تحياتي للجميع
الزميل محمد الطنطاوي كتب
اقتباس:عزيزي كمبيوترجي : نحن لا نفسر بهوانا ، فتفسير القران توقيفي ، بمعني ان يتوقف علي كلام الرسول والصحابة ، ولايحق لنا ان نتبني احد التفسيرات لانه يخرج النص من المأزق .
أنا لا أتفق معك هنا يا عزيزي، فالتفسير لآيات القرآن الكريم ما هو إلا اجتهاد من أولي العلم، و لا يجوز لكل من هب و دب أن يفسر القرآن إذا لم تتفق فيه الشروط التي تؤهله لتفسيره.
الآن الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام لم يفسر القرآن الكريم لسبب، هل تدرون ما هو؟
لو أن الرسول صلى الله عليه و سلم فسّر القرآن الكريم لكان تفسيره ملزما لنا (لأنه لا ينطق عن الهوى) و بالتالي لكان كل تفسير آخر خاطئا و لن يجوز أصلا لأي كان أن يفسر القرآن....
و لكن عندما امتنع الرسول عن تفسير القرآن فتح لنا بذلك باب الاجتهاد في التفسير بناء على معطيات الزمان و المكان، و الأفكار السائدة عند البشر فتجد مثلا من كان متأثرا بنظرية الإغريق القدماء كأرسطو بأن الأرض هي مركز الكون تراه فسر آية معينة بحيث تطابق ذلك الاعتقاد السائد و قال بإعجاز القرآن العلمي بناء على ذلك، و لكن ذلك التفسير بطل ببطول ادعاء أرسطو و خطئه. فتخيل أن الرسول فسر تلك الآية بأن الأرض مسطحة؟ لصدقتم و لكان محمد مجرد مدع آخر...
أما بالنسبة للتفاسير و تنوعها فهذا يعزى إلى التنوع الفكري و الحضاري و العلمي لمن اجتهدوا في وضع التفاسير، فأخطأ بعضهم و أصاب البعض الآخر، و هذا يعزى بدوره إلى روح العصر الذي تأثر به المفسر و ما له من تأثيرات فلسفية و اجتماعية و علمية على طريقة التفكير و الربط المنطقي عند المفكر و المفسر.... وبالتالي فإن لكل من توافرت لديه شروط معينة تؤهله للاجتهاد في تفسير القرآن لديه الأحقية في الاجتهاد و قد يصيب أو يخطئ و خطئه لا يدل على أن القرآن أو الإسلام خاطئ...
الآن نأتي إلى الأبيات التي وضعتها:
لو افترضنا أن هذه الأبيات جاءت كآيات في القرآن، لنقل مثلا الآيات 25، 26، 27 من سورة القارب (لننسبها إلى كتاب البرميل للنبي نيوترال) لكان تفسيركم كالآتي:
((سقط الثقيل من السفينة في الدجى، فبكى عليه رفاقه و ترحموا))
"يعني أن رجلا سمينا سقط من على قارب داخل الليل، يا لهوي ما هذا القرآن كيف الواحد بيوقع داخل الليل فالكل يعرف و أولهم المسلمون أن الليل ما هو إلا تعبير عن الظلمة!!!!"
ثم تنطلقون إلى البيت .... عفوا الآية التي تليها:
((حتى إذا طلع الصباح أتت به نحو السفينة موجة تتقدم))
""هنا القرآن يدعي أن المج في البحر له أيدي و أنه حمل ذلك الرجل السمين و أعاده إلى السفينة، (و ينط واحد من إياهم وقول (هههههههههههههههه بقى دا كلام يا عبد السلام؟)"
فنأتي إلى الآية الثالثة و فيها يدعي المسلمون قمة الإعجاز:
((قالت خذوه كما أتاني سالما لم أبتلعه لأنه لا يهضم))
"هنا القرآن يدعي أن البحر لديه معدة و هو يأكل و يقتات و لكنه خاف على نفسه من الكوليسترول اللي في الرجل السمين"
صدقوني إن أقسمت لكم بكل ما هو غالي أنه لو كانت هذه الأبيات آيات من القرآن لكنتم فسرتموها كما فسرتها أنا في هذا المثال لا بل ألعن!!!
من أراد أن يعرف تفسير هذه الأبيات فليتعلم اللغة العربية.
الآن نأتي إلى موضوع البحث هنا ألا وهو الآية الكريمة:
((حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ))
برأيي حتى تكتمل الصورة لدينا آثرت أن أربطها بما قبلها من آيات و نبدأ:
((وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا)) 83
هذه الآية واضحة و قصتها معروفة بمعنى أنه طلب من النبي أن يقص قصة ذي القرنين.
((إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا)) 84
"إنا مكنّا" أي أعطيناه الملك و القوة بإرادتنا، "وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا" أي يسرنا له طرقا إلى كل شيء، و الطريق هنا يكون معنويا أو ماديا فقد يكون طريقا إلى العلم و الحكمة أو طريقا إلى مكان ينول فيه علما أو حكمة و ما إلى ذلك مما يزيد قوته و تمكينه بإذن الله تعالى.
((فَأَتْبَعَ سَبَبًا)) 85
أي أنه سلك طريقامعينا، الآن قد تسأل هل الطريق معنوي أم مادي؟ نقول الجواب تجده في التسلسل القصصي للآيات مما بعد هذه الآية.
((حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا)) 86
"
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ" أي جهة الغرب الجغرافي (و هو هنا يكون قد سلك طريقا ماديا أي دربا)، أي أنه سار فاتحا حتى وصل إلى حدود مملكته الغربية، الآن كيف تحددت هذه الحدود الغربية نأتي إليها بالجزء التالي من الآية.
"
وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ"
هنا هذا الكلام يأتي من وجهة نظر الرائي لغروب الشمس، يعني قد تكون جالسا على شط البحر عند غروب الشمس و تيجي حبيبتك فتضمها و تقول "شايفة يا حبيبتي الشمس ازاي بتغرب في البحر!!! أنا قلبي بيغرق فيكي زي الشمس ما بتغرق في المية بالزبط" فلو كانت حبيبته للشب مثلكم بتاخذ الحروف لا المضامين كان شالته ستين كف على خد واحد غدر و قالتله "إنت بتقول إيه يا متخلف؟!!! إيه شمس و بتغطس في المية؟ إيه الكلام داه؟ إنت ما بتعرفش إنه الشمس هي عبارة عن نجم ضخم و الأرض بتدور حواليه؟ -ضيف كم نظرية من نظريات آينشتاين و كم حكمة من حكم زرادشت- و في الآخر تفوووووووووووووووووووه مع قلمين و تروح"
هنا نحن نقف نفس موقف الشاب الشاعري، فالرواية هنا أنه ذي القرنين وجد (أي ترائى) له أن الشمس تغرب في عين حمئة و هي ليست كذلك في الحقيقة و لكنه الوصف للموقف...
و العين الحمئة هي السبخة أو المستنقع كما يقال و هذا يعني أن ذي القرنين وصل إلى الحدود الاستراتيجية الغربية لمملكته....
بالمحصلة الشب وصل إلى الغرب...
أعتذر على الإطالة و أرجو أن أكون قد أفدت و من لديه اعتراض أو استفسار فليتفضل :saint:
تحياتي الوردية (f)