سورية: الجيش "ينهي عملية عسكرية واسعة" في جسر الشغور
آخر تحديث: الأحد، 12 يونيو/ حزيران، 2011، 16:22 GMT
أنهى الجيش السوري عملية عسكرية واسعة في مدينة جسر الشغور حيث انتشرت الدبابات والمدرعات العسكرية داخل المدينة في ظل غياب شبه تام للسكان الذين لزموا منازلهم او فروا عبر الحدود الى تركيا المجاورة.
ونقل مراسل بي بي سي الذي كان يرافق القطعات السورية عن مصدر عسكري سوري قوله إن العديد من المسلحين "انتقلوا إلى الجبال المحيطة" وأنهم "يقومون بعمليات قنص ضد الجيش،" بينما لا تزال الحواجز تنتشر في محيط جسر الشغور رغم دخول القوات العسكرية إليها.
ولوحظ وجود آثار معارك على مباني المؤسسات العامة والخاصة والمصارف داخل المدينة.
وأضاف المصدر العسكري السوري أن العملية بدأت صباح اليوم و"تم اعتقال العديد من الاشخاص الذين هم في الاساس من محافظات مختلفة وليس من جسر الشغور فقط."
وأضاف المصدر ان "القوات السورية لم تتمركز على الحدود مع تركيا لكنها أقامت حواجز امنية قرب المنطقة."
كما لوحظ احتراق العديد من حقول القمح في المناطق المحيطة لجسر الشغور.
وأضاف المصدر أن "اشتباكات متقطعة لا تزال مستمرة بين فرق الجيش والمسلحين،" وكشف أن مجموعات مسلحة انتقلت إلى معرة النعمان وأنه "سيتم التعامل معها عسكريا،" متوقعا انتهاء العمليات خلال يومين.
وأشار التلفزيون الحكومي السوري في وقت لاحق الى العثور على مقبرة جماعية تضم رفات اثنين وثمانين من عناصر الامن الذين قتلوا خلال التظاهرات.
وكانت قوات الجيش السوري قد بدأت فجر الأحد دخول مدينة جسر الشغور الشمالية الغربية القريبة من الحدود التركية، والواقعة على الطريق بين مدينة حلب ثاني اكبر مدن سوريا وميناء اللاذقية الرئيسي.
ودارت اشتباكات عنيفة داخل المدينة، ونقلت مصادر عسكرية سورية أن الجيش سيطر على المشفى الوطني في المدينة كما صادر كميات من الأسلحة. ونقل مصدر رسمي سوري أن أكثر من ثلاثة قتلى سقطوا نتيجة هذه الاشتباكات حتى الآن.
وقال شهود إنهم سمعوا اصوات اطلاق نار كثيف وشاهدوا عدة دور وقد اشتعلت فيها النيران بينما تواصل قوات الجيش تقدمها عقب قصف مدفعي للبلدة دام 24 ساعة.
وكان اللواء رياض حداد مدير الادارة السياسية في الجيش السوري قد قال في تصريح خاص لبي بي سي إن العمليات العسكرية في منطقة جسر الشغور ومعرة النعمان قد تطول لعدة أيام، حسب تعبيره، مشيرا الى ان المسلحين الذين كانوا في مدينة جسر الشغور قد توجهوا في عدة اتجاهات، الجزء الاكبر منهم غادر الى تركيا بينما توجه قسم آخر الى منطقة قنينص قرب اللاذقية، فيما توجهت المجموعات الأكثر خطورة الى
مدينة معرة النعمان التي قال اللواء حداد انها اصبحت خارج سيطرة الحكومة السورية بالكامل، مشيرا الى امكانية حدوث معركة "قد تكون قاسية" في المدينة.
وتقول الحكومة السورية إنها تحاول اعادة الامن والنظام الى البلدة بعد مقتل 120 من رجال الامن فيها في الايام الماضية "بأيدي مسلحين،" ولكن سكان البلدة يصرون على ان هؤلاء قتلوا نتيجة تمرد وقع داخل قوات الامن.
وقد ادى تقدم القوات الحكومية الى فرار اعداد اخرى من سكان البلدة صوب الحدود التركية، لينضموا الى اكثر من 4000 كانوا قد فروا في الايام القليلة الماضية.
فقد قالت وكالة الاناضول التركية للانباء إن حوالي 400 لاجئا سوريا جديدا عبروا الحدود الى تركيا ليلة السبت، وبذا ارتفع العدد الكلي للسوريين الذين التجأوا الى تركيا الى اكثر من 5000.
ويقيم اللاجئون الآن في مخيمين اقامتهما السلطات التركية في هاتاي. وتشرع السلطات التركية باقامة مخيمين آخرين بامكانهما استيعاب 9000 لاجيء.
وقالت مصادر محلية تركية إن حوالي 60 من اللاجئين المصابين قد ادخلوا المستشفى، مضيفة ان السلطات التركية قد اقامت مستشفى ميداني في اكبر المعسكرات، وهو معسكر ياغلادادي.
وكان خالد شفيق، احد مسؤولي وزارة الخارجية التركية، قد قال للصحفيين اثناء جولة قام بها في المخيمات إن "انقره تبذل كل ما لديها من جهد لاستقبال اللاجئين."
اتهام
واتهمت واشنطن حكومة دمشق بالتسبب في أزمة إنسانية وطالبتها بوقف العمليات العسكرية والسماح فورا بدخول الصليب الاحمر، وقال البيت الابيض ان "الهجوم الذي تشنه الحكومة السورية في شمال سوريا تسبب بازمة انسانية".
وطالب البيت الابيض في بيان له الحكومة السورية بإيقاف العمليات العسكرية وحملات الدهم على المدنيين قائلا ان "الولايات المتحدة تدعو الحكومة السورية الى وقف هذا العنف والسماح للجنة الدولية للصليب الاحمر بالوصول فورا وبدون قيود الى تلك المنطقة،" مشيرا الى انه "لا عذر للقادة السوريين في تجاهلهم (السماح) للمساعدة الانسانية من منظمات محايدة مثل الصليب الاحمر". واضاف بيان البيت الابيض "اذا فشل القادة السوريون في تقديم هذا المدخل، فانهم يظهرون مرة اخرى إزدراءهم كرامة الشعب السوري".
ويقول الجيش التركي انه يقيم معسكرا جديدا قرب الحدود لايواء اللاجئين السوريين.
ويقول مراسل لبي بي سي في المنطقة ان السكان الاتراك المحليين يرحبون بجيرانهم السوريين لكنهم يخشون انهم لو بقوا في تركيا فسيشغلون الوظائف المتاحة مقللين فرص العمل للاتراك.
في الوقت نفسه، ادانت الامم المتحدة بشدة ما وصفته باستخدام الحكومة السورية للعنف الوحشي، حيث اعرب امينها العام بان كي مون عن "حزنه وقلقه العميقين" بشأن الاوضاع في سوريا.
وقال بان على هامش زيارة له لكولومبيا "
اشعر بحزن شديد ازاء مقتل هذا الكم من الناس،" ووصف استخدام السلطات السورية للقوة العسكرية ضد شعبها بأنه "
امر غير مقبول" مؤكدا ان "من واجب" الحكومة السورية حماية شعبها.
قصف
ويقول ناشطون وسكان محليون إن
قطعات الجيش السوري قصفت جسر الشغور لمدة 24 ساعة قبل ان تبدأ تقدمها نحو البلدة، ونقلت وكالة رويترز عن احد سكان البلدة قوله إن "الدبابات تتقدم من اتجاه الجنوب بعد ان عرضت المنطقة الى قصف مدفعي عشوائي ورشقات من الاسلحة الرشاشة."
وتشير بعض التقارير الى ان شقيق الرئيس السوري ماهر الاسد هو الذي يقود القوة المهاجمة.
ويقول مراسل بي بي سي جيم ميور من بيروت إن ثمة تقارير عن
وجود اعداد من "الشبيحة" في صفوف القطعات التي تهاجم جسر الشغور. ويضيف مراسلنا انه لم يتضح بعد حجم المقاومة التي يواجهها الجيش اثناء تقدمه، خصوصا وان معظم سكان البلدة قد فروا منها.
ونقلت رويترز عن احد الفارين قوله: "لم يتبق الا عدد قليل. لقد هربت على دراجتي البخارية من خلال الطرق الجبلية الوعرة."
يذكر ان السلطات السورية تمنع معظم الصحفيين الاجانب من دخول البلاد، مما يجعل من العسير التأكد من صحة الروايات الواردة من المدن والبلدات السورية المختلفة.
واعلن الاعلام السوري الرسمي ان السلطات اعتقلت "مجموعتين قياديتين لجماعات مسلحة" وقتلت او اصابت آخرين - اثناء محاولتهم الهرب الى تركيا حسب احدى الروايات.
وكان شهود قد قالوا يوم السبت إن القوات الحكومية هدمت عددا من المساكن واحرقت المحاصيل في الحقول.
كما وردت تقارير تتحدث عن تواصل اعمال العنف في بلدة معرة النعمان المجاورة، حيث هاجم مسلحون المباني الحكومية ومستودع للوقود.
في غضون ذلك، تتحدث تقارير لم يسع التأكد من صحتها عن استمرار هروب العسكريين وتحولهم الى صفوف المحتجين على نظام حكم الرئيس بشار الاسد، إذ قالت احدث هذه التقارير إن ضابطا وخمسين جنديا آثروا الانتقال الى صفوف المحتجين عوضا عن فتح النار على المدنيين في جسر الشغور.