العزيز عوليس،

تأخرنا بالرد عليك علك تعدل، أو أن ترسل رسالة على الخاص تعتذر مني باسم الصداقة التي شرعت بالنشوء بيننا!

قد يكون كلامي لا يعجبك فعلا، وكلامي لا يعجب الكثيرين قطعا، إلا أن ذلك لا يجعلني أستمتع في حوار جاد باللمز من نفسي الكريمة علي، ولا يجعلني أقبل أن تصادر كل آرائي باسم إصابتي بفايروس صريع الحفر.

مه يا عوليس، فقد جعل الله لنا لسانا كما قد جعل لك، وجعل لك عورات كما فد جعل لنا، فاتق الله عز وجل في نفسك، ولا يجعلنك شنآن قوم أن تظلم أحدا.

أما أنني أجعل صدام كعلي فلن أخطئ هذه الخطيئة، وشتان بين الثرى والثريا، شتان بين شمس زاهرة تنفع الناس كل حين، وبين خفافيش ظلام القرن العشرين. ولم يكن تشبيهي أبدا منصبا على قضية خاسرة كصدام.

دعنا من صدام حتى حين، ودعنا نبحث فيما يهم،
ما يهمني أن إخوة لك ولنا، أولهم عدنان وقد تكون منهم أنت، قد جعلوا السنة أتباع سنة معاوية بن أبي سفيان لسبب أن منهم قد خرج من يقتل المصلين الآمنين رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا.
وكان هؤلاء القوم قد خرجوا علينا قبل حين بمطالبات ليبرالية تحررية، تبخرت وغدت أثرا بعد عين وتجسد مكانها لون آخر من ولاية الفقيه التي ليست من الليبرالية بشيء.
ثم قد برزت لنا بارزة تدعو العرب السنة المتبعين لمعاوية بن أبي سفيان من خارج العراق، أن يكفوا أيديهم عن العراق لأن العراق للعراقيين فحسب.
ونادى قوم بفصل الشيعة والسنة في دول منفصلة، وبضرب السنة بالقنابل الذرية للخلاص من الإرهابيين متبعي سنة معاوية.

أردنا من أجل ذلك فك الإرتباط المشبوه بين الليبرالية والطائفية، بإرجاع كل منهما إلى أصله، ولم نجد سيفا يصلح لهذا الفصل سوى ذو الفقار، سيف علي عليه السلام.

بإرجاع الأمر إلى أصله، نجد أول من استحل دم مسلم هم المحلين الذين غزوا مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحاصروا أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه مانعين عنه الماء، وقتلوه بعد أن هتكوا حرمة بيته، وقطعوا أصابع زوجته نائلة.
لذا فإن كل من يستحل دم مسلم بعد هذا التاريخ، إما يقتدي بـ"هدي" أولئك المحلين، الذين لم تأخذهم في الشيخ شفقة ولا رحمة، وقتلوه وهو صائم يقرأ القرآن في وسط أهل بيته.
وكان رأس المقتدين بالمحلين هو أهل حروراء إذ قتلوا عبدالله بن خباب، وآخرهم من يقتلون الآمنين في العراق اليوم.
فإن شئت أن تقيم قبرا لتنسب الجرائم التي تحصل اليوم في العراق إليه، فقبر عثمان الشهيد المظلوم هو الذي ينصب هنا، راجعين إليه كل عمليات استحلال الدماء التي حصلت في التاريخ الإسلامي، بما في ذلك دم علي والحسين عليهما السلام، وقد قال علي في ذلك: ألا إني قد أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

أما عملية التدخل في شأن إقليم من العالم الإسلامي لضبط شؤونه، وتخليصه من طغاته، فقد استن سنتها علي عليه السلام، إذ أرسل جيشا من الحجاز والعراق لقتال قوم لم يبايعوه، ولم يقروا بسلطته عليهم يوما واحدا. فكان كل من يتدخل في العراق لتصويب أوضاعه إنما يقتدي بعلي في ذلك، وكان معاوية هو الرافض لتدخل علي في الشام، بما يجعل كل من يرفض التدخل في شؤون العراق إنما إمامه معاوية.
لا نقر هنا التدخل الدموي، بل نتحدث عن مطلق تدخل، وتبقى استباحة الدماء راجعة إلى دم شهيد يوم الدار أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه.

أما تفكيك العالم الإسلامي لشهوة في النفس، أو لغرض لا يحمد، فهو من تأسيس آل أبي سفيان، وآل مروان. إذ فصلوا الشام مرتين عن جسم العالم الإسلامي ليتخذوه نقطة انطلاق لترسيخ الملكية العضوض. ومن يطالب بفصل السنة عن الشيعة في العراق إنما يقتدي بآل أبي سفيان وآل مروان. ويبقى من يطالب بوحدة الناس هو المقتدي بعلي وآل علي وآل محمد عليهم صلوات الله وسلامه.

أم من ناحية ليبرالية، فنجد أن عليا قد أرغم أناسا على بيعته، وتهدد غيرهم، ولم ينفذوا منه إلا بشق الأنفس. ونجد أنه قد أراد الإستيلاء على بلد لم يقر له بخضوع ولا بطاعة، بل كانوا سعداء وحاكمهم، لا يرضون عنه بدلا.
أرغم اتباع علي طلحة والزبير على البيعة كما قالا، وأرغموا عبدالله بن عمر وسعد لولا أن علي قد فك رقابهم من القتل، وأرسل علي إلى الشام يهدد ويتوعد إن لم يبايعوه ويخلعوا حاكمهم الذي هم به راضون، ويرسلوه مخفورا إليه.

فاختاروا لأنفسكم، إما ليبرالية تدين علي، أو إسلام يدين من تعاون مع الشيطان ليبتز العراق، ومن تعاون مع الشيطان لا يحق له أبدا أن يدين غيره إن كانوا شياطين.

أما أن تتبدى الليبرالية في وجه، والطائفية في آخر، تستعمل واحدة مع أمريكا والأخرى مع السنة، فهذا ما سنفك عراه ولحمته بسيف علي لا بغيره.

وليس السنة أبدا بأتباع لمعاوية، ولا بجنود لصدام، وهم ليسوا مسؤولين كقوم عن جرائم بعض من تسمى باسمهم، هذا إن صحت نسبة الجرائم إلى من تنسب إليه دون بينة ولا برهان ولا سلطان مبين.


من يريد التشيع السياسي الصريح المعلن فهلم إلينا، وليبرز حجته، ولعلنا نميل إلى قوله جميعنا، أما تبطين الأمر بغيره فلا يحمد ولا يقبل.