بضعة مداخلات، فلان أستاذ علان وعلان أستاذ فلان. دعونا يا سادة من الترهات ولنركز في الحوار.


عزيزي ديدات،

صاحب سفري أخبار الأيام، نال رسالة من الله علهي أن يضطلع بها. هذه الرسالة لا تتعلق بإعادة رواية مجريات أحداث تاريخية سابقة. بل تتعلق ببث الأمل والرجاء بين أبناء شعب منكسر ومهزوم، عاد من المنفى الطويل، واجتمع حول الهيكل ولم يعد يعي سبب وجوده.

الأرقام يا عزيزي هامشية جدا، لا هدف لها سوى التذكير بأمجاد "إسرائيل" الماضية، والانطلاق نحو بناء رؤية مستقبلية مؤسسة حول "وعد سابق"، أن الله لن ينسى شعبه وأن الشعب لديه رسالة يقوم بها.

وكما قام في إسرائيل "ملك عظيم"، فسيأتي ملك أعظم منه ، وهذا التعليم ساد وانتشر في معظم أسفار حقبة ما بعد المنفى والتي تؤدي مباشرة إلى "المسيح يسوع".

التضخيم، سمة واضحة في مجمل سفري الأيام الأول والثاني والسبب واضح. عشرات الأرقام المذكورة في مختلف الأحداث المروية مضخمة بصورة غير طبيعية. أنا لا أميل بتاتا إلى تفسير كل واحدة على حدة، لأنه من الواضح أنّ هناك اتجاها معيناً قصده مدون الوحي، وهذا ما جرى البحث عنه وتحليله والعثور عليه من خلال دراسة تحليلية للظروف التي نشأ فيها سفر أخبار الأيام، والهدف الذي من أجله دوِّن سفر الأيام.

فأن نقول أن الاختلاف هو "خطأ مطبعي" أو "سهوة من كاتب"، قد يبرر اختلافين أو ثلاثة، والقول أن الكاتب يقصد "ركاب المركبة" هنا و"المركية ذاتها" هناك، قد يصلح مرة أو اثنتين؛ لكن يبقى الواقع أن هناك عشرات الأرقام المذكورة وهي مضخمة بصورة مقصودة وذلك واضح جدا. انتقاد المسلمين للأمر لا يجب أن يخيفنا أو يمنعنا عن الاعتراف بالأمر الواقع، ولا يجب أن يمنعنا عن البحث عن السبب الحقيقي وعرضه وتوضيحه حتى لو رفض المسلمون قبوله. من حقنا أن نعرض إيماننا وديننا ومن حقهم أن يقبلوا أو يرفضوا.

يمكنك طبعا عزيزي ديدات، أن ترفض كلامي "بجرة قلم" كما يُقال، وذلك لأنك لا تريد حلاً لما جزمتَ أنه معضلة في الكتاب المقدس، تستمتع وأنت تلوكها بين الفينة والأخرى، خاصة وأنت تدافع عن نزاهة القرآن من التناقض (الناسخ والمنسوخ). وأنت طبعا حرٌّ في أن تفعل ما تراه مناسبا.

وعلى الاختلاف نفترق والود يجمعنا والاحترام يبقي أبواب الحوار منفتحة

تحياتي القلبية