{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
رواية صوفية عن حياة الفيلسوف اليوناني ( فيتاغورس )
Georgioss غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,434
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #30
رواية صوفية عن حياة الفيلسوف اليوناني ( فيتاغورس )
الفصل العاشر والأخير

شهيد الحكمة

. . . وفي تلك الأيام كان لا يزال اللاجئون السياسيي من سيباريس محميين في كروتونا، فطلب الطاغية تيليس ووزراءه من السلطات الكروتونية للمرة الأخيرة أن يسلموه إياهم. أما وفي المقابل وتحت تأثير بيثاغور قاومت القيادة الكروتونية الضغوط السياسية والتهديد العسكري من جارتهم القوية رافضين بشكل قاطع تسليم أي لاجئ سياسي ، سيما وأن تيليس كان قد قتل البعض من الإخوة البيثاغوريين الذين كانوا في رحلة سلام إلى سيباريس.
ومع مرور الأيام، إرتفعت وتيرة التوتر بين المدينتين وصار الجيران إعداءً، حتى بلغت الأمور لدى قيادة سيباريس حد إعلان الحرب على كروتونا التي لم يكن أهلها مؤهلين كفاية لخوض الحرب بالرغم من حالة اليقظة التي كانوا فيها منذ سنتان تقريباً، إذ لم يكن جيشهم منظماً ومدرياً بما فيه الكفاية على عكس ما كانت عليه حالة جيش السيبارسيين. أما بيثاغور من جهته فكان واعياً لهذا الإختلال في ميزان القوى، وإزاءً منه لذلك، فكر بما عليه فعله، فالحرب هي على طرف النقيض مع ما له من مبادئ، ذلك أنها بنظره قائداً مشرعاً لإرتكاب المجازر. وبات بيثاغور الرجل المساري من الدرجة الأولى أمام واقع جديد لم يكن قد خطر له أن يحسب له سابقاً، ورأى أنه من الواجب مواجهته لأن الدفاع عن النفس حسب رأيه هو بالأمر المبرر. وأمام هذا كله، طلب من ميلو وهو مقاتل قديم أصبح بيثاغورياً فيما بعد القيام بتنظيم وتدريب الجيش كونه مصارعاً مشهوراً ورجل سلام في آن معاً، فلم يرفض ما طلبه منه المعلم ذلك أن قدر المدينة قد بات الآن بين يديه. وللحال شرع بتفيذ مهمته المقدسة مدركاً بأنه ثمة هناك اناس أبرياء من الواجب حمايتهم من عواقب الهجوم المحتمل وقوعه في أية لحظة من اللحظات. وكان النجاح حليفه في مهمته، إذ تمكن من بناء جيش من المقاتلين مؤلف من المئات من الرجال الذين باتوا على أهبة الإستعداد وأتم الجهوزية للدفاع عن مدينتهم وبيوتهم وزوجاتهم وأولادهم. وعلى الرغم من حتمية الموت في الحروب، فقد عمد ميلو إلى تذكير رجاله بأن الموت ليس إلا مدخلاً لعالم أكثر سمواً بقوله لهم بنغمة حماسية وشجاعة:
" يا شعب كروتونا العظيم، إسمعوا. إن اؤلئك الذين سيشتشهدون من أجل قضيتنا السامية سيدخلون التاريخ من بوابته الكبيرة أبطالاً ومُخَلّصين ورجالاً ذوو ميّزات فضلى وعظيمة وكبيرة. فهل يوجد شيء بإعتقادكم أعظم وأنبل من أن يقوم الإنسان بتخليص حياة البشر من الطغاة"؟
وبدت السماء متشحة بغيوم كالحة السواد، وهي تزحف فوق سماء كروتونا. وحلّت اللحظة الشريرة في أول يوم من أيام الشتاء في سنة 510 ق.م. وبدأ الهجوم الصاعق الذي إهتزت له حدود تلك المدينة المسالمة وراحت الأرض ترتجّ حيث الغبار ملأت الأجواء. وقاوم الكروتنيون لساعات وأيام طوال. . . حتى تمكنوا في النهاية من دحر المهاجمين الذين ولوا هاربين. وعند ذاك، قام ميلو قائد جيش كروتونا بشن هجوم كاسح ومضاد بسرعة فائقة على سيباريس الأمر الذي أربك قادتها بسبب ما كانوا قد إعتقدوا به بأن جيشهم قد دخل كروتونا وحسم الأمر فيها لصالحه، غير أن الوقائع كانت مخالفة تماماً، فجيش كروتونا بات الآن في داخل سيباريس ملحقاً الهزيمة النكراء بجيشها، وإستسلمت المدينة المدمرة لميلو ولجيشه الباسل. وكان مقاتلوا كروتونا يسمعون بكاء النساء وصراخ الأطفال، فهبّوا مسرعين لنجدتهم. . .
ولاحقاً، باتت سيباريس مقاطعة تابعة لكروتونا.
* * *

أتى الربيع والزهور تفتحت في الحقول، وملئت الروائح الذكية بشذى عطرها أجواء كروتونا وهواءها الذي كان يستنشقه الكروتونيون بسرور.

في " المدينة البيضاء "، وفي داخل الكهف كان البعض من تلامذة الماتيماتيكوي منتظرين وصول معلمهم ليرفعهم مرة اخرى إلى المستوى الأخير والأسمى في الدرجة الرابعة التي هي العماد.
ومنذ زمن بعيد، في الكهف نفسه، سكنت البشرية وترقّت من الجنس الحيواني لتأخذ شكلها الإنساني وهي خائفة من المجهول، أما اليوم فبات القدر المحتوم هو الذي يصنع التاريخ. والإنسان البيثاغوري الذي واجه المجهول، وجد نفسه الآن منحنياً أمام الألوهة.
- وتكلم العالم بالأسرار الباطنية مخاطباً كل فرد منهم على حدة بالتتابع:
" أيها الأخ العزيز، عليك الآن أن تقف في ظلمات هذا الكهف وأنت ضاماً رجليك على بعضهما كي تشكل بوقوفك خطاً عامودياً، ومن ثم افتح يديك إلى الخارج لتشكل خطاً أفقياً. أقول لك، أنت الآن أربعة، أنت صليب وقد تمّ صلبك عليه، فهذا الصلب، هو لمستواك الأدنى، أي للعناصر الأربعة التي كونتك في خطة الوجود، فأنت الآن ميت. وأقول لك، إبتعد عن الظلمة وتوجه إلى المكان المضيء هناك، قف وأفتح قدماك وأبعدهما عن بعضهما ومن ثم إرفع ذراعاك للخارج وأبقى كما انت ". . .
ومن خلال فتحة في صخور ذاك الكهف، إنسل شعاع أبولو ضارباً بأشعة نوره رأس ذاك الماتيماتيكوي الذي بات مغموراً بالنور.
- وتابع بيثاغور:" لقد أصبحت الآن خمسة – البينتاد Pentad متردداً في كل أنحاء الكون من خلال الدوديكاهيدرون. وصرت بذلك حامياً للعدالة تماماً كالملح الذي يحفظ الطعام من الفساد. وأعلم أن عنصراً جديداً وهو الأثير أي السماء قد دخل فيك حيث أنك بذلك قد قمت من الموت مركاً مستوياتك العليا، لذلك، فسأعمدك بإسم النار الوسطية أي الموناد الكبير. فأنت الآن أصبحت مالكاً الحقيقة، فأنظر إليها وهي المشعة في أعماق كيانك لتجعل منها عملية في حياتك. وفي أي وقت تشاء فيه إستخدام قواك في الحياة، فاستخدمها بحذر وتيقظ فيما تقوم به بالإرادة الخيّرة. ولا تستعمل مطلقاً قواك هذه عندما تكون غاضباً، والكراهية مسيطرة عليك، والشر محيطٌ بك، هذا لكوّنها تردد عليك عدة مرات مدمرة إياك. ولهذا أقول لك، يجب عليك دوماً أن تكون محافظاً على الإتزان الكامل في وجودك وحامياً إدراك الحقيقة في عقلك، والفضيلة في روحك، والطهارة في جسدك، وتحسس دوماً بالكون الكبير في الكون الصغير، اي في مملكتك الداخلية، وتحسسه أيضاً في قلب الحياة نفسها لتدرك وتشعر بأن العقل الكوني الذي هو الله هو متجلٍ في كل الوجود، كما ولا تنسى مطلقاً القوانين الثلاثة الأكثر أهمية في الحياة وهي التالية:
1- إن التطوّر هو قانون الحياة.
2- إن الأرقام هي قانون الكون.
3- إن الوحدة هي قانون الله.
وبالحقيقة دعني أختم معك، إن الحقيقة الأبدية هي كامنة في العلاء فوق أي إتحاد بين المتناقضات كالزواج بين الرجل والمرأة. فالحقيقة الأبدية إذن هي في الموناد الكبير الذي هو الواحد، وإن فعل الإتحاد معه لا يمكن تحقيقه إلا إذا قام الإنسان بإستعمال قواه العقلية لتجنب الأعمال المنحرفة الناجمة عن الثنائية".
وبهذا، ختم المعلم كلامه الدقيق مؤكداً بأنه عندما خضع هو شخصياً لعمل الإزدواجية الذي كان دوماً ينظر إليه كشر لم يدع الأمر يؤثر مطلقاً على تعاليمه.
وبذلك، وبخطابه المقدس أنهى المسارة الكاملة في أسرار الكون والآلهة.

. . . قدم بيثاغور مفاتيح مدينته للبضع من تلامذته الماتيماتيكوي الذين باتوا مثله معلمين عليهم واجب التعليم وإعطاء المسارة لتلامذة المستقبل في المعرفة الباطنية وعلوم الأسرار.
في ذاك الكهف ومن خلف الستار كان بيثاغور محاطاً بالمعلمين الجدد معطياً خطابه الأخير للأكوزماتيكوي
( السامعين ) الذين كانوا مجتمعين في الحديقة الخضراء قائلاً لهم:" إسمعوا، سأقدم لكم الآن آخر ثلاث وصايا عليكم عدم نسيانها أبداً:
1- حافظوا على الأشياء التي لا يجوز لأحد أخذها منكم.
2- لديكم في مملكتم الداخلية ما هو شبيه بالعقل الكوني، وهكذا فأجعلوا من أجسادكم معابد لله.
3- إذا قررتم يوماً أن تكرموا وتبجلوا الله عليكم إذن أن تعرفوه وتلقدوه.
أما الآن، فسأترككم بين أيادي إخوتكم الأعزاء مشيراً بيده إلى المعلمين الجدد، خاتماً بلباقة تعاليمه، ومودعاً إياهم.
* * *

لقد قرر بيثاغور التنحي عن ما له من مسؤوليات بصفته مرشداً وقيّماً على المجتمع البيثاغوري، بغية أن يكرس وقته وطاقته لزوجته تيانو وأولاده في المستقبل.
وفي منزله في وسط المدينة، كان إيقاعاً آخر مختلف من الحياة ينبض، إذ كانت عائلة بيثاغور تكبر. وكانت إبنته دامو ( ميّا ) تبكي بين ذراعيّ أمها الحبيبة. وكان بيثاغور مراقباً إياها بنظرة حنان إذ كان سعيداً بخلقه وزوجته حياة جديدة مشاركين الله في عملية الخلق.
- وسأل تيانو:" ما هو أكثر كرماً من الخلق في الحياة"؟
فنظرت إليه بعيناها الحنونتان وإبتسمت، إذ لم يكن بنظرها هناك من شيء أكثر ألوهية من ذلك. ومن ثم نظرت إلى طفلتها التي تبسمت وكأنها تبدي موافقتها على ما كان قد فكر به أبواها. ولكن لم يكن ذلك سوى حلم وخيال إنبثق من عقله اللاواعي معزياً ومؤكداً، أو ربما خادعاً إياه في الإعتقاد بأن ما فعله هو تقليد لعمل الله. وفجأة، أدرك عندما إستفاق في ظلمة تلك الليلة بأن فعله هذا لم يكن تقليداً لعمل الواحد، بل كان هو وزوجته يحققون فقط عمل الدياد – الثنائية، أي الآلهة الأساسية التي خلقت الكون والعالم.
* * *

ومرّت الأشهر، والمجتمع البيثاغوري الذي بات تحت قيادة المعلمين يعيش بسلام حيث ظلت المدينة محتفظة ببريقها ووجودها الغامض، ولم يحدث أي شيء ذو طابع سلبي لأن مفاتيح " المدينة البيضاء " كانت في الأيادي الأمينة لأفضل الفلاسفة، حيث روح المشاركة هي الركيزة الأساسية القائم عليها المجتمع وذلك بين كامل اعضائه في كل شيء بإكتفاء ذاتي. أما وفي البعض من الأحيان، كان البيثاغوريون يعتمدون على الصدقات التي كان يقدمها لهم شعب كروتونا، وذلك بعد أن إنتصروا في الحرب التي قادها ميلو فأصبحوا بذلك دولة غنية وقوية.
ونجح الفلاسفة في المحافظة على ما أورثهم إياه معلمهم بتحقيقهم التقليد الكامل للموسيقى الكونية التي ظلت في المدينة كما كانت سابقاً عندما كان بيثاغور لا يزال على رأس المجتمع.
وتسآل الفلاسفة فيما بينهم:" لماذا لا يمكننا تحقيق ما هو قائم في مدينتنا بمدن أخرى في إيطاليا من أجل خلق حالة من الوحدة بين العقول والقلوب – أل هومونويا"؟
وكان بيثاغور مثالهم الأعلى، وهو الذي سبق له أن قال لهم مراراً بأن أسمى حالة قد يصل إليها الإنسان هي تلك التي يصلها الفيلسوف، هذا لأن الفلاسفة هم الأكثر اهلية من سواهم لقيادة حياة المجتمعات.
وكما كان قد إتفق الفلاسفة الذين هم الماتيماتيكوي المعلمين فيما بينهم ومعلمهم على عدم البوح بالأسرار العميقة للعالم الخارجي، هكذا كان. وذلك عملاً بالقوانين المقدسة الخاصة بكل مساري في العالم القديم.
إن السرية التامة كانت التدبير الأفضل في مثل هكذا مجتمعات سرية ومسارية للبقاء بعيداً عن تطفلات الآخرين. إذ أن بيثاغور كان دوماً يذكرهم مشدداً عليهم على ضرورة المحافظة على الأسرار بقوله لهم:" لا تعطوا قلب الأسرار للجهلة والمدنسين، فإنهم يحطموه ويقسموه لتفترسه أخيراً وحوش الأوهام".
وكانوا في المقابل يؤكدون له محافظتهم على الأسرار وصونهم إياها بعدم البوح بها مطلقاً مقسمين على ذلك بإسم معلمهم الذي قدّم لهم التيتراكتيس المقدس والطاهر ينبوع الطبيعة الدائمة التجدد التي هي صورة الآلهة ومثالها.
وحدث في يوم من الأيام عندما كان أحد المعلمين الماتيماتيكوي وهو هيباسوس Hippasos من ميتابونتيوم يعلّم " السامعين " عن ما للحياة من أخلاقيات كونه إختير ليكون مسؤولاً عن التعاليم الأخلاقية مثلما إختير البعض الاخر من المعلمين لتولي مسؤولية العلوم الطبيعية، وآخرين عن المشاكل الإجتماعية في الوقت الذي بلغ فيه عدد تلامذة الأكوزماتيكوي ما ناهز أل 1500 تلميذ، في إزاء الفلاسفة الذين ناهزو أل 400، ذلك أن تزايد الأعداد في كلتا الدائرتين كان نتيجة حتمية لكل ما قام به بيثاغور من تصورات وأنظمة لطريقة الحياة التي إنجذبوا إليها لجمالها وحسنها.
ولم يكن هيباسوس ذاك ليجلس في الغالب خلف الستارة للتعليم، بل كام يجتمع مع طلاب العلم في أماكن متعددة كالقاعة والحديقة، أو في مكان هادئ حول المدينة.
- وقال:" . . . وبهذا، فإنه من المستحسن على الإنسان السيء والفاسد أن يموت بدلاً من أن يعيش".
- وسأله واحد من التلاميذ النبهاء:" إذا مات الإنسان السيء الخلق والفاسد الطباع، فما هو مصيره بعد ذلك؟ هل يصعد إلى السماء، أم ينحدر إلى جهنم"؟
- ووقف هيباسوس للحظات جامداً ومتتردداً لبرهة من الوقت، مدركاً بأنه ليس بإستطاعته تجاهل هذا السؤال المحرج، وهو المعلم الواجب عليه إتمام مهمته على خير ما يرام وأكمل وجه. فأجابه بصوت متهدج:" إنه ينحدر. . . إلى. . . جهنم".
ولم يكن بإستطاعة هذا المعلم قول غير ذلك ولا أن يشرح لهم العقيدة السرية للتقمص بسبب عدم جهوزيتهم الفكرية لتقبلها.
- وسأله آخرٌ:" ما هي جهنم"؟
- هيباسوس:" إنها مكان الأوجاع حيث كل الأشقياء هم فيها أحياء بألم كقصاص لهم على ما قاموا به من شرور في حياتهم".
- " أين تقع جهنم تلك يا أيها المعلم"؟
- " إسمعو، إن الأرض هي كجهنم بطريقة ما، إذ يوجد الكثير من الآلام هنا عليها، هذا فضلاً عن أللاعدالة. فالفرد، يعيش هنا كنتيجة لعمل سؤ كان قد قام به كقصاص له، أتلاحظون"؟!
قال كلمته الأخيرة تلك بشيء من الإرتياح، إذ لم يكن بإستطاعته قول الحقيقة لهم كما هي بالواقع. بل كان يلمح لها تلميحاً، وتسآل في قرارة نفسه:
" هل بمقدورهم أن يفهموها؟
هل بإستطاعتهم أن يروها؟
- وسأله أحدهم:" ما هي الجنة إذن يا ايها المعلم"؟
- هيباسوس في قرارة نفسه:" لقد طفح الكيل".
ورأى انه من الأفضل له إيقاف الحوار لأنه ليس بإستطاعته محادثتهم عن الجنة وتحديده لهم ماهيتها، وفكر من جديد وقال:" إن الجنة هي مكان المحبة والسلام، وستصعدونها إذا كنتم فاعلين الخير في حياتكم".
وسأله واحد من الأكوزماتيكوي بشغف:" نحن نحب الجنة، فهل بإمكانك أن ترينا إياها"؟
وساد السكون التام في ذاك المكان. فهل سيعلنها لهم؟
وأجاب قائلاً:" إن الجنة هي أثير الوجود، وهي العنصر الخامس الطواف في كل مكان ما وراء عناصر الطبيعة الأربعة، وهو ليس ذرياً بل روحانياً، إنه الدوديكاهيدرون".
وباتت هذه المجموعة من السامعين في حالة من الإرتباك الظاهر بفعل ما قاله هيباسوس.
ماذا قال؟
لم يفهموا ما أباحه لهم، فأرادوا منه مزيداً من الشروح. غير أن هيباسوس ذهب بعيداً لإدراكه جسامة ما فعله بكشفه لهم الخصائص المتعلقة بالدوديكاهيدرون، هذا السر الأكثر نقاوة وقدسية حيث بات عليه تحمل التبعيات المترتبة على ذلك.
وفي الصباح الباكر بعد شروق الشمس، طلب المعلمون في الدائرة الداخلية من هيباسوس المثول أمامهم وأمام بيثاغور المعلم الأكبر في معبد أبولو. وعندما دخله هيباسوس ذاك، وجدهم مصطفين على جانبي المذبح منتظرين وصول المعلم، فسار هيباسوس فيما بينهم إلى وسط المعبد حيث وقف، إذ كان مدركاً لما سيتخذ بحقه من إجراءات جراء حنثه بالقَسَم. وما هي إلا هنيهة حتى ظهر بيثاغور بكل ما له من عظمة، فوقف أمام المذبح ليكون القاضي، في حين أن المعلمين الاخرين سيكونون هم الشهود.
- وتكلم المعلم الكبر بنغمة تنمّ عن الغضب والهدؤ في آن:" لقد كان لي الشرف الكبير كما لإخوتك ولك أيضاً، وأنت الذي أصبحت معلماً أعطيت له المهمة الأكثر كرامة بتعليم السامعين".
- هيباسوس:" هذا ما كنت أقوم به يا أيها المعلم".
- بيثاغور:" أنا لا أشك بذلك مطلقاً ولا حتى إخوتك يا هيباسوس، فتعليم الأخلاق هو بالشيء الفهم وهو مهمتك. ولكن البوح بالأسرار"؟
وصاح بيثاغور:" لقد أقسمت، ألست متذكراً".
وكان هيباسوس مرتعشاً، وظل صامتاً مومئاً برأسه.
- ورمقه المعلم بنظرة ثاقبة مخاطباً إياه بحذر:" لقد قمت بكسر أعظم القوانين في مجتمعنا ببوحك بأكثر الأسرار قدسية في تعاليمنا. أليس ذلك صحيحياً يا هيباسوس"؟
- ورد هيباسوس بصوت خافت وعيناه مغمضتان:" . . . نعم يا أيها المعلم". قالها بخجل كبير.
- وقال المعلم:" ماذا علينا أن نفعل بهيباسوس الذي خان مجتمعنا بمخالفته لنظامه"؟
- وبصوت واحد صرخ الجميع:" الطرد . . .
- فأخذ بيثاغور نفساً عميقاً وتنهد معلناً:" بإسم الموناد الكبير إيل – أبولو، وبإسم مدينتنا السماوية، أنا حبيب الحكمة إبن هرمس – أخنوخ أطردك إلى الأبد خارج مجتمعنا".
وفي الوقت الذي فيه كان هيباسوس مبتعداً إلى خارج المعبد، فخارج المدينة، قام المعلمون بتحويل وجوههم بعيداً عنه.
لاحقاً، خلال النهار، تمّ الإعلان عن موت هيباسوس بصورة رمزية أمام كل الإخوة في المجتمع بدائرتاه الداخلية والخارجية. وللغاية، فقد أقاموا نصباً تذكارياً له كتبوا تحته الآتي باللون الأخضر:" هيباسوس، أخ لنا لسبع سنوات، ومعلماً بيثاغورياً منذ حوالي السنتين من الزمان، قام بخرق قوانين مجتمعنا ببوحه بأسراره، لقد مات".
* * *

دخلت نفسٌ جديدة إلى أحشاء تيانو، وكان بيثاغور لذلك في غاية السعادة. . . ورزق المعلم بطفل أسماه طيلوغس Telauges. ولاحظ بيثاغور بأن إبنته دامو تشبه كثيراً أمها، أما إبنه طيلوغس فهو شبيه به.
- فقال:" أنه أمرٌ عادل في إتزان كامل لعملنا كشركاء في عملية الخلق، هذا لأنه قد رزقنا بأولاد على صورتنا"!
ورمقته زوجته تيانو بنظرة إعجاب، ومن ثم راحت تتأمل في أولادها. وهزت برأسها موافقة زوجها القول.
* * *

ومرّت الساعات والأيام والأشهر والسنين كحلم في حياة المجتمع البيثاغوري، وكان الدوديكاهيدرون على المكعب أي السماء على الأرض متوّجة المدينة البيضاء.
وفي حوالي سنة 502 ق.م. ظهر رجلٌ يدعى كيلون وهو من الأغنياء والمشهورين في كروتونا لديه الرغبة بالإنتماء إلى المجتمع البيثاغوري بإعتماده للطريقة المتبعة فيه للحياة التي جذبت الكثيرين إليها. وعندما دخل كيلون إلى المدينة كان مغموراً بكل ما هو محيط بها، ومن ثم إقتاده التلاميذ إلى الملعب الرياضي حيث شاهد الألعاب التي كانت جارية فيه. وبعد ذلك طلب إليه الإنضمام إلى إحدى مجموعات التلاميذ البيثاغوريين ليشترك وإياهم في الحوارات القائمة فيما بينهم. . . وبعد مرور عدة أشهر شرع في الخضوع إلى سلسلة من الإختبارات بإشراف المعلمين، وكان النجاح حليفه في كلها نظراً لكونه محاوراً جيداً لغاية الآن. ولكنه كان إلى حد ما مزعجاً، إذ كانت لديه شخصية القائد ، ولكن أي نوع من القادة؟ - لم يكن ذلك واضحاً.
وكان على كيلون المرور بإختبارات أخرى أيضاً علاوة على تلك التي مرّ بها والتي على ضؤ نتائجها يحدد إذا ما كان سيقبل به أم لا. وللغاية أرسلوه إلى كهف مجاور للمدينة ليمضي فيه الليل بمفرده محذرّينه من الوحوش والأشباح التي من الممكن أن تظهر له فيه. لكن كيلون لم يصدق ذلك لمعرفته طبيعة المنطقة بشكل جيد ولكن في النهارات فقط وليس في الليالي. وراحت الشكوك تراود مخيلته مصوّرة له أنه ربما من المحتمل فعلاً أن تكون الوحوش موجودة، وأمام ذلك رأى أنه من المفروض عليه أن يكون قوياً كفاية كي لا يفشل وهو بطبعه الإنسان المتعجرف والعنيد في الوقت نفسه، مصمماً على خوضه تلك التجربة حتى نهايتها. . .
وبعد كل هذا، كان لا يزال أمامه إختبارٌ أخير عليه المرور به، وللغاية فقد أخذه المعلمون إلى داخل صومعة، ومن ثم أعطاه أحدهم رمزاً بيثاغورياً عليه كشف معناه.
كيلون في الصومعة وحده، وليس بحوزته من طعام سوى البعض من الخبز، ومن الشراب غير القليل من الماء. وراح يحاول جاهداً بفك أسرار الرمز، والوقت يمر مسرعاً. . .
لاحقاً، أخذه المعلم إلى القاعة التي كان فيها يجتمع التلاميذ والمعلمين، وراحوا يستفذونه بالتهكم عليه كجزء أساسي من الإختبار النفسي والأخلاقي. عندها إنتابه الشعور بأنه مهان، ولم يعد بمقدوره التحكم بإنفعالاته، فرد عليهم بقسوة كبيرة مكيلاً لهم الشتائم وعلى المدرسة والمجتمع والمعلمين وبيثاغور. عندها، أخبره المعلم الذي كان قد أوكل إليه أمر الإهتمام به عندما جاء إلى المدرسة بأنه كان تحت سيطرة أنانيته، وعليه فهو بالتالي ليس مرغوباً به بينهم مشيراً إليه بيده إلى طريق الخروج. وللحال، غادر كيلون المدينة غاضباً وحانقاً إذ أن كل ما كان لديه من أموال وصيت ذائع لم يمكناه من أن يصبح بيثاغورياً ذلك أنه لم يكن مالكاً لأكثر الأشياء أهمية في الحياة التي من شانها أن تجعله أهلاً ليكون فرداً في المجتمع البيثاغوري الفاضل الذي كان معروفاً وفريداً في كل أرجاء المتوسط. هذا فضلاً عن أن كيلون لم يظهر أية صفة من صفات الصداقة والإحترام، وهو لم يكن أبداً من الباحثين عن الحكمة، بل كان دوماً باحثاً عن المظاهر.
وبعد كل ذلك قام أعضاء المجتمع البيثاغوري بإقامة نصب تذكاري في المدرسة ليكون رمزاً لهم في طردهم كيلون من بينهم الذي أعتبر الموضوع فيما بعد موضوعاً شخصياً مقرراً الإنتقام لفشله، ولكن كيف؟ وراح عقله الشرير يصوّر له كيفية تحقيق إنتقامه، وطريقة إحكام الخطة اللازمة لذلك. وللحال شرع بإحاكة مؤامرة ضد بيثاغور ومجتمعه.
وبعد إنقضاء عدة شهور في حوالي سنة 501 ق.م. أسس كيلون نادياً أرستقراطياً في كروتونا، وبات الأغنياء أعضاءً فيه، وأصدقاءً لذاك الطاغية، ومن بينهم نينون Ninon الذي بات بالنسبة لكيلون يده اليمنى. وتحولت كل قوى المال التي توحدت في النادي إلى قوى مملؤة بالكراهية ومشحونة بالغضب، وصارت عقولهم المنحرفة رابضة كالكلاب المسعورة وهي تعوي بشراسة منتظرة اللحظة المناسبة لتنقض فيها على " البيثاغوريين المسالمين ".
وفي إحدى الإجتماعات التي ترأسها كيلون في كروتونا، دعى إليه عدداً كبيراً من الناس بغية تحضيره لثورته ضد
" المدينة البيضاء ".
- وصرخ بصوت جهور من على منصته أمام جمهور كبير بادئاً بالكلام:" إنه لتجديف. . . يا أهل كروتونا. فمن هو هذا الرجل الذي أطلق على نفسه لقب المعلم، وحبيب الحكمة ، وحتى ابن الإله أبولو؟ في حين أن البعض منكم يحضع لأوامره وكأنه هو بالفعل كما إدّعى".
- ورد عليه أحدهم بإيمان:" لقد شاهدناه يقوم بالمعجزات".
- كيلون:" المعجزات. . . !؟ إذا كان فعلاً قد قام بها، فإنها لم تكن على الإطلاق بقوة أبولو النور العظيم. فهو ودائرته الداخلية يجتمعون دوماً في سرداب كالشياطين في الأرض بعيداً عن النور بالقرب من الشاطئ كخفافيش الليل. فإذا كانت معجزاته فعلاً حقيقية كما يزعم البعض منكم، فإعلموا أنها ما تمّت إلا بقوة الظلام".
وراح البعض من الناس يصرخون بحنق شديد وغضب كبير ضد بيثاغور ودائرته، في حين أن البعض الآخر منهم وهم الأكثرية من بينهم شعروا بالإنزعاج من كلمات كيلون مدركين ما في قلبه من غيرة قاتلة بدت واضحة لهم من خلال نبراته.
- ورد عليه واحد من الجموع وقال:" إن المعلم أقام معبداً لأبولو في مدينته، وتناهى لمسمعاي أنه من المتعبدين له معتبراً إياه أباه.فكيف يكون هذا المعلم إبناً للظلام، وهو العائش حياته كإبن للنور؟ فأنظر إليهم يا كيلون، إنهم على تناغم كامل مع الطبيعة وهم يحيون بصداقة كاملة مع بعضهم في أخوية حقيقية بالمحبة والسلام. فهل رأيت ثيابهم؟ إنهم دوماً يلبسون الأبيض، وهذا ما هم عليه حقيقة في نقاوتهم البيضاء".
وكان هناك صمت لبعض من الوقت.
وأمام كل ذلك وجد كيلون أن عليه التفكير بسرعة.
- فقال بغضب شديد:" نعم، إنها الحقيقة. لقد شيّد معبداً لإيل- أبولو " . . . فهمهم، ومن ثم تابع الكلام:" يا لها من خدعة ذكية، ولكن كل أعماله كان يقوم بها في السرداب . أما ثيابهم فكلها بيضاء، أجل هذا صحيح. لكنها في ظاهرها تعكس صورة جيدة وملائكية، ولكنها في الحقيقة ليست سوى ستاراً لما في داخلهم من ظلمات".
هنا، وجد البعض من الناس في كيلون قائداً ذكياً، فوافقوه على أقواله. في حين أن الآخرين الذين كانوا متعاطفين مع البيثاغوريين أظهروا إحتجاجاتهم على كل ما قاله كيلون فيهم من سؤ.
- وقال واحد من الجموع:" أنت مخطئ يا كيلون، إنك تشوّه الحقائق وتضلل الناس الموجودين هنا. وأمام كل هذا، نرى انه علينا أن نذكرك قبل مغادرتنا لهذا المكان بأن بيثاغور وزوجته تيانو قد تزوجا في معبد أبولو. فماذا يعني ذلك بنظركم يا أهل كروتونا المجتمعين الآن هنا كلكم"؟.
ولم يكن بإستطاعة كيلون التنكر لتلك الحقائق، ولم يعد قادراً على معرفة ما يجب عليه قوله. أما الجموع كلها، فكانت مترقبة لتسمع منه المزيد، غير أنه ظل صامتاً. وفي الحال غادر الكثيرون من الناس الإجتماع.
وعلى أثر ذلك عقد اللوبي الأرستقراطي الذي أسسه كيلون وأصدقائه الأغنياء إجتماعاً سرياً في إحدى قاعات نادينهم في مدينو كروتونا، وراحوا يحللون ما حدث في المناظرة، مدركين بأنه ليس من السهل عليهم تشويه صورة بيثاغور الدينية في مكان عام، إذ إرتأوا أنه من الأفضل لهم والأسهل عليهم القيام بذلك في مكان سري بعيداً عن الناس في مرحلة أولى. وبهذان فقد نجح هذا اللوبي في شراء ضمائر البعض من الناس الفقراء في كروتونا، واعدينهم بالأموال وتأمين الوظائف لهم.
وفي إحدى إجتماعاتهم السرية التي عقدوها، تمكن كيلون من تأليب البعض من الناس ضد البيثاغوريين بقوله لهم بأن بيثاغور كان يقوم بجذب الشبيبة له إلى طريقة حياته لإلهائهم عن عبادة " آلهة اليونان " . – وقال لهم:" إن بيثاغور دجال وشيطان متنكر، وسيقوم بسرقة كل ما تمتلكونه ولكل ما لأجله تحيون".
فصدقوه.
لاحقاً، جرت عدة مناظرات عامة بتتابع، ولم يكن بإستطاعة كيلون أن يجذب إليه كل الذين كانت لديه الرغبة في جذبهم لناحيته. فقد القليلون كانوا يهللون لكلاماته.
- وفي قاعة اللوبي توجه كيلون بالحديث إلى معاونيه بقوله لهم:" هناك البعض من الناس الذين يزداد عددهم بتصديقهم كلامي كلما أعتليت المنصة العامة للكلام يوماً بعد يوم. أليس ذلك صحيحاً"؟
فهزوا برؤوسهم موافقينه الكلام.
- ومن ثم أضاف:" في المرة المقبلة وعند توجهي من الناس بالكلام في المكان العام حيث أقف دوماً على منصتي، فلن أذكر، ولن أهاجم الصورة الإلهية لبيثاغور. وأنا أعدكم بأنني سأتكلم عن شيء آخر يكون أكثر منطقية، وعند ذاك، ومن جديد سوف نتمكن من تحديد الأشخاص الموالين لنا، وأنا أضمن لكم بأن أعدادهم سوف تتزايد . وإذا لم نوّفق في ذلك، فسنعاود من جديد إجتماعاتنا بسرية تامة مثلما كنتم قد إقترحتم علينا في السابق".
وبعد أن تباحثوا ملياً في هذا الأمر فيما بينهم، وافق اللوبي على تلك الخطة. وللحال قاموا بتحديد موعد جديد بغية القيام بمناظرة عامة قاموا بدعوة الكثيرين إليها من الناس.
على أي حال، فإذا ما تمكن كيلون في إقناعه الجموع، فسيظل واثقاً بأنه سوف يزيدهم شكوكاً بما لبيثاغور من آراء، وفي مجتمعه أيضاً.
- وفي خلال شهر، وفي قاعة الإجتماعات تجمع عدد كبير من الناس حول ذاك الطاغية الواقف على منصته وعيناه محدقتان بالجموع المحتشدة، وقال:" يا أهل كروتونا، ما زلت على إعتقادي في أن بيثاغور هو أخطر بكثير مما يظنه بعضكم، فهو ديكتاتوري ذو قوى باطنية! ولكننا لا نريد الكلام عن ذلك الآن، وهو يعتبر نفسه من عرق إلهي، وأنتم يا أيها الناس لستم سوى قطيع من الأغنام بنظره ومساقون بأمرته"!
- وأجابته إمرأة من بين الجموع بقلق:" كيف ذلك"؟
- قال": بالحقيقة. . . أنتم يا أيها الناس ليس لديكم أي رأي في إدارة أمور مدينتكم، ذلك أن السلطات العليا فيها هي التي تقوم بسن القوانين التي يستشرون بيثاغور بشأنها وبشأن كل أمورهم الأخرى التي لديهم الرغبة في إنجازها بأوقاتها المناسبة لها. فإذا حدد لهم بيثاغور الوقت والكيفية لذلك، عمدوا إلى العمل بموجب ما يمليه عليهم من نصائح وإرشادات، وفي حال كان نصحه لهم بأن لا يعملوا بما هم مصممين على فعله، فإنهم يتراجعون. فماذا يعني كل هذا بنظركم؟ إنه وبكل بساطة يعني أن ذاك الرجل قد بات هو الملك الفعلي الإلهي على كروتونا".
وراح البعض من الناس يصرخون بكراهية شديدة بدت واضحة من خلال نظراتهم الحاقدة، مكيلين الشتائم على ذاك المدعي بالألوهية وعلى مدينته.
- وقال واحد من الأشخاص الرفيعي الشأن، وهو سياسي كروتونيّ:" إن بيثاغور يرى دوماً الأمور على صواب، وهو بما لديه من حكمة وبفضل مساعدته لنا تمكنا من ربح الحرب التي وقعت بيننا وبين سيباريس التي جعلنا منها في النهاية مقاطعة تابعة لنا".
وساد الهدؤ لبعض من اللحظات، إذ كان هناك البعض من الناس الذين وافقوا على هذا الكلام مومئين برؤوسهم.
أما كيلون، فقد كان مدركاً ذلك تمام الإدراك، هذه هي الحقيقة بالفعل، ولم يكن على إستعداد لخسارة مناظرة أخرى في مكان عام أمام الجموع. لذلك، فقد قرر الإنقلاب على السلطات أيضاً.
- وراح يصرخ بغضب شديد تردد صداه كدوي صوت الرعود القاصفة:" إنها الحقيقة بأن كروتونا قد ربحت الحرب، ولكن ماذا قُدِمَ لاؤلئك الناس الذين قاتلوا معرّضين حياتهم للمخاطر، ولاؤلئك الذين ماتوا في سبيل تحقيق هذا الإنتصار؟ لا شيء البتة"!
وراح الجميع ينظر إليه، بعد أن مكّنته كلماته الأخيرة تلك من لفت إنتباههم. وأمام هذا، رأى أنه من الواجب عليه أن يقوم بتسديد ضربته بسرعة بعد أن نجح اخيراً في إصابة الوتر الحساس.
- وأضاف قائلاً بصوت عالٍ:" إن كل الأراضي والأملاك وكل شيء إستولى عليه جيشنا في تلك الحرب، تم تقاسمه بين الطبقة السياسية الحاكمة والبيثاغوريين على السواء! إنهم يعبدون بعضهم البعضن ناظرين إلينا جميعاً كبهائم".
- وعند ذاك تدخل أحد المقربين من البيثاغوريين وقال:" يا للهول. . . يا لها من كذبة". وكان هذا الشخص آتياً من الخلف متقدماً إلى الأمام بضع خطوات محاولاً قول المزيد، لكن أحد أتباع كيلون قام بمنعه عنوة بضربه على رأسه.
- وتكلم كيلون بما له من سلطة:" يا أيها الشعب المسكين! كيف سمحتم لهؤلاء أن يقوموا بخداعكم طوال كل هذه الفترة من الزمن؟ وكيف لا يزال البعض منكم مصدقاً إياهم؟ إفتحوا عيونكم وأنظروا، إنها مؤامرة ضدكم قام بيثاغور وأتباعه بحبك خيوطها".
وبعد هذا الكلام باتت الجموع اكثر حدية. فراحوا يصرخون كمصاصي الدماء الباحثين بتعطش عن الدم، وعلا صراخهم الذي تردد صداه في كل النواحي:" الموت لبيثاغور . . . الموت لمجتمعه".
وللحال، قام البعض من أصدقاء البيثاغوريين والبعض من أتباعه بمغادرة الإجتماع بسرية، ذلك انه لم يكن بإستطاعتهم أمام هذا الواقع فعل أي شيء سوى النجاة بأنفسهم.
- وأضاف كيلون:" إستفيقوا يا ايها الناس من سباتكم، وتغلبوا على تلك اللعنة التي حلت عليكم. وسيروا معي، وأنا أعاهدكم بأنكم ستحصلون على كل ما لكم من حقوق، وستستردون كل ما فقدتموه من أموال. فثقوا بي".
- وهتفت الجموع بحماس كبير، وعلا التصفيق:" كيلون. . . كيلون . . . كيلون. . ."!
- وأشار بيديه بهدف تهدئتهم، لإدراكه بأن ما سيقوله الآن سيلهب حماسهم:" دعونا نحكم عليهم غيابياً، مثلما حكموا هم علينا بالطريقة نفسها. ولنقم سوية كلنا مع بعضنا بإضطهاد ذاك الذي أفسد عقول شبيبتنا بسلبه نفوسهم من آلهة اليونان".
- وأضاف منهياً كلامه:" أضربوا. . . أضربو بقوة".
- وعادوا من جديد للصراخ واللعاب يسيل من أفواههم كالكلاب المسعورة الجاهزة للهجوم، وقالوا:" الموت لبيثاغور ولمجتمعه. . . الموت ل. . .".
لقد نجح كيلون واللوبي خاصته، إذ كان الكثيرون جاهزين للقيام بمهاجمة البيثاغوريين منتظرين منه إعطاءهم الأوامر لذلك. وإبتسم كيلون وأصدقاءه الأغنياء، ومن ثم ضحكوا بقلوبهم الماكرة.
لقد أقسموا على القيام بهجوم على " المدينة البيضاء ". وللحال، شرعوا بإعداد خطة محكمة لغايتهم تلك، بعد أن قرروا إبادة جميع البيثاغوريين.
وإحمرت عينا كيلون وهي تلمع غضباً.
إنه متعطش لسفك الدماء.
* * *

صعد البعض من أصدقاء البيثاغوريين إلى المدينة البيضاء، وأعلموا بيثاغور بمؤامرة كيلون المدعومة من اللوبي الأرستقراطي الرامية غلى ضربه والفتك بمجتمعه. وكان المعلم مدركاً بأن ذاك النهار سيأتي، إذ أن فيريسيد خاله كان قد حذره سابقاً من الأشخاص الغيورين، سيما وأن فيريسيد كان أكثر من كونه رجلاً حكيماً، فهو وعلاوة على ذلك نبي بإمكانه إستشراف المستقبل! وللحال، جمع بيثاغور كل إخوانه وأخواته التابعين " لمجتمعه الأبيض " . وكان عددهم آنذاك في الدائرة الخارجية حوالي أل 2000 شخص، وفي الدائرة الداخلية بما يقارب ال 600 شخص.
وفي ساحة معبد إيل – ابولو ظهر بيثاغور بكل عظمته بردائه الأبيض ووشاحه الأرجواني على كتفيه وهو محاط أولاً بالماتيماتيكوي، وثانياً بالأكوزماتيكوي.
- وقال بحزن:" إسمعوا لما سأقوله لكم، لقد دنت الساعة وانتهى الإنتظار".
ولكن الجموع أخذها الشوق لتعرف منه ما هو قصده بكلامه هذا الغريب. أما هو فقد لاحظ القلق البادي عليهم من خلال أعينهم.
- وراح يشرح لهم:" إن الشر قادم إلى مدينتنا لا محالة بكراهية كبيرة، وبرغبة جامحة للإنتقام. ونحن في المقابل لا يمكننا فعل اي شيء حياله، لذلك، فإن كل فرد منكم له الحرية في أن يذهب إلى مكان آمن إلى حيث يشاء خارج هذه المدينة. وليس من أحد منكم ملزم بالبقاء هنا، إذهبوا إلى المدن المجاورة. وأنا أشدد على الأكوزماتيكوي فعل ذلك فوراً من اجل عائلاتهم. ولكي تتمكنوا من التعرّف على بعضكم البعض خارج مدينتنا هذه، فسأقوم بتعليمكم طريقة سرية خاصة تستعملونها عندما يريد أحدكم مصافحة الآخر منكم للتعارف".
وراح اعضاء الدائرة الخارجية يتمرنون على تلك الطريقة الجديدة والسرية التي علمهم إياها معلمهم.
- وسألته بحزن إحدى النسوة التي سبق له أن شفاها من مرضها:" ماذا ستفعل يا ايها المعلم"؟
- أجابها بتأثر بالغ، وثقة كبيرة:" آه يا أيتها السيدة العفيفة، وهل تظنين بأنني سأتخلى عنكم الآن وعن هذه المدينة، وعن كل ما كان فائحاً فيها من محبة وسلام طوال تلك السنين؟ هذا هو ما أنا حييت لأجله وفي سبيله ساموت".
- وقال واحد من الأكوزماتيكوي:" إذن، فنحن سنبقى معك هنا يا أيها المعلم الحبيب".
- وصرخ آخرٌ:" سنموت معك".
وساد سكون عظيم محدثاً ثغرة في السماء بفتحه بابها، وتردد صداه في كل انحاء الأرض.
-ومن ثم قال لهم بيثاغور:" لا، . . . لا . . . يا أيها الإخوة والأخوات. يجب أن يظل الجميع منكم على قيد الحياة، هذا لأن الأساس الكامن للصداقة والخلقيات والأمانة هو في داخل كل واحد وواحدة منكم، وعلى هذا يجب أن يستمر للأجيال التي ستاتي بعدكم".
- ومن ثم انهى كلامه:" لقد حذرتكم من المخاطر، وها أنا الآن منهكٌ جداً، فأرجوكم غادروا في الحال بسلام لأنني أريد التأمل في معبد الواحد".
* * *

في إحدى أيام الخريف الباكرة، كان بيثاغور يتمشى في الحديقة على مقربة من الكهف، وكانت الأوراق الصفراء متناثرة على الأرض حيث الرياح القوية بعثرتها بعيداً عن الأشجار.
أما في " المدينة البيضاء "، فالبعض من العائلات البيثاغورية المنتمية للدائرة الخارجية كانت على أهبة الإستعداد لمغدارة المدينة في حال وقوع أي هجوم عليها، وقليلون جداً هم الذين قرروا البقاء فيها. وقام الماتيماتيكوي بالتدابير نفسها مصممين على فعل الشيء نفسه، في وقت كانت لا تزال فيه الحياة في المجتمع البيثاغوري طبيعية جداً إذ كان السلام لا يزال مخيّماً عليه، ولم يكن أعضاءه مذعورين بل حذيرين.
وفي سنة 500 ق.م. غرقت الشمس المشعة في أعماق المحيط وهي أشبه ما تكون بالبرتقالة الحمراء. وتلبدت السماء بالغيوم الكالحة السواد البادية وكأنها ظلال الموت المحلق فوق المدينة.
وإحتجب القمر خلف تلك الغيوم المنذرة بالشؤم. . .
وفي غضون ذلك، كان هناك ما يقارب الألف شخص متقدمين صعوداً بإتجاه التلة التي عليها المدينة البيضاء قائمة وهم حاملين بأيديهم المشاعل والعصي، محدثين جلبة قوية هي أشبه ما تكون بالصوت الذي تحدثه أجنحة المخلوقات الليلية. وراح الكثيرون من العائلات البيثاغورية يخلون المدينة بسلوكهم الطريقان السريّان الذان ما كان أحد غيرهم على علم بهما، وكانت الطريق الأولى عن يمين المدينة، اما الثانية فمن على يسارها.
وطلب المعلم من أحد المساريين وهو أريستايوس Aristaeus من كروتونا أن يأخذ تيانو وولديه إلى آية مدينة أخرى تكون آمنة، وأن يقوم بحمايتهم بتقديمه لهم الملاذ الآمن وكأنهم من خاصته.
وفي الوقت عينه كان الغوغائيون قد وصلوا إلى أمام باب المدخل الكبير للمدينة، فقاموا بتحطيم تمثال هرمس – أخنوخ، ومن ثم راحوا يحاولون فتح الباب بدفعه صوب الداخل حيث كان الإخوة البيثاغوريين خلفه محولين منعهم من ذلك. ولكن، كم من الوقت سيستطيعون الصمود بعد أمام اؤلئك الغوغائيين الذين أضرموا النار فيه أخيراً؟
أما وفي غضون ذلك أيضاً، كان المعلم مجتمعاً مع البعض من المساريين الذين أطلق عليهم في البعض من الأحيان لقب " أشجار الحديقة "، وكان ذلك في أسفل سرداب معبد الحوريات حيث قام بتلقينهم " الكلمة السرية ".
- وقال لهم بصوت هادئ:" أنا سأرسلكم إلى كل انحاء العالم لتكملوا تنمية بذرة الحكمة التي زرعتها في داخل كل فرد منكم حيث من الواجب عليكم دوماً تغذيتها بالمياه، والنور، والحياة، والمحبة.
فإذهبوا يا إخوتي، ويا أخواتي. . . إذهبوا".

غادر الجميع وهم في مهمة مقدسة.
ودخل اؤلئك الغوغائيون الإرهابيون إلى المدينة بغضب شديد مهاجمين " البيثاغوريين الصامتين والمسالمين " منهالين عليهم بالضرب على رؤوسهم وبطونهم ومختلف أنحاء أجسادهم بوحشية ما بعدها وحشية. وإصطبغت أرديتهم البيضاء بدمائهم الحمراء الذكية، وراحوا يتساقطون على الأرض كتلك الأوراق الصفراء التي اسقطها الخريف مبعثراً إياها على الأرض بعيداً عن تلك الشجار. وشرع اؤلئك المجرمون بإضرامهم النار في البيوت، أما اطفال العائلات التي آثرت البقاء في المدينة كانوا يصرخون بشدة، في الوقت الذي كانت فيه النسوة تنتحبنّ على موت ازواجهنّ وأبناءهنّ وأشقاءهنّ الذين كانت أجسادهم ممدة على الأرض في جزء منها، في حين أن الجزء الآخر كانت تحتضنه بلهفة أم، أو زوجة، او شقيقة.
ودخل أخيراً كيلون، هذا لأنه لم تكن لديه الجرأة الكافية ليكون على رأس اؤلئك الغوغائيين. ورأت عيناه كل ما فعله أتباعه الحاقدون، وملئه الشعور بالإنتصار. لكنه شعر أيضاً بإحساس غريب من الخوف وراح قلبه يخفق بسرعة، فوّلَ هارباً.
وأضرموا اللهيب في معبد إيل – أبولو، ومن ثم وصلوا إلى معبد الحوريات حيث كان المعلم والبعض من أفراد الماتيماتيكوي في السرداب، فسمعوا صوت جلبة قوية في الخارج، فهبوا مسرعين إلى قاعة المعبد الذي كان مشتعلاً. وحاول التلاميذ جاهدين بإخماد النيران، لكنهم وصلوا متاخرين، فباتوا فريسة لألسنة لهيبها الحارق الذي وصل أيضاً إلى بيثاغور الذي صاح بهدؤ:" أنا هو الواقف على عرش الحكمة، إبناً للإنسان، أترك الأرض عائداً إلى نفسي قبل أن أحلق صوب الواحد العظيم".
وتحلل جسده بفعل النيران، ورفعت " نفسه – المركبة الخفيفة الذكية" روحه صعوداً وهي تحلق عالياً إلى أب الحياة لتقيم في قلب النار الوسطية ( 1 ).
وباتت" المدينة البيضاء " كتلة من الركام والحطام والرماد. وماتت الأعشاب والورود، وهاجرت الطيور وهي تنتحب على تلك المدينة هاجرةً الغناء.


















ملحق

وبعد تلك الأحداث وإنقضاء عدة سنوات عليها، كان البيثاغوريون منتشرون في كل أنحاء ماغنا – غريسيا Magna – Graecia وخصوصاً في ترانتوم، وميتابونتيوم، وريجيوم، وصقلية. وهم أينما كانوا وحيثما حلوا، كانت تواجههم الإضطهادات. وكانوا يتعرفون على بعضهم البعض من خلال الإشارات السرية والكلمات الرمزية التي علمهم إياها معلمهم.
لاحقاً، عاد البعض منهم إلى كروتونا إذ كان مسموحاً لهم العودة إليها بشرط واحد وهو عدم التعاطي بالأمور السياسية. وعلى التلة التي كانت عليها المدينة البيضاء عاودوا الإجتماع من جديد تحت قيادة المساري أريستايوس المتضلع جيداً بالتعاليم البيثاغورية خلفاً لبيثاغور.
أما تيانو من جهتها فكانت تتولى مهمة قيادة النساء، وإبنتها دامو التي إحتفظت بالكتابات السرية لأبيها تولّت مهمة قيادة الفتيات الشابات، وهي لاحقاً تزوجت من مينو Meno الكروتوني، وكان لها المركز الأول المتقدم عند المذبح.
أما تيلوغس إبن بيثاغور فقد بات معلماً، فشرع بتعليم أمبيدوكلس Empedokles العقيدة البيثاغورية.
ومن دون أدنى أي شك، إنتشر المجتمع البيثاغوري بعد موت مؤسسه الفيلسوف. وتم تقسيمه إلى عدة مجموعات، منها ما هو علمي، ومنها ما هو روحي وديني، وأخيراً سياسي.
وفي حوالي سنة 460 ق.م، تعرض المجتمع البيثاغوري لمضايقات قوية بهدف إيقاف نشاطه، فأحرقت البيوت التي كانت تقام فيها الإجتماعات. أما " منزل ميلو " في كروتونا فكان فيه ما يقارب أل 60 بيثاغورياً مجتمعين سراً، فتعرضوا لهجوم وحشي وإرهابي حيث قتل العديد من الإخوة البيثاغوريين. أما الذين نجوا من الهجوم فقد لاذوا بالفرار إلى طيبة في اليونان وأماكن أخرى حول المتوسط.
إن كل تلك الأعمال الوحشية والإضطهادات لم تقوى على تدمير إرادة البيثاغوريين، فأستمر وجود الأخوية رغماً من شدة أهوال الإضطهادات التي عانتها لسنين عديدة.
ومن أشهر اؤلئك البيثاغوريين الذين كانوا معروفين آنذاك: - أركيتاس Archytas. – فيلولاووس Philolaos وكلاهما من تورنتوم.
وفي حوالي القرن الثالث ق.م، لم يعد ذاك المجتمع موجوداً.
لاحقاً، تمكن البيثاغوريين من إستعادة قوتهم في بدايات الأمبراطورية الرومانية في حوالي القرن الأول ب.م، حيث حاولوا المحافظة على مكانتهم داخل تلك الأمبراطورية. وعندما باتت المسيحية الديانة الرسمية للأمبراطورية في القرن الرابع ميلادي، أصبح البيثاغوريون من الأقليات الغير مرغوب بوجودها.
في الحقيقة، إن الأخوية البيثاغورية تركت أثراً ملموساً في الكثيرين من الناس خلال عقود طويلة، ومنهم من أصبح لاحقاً من الفلاسفة المشهورين أمثال:
- أفلاطون ودائرته الصغرى.
- نيقوماكوس من جيرازا.
- موديراتوس.
- نومينيوس من أفاميا.
- كرونيوس.
- ترسيلوس.
- بورفير من صور.
- يمبليخوس من عنجر.
- إمونيوس ساكاس ومجموعته.
وغيرهم كثيرون.

إن الأسينيين الذي ظهروا على جبل الكرمل، وعلى مقربة من البحر الميت. كانوا يعيشون حياتهم بطريقة مشابهة للطريقة البيثاغورية بمشاركتهم مع بعضهم في كل الأشياء، وإقامتهم الصلوات في وقت شروق الشمس، وممارستهم الصمت، وبإرتدائهم اللباس المصنوع من الكتان البيض، وفي حفظهم الأسرار، ومنهم أعلن يسوع المسيح مسيحاً.

وكان للبيثاغوريين تأثيرهم في مجموعات أخرى حول المتوسط، مثل الشفائيين Therapeuts الذين ظهروا في الصحراء المصرية التي عاشوا فيها كالنساك في مجموعة منعزلة. ومن الغرابة أن الطائفة الدرزية وهي إحدى الطوائف الإسلامية في لبنان تعتبر سرياً بأن بيثاغور هو واحدٌ من حكماءها السبعة!
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الماسونيين على ما يبدو قاموا بإقتباس عدة طرق وأفكار من البيثاغوريين، ولا سيما في درجاتهم العليا التي لبيثاغور فيها المكانة المرموقة عندهم.
وتابع عالم المتوسط أخذه التعاليم البيثاغورية لغاية القرن السادس الميلادي، حيث فيه باتت محظورة من جديد، لتعود لاحقاً بالظهور في النظام الإيزوتيركي.

إن فضل بيثاغور على البشرية كبيرٌ جداً، وعلى هذا فهي مدينة له لعلمه الواسع والشامل في الحقول العلمية، وهو السباق في الرياضيات بنظام الإيكزوتيريك ( نظرية بيثاغور. . . )، ونظام الإيزوتيريك، بالإضافة إلى علم الفلك
( نظرية الكواكب التي تدور حول الشمس، أي النظام الشمسي. . . )، والموسيقى ( إبتكار الآلة الأحادية الوتر )، وتنظيم المدينة الكاملة ( البنية الإجتماعية. . . )، وفي الفلسفة بوضعه الطريقة التي تجعل منا مثله " أحباءً للحكمة ".


لقد جعلنا بيثاغور مدركين هدفنا في الحياة، محدداً لنا نهايتنا في أن نصبح أخيراً كالله!
وإن عقيدة وفلسفة المعلم ما زالت حية لغاية يومنا هذا. . .
وسوف لن تموت أبداً.






























يوجد هناك رجال وآلهة وكائنات كبيثاغور.
( البيثاغوريون )
























الحواشي

الفصل الأول:
1- قيل بأن منيساركوس والد بيثاغور هو تاجر من ساموس التي هي جزيرة في البحر الإيجي حيث كانت آنذاك مركزاً مهماً للتجارة الفينيقية. وإسم ساموس ربما كان مشتقاً من الكلمة الكنعانية – الفينيقية " شاموش " ( أي الشماش : الشمس). بالإضافة إلى ذلك وفي السياق نفسه، فإن الحضارة الإيجية التي هي أساس الحضارة اليونانية كانت في الأصل منبثقة من الحضارة الكنعانية – الفنيقية بحسب ما قاله العديد من المؤرخين.
وإزاء لكل ذلك، نجد بأن جذور منيساركوس في الأصل هي كنعانية – فينيقية.
أما نحن فنظن بأن منيساركوس ولد في صور بالإستناد إلى ما قاله نيانتس Neanthes المصدر الموثوق والقديم الذي أكد ولادة منيساركوس في صور، وبهذا فهو ليس من تيرانيا Thyrhenia كما ظن البعض في محاولة منهم لتشويه الحقيقة.

2- إن الميراكس هو كناية عن حلزونة ( صَدَفة ) بحرية كانت موجودة فقط على الشواطئ الكنعانية – الفينيقية.

3- قيل بأن إسم بريطانيا مشتق من كلمة " بروتاني Prutani "، وإن هذا الإسم أعطي لحضارة الكالتس Celts من قِبَل الرومان. أما نحن فنعتقد بأن الفينيقين هم الذين أعطوا إسم " بر التنك " لبريطانيا التي كانت بالنسبة لهم خزاناً سرياً يستخرجون من مناجمه التنك. وإ
09-07-2005, 03:20 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
رواية صوفية عن حياة الفيلسوف اليوناني ( فيتاغورس ) - بواسطة Georgioss - 09-07-2005, 03:20 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  برنامج حمية السبيل-لوريل ميلين. السلوك السوي - كتاب يلبي رغبة الساعين إلى حياة أفضل ali alik 0 969 01-25-2012, 06:27 AM
آخر رد: ali alik
  رواية عالم صوفي/ عرض للدكتور محمد الرميحي بسام الخوري 1 2,584 06-15-2011, 08:50 AM
آخر رد: بسام الخوري
  رواية اسمها سورية - 40 كاتب ومؤلف في 1585 صفحة ، ملف واحد بحجم 25 ميجا مع الفهرسة ali alik 10 4,843 04-09-2011, 11:21 PM
آخر رد: kafafes
  رواية فنسنت فان جوخ - رائعة ايرفنج ستون في 772 صفحة .. لأول مرة ali alik 2 4,209 12-25-2010, 02:04 PM
آخر رد: kafafes
  مغامرة الكائن الحي _ جويل دو روزناي - و رواية يوم في حياة ايفان - الكسندر سولجينيتسين ali alik 1 1,877 10-26-2010, 04:48 AM
آخر رد: إبراهيم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS