أهم أسباب كونك إنسانا مميزا بقاموسي, هو أنك تحسن القفز الى المناطق التي تبتهج لها روحي, و الفن شيء هوَسي بالنسبة, موسيقا أو رسم أو تمثيل أو أدب. اللوحات الجديدة مثيرة, تعكس بعدا كلاسيكيا إيرانيا للرّسام, و مازالت صورة المرأة العجوز تفرض ذاتها بلونها الأصفر الخانع, شيء ممتزج بين التعابير الواجمة الهادئة و اللون الأصفر الذي يعطيها ذاك الصمت الأشبه بحالة إلتقاط للإنفاس بعد الجري ببستان واسع.
ليس من العجب أن تنتج البيئة الدينية المحافظة - بشكلها الواقعي العقلاني - مدرسة فنية كلاسيكية تتعامل مع الحياة بشفافية فنية تنعكس بلوحات رمزية أو لوحات تشكيلة متداخلة بحرفية إبداعية للتصوير. روعة التشكيلي أنه ضربة تحرير للون, الذي كان قبلا - بالعصر البرجوازي - حكراً على الملوك و المشهورين, بينما أتى الفن التشكيلي ليعلن تعظيم اللون لذاته لا للصورة المرسومة لعظيم أو مشهور. أتى الفن التشكيلي ليعكس شاعرية اللون و يتحول لمرآة مباشرة لما يعترك بنفس الفنان من مشاعر, أنه شيء كأوتار الغيتار أو أصابع البيانو أو .... شفرة القلم.
الموسيقا الإيرانية الكلاسيكية الجديدة لا تصدق, و هي تمزج لمسة أوربية مع الكثير من الألحان الشرقية, و هذه جزئية بسيطة من الطفرة الإجتماعية الهائلة التي حققتها إيران بعد 25 سنة من إنتصار ثورتها. مدهش كيف نمّت الحكومة الثورية مواهب الشسباب و كل موهبة, حتى صارت السينما الإيرانية تنافس هوليود و صارت الموسيقا الإيرانية و الفن و الشعر و المصانع قوى رائعة بالمنطقة.
بلوحة "سيرة ذاتية" أحتار بين واقعية اللوحة و رمزيتها, و الرداء الأصفر شغل تفكيري كثيرا, إذ لم أجد وجهة وصلٍ بينها و بين الرجل, إلا أنني أعتقد أن الرسام يرمز لذاته كشخص يسير من الظلال (كما لاحظت بالجانب الأيمن من اللوحة) إلى العظمة الفنية و الإزدهار حيث الكرسي العملاق لرجل يجلس جلسة ملكية, إنما مغطى وجعع و معالمه بذاك اللون الأصفر الذي يبدو أنه رمز الجمالية و الشاعرية عنده.