خاطرة رقم 22


أعدكم أن تكون خاطرة خفيفة لطيفة :)



لقد دأب القرآن على تذكير الناس بأعاجيب قدرة الله ، مما يثير لديهم الدهشة ، فتدفعهم تلك الدهشة إلى الإيمان به و بما يقوله القرآن .

و قد ذكر القرآن الكثير الكثير مما سمّاه الآيات الدالة على الله و قدرته ، مثل الجِمال كيف خلقت و السماء و كيف رُفعت ، و بغير عمد ، و الرعد و الصواعق و النجوم و الطيور و غير ذلك . و غالباً ما كان يختم الآية بما يدل على أن في ذلك ايات لذوي الألباب أو الأبصار أو العقول أو ما شابهها من التعبيرات .

و مما لفت انتباهي بضع آيات تتكلم عن الثمار ، حيث يقول :

" وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ [COLOR=Blue]يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ الرعد 4

و هذه الآية تفصح عن أن القرآن لا يتجاوز ثقافة عصره ، و أن ما يدعو إلى التعجب هنا لا يختلف عن دهشة الإنسان القديم أمام الانفجار البركاني أو الهزة الأرضية أو كسوف الشمس .

فماالذي يدهش في هذه الآية ؟؟؟؟

و ما هي هذه الايات و الدلائل الالتي لا يفقهها إلا قومٌ يعقلون ؟؟؟

الفكرة ببساطة هي أن الأراضي الزراعية ، كلها تُسقى بماء واحد ، و لكنها تنبت أشياء مختلفة ، فهنا عنب و هنا نخيل ، هنا جرجير و هنا بطيخ و هنا بندورة ، و هذا أمر عجيب يدعو للدهشة ، و لا يمكن تفسيره بغير قدرة الله المطلقة ، فكيف يعطي هذا الماء الواحد كل هذا التنوع في الثمار ؟؟؟؟

إنه الله الواحد الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون .

و كأن القرآن يفترض ، أن المنطق يقول ، أن الماء الواحد يجب أن يعطي ثماراً واحدة ، أي أن هذا هو الطبيعي و الذي لا يدعو للدهشة ن لكن الذي يدعو للدهشة - حسب القرآن - هو كيف يعطي هذا الماء الواحد هذه الثمار المتنوعة ؟؟؟؟


سبحان الله !


و وجدت في تفسير القرطبي أنه يربط بين هذا التنوع في الناتج عن الأصل الواحد ، بتنوّع الإنسان الناتج عن أب واحد .

أي ، مثلما أعطى الماء الواحد ثماراً متنوعة

فكذلك

يعطي الأب الواحد ذرية متنوعة متفاوتة .

و هذا الرأي وجدت ما يسنده في القرآن نفسه ، إذ يقول في سورة الأنعام :
"وَهُوَ الَّذِي[COLOR=Blue] أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ

فها هو هنا يردد نفس الفكرة بآيتين متتابعتين ، فالآية الأولى تتحدث عن النفس الواحدة ، و الآية الثانية تتحدث عن ماء ينزل من السماء (المطر) و هو واحد ، لكنه يعطي ثماراً مختلفة متنوعة ، فمنه المتراكب و القنوان و العنب و الزيتون و غير ذلك من الثمار المتشابهة و غير المتشابهة ، و هذا كله مدعاة للدهشة و الاستدلال على قدرة الله .


هذا يذكرني بالاية التي تتكلم عن طيران الطيور في الهواء ، و لكن سنترك هذا لخاطرة لاحقة .

أتذكر الإعجازيين حين يتكلمون عن اهتزاز التربة بالبكتيريا في قوله "اهتزت و ربت" ، أليس من الأولى به أن يفهم كيف يكون هذا التنوع في الثمار و أن الماء ليس له علاقة بذلك قبل الحديث عن البكتيريا التي تهز التربة !!!!!


تحياتي للجميع