السيد الفاضل "أحمد كامل"

آسف على كثرة الأخطاء المطبعية في ردي السابق. لدي عطل في الجهاز يمنعني من التحكم بالماوس أحيانا.

وارجو أن تتقبل مداخلتي التالية لا كنقد لشخصكم المكرم ولكن لنموذج نمطي أراه في العديد من المثقفين العرب.

ما ألاحظه هو أن العديد من المثقفين العرب الذي أنتابهم التغيير في توجهاتهم من اليسار الثوري الى اليمين المتحرر ما يزالون يحتفظون بالخصائص الفكرية التي شكلوها على مقاعد الأدلجة الثورية اليسارية. ومنه، فهم -كما يبدو لي- ما يزالون عرضة للـ cognitive processes ذاته التي جعلتهم يتجاوزون قضايا الشعوب الى ما أعتبروه "قضايا مهمة" تتجاوز أهمية "التحصيلات الحاصلة" التي تهم الشعوب.

في الماضي، عندما كنا نطالب بالديمقراطية والتعددية والحريات واحترام دساتير الدول، كانت إجابة الثوريين لنا هي أن مرحلة الصراع الراهنة مع العدو الإسرائيلي تتطلب تجاوز هذه الأمور. بعبع العدو الإسرائيلي كان "الخطر المحدق" الذي لوّح به الثوريون كلما أحتاجوا لتبرير إغتصاب الوطن والمواطن.

واليوم، عندما أنقلب اليساريون يمينين، لم ينسوا دروس الماضي، لكن تحول البعبع من إسرائيل والإستعمار الى الإسلاماويين والقومجيين. هذا هو البعبع الذي يجب أن نفهم منه اليوم جميع القضايا، ويجب أن نتقبل بسببه "اللي يسوى واللي ما يسواش".

موضوع الإحتلال السوري للبنان هو موضوع شعب مغتصب أولا وأخيرا. وهو كان كذلك قبل أزمة الكويت بخمسة عشر عاما وما يزال كذلك قرابة الخمسة عشر عاما بعدها.

الأمر - بكل بساطة - يتعلق بالإسلوب الإداري للمحتل السوري. هذا الإسلوب يعتمد على سياسة الـ status quo .. أي الإحتفاظ بالوضع الراهن. هذا ما فعله النظام في سوريا وهذا هو الهدف من محاولتهم العبث بالدستور اللبناني اليوم.

البعبع الأصولي المتمثل بالسعودية وإيران لا يمثل جهة متفردة في أهتماماتها بتفجير الوضع في لبنان. بل في سياق هذا التحليل الغير منطقي، لسوريا الإهتمام ذاته. بل يمكن القول أن كل الدول العربية المتضررة من نجاح المثال العراقي (وهذا يعني جميع الديكتاتوريات والمشيخات العربية بدون استثناء) سيكون لها الإهتمام ذاته. الأصولية إذا ليست سوى بعبع يبرر الوضع القائم.

ويمكن القول أيضا أنه في سياق الإحتلال السوري للبنان وتنصيبه حكومة فيتشي الحالية، يمكن أعتبار حركة الجنرال ميشال عون أقرب ما يمكن أعتباره كحكومة وطنية في المنفي. هذه الجهة، بالتأكيد، تعلم أن خروج السوريين من لبنان سوف يحتاج الى تفجير للأوضاع ولن يكون ممكنا بالأساليب الديبلوماسية. إذا، فهي جهة مستفيدة أيضا من تفجير الأوضاع. هل تعمل سوريا في خدمة هذه الفئة أيضا؟

أربأ بكم أن تنأوا عن هذه التحاليل الجوفاء التي لا تخدم سوى هدف عقلنة وتبرير الإحتلال. وأدعوكم، كمحبين للحرية، مساندة الشعب اللبناني في تطلعاته للتخلص من نير الإحتلال السوري القابع فوق صدره.

ولكم الفضل
(f)