نفسه كما بلَّغه محمد إلى أصحابه. لم يُبَلَّغ القرآن أو يوحى كما يعتقد المسلمون مرة واحدة بل جاء على أجزاء خلال فترة من الزمن دامت 23 سنة امتدت منذ بدأ محمد يدعو للإسلام في مكة سنة 610 ميلادية إلى وفاته في المدينة المنورة سنة 632 ميلادية. ففي القرآن نفسه نجد : "قال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا"(سورة الفرقان 25 الآية 32)

زيادة على هذا لم تصلنا لا من محمد ولا من أصحابه أية معلومات عن الترتيب الزمني للفقرات حيث أنه حين بُدِءَ في جمعها على شكل سور لم يؤخد بعين الإعتبار لا الموضوع و لا التسلسل من حيث النزول. كل العلماء المسلمون يُقِرُّون بأن جل السور و على الخصوص الطويلة منها هي خليط من المقاطع التي ليست بالضرورة متصلة ببعضها البعض حسب التسلسل الزمني. مع مرور الوقت أصبح محمد يقول لكُتَّابه : "ضعوا أية كذا في موضع كذا" (السيوطي‚ الإتقان في علوم القرآن م 1 ص 135) و هكذا أصبحت تضاف إلى الأجزاء التي كانت مجموعة أنذاك مقاطع أخرى إلى أن تصبح سورة مكتملة. بعض هذه السور كانت لها أسماء في عهد محمد كما يتبين لنا من خلال الحديثين النبويين التاليين :

"من قرأ هاتين الأيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" (كتاب صلاة المسافرين‚ صحيح البخاري حديث رقم 1341)

"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِمَ من الدجال" (نفس المرجع‚ حديث رقم 1342)

في الوقت ذاته هناك دلائل على وجود سُوَرٍ لم يعطها محمد أية أسماء. فسورة الإخلاص (رقم 112) على سبيل المثال لم يُسَمِّها محمدٌ على الرغم من أنه تكلم عنها مُطَوَّلا و ذكر أنها تساوي ثلث القرآن (الحديثين 1344 و 1346 من كتاب صلاة المسافرين‚ صحيح مسلم)

حين صارت الآيات القرآنية تتكاثر أصبح أصحاب محمد يكتبون بعضا منها و يحفظون البعض الآخر عن ظهر قلب. فمن الظاهر أن الحفظ كان يشكل الطريقة الرئيسية للحفاظ على نص القرآن لأن كلمة "قرآن" تعني "القرآءة" و لأن أول كلمة قال محمد أنها نزلت عليه حين حصلت له رؤيا جبريل في غار حراء كانت هي كلمة "إقرأ" (سورة 96 الآية 1 فكانت القراءة الشفهية ذات قيمة عالية و كانت جد متداولة بين الناس. مع كل هذا ففي القرآن نفسه ما يدل على أنه مُدَوَّنٌ كِتابيا كما تشهد الآية التالية :

"في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي كرام بررة" (سورة عبس 13-16)

هناك أيضا حجج على أن أجزاء من ما كان موجودا من القرآن في المرحلة المكية كتب آنذاك. هناك رواية تحكي أن عمر بن الخطاب حين كان لا يزال كافرا ضرب أخته في بيتها بمكة حين سمعها تقرأ بعض القرآن فلما رأى ما أصابها من الدم قال لها : "اعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد" (سيرة بن هشام مجلد 2 صفحة 190) () و حين قرأ قسطا من سورة طه (السورة 20) التي كانت أخته و زوجها يقرآنها قرر الدخول في الإسلام. مع هذا يتضح لنا أن الحفظ كان هو المنهج السائد إلى حين وفاة محمد و كانت تعطى له أهمية أكبر. ففي الحديث النبوي ما يدل على أن جبريل كان يحقق و يراجع القرآن مع محمد كل سنة خلال شهر رمضان و في السنة الأخيرة راجعه معه مرتين. عن فاطمة ابنة محمد :

"أسر النبي صلعم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة و أنه عارضني العام مرتين و لا أراه إلا حضر أجلي " (صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن 4612)

لقد كان بعض الصحابة المقربون من محمد يكرسون كل جهدهم لتعلم القرآن حفظا عن ظهر قلب. من بين هؤلاء نجد من الأنصار أبي بن كعب و معاذ بن جبل و زيد بن ثابت و أبو زيد و أبو الدرداء (صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن 4620) بالإضافة إلى مجمع بن جارية الذي قيل أنه لم يحفظ إلا بضعة سور في حين كان عبد الله بن مسعود و هو من المهاجرين و من أوائل الصحابة يحفظ أزيد من تسعين سورة من بين السور المائة و أربعة عشر التي يحتويها القرآن و تعلم البقية من مجمع (بن سعد كتاب الطبقات الكبير مجلد 2) (1)

لا تتوفر لدينا أية معلومات كافية عن مقدار ما تمت كتابته من نص القرآن في عهد محمد. فبالتأكيد ليس هنالك أي دليل على أن مجموع القرآن كتب آنذاك في مصحف واحد سواء تحت الإشراف المباشر لمحمد أو غيره. من خلال المعلومات التي نتوفر عليها حول جمع القرآن بعد وفاة محمد (سنستعرضها قريبا) نستنتج أن القرآن لم يتم أبدا وضعه في مصحف واحد في عهد محمد. توفي هذا الأخير فجأة سنة 632 ميلادية بعد مرض لم يدم طويلا و بوفاته اكتمل القرآن و انقضى نزوله و لم يعد من الممكن إضافة آيات أخرى إليه نظرا لانتهاء نبوة محمد. حين كان لا يزال على قيد الحياة كانت هناك دائما إمكانية نزول أجزاء جديدة من القرآن و لهذا لم يكن من الائق جمع النص في كتاب واحد و هو أيضا ما يفسر كون القرآن بقي مفرقا بين ما في ذاكرة بعض الناس و ما في مختلف المواد التي كان مكتوبا عليها وقت وفاة محمد.

سنرى فيما بعد أنه بشهادة القرآن نفسه كان من الوارد نسخ بعض الآيات خلال فترة النزول (بالإضافة إلى ما تم نسخه من قبل) و هذا ما يحول دون جمع النص في كتاب واحد ما دامت إمكانية نسخه قائمة.

إضافة إلى كل هذا يظهر لنا أنه لم تكن هناك سوى نزاعات قليلة حول نص القرآن فيما بين الصحابة حين كان محمد لا يزال على قيد الحياة خلافا لما سيقع بعد موته. كل هذه العوامل تفسر غياب نص قرآني رسمي و موحد وقت وفاته. إمكانية نسخ أجزاء من القرآن و احتمال نزول آيات جديدة -لا يوجد في القرآن ما يدل على تمامه أو على آستحالة نزول آيات جديدة- حالا دون محاولة جمعه خلافا لما قام به أصحاب محمد بعد موته. يتبين كذلك أن الآيات القرآنية صارت تنزل على محمد بشكل مكثف قبيل وفاته و لذلك آستمنع جمعها.

"حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ"(صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن 4599)

عند نهاية المرحلة الأولى التي مر منها القرآن نجد أن محتواه كان موزعا بشكل واسع في ذاكرات الناس بينما كانت بعض أجزاءه مكتوبة على مختلف المواد التي كانت تستعمل آنذاك في الكتابة لكن لم يكن هنالك أي نص موحد أمر به للأمة الإسلامية. لقد ذكر السيوطي أن القرآن قد كتب كله في عهد محمد و بقي محتفظا عليه بعناية بالغة لكن لم يجمع في موضع واحد قبل موته (السيوطي الإتقان في علوم القرآن م 1 ص 126) و قيل أنه كان متوفرا بأكمله مبدئيا (في ذاكرة الصحابة و أيضا على شكل مكتوب). أما التسلسل النهائي للسور فقد قيل أن محمد قد أمر به شخصيا.


--------------------------------------------------------------------------------

(1) تكلم البخاري في صحيحه -كتاب فضائل القرآن- عن بضع و سبعين سورة "حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا شقيق بن سلمة قال خطبنا عبدالله بن مسعود فقال والله لقد أخذت من في رسول الله صلى اللهم عليه وسلم بضعا وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي صلى اللهم عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم قال شقيق فجلست في الحلق أسمع ما يقولون فما سمعت رادا يقول غير ذلك"







حتى الآن نلاحظ أن آتجاها معينا أصبح يبرز بوضوح. الروايات الرسمية تحاول أن تظهر لنا أن المشروع الذي قام به أبو بكر بخصوص جمع القرآن كان هو الأهم و الوحيد الذي تم بعد وفاة محمد. حاول العلماء بعد ذلك أن يدعموا هذه الفكرة مدعين أن زيدا كان الشخص الوحيد المؤهل للقيام بالمهمة و أن القرآن كان بشكل أو بآخر موجودا ببيت محمد و أن الأشخاص الذين قاموا بعملية الجمع اعتمدوا على ما تمت كتابته تحت الإشراف الفعلي لمحمد نفسه و لا شيء غير هذا. يذهب العلماء المسلمون أبعد من هذا حيث يزعمون أن المصحف كما تم جمعه كان صورة طبق الأصل لما جاء به محمد لم يضف إليه لا حرف و لا كلمة و لا نقطة و لم يفتقد منه أي شيء من هذا القبيل.

من جهة أخرى وجب القول بأن التحليل الموضوعي لمسألة جمع القرآن في المرحلة البدائية و الذي يجب أن يعتمد على المعطيات المدونة سيمكننا من إبراز أن النص الذي جمعه زيد و الذي أصبح فيما بعد النمودج الذي اعتمد عليه المصحف العثماني ما هو إلا المنتوج النهائي لمحاولة صادقة لجمع القرآن انطلاقا من مصادر متنوعة كان الرجوع إليها أمرا ضروريا.

يجب علينا الآن أن نقوم بتقييم للمصادر التي اعتُمِد عليها بإعادة النظر فيها. اعتمد زيد بن ثابت على صدور الرجال و على ما كُتِب من القرآن كيفما كانت المواد التي استعملت في ذلك. مهما كانت المجهودات التي قام بها الصحابة الأوائل لحفظ القرآن بشكل كامل فإن ذاكرة الإنسان تبقى دائما عرضة للنقصان و الخطأ. إذا أخذنا بعين الإعتبار طول القرآن (أي ما وجب حفظه) فليس من الغريب أن نجد اختلافات في طرق قراءة القرآن و لذلك سيظهر لنا جليا أن هذا الإرتسام مبني على أسس صحيحة.

فكرة أن زيد اعتمد على ما كان متناثرا في ذاكرات الصحابة وجب أن تؤدي إلى بعض النتائج المنطقية التي لا مفر منها. هناك احتمال ضياع أجزاء من النص لأن هذا الأخير لم يكن مجموعا في كتاب واحد بل كان متناثرا بشكل واسع. هذا ما سيتضح حين سنقدم الدلائل المؤخوذة من الثرات الإسلامي القديم.

المثال النمودجي الذي وجب تقديمه بخصوص هذه المسألة يتجلى في الحديث التالي الذي يؤكد بوضوح أن أجزاء من القرآن فُقِدت نهائيا إثر مقتل بعض الحفاظ من الصحابة في معركة اليمامة :

"كثير من الآيات التي نزلت كان يحفظها الذين قتلوا يوم اليمامة و لم يكن يعلمها أحد من الذين بقوا من بعدهم و لم يكتب شيء منها و لا كان أبو بكر أو عمر أو عثمان قد قاموا بجمع المصحف بعد و لم يوجد أحد يعلمها من بعدهم" (كتاب المصاحف 23)

لا يمكن تجاهل كون هذا الحديث يستعمل أسلوب النفي بوضوح : "لم يعلم"‚ "لم يكتب"‚ "لم يوجد" تاكيد ثلاثي على أن هذه الأجزاء من القرآن التي كان يحفظها قراء اليمامة فقدت بدون رجعة. في المقابل يظهر أنه من الصعب تصور أية زيادة أو تغيير في القرآن بعد وفاة محمد لأن أجزاء النص كانت موجودة بطريقة متناثرة عند الصحابة لكن إمكانية ضياع بعض الأجزاء من النص تبقى واردة كما ذكرنا سالفا. إذا كان جزء مهما من القرآن احتُفِظ به عن طريق الحفظ فهذه ضمانة أكيدة أن لا أحد من الصحابة كان بإمكانه إضافة شيء إلى القرآن دون أن يلقى معارضة الأخرين. (1)

في الأخير حين نستعرض المصادر الأصلية يجب أن لا نستغرب من كون مصاحف أخرى كانت حيز الجمع زيادة على المصحف الذي تكلف زيد بجمعه. كان هنالك عدد من الصحابة الذين كانت لهم دراية واسعة بالقرآن و كان من الحتمي أن يحاولوا تأليف ما كان لا يزال متبثا في ذاكراتهم على شكل مصحف مستعينين كذلك بما كان مكتوبا. كنتيجة حتمبة سنرى أن ما توقعناه من نتائج بخصوص جمع كتاب كالقرآن أمر تدعمه النصوص التاريخية خلافا للفرضية القائلة بأن الحفاظ على الكتاب تم بفضل العناية الربانية دون أدنى نقصان أو تغيير.

امكانية فقدان بعض أجزاء النص واردة في عدة أحاديث نبوية تبين بعضها أن محمدا كان هو نفسه عرضة لنسيان بعض أجزاء القرآن :

"حدثنا موسى يعني ابن إسمعيل حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي اللهم عنها أن رجلا قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن فلما أصبح قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يرحم الله فلانا كائن من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها" (كتاب الحروف و القراءات سنن بن أبي داود رقم 3456)

وضع مترجم المرجع السابق إلى الأنجليزية ملاحظة هامشية بين فيها أن محمدا لم ينس بعضالآيات تلقائيا بل الله هو الذي أنساه إياها مقيما بذلك عبرة للمسلمين. مهما كانت الغاية و الأسباب فالمهم هو أن محمدا تعرض لنسيان بعض القرآن الذي أقر أنه أوحي إليه. القول بأن النسيان كان من الله يعتمد على الآية التالية :

" مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (سورة البقرة 2 الآية 106)

كلمة آية تعني النص القرآني ذاته و كلمة ننسها أصلها من فعل نسي الذي يعني أينما وجد في القرآن (وردت 45 مرة على مختلف الأشكال) فقدان الشيء من ذاكرة الإنسان.

لنعطي الآن خلاصة لما قيل في هذا الجزء.

حاول زيد بن ثابث الذي كان من الصحابة ذوي المعرفة العميقة بالقرآن أن يدون قدر مستطاعه مصحفا أقرب ما يكون إلى الموثوقية. روح الأمانة التي اتصف بها خلال قيامه بمشروعه ليست موضع شك. لذلك يمكننا أن نقول بأن المصحف الذي قدمه في الأخير إلى أبي بكر لم يكن إلا تعبيرا صادقا عن ما جمعه من صدور القرأء و من ما كتب على مختلف المواد لأن هذا هو ما تعكسه النصوص المؤخوذة من التراث الإسلامي الأصيل. نفس النصوص تنفي الفرضية الحديثة القائلة بأن المصحف الحالي هو نسخة طبق الأصل للقرآن الأول لم يحذف منها شيء و لم يمسسها أي تغيير. ليس هناك ما يدل على أن النص تعرض للتحريف و كل محاولة لتأكيد ذلك (كما فعل بعض الباحثين الغربيين) يمكن ضحضها بسهولة. بالمقابل هناك أدلة عديدة على أن القرآن كان غير مكتمل وقت تدوينه في مصحف واحد (كما رأينا سابقا) و أن كثيرا من فقراته و آياته انتقلت على أشكال مختلفة. سنتمكن من خلال هذا الكتاب أن نستعرض الوقائع التي تبرهن على مقولاتنا و كذا نتائجها الحتمية.


--------------------------------------------------------------------------------

(1) {هذا لا يدل على استحالة زيادة بعض الفقرات في النص الأصلي, الإسراء مثلا}



والجمع الثاني كان لتوحيد المسلمين على مصحف واحد يتم جمعه ويسمى بالمصحف الإمام يلتزم به الجميع ولا يتجاوزون خطه ورسمه ، وتلغى المصاحف الأخرى ، وهذا حدث في زمن عثمان .



سببه

قال ابن جرير الطبري في تفسيره بسنده عن أبي قلابة : " لـما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل و المعلم يعلم قراءة الرجل فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين ، قال أيوب : فلا أحسبه إلا قال : حتى كفّر بعضهم بقراءة بعض "[1].جامع البيان للطبري ج 1/21.



وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : " وفي رواية عمارة بن غزية أن حذيفة قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان فقال : يا أمير المؤمنين أدرك الناس ! قال : وما ذاك ؟ قال : غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرؤون بقراءة أبي ابن كعب فيأتون بـما لم يسمع أهل العراق و إذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود فيأتون بـما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضا ".

وقال أيضا " ومن طريق محمد بن سيرين قال : كان الرجل يقول لصاحبه : كفرت بـما تقول . فرفع ذلك إلى عثمان فتعاظم في نفسه ، وفنده ابن أبى داود أيضا من رواية بكير بن الأشج أن ناسا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال : ألا إني أكفر بـهذه ففشا ذلك في الناس . فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 9/22 حديث 4702 .

روى البخاري عن أنس :« أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال لعثمان: أدرك الاَُمّة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى . فأرسل إلى حفصة : أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ، ثمّ نردّها إليك ؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن ، فأكتبوه بلسان قريش فإنّه إنما نزل بلسانهم ، ففعلوا، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق !.



اخرج ابن ابي داود من طريق محمد بن سيرين عن كثير بن افلح قال: لما أراد عثمان ان يكتب المصاحف جمع له أثنى عشر رجلاً من قريش والأنصار، فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها، وكان عثمان يتعاهدهم ، فكانوا إذا أند راءوا في شئ أخروه . قال محمد: فظننت إنما كانوا يؤخرونه لينظروا أحدثهم عهداً بالعرضة الأخيرة فيكتبونه على قوله راجع الاتقان 1/79.



وعن انس بن مالك قال: اختلفوا في القران على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون ، فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال: عندي تكذبون به وتلحنون فيه،000يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما ، فاجتمعوا فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا وتدا رءوا في آي آية قالوا هذه اقرأها رسول الله فلانا، فيرسل أليه وهو على راس ثلاث من المدينة ، فيقال له كيف أقرأك رسول الله آية كذا وكذا فيقول كذا وكذا ، فيكتبونها وقد تركوا لذلك مكانا.

لقد اعتمد زيد بن ثابت رجلاً واحداً في الشهادة على الآية، وهو أمر باطلٌ ؛ لاَنّه مخالف لتواتر القرآن الثابت بالضرورة والإجماع بين المسلمين.

قال زيد : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنتُ أسمع رسول الله يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) (الأحزاب: 23) فألحقناها في سورتها في المصحف» . راجع : صحيح البخاري 6 : 315 9 .

أن جمع زيد بن ثابت للقران في زمن أبي بكر لم يكن تاما ! فقد أنقص ذلك الجمع آية من القرآن لم تكتب فيه ، وبقي كذلك ناقصا مدة ثلاث عشرة سنة في غفلة من جميع الصحابة ! ، فلم يجد زيد بن ثابت ذلك النقص إلا مع خزيمة بن ثابت من بين الصحابة وهو من وجد معه آخر سورة التوبة في جمع أبي بكر ! والآن قد وجد معه آية من سورة الأحزاب ! ، فاقتصر زيد على شهادة خزيمة لأن شهادته كانت تعدل شهادة رجلين ، فدمجها في المصحف ، وتمت العملية بنجاح تام !

سؤال: كيف تفقد آية من سورة الأحزاب ، وقد اعتمد عين الصحف المودعة عند حفصة ، والكاتب في الزمانين هو زيد بن ثابت ؟ وقد كانت النسخة المعتمدة أصلاً كاملة إلاّ آخر براءة ـ كما تقدم ـ فهل كان الجمع الاَوّل فاقداً لهذه الآية التي من الأحزاب ولسواها ؟ أم أنّهم لم يعتمدوا النسخة التي عند حفصة ؟

وهل ليس ثمة مصاحف وحفاظ لهذه الآية إلاّ رجل واحد ؟!.

لا أدري هل من قبيل المصادفة أنّ الآية تضيع في زمان أبي بكر وتوجد عند خزيمة بن ثابت ، وتضيع غيرها في زمان عثمان اي بعد مرور ما يقارب أربعة عشر سنة وتوجد عند خزيمة أيضاً ؟ وهل كان خزيمة معدوداً في الذين جمعوا القرآن، أو الذين أمر النبي بأخذ القرآن عنهم؟.

سؤال : كيف يوثق بجمع سقط منه قرآن مدة ثلاث عشرة سنة !



مَن يضمن لنا عدم خفاء آيات أخرى على زيد لم يقف عليها ؟ ففقدان آية طويلة نسبيا لمدة تربو على الثلاث عشرة سنة ليس بالأمر الهيّن



بعد أن صحا عثمان للخطر الداهم قرر أن يحذف الأحرف السبعة التي أنزلها الله عز وجل على الرسول صلى الله عليه وسلم ويُبقي حرفا واحدا حتى يتخلص من رحمة الله التي انقلبت نقمة ! وهذا الحرف الواحد هو القرآن الذي بين أيدينا .





--------------------------------------------------------------------------------

[1] جامع البيان للطبري ج 1 ص 21 ، المقنع للإمام الداني ص 6 .

هل كان المصحف العثماني مجرد نسخة عن مصحف أبي بكر

أمورا خطيرة أحدثها عثمان في القران أثناء جمعه له التغاضي عنها يعتبر خيانة للدين وللتاريخ .

الذي يفهم من رواية البخاري هو أنـهم نسخوا المصحف العثماني من جمع أبي بكر ، وهذا لا يمكن قبوله بـهذه البساطة لأمور :



1- قالوا إن جمع أبي بكر كان يشتمل على الأحرف السبعة ومصحف عثمان ينقص عنه بستة أضعاف ، فكيف يصح القول أن المصحف العثماني كان مجرد نسخة عن جمع أبي بكر ؟!



قال ابن جرير الطبري ، قريب العهد من تلك الوقائع :" والآثار الدالة على أن إمام المسلمين وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رحمة الله عليه جمع المسلمين نظرا منه لهم[1]، وإشفاقا منه عليهم ، ورأفة منه بـهم ، حذار الردة من بعضهم بعد الإسلام والدخول في الكفر بعد الإيمان إذ ظهر من بعضهم بحضرته وفي عصره التكذيب ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن مع سماع أصحاب رسول الله النهي عن التكذيب بشيء منها وإخباره إياهم أن المراء فيها كفر، فحملهم رحمة الله عليه إذ رأى ذلك المراء بينهم في عصره وبحداثة عهدهم بنـزول القرآن وفراق رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بما آمن عليهم معه عظيم البلاء في الدين من تلاوة القرآن على حرف واحد ، وجمعهم على مصحف مخالفا المصحف الذي جمعهم عليه أن يحرقه ، فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية ، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها ، حتى درست من الأمة معرفتها وتعفت آثارها ، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بـها لندورها وعفوّ آثارها وتتابع المسلمين على رفض القراءة بـها من غير جحود منها بصحتها وصحة شيء منها ، ولكن نظراً منها لأنفسها ولسائر أهل الدنيا فلا قراءة اليوم للمسلمين إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح (!) دون ما عداها من الأحرف الستة الباقية . تفسير الطبري ج 1/22



قال مكي بن أبي طالب القيسي : " إن هذه القراءات كلّها التي يقرأ بـها الناس اليوم وصحّت روايتها عن الأئمة إما هو جزء من الأحرف السبعة التي نزل بـها القرآن ووافق اللفظ بـها خط المصحف -إلى قوله- وإذا كان المصحف بلا اختلاف كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بـها القرآن على لغة واحدة ، والقراءة التي يقرأ بـها لا يخرج شيء منها عن خط المصحف ، فليست هي إذاً هي السبعة الأحرف التي نزل بـها القرآن كلها . ولو كانت هي السبعة كلها وهي موافقة للمصحف لكان المصحف قد كتب على سبع قراءاتٍ ، ولكان عثمان رضي الله عنه قد أبقى الاختلاف الذي كرِهَه، وإنما جمع الناس على المصحف ليزول الاختلاف . راجع : الابانة عن معاني القراءات . لمكي بن طالب القيسي ص 2-4 .



قال ابن القيم الجوزية : " ومن ذلك جمع عثمان رضي الله عنه الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة ، التي أطلق لهم رسول الله القراءة بـها لما كان ذلك مصلحة [2]، فلما خاف الصحابة على الأمة أن يختلفوا في القرآن ورأوا أن جمعهم على حرف واحد أسلم وأبعد من وقوع الاختلاف ، فعلوا ذلك ومنعوا الناس من القراءة بغيره "[3].الطرق الحكمية في السياسة لشرعية ص 16 .



وقال في تاريخ القرآن : " فخلاصة ما تقدم أن أبا بكر أول من جمع القرآن بإشارة عمر وكان جمعه بالأحرف السبعة كلها التي نزل بـها القرآن ، وسببه الخوف من ضياعه بقتل القراء في الغزوات ، ثم في خلافة عثمان كثر اختلاف الناس في قراءة القرآن فخشي عاقبة هذا الأمر الخطير وقام بجمع القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة وهو حرف قريش وترك الأحرف الستة الباقية حرصا منه على جمع المسلمين على مصحف واحد وقراءة واحدة ، وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف لمصحفه الذي جمعه أن يحرقه فأطاعوه واستصوبوا رأيه ، فالمصحف العثماني لم يجمع إلا بحرف واحد من الأحرف السبعة وان القراءات المعروفة الآن جميعها في حدود ذلك الحرف الواحد فقط و أما الأحرف الستة فقد اندرست بتاتا من الأمة "[4] .تاريخ القران الكريم ص 44-45.

قال د فهد عبد الرحمن الرومي استاذ الدراسات القرانية في كلية المعلمين بالرياض:" إن جمع أبي بكر (رض) على الأحرف السبعة ، أما جمعه في عهد عثمان فقد كان على حرف واحد ". راجع : دراسات في علوم القران الكريم .



قال القاضي ابو بكر في الانتصار : لم يقصد عثمان قصد ابو بكر في جمع نفس القران بين لوحين، وانما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي، وإلغاء ما ليس كذلك ، أخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير ولا تأويل اثبت مع التنزيل ، ولا منسوخ تلاوته . .راجع الاتقان: 1/79.

وقال الحارث 00 وانما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد. راجع الاتقان: 1/79-80 .

وقد ذهب الطبري والطحاوي وابن حبان والحارث المحاسبي وآبو عمر بن عبد البر وأبو عبد الله بن ابي صفرة . إلى ان أمير المؤمنين عثمان بن عفان لما استنسخ الصحف من عند حفصة ؛ آمر ان يكون ذلك على حرف 000 وبذلك تم جمع الأمة على حرف واحد ، أتمر انا بترك ما سواه فتتابع المسلمون على تلاوة هذا الحرف ، وبذلك اندثرت الأحرف الستة وعفت آثارها ، فلا سبيل اليوم إلى القراءة بها . راجع: شرح النووي على صحيح مسلم 6/100 والبرهان للزركشي 1/241و 224و 226و239 وتفسير الطبري 1/63-65 النشر في القراءات العشر 1/31.

أنّ عثمان قد جمع الناس على قراءةٍ واحدةٍ ، ومنعهم من سائر القراءات الأخرى، وأحرق سائر المصاحف التي تخالف مصحفه ، وكتب إلى الأمصار أن يحرقوا ما عندهم منها ، ونهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة .

قال الحارث المحاسبي : « المشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان ، وليس كذلك ، إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجهٍ واحدٍ ، على اختيارٍ وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار ، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات» . راجع : الاتقان 1 : 211 .

عن الطبري : فلما فرغ عثمان من المصاحف كتب عثمان إلى اهل الأمصار : آني قد صنعت كذا وكذا ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم. طبري 1/62.



2- توجد روايات تحكي وقوع النـزاع بين الجامعين في بعض الآيات التي كتبت في صحف أبي بكر فكانوا يتركون الآيات التي وقع فيها النـزاع ليأتي من سمعها من النبي ليكتبوها على ما سمعه ! فكيف يكون المصحف العثماني مجرد نسخة ؟!


قال في الإتقان : " أخرج ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح قال : لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بـها ، وكان عثمان يتعاهدهم فكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخروه. الاتقان 1/165.

وكذا " أخرج ابن أشته من طريق أيوب عن أبي قلابة قال : حدثني رجل من بني عامر يقال له أنس بن مالك ، قال : اختلفوا في القراءة على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال عندي تكذبون به وتلحنون فيه ؟! فمن نأى عني كان أشد تكذيبا وأكثر لـحنا ، يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما . فاجتمعوا فكتبوا فكانوا إذا اختلفوا وتدارؤوا في آية ، قالوا : هذه أقرأها رسول الله فلانا . فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة ، فقال له : كيف أقرأك رسول الله آية كذا وكذا فيقول كذا وكذا فيكتبونـها وقد تركوا لذلك مكانا.





هل كان المصحف العثماني مجرد نسخة عن مصحف أبي بكر

أمورا خطيرة أحدثها عثمان في القران أثناء جمعه له التغاضي عنها يعتبر خيانة للدين وللتاريخ .

الذي يفهم من رواية البخاري هو أنـهم نسخوا المصحف العثماني من جمع أبي بكر ، وهذا لا يمكن قبوله بـهذه البساطة لأمور :



1- قالوا إن جمع أبي بكر كان يشتمل على الأحرف السبعة ومصحف عثمان ينقص عنه بستة أضعاف ، فكيف يصح القول أن المصحف العثماني كان مجرد نسخة عن جمع أبي بكر ؟!



قال ابن جرير الطبري ، قريب العهد من تلك الوقائع :" والآثار الدالة على أن إمام المسلمين وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رحمة الله عليه جمع المسلمين نظرا منه لهم[1]، وإشفاقا منه عليهم ، ورأفة منه بـهم ، حذار الردة من بعضهم بعد الإسلام والدخول في الكفر بعد الإيمان إذ ظهر من بعضهم بحضرته وفي عصره التكذيب ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن مع سماع أصحاب رسول الله النهي عن التكذيب بشيء منها وإخباره إياهم أن المراء فيها كفر، فحملهم رحمة الله عليه إذ رأى ذلك المراء بينهم في عصره وبحداثة عهدهم بنـزول القرآن وفراق رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بما آمن عليهم معه عظيم البلاء في الدين من تلاوة القرآن على حرف واحد ، وجمعهم على مصحف مخالفا المصحف الذي جمعهم عليه أن يحرقه ، فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية ، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها ، حتى درست من الأمة معرفتها وتعفت آثارها ، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بـها لندورها وعفوّ آثارها وتتابع المسلمين على رفض القراءة بـها من غير جحود منها بصحتها وصحة شيء منها ، ولكن نظراً منها لأنفسها ولسائر أهل الدنيا فلا قراءة اليوم للمسلمين إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح (!) دون ما عداها من الأحرف الستة الباقية . تفسير الطبري ج 1/22



قال مكي بن أبي طالب القيسي : " إن هذه القراءات كلّها التي يقرأ بـها الناس اليوم وصحّت روايتها عن الأئمة إما هو جزء من الأحرف السبعة التي نزل بـها القرآن ووافق اللفظ بـها خط المصحف -إلى قوله- وإذا كان المصحف بلا اختلاف كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بـها القرآن على لغة واحدة ، والقراءة التي يقرأ بـها لا يخرج شيء منها عن خط المصحف ، فليست هي إذاً هي السبعة الأحرف التي نزل بـها القرآن كلها . ولو كانت هي السبعة كلها وهي موافقة للمصحف لكان المصحف قد كتب على سبع قراءاتٍ ، ولكان عثمان رضي الله عنه قد أبقى الاختلاف الذي كرِهَه، وإنما جمع الناس على المصحف ليزول الاختلاف . راجع : الابانة عن معاني القراءات . لمكي بن طالب القيسي ص 2-4 .



قال ابن القيم الجوزية : " ومن ذلك جمع عثمان رضي الله عنه الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة ، التي أطلق لهم رسول الله القراءة بـها لما كان ذلك مصلحة [2]، فلما خاف الصحابة على الأمة أن يختلفوا في القرآن ورأوا أن جمعهم على حرف واحد أسلم وأبعد من وقوع الاختلاف ، فعلوا ذلك ومنعوا الناس من القراءة بغيره "[3].الطرق الحكمية في السياسة لشرعية ص 16 .



وقال في تاريخ القرآن : " فخلاصة ما تقدم أن أبا بكر أول من جمع القرآن بإشارة عمر وكان جمعه بالأحرف السبعة كلها التي نزل بـها القرآن ، وسببه الخوف من ضياعه بقتل القراء في الغزوات ، ثم في خلافة عثمان كثر اختلاف الناس في قراءة القرآن فخشي عاقبة هذا الأمر الخطير وقام بجمع القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة وهو حرف قريش وترك الأحرف الستة الباقية حرصا منه على جمع المسلمين على مصحف واحد وقراءة واحدة ، وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف لمصحفه الذي جمعه أن يحرقه فأطاعوه واستصوبوا رأيه ، فالمصحف العثماني لم يجمع إلا بحرف واحد من الأحرف السبعة وان القراءات المعروفة الآن جميعها في حدود ذلك الحرف الواحد فقط و أما الأحرف الستة فقد اندرست بتاتا من الأمة "[4] .تاريخ القران الكريم ص 44-45.

قال د فهد عبد الرحمن الرومي استاذ الدراسات القرانية في كلية المعلمين بالرياض:" إن جمع أبي بكر (رض) على الأحرف السبعة ، أما جمعه في عهد عثمان فقد كان على حرف واحد ". راجع : دراسات في علوم القران الكريم .



قال القاضي ابو بكر في الانتصار : لم يقصد عثمان قصد ابو بكر في جمع نفس القران بين لوحين، وانما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي، وإلغاء ما ليس كذلك ، أخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير ولا تأويل اثبت مع التنزيل ، ولا منسوخ تلاوته . .راجع الاتقان: 1/79.

وقال الحارث 00 وانما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد. راجع الاتقان: 1/79-80 .

وقد ذهب الطبري والطحاوي وابن حبان والحارث المحاسبي وآبو عمر بن عبد البر وأبو عبد الله بن ابي صفرة . إلى ان أمير المؤمنين عثمان بن عفان لما استنسخ الصحف من عند حفصة ؛ آمر ان يكون ذلك على حرف 000 وبذلك تم جمع الأمة على حرف واحد ، أتمر انا بترك ما سواه فتتابع المسلمون على تلاوة هذا الحرف ، وبذلك اندثرت الأحرف الستة وعفت آثارها ، فلا سبيل اليوم إلى القراءة بها . راجع: شرح النووي على صحيح مسلم 6/100 والبرهان للزركشي 1/241و 224و 226و239 وتفسير الطبري 1/63-65 النشر في القراءات العشر 1/31.

أنّ عثمان قد جمع الناس على قراءةٍ واحدةٍ ، ومنعهم من سائر القراءات الأخرى، وأحرق سائر المصاحف التي تخالف مصحفه ، وكتب إلى الأمصار أن يحرقوا ما عندهم منها ، ونهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة .

قال الحارث المحاسبي : « المشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان ، وليس كذلك ، إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجهٍ واحدٍ ، على اختيارٍ وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار ، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات» . راجع : الاتقان 1 : 211 .

عن الطبري : فلما فرغ عثمان من المصاحف كتب عثمان إلى اهل الأمصار : آني قد صنعت كذا وكذا ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم. طبري 1/62.



2- توجد روايات تحكي وقوع النـزاع بين الجامعين في بعض الآيات التي كتبت في صحف أبي بكر فكانوا يتركون الآيات التي وقع فيها النـزاع ليأتي من سمعها من النبي ليكتبوها على ما سمعه ! فكيف يكون المصحف العثماني مجرد نسخة ؟!


قال في الإتقان : " أخرج ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح قال : لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بـها ، وكان عثمان يتعاهدهم فكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخروه. الاتقان 1/165.

وكذا " أخرج ابن أشته من طريق أيوب عن أبي قلابة قال : حدثني رجل من بني عامر يقال له أنس بن مالك ، قال : اختلفوا في القراءة على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال عندي تكذبون به وتلحنون فيه ؟! فمن نأى عني كان أشد تكذيبا وأكثر لـحنا ، يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما . فاجتمعوا فكتبوا فكانوا إذا اختلفوا وتدارؤوا في آية ، قالوا : هذه أقرأها رسول الله فلانا . فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة ، فقال له : كيف أقرأك رسول الله آية كذا وكذا فيقول كذا وكذا فيكتبونـها وقد تركوا لذلك مكانا.



:23:
08-27-2004, 01:07 PM
إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
ما هذا التحريف الذي نجده في القرآن يا ربي ؟ - بواسطة ضيف - 08-27-2004, 01:07 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  بدون بردية , التحريف ثابت مية المية و الدليل السبعونية الصفي 54 9,520 01-23-2013, 06:01 PM
آخر رد: الصفي
  هل القراءات المتعددة لآية أو جزء من آية يعني حتمية التحريف ؟ zaidgalal 112 13,960 05-27-2012, 06:40 PM
آخر رد: zaidgalal
  التحريف و العصمة فى ضوء النقد النصى - الجزء الثانى Fadie 1 1,054 02-27-2009, 09:07 PM
آخر رد: Fadie
  ما معنى التحريف؟ Fadie 49 10,167 12-12-2008, 09:39 PM
آخر رد: Fadie
  التحريف و العصمة فى ضوء النقد النصى Fadie 75 10,442 10-24-2008, 11:24 PM
آخر رد: Fadie

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 166 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS