{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
خرافة الميتافيزيقا
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #15
خرافة الميتافيزيقا

أخويا الكبير آمون:

أشكرك جدا على حضورك للموضوع هنا و شاكر لك جدا على ذلك فأنا أعرف أن حضورك يكثر في ساحة فكر حر غالبا و لذلك سرني وجودك هنا في هذا الموضوع. بصراحة يا آمون أنا سمعت كتير عن كتاب "خرافة الميتافيزيقا" و لم أصدق أن فعلا هناك كتاب بهذا الإسم.. و ها أنا يا صديقي أقرأ إلى أن وصلت اليوم لصفحة 63 و كم كنت أتمنى لو كنت أسرع بديهة و قراءة و لكن ما لفت نظري هو أن كتاب بهذا فعلا تم طبعه في مصر من قِبل أستاذ جامعي مصري و بهذه الجرأة. هل أطمع في أن أتعبك بقراءة بعض السطور معي و خاصة ما يقولها أستاذنا في أمر الفلسفة الاعتقادية و كيف أنه تقريبا يراها تدور في حلقة مفرغة إن لم أكن مخطيء التعبير. ما قاله أدناه عن الفلسفة الاعتقادية صعب أن أصدق أنه منشور في الكتاب الذي تم تعديله إلى عنوان جديد مثل "مسألة في الميتافيزيقا" و ما شابه... ألا تعتقد أنهم سيحذفون هذا الجزء من الطبعة الجديدة بإسمها الجديد؟ لعلمك هذا الفصل ينطلق فيه من كتاب "نقد العقل" لشيخنا عمانوئيل كانْت. المادة المكتوبة أدناه منقولة من طبعة لجنة التأليف و الترجمة و النشر سنة 1953.
الجميع مدعوون للتعليق أيضا و الشكر للجميع و نستمتع معا بقراءة هذه الدرر من زكي نجيب محمود:



المباديء الأساسية المنبثة في أحكام الناس ينكشف الغطاء عن وجودها بعملية التحليل، و لا يكون الكشف عنها برهانا عليها، لأن البرهان على شيء يكون بإرجاعه إلى سند، و المبدأ الأساسي لا يستند إلى شيء وراءه، بل هو يقف وراء أحكامنا لسندها و يؤيدها؛ فإذا فرضت في علم الهندسة بعض المسلمات ثم استنتجت منها نظريات، فالبرهان هنا لا يكون إلى على النظريات بإرجاعها إلى المسلّمات التي تستند إليها و تتفرع و تُشتَق منها، أما المسلمات نفسها فينبغي قبولها لأنها فروض مفروضة لتكون أساسا لما سيأتي بعدها من استدلالات. و قد صدق من قالوا: إنك لا تستطيع المناقشة مع من يخالفك في المبدأ- فهذا صحيح، لأن المبدأ الأساسي الذي يكون بمثابة الأم الأولى يتولد عنها كل الأفكار بعدئذ، أمر يفرض فرضا، فلو دخلت معي في هذا الفرض كان لك حق مناقشة ما يتولد عنه، لترى هل كان التوليد سليما أو فاسدا؛ إما إذا رفضت الدخول في الفرض من البداية ، فقد انقطع بذلك كل وجه للمناقشة و الجدل.
إن من حقك أن تشك في قضية معينة، ثم يزول شكك هذا بإرجاع القضية إلى السند الذي يؤيدها، فإن وجدته زال الشك، بالحكم بالصدق على القضية، و إن لم تجده زال الشك أيضا، بالحكم بالكذب عليها، و هذا السند نفسه إما نسبي أو مطلق، فهو نسبي إذا كان بدوره مستنداً إلى سند وراءه، و هو مطلق إذا لم يكن وراءه سند، فهو مفروض الصدق بغير برهان، و مثل هذا السند المطلق هو المبدأ العقلي القبلي الذي تحاول الطريقة النقدية أن تلتمسه في الحكم الذي تختاره من كلام الناس لتحلله.
أعود فأقول مرة أخرى إن المبدأ الأساسي، أو الفرض لا يقوم عليه برهان، بل يكشف عنها الغطاء و كفى، و بِكَشْفِ الغطاء عنه نضعه في مركز الرؤية فيتضح بعد أن كان ملتفاً غامضاً، و توضيح المباديء الأولية على هذا النحو، هو مهمة الفلسفة النقدية، و هو تحليل- كما ترى.
و هاهنا يتضح الفرق بين الفلسفة النقدية من جهة و الفلسفة الاعتقادية أو « الدوجماطيقية » من جهة أخرى، فالفيلسوف الاعتقادي أو الدوجماطيقي، يقرر مبادئه أحيانا على أنها أساسية لا يجوز عليها التحليل أو إقامة البرهان، مع أنها قد تكون مباديء نسبية، أعني قد يكون وراءها سند تستند إليه، و يحتاج الأمر في توضيحه و إبرازه إلى تحليل؛ فالذي لا يقبل تحليلا و لا برهانا هو المباديء المطلقة التي لا تستند إلى شيء وراءها، و لا نطمئن إلى أن ما أمامنا هو من هذا القبيل، إلا إذا حاولنا التحليل فوجدنا أنه مستحيل لعدم وجود فرض سابق على المبدأ الذي نحلله، يمكننا أن نستند إليه في البرهة على هذا المبدأ.
و الفيلسوف الاعتقادي أو الدوجماطيقي أحياناً أخرى تراه يحاول إقامة البرهان على ما يعتقد أنه مبدأ أولي؛ فمثلا يفرض وجود الله كمبدأ أساسي لتفكيره، ثم يحاول البرهان على ذلك؛ مع أنه لكي يبرهن لابد أن يرتد بما يريد البرهنة عليه إلى مبدأ أسبق أولية و آصل منطقيا، و في هذا تناقض واضح، لأن اعترافك عن مبدأ معين بأنه أوليّ أصيل، هو وحده دال على أنه ليس ثمة ما هو أسبق منه مما يمكن أن نتخذه برهانا عليه، و لذلك فالطريقة النقدية في الفلسفة- دون الدوجماطيقية- هي وحدها التي تحررت من الوقوع في هذا الدور؛ لأنها لا تسعى إلى البرهنة على المباديء الأولى، بل تكتفي بالبحث عنها و استكشافها و إبرازها لإدراكها في تجردها- الطريقة النقدية لا تقيم برهانا على شيء، بل تجعل مهمتها البحث عن المباديء التي يسبق الناس إلى افتراضها ليستخدموها في براهينهم.
و لا غرابة بعد هذا أن نرى الفلسفة النقدية و الفلسفة الاعتقادية الدوجماطيقية مختلفين حتى في وجهة السير؛ فالفيلسوف الدوجماطيقي يبدأ بافتراض مباديء معينة، ثم يهبط منها إلى أحكامه التي يقولها عن هذا الكون و ما فيه، كأنما مبادئه هذه هي المبادئ التي يستحيل أن يبدأ مفكر آخر بغيرها؛ تراه يبدأ مثلا – مثل ديكارت- بافتراض العقل و مشروعية أحكامه، ثم يرتب على ذلك ما يلزم عنه من نتائج؛ و أما الفيلسوف النقدي التحليلي فلا يفرض من عنده شيئاً، إنما يقبل ما يصدره الناس من أحكام على الأشياء، ثم يتناولها بالتحليل، راجعاً إلى مبادئها التي تستند إليها؛ ليس هو بالذي يفرض على الناس مبادئهم هذه، أي أنه لا يدعي لنفسه دور المشرِّع الذي يقرر هذا و ينفي ذاك، لكنه رجل يحلل للناس أقوالهم ليتبصروا ما يكمن ورائها من مبادئ لعلهم لا يكونون على وعي بها ما لم يبرزها لهم التحليل عارية مما حولها من تفصيلات الحياة التجريبية الجارية في حوادث الأيام؛ الفلسفة الدوجماطيقية تبدأ بفروض تفرضها تعسفا و اعتباطاً، و قد تقع في الخطأ الذي أسلفنا في الإشارة إليه، و هو أن تحاول إقامة البرهان على تلك الفروض، ناسية أن مجرد التفكير في إقامة البرهان على مبدأ مفروض يسلبه أولويته و مشروعيته؛ أما الفلسفة النقدية التحليلية فتبدأ من وقائع، و الوقائع التي أقصدها هي أحكام الناس الواقعة فعلا و التي يصدرونها فعلا في أمور حياتهم.
الفلسفة النقدية – أي التحليلية- تقبل أحكام الناس كما هي في الواقع، لتفحصها و تحللها كي تقرر ماذا تتضمنه تلك الأحكام من مبادئ؟ فهي كمن يحفر بئرا ليرى أين يكون الماء، فهو
لا « يبرهن » على الماء، و لكنه يكشف عن وجوده؛ و لهذا ترى الفلسفة النقدية التحليلية لا تختص نفسها بقول دون قول من عبارات الناس؛ إنها « تحفر » أينما ضربت فأسها، لترى مذا تستبطنه هذه العبارة أو تلك من مبادئ؛ فأية عبارة تصلح موضوعاً لبحثها؛ و لا تجعل الفلسفة النقدية مهمتها معرفة الأشياء الخارجية، فهي لا تتصدى أبداً لوصف شيء و لا للحكم على شيء، بل تترك ذلك لمن هم أولى بالكلام فيه، و تترك وصف الأشياء الطبيعية – مثلا- لعلماء الطبيعة بطرقهم الاستقرائية التجريبية؛ و هي لا تعترك مع العلماء فيما يقولون، لأنها لا تعطي لنفسها الحق في أن يقولوا شيئا؛ كلا و لا هي تدعي أنها قادرة على إثبات شيء عما هو فوق الطبيعة؛ فمبحثها منصبُّ على مبادئ المعرفة أيا كان نوعها، تلك المبادئ التي تنبث في أقوال الناس و أحكامهم، و لا تحتاج إلى التحليل الذي يخرجها- لهذا كله ترى الفلسفة النقدية لا تتحيز إلى حكم دون حكم؛ و لا تحصر نفسها في مجال من القول دون مجال؛ فهي – كما قلنا في استهلال هذه الفقرة من فقرات بحثنا- تقبل المعرفة كما هي قائمة على أنها أمر واقع، لا تقيم برهانا على صدقها، بل لتتعقبها بالتحليل راجعة إلى المبادئ الأولية التي تسند كل ما يترتب عليها، و ليس وراءها هي من مبادئ تسندها، فهي مفروضة فرضاً مطلقا؛ حتى إذا ما انكشفت لنا مجموعة المبادئ التي نراها سنداً لمعارف الناس كما تتبدى في أقوالهم، نسَّقنا هذه المبادئ، و كان لنا أن نقول عن نَسقِها: هذه هي نتيجة علمنا الفلسفي.

09-04-2005, 04:00 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة إبراهيم - 08-24-2005, 07:15 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة إبراهيم - 08-26-2005, 06:40 AM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة Al gadeer - 08-26-2005, 04:09 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة إبراهيم - 08-26-2005, 05:21 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة oskar - 08-27-2005, 01:16 AM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة إبراهيم - 08-27-2005, 04:03 AM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة إبراهيم - 08-27-2005, 05:26 AM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة كمبيوترجي - 08-27-2005, 11:27 AM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة Al gadeer - 08-27-2005, 12:28 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة oskar - 08-27-2005, 03:06 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة Waleed - 08-28-2005, 09:03 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة كمبيوترجي - 08-31-2005, 05:42 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة إبراهيم - 08-31-2005, 08:45 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة آمون - 08-31-2005, 10:34 PM,
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة إبراهيم - 09-04-2005, 04:00 AM
خرافة الميتافيزيقا - بواسطة Al gadeer - 09-06-2005, 10:30 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Star حـافـة العـلـم: عبور الحد من الفيزياء الي الميتافيزيقا yasser_x 3 1,461 11-18-2011, 12:04 AM
آخر رد: yasser_x
  نظريات التنمية خرافة عمرها نصف قرن..كتاب «خرافة التنمية الاقتصادية» بسام الخوري 3 1,774 02-13-2005, 08:28 PM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS