-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
واجبٌ مدرسي
في الليلِ جلستُ أكتبُ واجباتي المدرسيةَ... أجبتُ عن جميعِ الأسئلةِ، ثم رسمتُ خارطةَ الوطنِ العربيِ.
لَوَّنْتُ السهولَ بالأخضرِ، والبحرَ والأنهارَ بالأزرقِ، والجبالَ والهضابَ بالبُنيّ والأصفرِ... وعندما انتهيتُ،
نظرتُ إلى الخارطةِ نظرةً أخيرةً، فارتسمتْ على شفتيَّ بسمةُ السعادةِ والرضى.
قالَ جدِّي:
ـ هاتِ الورقةَ والقلمَ.
ثم ثَبَّتَ النظارتين السميكتين على مقدِّمةِ أنفِهِ...
بدأ جدي يرسمُ... ملأ الورقةَ خطوطاً متداخلةً. لكنه فجأةً مزَّقَ الورقةَ، ورمى القلمَ، وقال بعصبيةٍ:
ـ القلمُ رديءُ الخطِّ؟!..
قلتُ ضاحكاً:
ـ ما ذنبُ القلمِ يا جدِّي، إذا كنتَ أنتَ لم تتعلمْ في مدرسة؟!..
يا ليت
أنا تلميذةٌ (شاطرة)
تحبُّني المعلِّمةُ... مع أنني لا أسمعُ نصائحها...
تقولُ لنا في الصفِّ دائماً:
"على الإنسان أن يعتمد على نفسهِ...".
وأنا لا أعتمدُ على نفسي... كنتُ أعتمدُ على أُختي (سميرة) في البيتِ، وعلى صديقتي (عائشة) في المدرسةِ...
كلما طلبتْ منا المعلِّمةُ الإجابةَ عن أسئلةِ الواجباتِ المنزليةِ، أمدّ يدي، وأرفعُ إصبعي قبل الجميعِ،
لأقرأ الإجاباتِ من دفتري، فأنالَ إعجابَ المعلِّمةِ، ورضاها، وكثيرا ًما تطلبُ إلى التلميذاتِ أن يصفِّقنَ لـ(الشاطرةِ).
ولكن!!!....
آهِ... كم أنا حزينةٌ هذا اليوم!
نحن الآن في غرفةِ الامتحانِ...
ألْتَفِتُ يميناً ويساراً، فأرى الجميعَ يكتبون... أمّا أنا...
فلم أُجبْ إلاّ عن سؤالٍ واحدٍ!...
تأتي المعلِّمةُ... تقتربُ منّي... تنظرُ إلى ورقةِ إجابتي...تسألني مندهشةً:
ـ مابكِ يا شاطرة!؟!...
أُسندُ رأسي على يدي، وأشعرُ بالندمِ الشديد!...
هاهي (حنان) تُسلِّمُ ورقتَها وتخرجُ...ثم تخرجُ بعدَها (عائشةُ) فـ... (ليلى........).
أقولُ لنفسي: "أينَ أنتِ الآنَ يا سميرةُ؟!".....
أحسستُ برغبةٍ في البكاءِ...!!..
الآن، فهمتُ معنى قولِ المعلِّمةِ:
"ـ على الإنسانِ أن يعتمدَ على نفسهِ"!....
ازدادَ حزني... قلت في نفسي من جديدٍ: ..
"يا ليتني عملتُ بنصائحها... ياليت!!!...".
الكسولان
بعد أن انتهى من اللعب بالكرة، جلسَ والعرقُ يتصبَّبُ من جبينه...
اقتربَ منه صديقُه، وسألَه:
ـ هل نجحتَ؟
ـ لا..
ـ آهِ.. يا صديقي.. لو ذقتَ لذَّةَ النجاحِ. إنَّه يملأ النفسَ سعادةً وفرحاً.
ـ هل نجحتَ ـ أنتَ ـ؟!..
ـ لا.. لم أنجحْ، ولكنّي شاهدتُ جارَتَنا أُمَّ سعيدٍ تزغردُ، وترقصُ، وتغنِّي عندما علمتْ أن سعيداً قد نجحَ...
بيضٌ مسلوق
حملتْ جدَّتي دجاجتها، ونظرتْ إليَّ غاضبةً من غير أن تتكلَّمَ....
ـ لماذا انزعجتْ جدَّتي؟!
ـ هل فعلتُ ما يُغضبُ جدَّتي؟!
تنظرُ إليَّ، وهي تحملُ دجاجتَها، ثم تقولُ غاضبةً:
ـ أنا ذاهبةٌ إلى الطبيب البيطريّ!
ـ عفواً.. جدَّتي... كانتْ غايتي أن ترتاحي. كلُّ ما فعلتُهُ أنني سقيتُ الدجاجة ماءً مغلياً، كي لا تتعبي في سلْقِ البيضِ...
ـ فلماذا أنتِ غاضبة؟!..
العصفورة والبيضة
شاهدتِ التلميذةُ الصغيرةُ عصفورةً صغيرةً، تقفُ على شبَّاكِ غرفةِ الصفِّ.
سألتِ التلميذةُ الصغيرةُ المعلِّمَةَ:
ـ آنسة. من أين أتت العصفورةُ الصغيرة؟
ـ فكرت المعلمة قليلاً، ثم قالت:
ـ مِنَ البيضةِ.
ـ ومِنْ أينَ أتتِ البيضةُ؟..
ـ مِنَ العصفورةِ.
احتارتِ التلميذةُ الصغيرةُ في الأمرِ. وقالتْ:
ـ هذه مسألةُ صعبةٌ الحلِّ. عندما أعودُ إلى البيتِ. سأطلبُ من أمي مساعدتي على حلِّها....
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 05-23-2008, 02:06 AM بواسطة -ليلى-.)
|
|
05-23-2008, 01:59 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
حكاية الجدَّة
عندَ المساءِ ذهبتْ ليلى إلى بيتِ جدَّتِها، لقضاءِ الليلة عندها....
جلستْ ليلى إلى جانبِ جدَّتها، وبيدها قصَّتها الملونة...
حدَّثْتها عن المدرسةِ و المعلماتِ والأطفالِ، وهي سعيدةٌ جدَّاً...
في الليلِ قرأتْ القصَّةَ، ولكنَّ الليلَ مازالَ في بدايتهِ...
شعرتْ ليلى بالفراغِ والمللِ...
ليسَ عندَها (تلفاز) تشاهدُ فيهِ (برامجَ الأطفالِ)...
وليس عند جدَّتِها قطَّةٌ تتسلى معها...
وليس لديها هاتفٌ تحادثُ صديقتَها...
ماذا تفعل؟
نظرتْ ليلى إلى جدَّتها التي تداعبُ سُبحتَها الطويلةَ، وسألتْها:
ـ جدَّتي. كيفَ كنتِ تقضينَ السهرةَ، وأنتِ صغيرةٌ؟
ضحكتْ الجدَّةُ، وقالت:
ـ كانت الليالي مُمتعةً. كنَّا نقرأُ قِصصَ ألفِ ليلةٍ وليلةٍ، وسيرةَ عنترةَ ابنِ شدَّادٍ، والأميرةِ ذاتِ الهمِّةِ، والزيرِ سالم،
وسيفِ بن ذي يزنٍ، ونحكي الحكاياتِ المسليةَ، فلا ننامُ إلاَّ ونحنُ نسمعُ الحكاية...
ـ حسنا يا جدَّتي. احكي لي حكايةً.
ـ سأحكي لكِ حكايةَ قمرِ الزمان، ولكنْ لا تنامي قبلَ أن تنتهي الحكايةُ.
أسندتْ ليلى مِرفقَها إلى رُكْبَةِ جدّتها، ووضعتْ خدَّها على راحةِ كفِّها، ونظرتْ إلى جدَّتها بإمعانٍ، متلهفةً لسماعِ الحكايةِ:
"كان ياما كان... كان في قديم الزمان، وسالف العصرِ والأوان... كان في بلادِ الريحانِ أميرٌ وله بنتٌ جميلةٌ اسمها (قمرُ الزمانِ....).
كان الأميرُ كثيرَ الأسفارِ، وكانتِ البنتُ الصغيرةُ تلازمُ جدّتَها، فتقتربُ منها، ولا تنامُ كل ليلةٍ حتى تسمعَ منها حكايةً...
وما إن تحكي الجدَّةُ الحكايةَ، وتصلُ إلى منتصفِها حتى تغفو قمر الزمان على ركبتها، فتمدُّ الجدَّةُ يدَها إلى شعرِ الصغيرةِ الناعمِ، وتسألُها:
ـ هل نمتِ يا قمر الزمان؟!...
وتغفو (ليلى) وتنتظمُ أنفاسُها، فتمسحُ جدَّتُها على شعرها الناعم. وتُقَبّلُها، ثم تسحبُ ركبتها بهدوءٍ،
وتسندُ رأسَ ليلى إلى الوسادةِ، ثم تغطيِّها، وتُخلُدُ للنومِ بجانِبها.. وهي تتذكَّرُ أيامَ طفولتَها البعيدة.
القلم الحزين
قالَ سميرٌ لأختهِ:
ـ سميرةُ. أرجو أن تعيريني قلمَكِ.
قالتْ سميرةُ:
ـ ولكنّي الآنَ أكتبُ واجباتي... أين قلمُكَ؟
ـ ضاعَ!..
ـ حسناً.. سأعطيكَ قلمي.. عندما أنتهي من الكتابة.
ـ ولكنْ لديَّ واجباتٌ كثيرةٌ. هاتي القلمَ!..
ـ لن أعطيَهُ قبلَ أن أنتهيَ من كتابةِ واجباتي.
ـ سآخذُهُ!!...
أمسكتْ سميرةُ القلمَ جيِّداً ، لكنَّ سميراً. أمسكَ به أيضاً. وشدَّهُ من يدها بقوّةٍ.
شدَّتْ سميرةُ، وشدَّ سميرٌ...
عندئذٍ تألَّمَ القلمُ، وحزنَ كثيراً، وانكسرَ!!!
أسئلة
سألتِ المعلِّمةُ ليلى:
ـ هل تحبينَ الوردَ؟
ردَّتْ ليلى:
ـ أحبُّ الوردَ، لكنِّي أحبُّ سنابلَ القمحِ أكثرَ.
ـ وهل تحبينَ مشاهدةَ "التلفازِ"؟
ـ أحبُّ مشاهدةَ "التلفاز" ولكنِّي أحبُّ المدرسةَ أكثرَ.
ـ هل تحبينَ زيارةَ الأصدقاءِ؟
ـ أحبُّ زيارةَ الأصدقاءِ، لكنّي أحبُّ المطالعةَ أكثرَ.
ـ وهل تحبينَ المعلِّمةَ؟
صمتتْ ليلى، ولم تردَّ...
سأَلَتَهَا المعلِّمَةُ :
ـ ألا تحبينَ المعلِّمةَ؟
ـ أحبُّها كثيراً..
ـ ولكنْ . ألا تحبينَ أُمَّكِ أكثرَ؟
فضحكتْ ليلى، وقالت:
ـ أحبُّها مثلَ أمي، لأنها أمي الثانية.
ليلى والمرآة
شعرتْ ليلى بالحزن، لأنها بقيتْ وحيدةً في المنزل. تلفتتْ حولها. شاهدت طفلةً في المرآة. حسبتْ أنها تناديها:
ـ تعاليْ يا صديقتي. أنا أعلمُ أن أمِّكِ ذهبتْ لزيارة جارتِها المريضةِ..
ـ ماذا تريدينِ؟
ـ نتسلَّى معاً. ونقضي وقتاً ممتعاً.
ـ كيف؟!...
ـ انظري إليَّ جيِّداً.. تريْ طفلةً جميلةً مثلكِ. لها وجهٌ نظيفٌ، وشعرٌ جميلٌ، تزّينهُ شريطةٌ بيضاءُ.
نظرتْ ليلى، فأعجبتْها صورتُها..
قالت المرآةِ:
ـ مدّي لسانَكِ..
مَدّتْ ليلى لسانَها، فشعرتْ بالخجلِ.
ـ إذا كنتِ تخجلينَ من مدِّ اللسانِ، فأدخلي أصابعَكِ بين شعرِكِ، والعبي به.
أدخلتْ أصابعَها بين شعرِها، ولعبتْ به. لكنَّها شعرتْ بخجلٍ أشدَّ، لأنها تذكرتْ منظرَ الطفلةِ التي تلعبُ في الشارعِ،
وشعرُها مشعَّثٌ، والذبابُ يحطُّ على عينها لذلك أسرعتْ إلى مشطها، وبدأت تُسرّحُ شعرَها، ثم جَدَلتْ منه ضفيرتين جميلتين.
ـ حسناً. عدتِ جميلةً.. والآنَ. ضعي إصبعكِ على جانبِ رأسكِ. وتذكري من يفعلُ ذلك.
وضعتْ ليلى إصبعها على جانبِ رأسها، ثم قالت: وهي تشعرُ بالسعادة:
ـ هكذا تجلسُ المعلِّمةُ عندما تفكر.
ـ حسناً. والآن حَرَّكي رأسَكِ، ودعيهِ يتمايلُ.
حرَّكَتْ ليلى رأسَها، فتراقصتِ الضفيرتان على جانبيهِ، ثم حانتْ منها التفاتةٌ إلى وجهها. فوجدَتْهُ لا يزال حزيناً.
سألتْ:
ـ لماذا تبدو البنتُ في المرآةِ حزينةً؟!...
ـ لأنكِ لم تضحكي!..
ضحكتْ ليلى فضحكتِ البنتُ، لكنَّها عندما شاهدَتْ أسنانَها، أسرعتْ إلى المعجونِ والفرشاةِ، ونظَّفتها.
ـ أحسنتِ يا صديقتي، والآن ابتسمي من جديدٍ.
ابتسمتْ ليلى، فابتسمتْ البنتُ الجميلةُ في المرآةِ.
عندئذٍّ قرّبتْ وجهَهَا منها، وقبَّلتها. لكنَّ البنتَ الجميلةَ قد تغيَّرَ وجهُها، وظهرتْ عليه غِشاوة.
سألتْ.
ـ لماذا ظهرتِ الغِشاوةُ على وجهِ البنتِ الجميلِ؟
ـ لأنَّ المرآةَ يا صديقتي، لا تحبُّ أن يمسَّها أحدٌ.
ـ أنا آسفة.
أحضرتْ ليلى منديلاً ورقياً، ومَسَحَتِ المرآةَ، ثم عادتْ تلعبُ معها ألعاباً مسلّيةً، وقد غمرها الفرح.
أزهارٌ لمعلمِّتي
في يومٍ من أيامِ الربيعِ، وقفتْ ليلى أمامَ بابِ المنزلِ المطلِّ على حقولِ القريةِ ومروجِها الزاهيةِ.
كانتْ الشمسُ ترسلُ أشعَّتَها الذهبيَّةَ، والنسماتُ الهادئةُ تداعبُ شعرَها الحريريَّ.
كانت ليلى حزينةً...
تمنَّتْ لو أنَّها تشعرُ الآن بالسعادة، ويذهبُ عنها الحزنُ.
عادتْ إلى البيتِ واستأذنتْ أُمَّها في الخروجِ، لكنَّ أُمَّها قالتْ:
ـ الشمسُ ستغيبُ بعد ساعةٍ!!
ـ أعلمُ ذلك، ولن أبتعدَ كثيراً، لأعودَ قبلَ غيابِ الشمسِ.
خرجتْ ليلى إلى المرجِ القريبِ، وأخذتْ تجمعُ بعضَ الأزهارِ. كانتْ تقولُ:
ـ هذهِ أزهارُ البابونجِ والأقحوانِ، وتلك شقائقُ النعمانِ الحمرُ...وهناك أزهارُ الليلكِ، والزنبقِ البرِّيّ، والبنفسجِ...
يا ألله ما أجملها!!..
بينما كانتْ ليلى تنتقلُ من زهرةٍ إلى زهرةٍ، لمحتْ رجلاً جالساً فوقَ العشبِ الأخضرِ، وبين يديهِ قلمٌ وأوراقٌ...
فوقفتْ تتأمَّلُ المنظر!...
حدَّثتْ ليلى نفسَها:
"المطالعةُ ممتعةٌ وسطَ هذه الطبيعةِ الساحرةِ!..
انتبه الرجلُ إلى ليلى. فالتفتَ إليها وابتسمَ ثم سألها:
ـ ماذا تفعلينَ هنا يا صغيرتي؟..
اقتربتْ ليلى من الرجلِ، ووقفتْ صامتةً.
ـ ما اسمُك أيتها الصغيرةُ؟
ـ ليلى.
ـ وماذا تفعلين؟
ـ أجمعُ باقةَ أزهارٍ.
ـ هل تحبينَ الأزهارَ.؟
ـ أُحبُّها كثيراً.
ـ لماذا؟
ارتاحت ليلى لهذا الرجل الذي تشاهدُهُ دائماً في طرقاتِ القريةِ يحمل بيدهِ كتاباً. فقالت:
ـ الأزهارُ جميلةُ المنظرِ. زكيَّةُ الرائحةِ، إنها زينةُ الطبيعةِ.
أُعجبَ الرجلُ بإجابةِ ليلى، فأخذَ يتأمَّلُها.
سألتْ ليلى :
ـ هل تجلسُ هنا دائماً؟
ردَّ الرجلُ مبتسماً:
ـ أجلْ. أليسَ منظرُ الطبيعةِ رائعاً؟
ـ وماذا تكتبُ؟
ـ أكتبُ قصيدةً.
دخلَ نفسَها شيءٌ من السعادةِ. قالتْ:
ـ إذنْ أنتَ شاعرٌ!!..
ـ صحيحٌ يا صغيرتي... هل تحبيّنَ الشعرَ؟
ـ أحفظُ جميعَ الأناشيدِ التي تعلَّمْتُها في المدرسةِ.
تمنَّتْ ليلى أن يقرأَ لها شعراً مما يكتبُ، فهي تحبُّ الشعرَ كثيراً كما تحبُّ الأزهارَ والعصافيرَ والسهولَ...
تمنَّتْ أن تسمعَ منه بعضَ قصائِدِه، ولكنَّها تذكَّرتْ أنَّ الشمسَ ستغيبُ بعد قليلٍ، وقد وعدتْ أُمَّها أن تعودَ دون تأخيرٍ..
شاهدتْ ليلى زهرةَ أقحوانٍ صفراءَ، فمدّتْ يدَها وقطفتها لتضمّها إلى الباقة في يدِها.
ـ أنتِ تقطفينِ الأزهارَ لتزيِّني بها غرفتَكِ، أليس كذلكِ؟
ـ صمتتْ ليلى، ثم سارتْ بضعَ خطواتٍ مبتعدةً عنه.
نهضَ الشاعرُ، واقتربَ منها:
ـ هل ستعودينَ إلى البيت؟...
ـ أجلْ.
ـ وهل ترغبين في أن أسيرَ معكِ حتى بابِ منزلِكم؟
ـ أشكُرُكَ. منزلُنا قريبٌ. إنه على بعد خطواتٍ من هنا.
سألها, وهو يسيرُ إلى جانبها مثل أبٍ عطوفٍ:
ـ هل ستضعين زهرةً على شعركِ عندما تذهبين إلى المدرسة صباحاً؟
صمتتْ ليلى ثانيةً، وعادَ الحزنُ إليها من جديدٍ.
ـ هل أنتِ حزينةٌ يا صديقتي. أرجو أن تخبريني، فأنا شاعرٌ أحبُّ الأطفالَ والفراشاتِ والربيعَ والحقول َوالوطنَ،
وأحبُّ أن أرى البسمةَ على شفاه الصغارِ.
نظرتْ ليلى إليه، ثم قالت:
ـ سأقدِّمُ الأزهارَ التي جمعتُها إلى معلِّمتي المريضةِ.
فكَّرَ الشاعرُ في كلامِ ليلى، ثم ابتسَمَ، وسألها:
ـ هل تحبينَ المعلِّمةَ أيضاً، كما تحبينَ الأزهارَ؟
كانت ليلى قد صارتْ أمام المنزلِ، فابتسمتْ مودِّعةً الشاعرَ، ثم قالتْ:
ـ إنها أُمِّي الثانية.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 05-24-2008, 12:12 AM بواسطة -ليلى-.)
|
|
05-24-2008, 12:10 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
البنت والذبابة
يُحكى أن بنتاً صغيرةً كانتْ تعملُ في بيتِ القاضي، تنظِّفُ الأرضَ وتطهو الطعامَ،
وعندما انتهتْ ذاتَ يومٍ من عملها أعطاها القاضي ليرةً، ومع أن الأجرَ كان قليلاً، فقد أخذتْها وانصرفتْ.
في المنزلِ، قالتْ البنتُ لأُمِّها:
ـ القاضي أعطاني ليرةً.
قالتِ الأمُّ:
ـ تستحقينَ أكثرَ من ذلك.
قالتِ البنتُ:
ـ ولكنِّي ذهبتُ إلى الدكانِ واشتريتُ دبساً.
ـ حسناً فعلتِ.
ـ وقد وضعتُ إناءَ الدبسِ في الشبَّاكِ.
ـ بنتٌ مدبرةٌ.
ـ وقد غطيّتُ الدبسَ بالغربالِ حتى لا تأكلُهُ الذبابةُ.
ـ خيراً صنعتِ.
نامتِ البنتُ تلك الليلةَ نوماً هنيئاً، وفي الصباحِ نهضتْ وغسلتْ وجهَهَا ويدها،
وجلستْ جانبَ الجدارِ تستمتعُ بأشعَّةِ الشمسِ. لكنَّها بعد ساعةٍ أحسّتْ بالجوعِ. فنادتْ أُمَّها وقالتْ:
ـ أنا جائعةٌ يا أُمي. سأحضرُ الخبزَ والدبسَ لنتناولَ الفطورَ.
مضتِ البنتُ إلى الشبَّاكِ، ورفعتْ الغربالَ عن الوعاءِ فوجدتِ الذبابةَ قد دخلتْ من ثقب الغربالِ، وأكلتِ الدبسَ.
فحزنتْ وقالتْ لأُمها:
ـ الذبابةُ أكلتِ الدبسَ!..
قالت الأمُّ:
ـ ظالمةٌ معتديةٌ.
ـ سأذهبُ وأشكوها إلى القاضي.
ـ حقَّكِ تطلبين.
وانطلقتِ البنتُ إلى المحكمةِ وقالتْ للقاضي:
ـ أنتَ تعلمُ أنني بنتٌ صغيرةٌ.
قالَ القاضي:
ـ ستكبرين.
ـ وأسكنُ مع أُمي بيتاً من طينٍ.
ـ أنتِ وأُمكِ بالقليلِ تقنعينِ.
ـ واشتريتُ بليرةٍ دبساً للفطورِ...
ـ حلواً تأكلين.
ـ ثم وضعتُهُ في إناءٍ ووضعتُ الإناءَ في الشباك وغطيتُهُ بالغربالِ.
ـ نِعْمَ ما تدبّرينِ.
ـ في الصباحِ أحسستُ بالجوعِ.
ـ دبساً تُحضرين.
ـ لكنني وجدتُ الذبابةَ قد التهمتِ الدبسَ.
ـ معتديةٌ وظالمةٌ تأكلُ حقَّ الآخرين.
ـ لذلكِ جئتُ أطلبُ إنزالَ العقابَ بالذباب.
فكَّرَ القاضي طويلاً... إنها مسألةٌ صعبةٌ... ثم أمسك القلمَ وأخذ ينظرُ في الأوراقِ، وبعد فترةٍ من التفكيرِ قالَ:
ـ يا بنتُ يا صغيرةُ.
ـ أجلْ يا قاضيَ البلدِ.
ـ إنْ رأيتِ ذبابةً فاقتليها.
انزعجتِ البنتُ من هذا الحكمِ الذي لا يؤذي الذبابةَ ولا يُرجع لها الحلاوةَ، فظلّتْ واقفةً أمامَ القاضي.
تنظرُ إلى ملامحهِ الجادَّةِ الجامدةِ،
فرأتْ ذبابةً تحطُّ على أَنفهِ من دون أن يتحرَّك... عندئذٍ قرَّرتْ تنفيذَ الحكمِ في الحالِ، فأمسكتْ منديلها وضربتْ به الذبابة.
فانتفضَ القاضي مذعوراً، ونَهَرَها قائلاً:
ـ ماذا فعلتِ يا بنتُ يا صغيرة؟!
فردَّتْ مبتسمةً:
ـ نفذتُ حكمَكَ، وقتلتُ الذبابةَ الحقيرةَ!...
مصرع الذئب
جلسَ سيِّدُ الغابةِ في عرينه حزيناً، وأَخَذَ يفكِّرُ في أمرهِ، فقد شعرَ أن قوتَهُ لم تعدْ تساعدُه على الخروجِ والبحثِ عن صيدٍ سمينٍ يأكلُهُ،
بعد أن صارَ كبيراً طاعناً في السنِّ.فكَّرَ ملياً في أمره. وخافَ أن تعلم حيواناتُ الغابةِ بذلك، فيفقد سيطرته عليها،
لذلك قرَّرَ استدعاءَ الذئبِ لمشاورتِهِ وأخْذِ رأيِهِ في الموضوعِ.
قَدِمَ الذئبُ إلى عرينِ الأسدِ، وجلس بين يديه، فلمحَ علاماتِ الأسى والحزنِ ترتسمُ على وجههِ الشاحبِ، فقال:
ـ مالي أرى سيِّدَ الغابةِ واجماً حزيناً؟
ـ قال الأسد:
ـ اسمعْ أيها الذئبُ. لقد أرسلتُ إليك لأتشاورَ معك في أمر مهمٍّ... لقد أصبحتْ حالتي لا تساعدني على المضيِّ في حُكْمِ الغابة.
إنني أشعرُ بالعجز يدبُّ في جسمي.. وأُحبُّ أن أستمعَ إلى نصيحتكِ. فماذا تقولُ؟
فكَّرَ الذئبُ قليلاً ثم قال في سرِّه:
ـ "إنها فرصةٌ ذهبيةٌ ونادرةٌ كي أصبحَ سيِّدَ الغابةِ الحقيقيّ، وأتخلّصَ من جميعِ الحيواناتِ التي لا تحبّني...".
ثم نظرَ إلى سيِّد الغابةِ وقالَ:
ـ لقد كنتَ يا سيّدِي خلالَ مدّةِ حُكمِكَ مثالَ الحاكمِ العادل، ويجبُ أن تستمرَ في بسطِ سيطرتكِ على الغابةِ كلها،
ولكني أخشى أن تعلمَ حيواناتُ الغابةِ حقيقةَ الأمرِ. فما عليكَ إلاَ كتمانَ الموضوعِ.
ارتعدَ الأسدُ لحظةً ثم تماسكَ وقالَ:
ـ أهذا هو رأيُكَ؟
قالَ الذئبُ:
ـ سأكون ساعدَكَ الأَيمنَِ، وسأتدبّرُ كلَّ شيءٍ بنفسي.
ـ وماذا عن الطعامِ أيها الذئبُ؟
ـ سأدعو كل يومٍ أحدَ الحيواناتِ إليكَ، فيدخلُ عرينَكَ وعندئذٍ تجعلُه وجبةَ غداءٍ لك.
ـ حسناً.
أقامَ سيِّدُ الغابةِ في عرينِهِ، وانتظرَ نصيبَهُ من الطعامِ، بينما انطلقَ الذئبُ إلى الغابةِ يبحثُ عن حيواناتِها...
فشاهدَ ابن آوى. فقال له:
ـ إن سيِّدَ الغابة بحاجةٍ إلى مساعدٍ له وقد اختارَكَ لذلك.. فامضِ إليه في الحال.
ذهبَ ابنُ آوى إلى الأسدِ في عرينهِ، ودخلَ عليهِ... ولكنه لم يخرجْ بعد ذلك أبداً.
في اليوم الثاني ذهبَ الذئبُ إلى الأرنب، وقال لها:
ـ إن سيِّدَ الغابة بحاجةٍ إلى طاهيةٍ ماهرةٍ، وقد وقعَ اختيارُهُ عليكِ كي تقومي بهذا العملِ. فاذهبي إليه مسرعةً!...
ذهبتِ الأرنبُ إلى العرين وقد فرحتْ كثيراً، وعندما دخلتْ، سلَّمتْ عليه، ولكنها لم تكن تعلم أنها لن تخرجُ أبداً.
وهكذا كان الذئبُ يمضي إلى الحيواناتِ واحداً بعد آخرَ...
ذهب إلى الغزال، وحمار الوحش، والسنجاب وغيره... الجميعُ دخلوا العرين ولم يخرجْ منهم أحدٌ أبداً.
ذاتَ يومٍ التقى الذئبُ بالثعلب فحيّاه قائلاً:
ـ طابَ يومُكَ يا أبا الحصين...
ردَّ الثعلبُ التحيَّةَ، فقال الذئبُ:
ـ إن سيِّدَ الغابةِ بحاجةٍ ماسَّةٍ إليك، وهو يدعوك كي تقفَ إلى جانبِهِ، وتديرَ معه شؤونَ الغابةِ،
وقد طلبَ إليَّ أن أرشدَهُ إلى واحدٍ عاقلٍ، فلم أجدْ بين حيواناتِ الغابةِ أعقلَ منك، وأذكى... فاذهبْ إليه مسرعاً.
انطلقَ الثعلبُ باتجاهِ العرينِ، وعندما صار قريباً منه، توقّف لحظةً ونظر بعينيه نظرةً ثاقبةً فيما حولـه..
ثم عادَ راجعاً، وقبل أن يبتعدَ عن مدخلِ العرينِ سمعَ صوتَ الأسدِ مزمجراً يقول:
ـ مابك أيها الثعلبُ.. هيَّا.. ادخلْ.
ضحكَ الثعلبُ بمكرٍ وقال:
ـ شكراً لهذهِ الدعوةِ.
قال الأسدُ:
ـ ولماذا لا تدخلُ؟!
ـ لأني عَرَفْتُ أن الذي يدخلُ العرينَ، لا يخرجُ حياً أبداً.
ـ ومن أخبرَكَ بذلك؟!
ـ أخبرتني تلك العظامُ المرميَّةُ قربَ العرينِ.
توقَّفَ الثعلبُ قليلاً وأخذَ يفكّرُ... لقد صمَّمَ على الانتقام من الذئبِ، فقال مخاطباً الأسد:
ـ لماذا لا تخرجُ من عرينكِ وتكسبَ طعامكَ بنفسكِ؟
ردَّ الأسدُ:
ـ لقد أصبحتُ طاعناً في السنِ.
ضحَك الثعلبُ بخبثٍ، ثم قال:
ـ إن الأطباء قد اكتشفوا علاجاً يعيدُ الشبابَ إلى الشيخوخة. سأنصحُكَ به.
ـ ماهو. قلْ. تكلمْ.
ـ عليك أن تشق صدرَ ذئبٍ، وتنزعَ منه القلبَ، وتأكلَه.
ـ حسناً.
وأنا سأتدبّر موضوعَ الذئب.
وبسرعةٍ انطلقَ الثعلبُ إلى الذئبِ وبادره قائلاً:
ـ سيِّدَ الغابةِ يطلبك لأمرٍ هامٍّ. فأسرعْ إليه ولا تتمهلْ.
ذهبَ الذئبُ، ودخلَ العرين.لم يكن يدري أنه لن يخرج حياً أبداً.
في تلك الأثناءِ كان الثعلبُ يقفُ بعيداً ويرى بعينيه مصيرَ الذئبِ...ثم يضحكُ كثيراً.
وقال لنفسه:
"مسكينٌ الذئبُ. كان يظنُّ نفسَه ذكياً. ولكنه نسيَ أن من حفر حفرةً لأخيهِ وقع فيها.....".
نزهة
كنا أربعةً...
خرْجنا يومَ العطلةِ لقضاءِ بعضِ الوقتِ في البَرِّيَّةِ، فاخترْنا أحدَ المروجِ الخضرِ، قربَ الحقولِ.؟
تمتَّعْنا بمناظرِ الطبيعةِ الخلاَّبةِ. حيثُ الجمالُ والهدوءُ الذي يُزَيِّنُهُ صوتُ عصفورٍ مُغرِّدٍ، وصوتُ فلاَّحٍ يُغَنِّي،
وصوتُ راعٍ ينادي أغنامَهُ، وحفيفُ أشجارٍ تداعبُها نسماتُ الهواءِ...
أعجبْتنا ألوانُ الفراشاتِ الزاهيةِ تحتَ أشعَّةِ الشمسِ، ترفرفُ بأجنحتها حولَ الأزهارِ...
شَعْرَنا بالسعادة..!...
نهضْنا نلعبُ...ركضْنا فوقَ العشبِ الطريِّ... تسابقْنا حتى أحسسنا بالتعبِ، فجلسنا نستريحُ، وقد تعالتْ أنفاسنا،
والتمعتْ حُبَيْبَاتُ العرقِ على جباهنا...
بعد فترةٍ قلتُ:
ـ جُعْنا...
نهضنا نجهِّزُ الطعامَ...
أنا جمعتُ الحطبَ...
سعيدٌ وضعَ الطعامَ في الصحونِ، وأحضرَ الخبزَ.
عمادٌ غسلَ الملاعقَ...
وأحمدُ أشعلَ النارَ، ووضعَ عليها إبريق الشايِّ...
أكلنا بنهمٍ حتى شبعنا... شربنا الشايَّ...
سمعْنا أصواتَ أغنامٍ... وأنغامَ مزمارٍ....
نهضْنا إلى الراعي ما عدا أحمدَ.
قَدَّمْنا إلى الراعي كأساً من الشايِّ...
سألناه عن الغنمِ، فأُعجبْنَا بحديثهِ. علمْنا منه أنَّ صوتَ الغنمِ يسمى (ثُغاءً) والذكَرُ (كبْشٌ) والأُنثى (نعجةٌ) والصغيرُ (خروفٌ)
و(حَمَلٌ)، والذكرُ له قرنان، والأُنثى تَلِدُ، وتُنْتِجُ الحليبَ، وجِلْدُ الغنمِ يكسوه (صوفٌ) تُصنَعُ منه البسطُ والسجِّادُ والفرشُ،
وتُنسَجُ منه الثيابُ التي نَلْبَسُها في الشتاءِ. أما الحليبُ فيُصنَعُ منه الجبنُ ويُستَخْرَجُ منه السمنُ...
أُعْجِبْنا كثيراً بما قالهُ الرَّاعي، ثم ودَّعناهُ شاكرين.
عُدْنا إلى مكاننا. شاهدْنا أحمدَ يُطْفِئُ النارَ... فأُعجبْتُ به، وقلتُ:
ـ أحسنتَ يا أحمدُ... إن شرارةً من النارِ قد تُشعِلُ حريقاً.
جلسنا نأكلُ الفاكهةَ.
تَلَوَّثَتْ يدُ سعيدٍ بعصيرِ البرتقالةِ...
غَسَلْنا أيدينا. لكنَّ سعيداً ظلَّ جالساً...
جاءتْ ذبابةٌ. حامتْ حولَ أصابِعهِ. ضربَها فهربَتْ. لكنَّها ما لبثتْ أن عادتْ تُحاولُ أن تحطَّ على يدهِ...
يضربُها فتطيرُ، وتهربُ، ثم تعودُ...
اتجهتْ أنظارُنا إليهِ... ضحكْنا ونحن نرى الذبابةَ، ونعجبُ من إلحاحها الشديدِ للوصولِ إلى أصابعِ سعيدٍ...
فجأةً أمسكَ أحمدُ إبريقَ الماءِ، وصبَّهُ على يديِّ سعيد، فضحكنا جميعاً، ولم نشاهدِ الذبابةَ بعدَ ذلك.
حان موعدُ العودةِ، شاهدنا أحمدَ يجمعُ الفضلاتِ، ويَضَعُها في كيسٍ. يربُطُهُ ويحُكمُ إغلاقهُ.
حملْنا أمتعتَنا، وسِرْنا عائدين..
ما إنْ قطعْنا مسافةً قصيرةً حتى صِرنا قربَ منزلٍ ريفيٍّ...
سمعْنا أحمدَ يقولُ:
ـ انتظروني دقيقةً.
وركضَ عائداً إلى المكان الذي كُنَّا فيه، ثم شاهدْناه يعودُ راكضاً يحملُ كيسَ الفضلاتِ، ويضعهُ في حاويةِ القمامةِ...
تأمَّلْناهُ جميعاً... وقد كَبُرَ في عيوننا...
القرد والغزال
في وَكْرَينِ متجاورين عاشتْ أُسرتا قردٍ وغزال.
اتَّفَقَ القردُ والغزالُ ذاتَ يومٍ على الذهابِ إلى الصيدِ معاً، وتركا ولديهما في وكريهما.
ما إنْ قطعا مسافةً قصيرةً حتى اصطادا طائرَ حجلٍ.
قالَ الغزال: سأعودُ لتقديمِ الطائرِ إلى صغيري الجائعِ.
قالَ القردُ: صغيري أحقُّ به، وهو جائعٌ أيضاً.
اختلف القردُ والغزالُ، وقرَّرا الاحتكامَ إلى الثعلبِ.
عندما صارا أمام الثعلبِ قال:
ـ أعطني الطائرَ أيُّها القردُ، وسأوصله إلى الصغيرِ الأجملِ.
لكنَّ الغزالَ يعلم أن الثعلبَ ماكرٌ، لذلكَ قالَ للقرد:
ـ أنا قَبلتُ بالحُكْمِ، ولكنْ لا تسلِّمْهُ للثعلبِ. خذهُ ـ أنتَ ـ أيُّها القردُ إلى أجمل الصغيرينْ..
ذهبَ القردُ إلى وَكْرِ الغزالِ، فنظرَ إليهِ، ثم دخلَ وَكْرَهُ، وقدَّمَ الطائرَ إلى قردهِ الصغيرِ...
وعادَ مسرعاً إلى الغزالِ...
ـ هل قدَّمتَ الطائرَ للأجملِ؟
ـ أجلْ يا جاري، قدَّمْتُهُ إلى قردي الصغير، لأني رأيتهُ أجملَ من كلِ صغارِ الحيواناتِ..
الفتاةُ والقطَّة والذبابة
ـ الفتاة ـ
جلستْ (ذُكاءُ) على مقعدٍ خشبيٍّ في حديقةِ المنزلِ، وبدأَتْ تقرأُ القِصَّةَ التي استعارتْها من مكتبةِ المدرسةِ.
كانتْ أشعَّةُ شمسِ الربيعِ مشرقةً تبعثُ الدفءَ في الأوصالِ.
وكانتِ القصَّةُ شائقةً جذَّابةً تُدخِلُ المتعةَ إلى النفسِ، وكانتْ بين حينٍ وآخرَ، تمرُّ بها نحلةٌ، فتسمع ذكاءُصوتَ رفيفِ أجنحتِها،
فتنظرُ إليها لحظةً ثم تعودُ لمتابعةِ القراءةِ.
مرَّتْ بِذُكاءَ لحظاتٌ ممتعةٌ، وهي في هذا الجوِّ الشاعريِّ الجميلِ، وبهدوءٍ تسلَّلتْ قِطْتُها شامةَ، فاقتربتْ منها،
ورَقَدَتْ قربَ قدميها من دون أن تشعر بها.
ـ القطة ـ
بعدَ أن جلستِ القطَّةُ شامةُ عند قدميِّ ذُكاءَ تلتمسُ الدفءَ من أشعَّةِ الشمسِ الذهبيةِ، سمعتْ أزيزاً مزعجاً يقتربُ منها،
ثم ازدادَ الصوتُ قوةً:(وزز... وزز...). نظرتْ شامةُ إلى مصدرِ الصوتِ، فشاهدتْ حشرةً غريبةً تحومُ حولَها...
"آخ... خ!! إنها لسعةٌ مؤلمةٌ!! ذيلي يؤلمني!!...
سحبتْ شامةُ ذيلَها، فعادَ الصوتُ المزعجُ يحومُ حولَها من جديدٍ... (وزز...)!!!..
قفزتْ شامةُ في الهواءِ. لاحقتْها النحلةُ بأزيزِها المزعجِ. نظرتْ إلى ذُكاءَ تستنجدُ بها. لكنَّ ذكاءَ كانت منهمكةً في قراءةِ قصَّتِها...
قفزتْ شامةٌ من جديدٍ في الهواءِ... ثم توقّفتْ تنظرُ، وتُرهفُ السمعَ...
لم ترَ شيئاً، ولم تسمعْ صوتاً... تساءلتْ في نفسها: "ما هذه الحشرةُ الغريبةُ؟!... لابدَّ أنها من أعداءِ القِططةِ!...
لو كانتْ فأرةً لَعَرَفْتُ كيفَ أُلقِّنُها درساً حاسماً في العراكِ والقتالِ، ولكنَّ هذه الحشرةَ تختلفُ عن جنسِ الفئرانِ كثيراً!...
الفأرةُ تركضُ على الأرضِ، وهذه تطيرُ في الهواءِ... الفأرةُ لها ذيلٌ، وهذه لها جناحانِ...
الفأرةُ تخافُ من القطِّ، وهذه تهاجمُهُ!... الفأرةُ تهربُ عندما يقتربُ منها القطَّ، وهذه تلحقُ به، وتعضُّ ذيلَهُ!!!....".
" و.زز...!!". عاودَ العدوُّ الهجومَ! " وززز...!!".
اقتربتِ الحشرةُ ثانيةً من الذيلِ... ابتعدتْ شامةُ. قفزتْ هاربةً. استلقتْ على الأرضِ. " وززز...!!".
الحشرةُ تقتربُ من الذيل... تلسعُ!! "آخ ـ خ ـ خ!!!!". "ذيلي يؤلمني..".
ـ الذبابة ـ
طارتِ الذبابةُ بعدما دَبَّ الدفءُ في جناحيها، وبدأتْ تبحثُ عن طعامٍ.. شمَّتْ رائحةً محبَّبَةً، فاتجهتْ نحوها.....
شاهدتِ القطَّةَ شامَة... شمَّتْ رائحةَ (سمنٍ)... اقتربتْ منها... "ذيلُها مبلَّلٌ بالسمن...." "وززز...!!!"..
حطَّتِ الذبابةُ على ذيلِ شامة، وأرسلتْ إبرتَها تمتصُّ السمنَ الشهيَّ بِلذَّةٍ!!...
ـ آخ.. خ.. خ!!!! لسعةٌ أخرى!!! يا لشدِّةِ الألمِ.....
انطلقتْ هاربةً!!!...
كانتِ الذبابةُ من النوعِ الأسودِ الكبيرِ الحجمِ، وقد عُرِفَتْ بإلحاحها الشديدِ، فلاحقتِ القطَّةَ،
وقرَّرَتْ أن تَشبعَ مِنَ السمنِ اللذيذِ... "وزززز...!!!". وامتصتِ السمنَ بشهيةٍ.... فقفزتِ القطَّةُ...
ـ ذيلي يؤلمني كثيراً!!!...
ـ الفتاة ـ
انتبهتْ ذُكاءُ، فتوقَّفتْ عن قراءةِ القصَّةِ، ونظرتْ إلى شامة، فشاهدتِ الذبابة السوداءَ الكبيرةَ تُلاحقُها...
عندئذٍ أسرعتْ إلى الداخل، وأحضرتْ (مضربَ الذبابِ)، ذا الثقوبِ المتعدِّدَةِ، وضربتِ الذبابةَ، فأصابتَها،
وأوقعتْها على الأرضِ صريعةً!...
قالت ذُكاءُ:
ـ هذا جزاءُ الشرِّيرِ المعتدي!
ثم عادتْ إلى مكانها على المقعدِ الخشبيِّ، وأخذتْ تُفَكِّرُ:
ـ لماذا تُطاردُ الذبابةُ شامةَ؟!...
ـ لماذا كانت تحومُ حولَ ذيلها؟!...
ـ هل في الأمرِ سرٌّ؟!..
وبَرَقَتْ في ذهنِ ذُكاءَ فِكْرَةٌ!... تذكرتِ المعلِّمةَ التي قالتْ في درسِ العلومِ:
إن الذباب لا يقع إلاَّ على بقايا الطعامِ أو الموادِّ الفاسدةِ. و.....
نهضتْ في الحالِ. فأمسكتْ شامةَ، ونظرتْ إلى ذيلها فوجدتُهُ مُبَلَّلاً بالسمنِ...!..
دخلتِ المطبخَ ومعها شامةُ... شاهدتْ وِعاءَ السمنِ على الأرضِ... فهمتْ كلَّ شيءٍ!... أمسكتْ بأُذُنِ القطَّةَ وشدَّتْها، قائلةً:
ـ أيتُها الماكرةُ... غططتِ ذيلَّكِ بالسمنِ، ثم لَعَقْتِهِ ، لأنكِ لا تستطيعينِ إدخالَ رأسَكِ في الوعاء...
ماءتِ القطَّةُ متألمةً: "مياو...مياو!!!.".
شدَّتْ ذُكاءُ أُذُنَ شامةَ ثانيةً، ثم قالتْ قبلَ أن تُفلتَها:
ـ لو كنتُ أعلمُ بفعلتِكِ هذهِ، لتركتُ الذبابةَ تلسعُكِ مائةَ مَرَّةٍ!..
تخلصتْ شامةُ من يدِ ذُكاءَ، وانطلقتْ تعدو مسرعةً خجلى، وهي تحسُّ بذنْبها من دون أن تجرؤ على النظر إلى الخلف.
|
|
05-24-2008, 09:04 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
القطُّ الشقيُّ
أسرعتْ (مُزنةُ) غاضبةً إلى قطِّها الصغيرِ الذي تحبُّه كثيراً، فأمسكتْ به، ثم ذهبتْ تبحثُ عن المقصِّ،
ولكنَّها لم تجدهُ، فسألت أختها الكبرى:
ـ أين المقصُّ يا ودادُ؟...
نظرت إليها ودادُ ثم سألتْها:
ـ وماذا ستفعلينَ به يا مُزْنةُ؟
ـ سأقصَّ مخلبَ هذا القطِّ الشقيّ!
استغربتْ ودادُ كلامَ أختها الصغيرةِ، وسألتْ مندهشةً:
ـ ولماذا؟..
قالت مُزنةُ:
ـ إنّه قطٌّ صغير،لكنه شقيٌّ جدَّاً، ألا ترينَ كيف يقفزُ ، ويركضُ ويصعدُ فوقَ الكرسيِّ، وينشبُ مخالبَهُ في السجِّادة؟!
ضحكتْ ودادُ، ثم قالتْ:
ـ حسناً يا حبيبتي. دعي القطَّ الصغيرَ الآنَ ولا تقصِّي مخالبَهُ فقد يحتاجُ إليها...
ـ ولكنَّ المعلمةَ أوصتنا أن نُقلِّمَ أظافرنا... ولو رأتُه المعلمةُ الآن لعاقبته.
ضحكتْ ودادُ من جديدٍ، ثم أخذتْ منها القطَّ الصغيرَ، وأفلتته، فانطلقَ يقفزُ فوقَ أرضِ البيتِ، وقِطَعِ الأثاثِ.
انصرفتْ ودادُ إلى عملها خلفَ آلةِ الخياطةِ، بينما لحقتْ مُزنةُ بالقطِّ الصغيرِ، وأخذتْ تراقبهُ خلسةً.
دخلَّ القطُّ غرفةَ النومِ، فشاهدَ في مرآةِ الخزانةِ قطَّاً صغيراً يشبهُهُ، فتوقَّفَ لحظةً، وفكَّرَ في أمرِ هذا القطِّ الغريبِ، وقالَ في نفسِه: "يبدو أنه قطٌّ شقيٌّ،قد تسلَّلَ إلى المنزلِ خفيةً..!"..
ثم نظرَ إليه غاضباً، فرآه يغضبُ أيضاً. عندئذٍّ جلس على الأرضِ وجمعَ قوَّتَهُ، ووثبَ نحو القطِّ الغريبِ، فاصطدمَ رأسُه بالمرآةِ اصطداماً قوياً آلمَهُ!...
لم يهتمَّ القطُّ الصغيرُ بالألمِّ، فاستدارَ خارجاً، وقد لمحَ القطَّ الغريبُ في المرآةِ يستديرُ، ويخرجُ، فقال في نفسهِ: "لقد لقَّنْتُهُ درساً لن ينساهُ أبداً، وأظنُّ أنه هربَ، ولن يعودَ إلى هذا البيتِ مرةً ثانيةً"..
كانتْ مُزنةُ واقفةً قربَ البابِ تراقبُ قطَّها الصغيرَ، وهي تضحكُ، وعندما مرَّ بها اعترضتْ طريقَهُ، وحملتْهُ بين يديها، ثم شدَّتْهُ من أذنه، وقالتْ:
ـ أنتَ لست شقيَّاً، فحسبُ، ولكنك غبيٌّ أيضاً.
لكنَّ القطَّ الصغيرَ قفزَ من حضنِها ، وخرجَ مسرعاً إلى ساحةِ الدارِ فلحقتْ به لترى ما سيفعلُ...
وقفَ القطُّ الصغيرُ وحيداً... تلفَّتَ حولَهُ، فلم يرَ أحداً، ثم تقدَّمَ نحو بِرْكَةِ الماءِ، ووقفَ على حافَّتِها، وهناكَ حانتْ منه التفاتةٌ إلى الماءِ، فشاهدَ القطَّ الصغيرَ نفسَهُ، الذي رآه قبل قليلٍ في المرآةِ، فغضبَ غضباً شديداً، وقالَ في سرِّهِ: "هذا القطُّ الغريبُ، يتحدَّاني. يجبُ أن أنقضَّ عليه هذه المرَّةَ بقوَّةٍ، وأنشبَ مخالبي في وجهه كي لا يعودَ إلى هذا المنزلِ بعدَ اليومِ"...
وفي الحالِ قفزَ القطُّ الصغيرُ إلى الماءِ فهاجمَ القطَّ الغريبَ، لكنَّه غاصَ في الماءِ، ولم يكنْ يعرفُ السِّباحةَ، فكاد يختنقُ غرقاً.
أسرعتْ مُزنة، وأنقذتْهُ من الغرق، وقالتْ مؤنِّبَةً:
ـ أنتَ شقيٌّ وأبلهُ!!!.. إنك تفعلُ اليومَ أفعالَ المجانينِ... أليس لكَ عقلٌ تُفكِّرُ به!!!...
ثم أخذتْهُ إلى الداخلِ، وبدأتْ تُجفِّفُ وَبَرَهُ، وتمسحُ وجهَهُ بالمنشفة.
عندَ حلولِ المساءِ جلستْ مُزنةُ مع إخوتها تتمتَّعُ بمشاهدةِ (برنامجِ) الأطفالِ في (التلفاز) وكان القطُّ الصغيرُ جالساً على الأرضِ. بجانبها، وحين ظهرَ على (الشاشةِ) قطٌّ صغيرٌ ملوّنٌ، نهضَ القطُّ الصغيرُ فجأةً، وقد ظهرتْ على ملامحهِ علاماتُ الغضبِ، واستعدَّ للوثوبِ، ثم قفزَ نحوَ القطِّ فاصطدمَ بالشاشةِ، ووقعَ على الأرضِ.
دُهشْتَ مُزنةُ، وهي ترى قطَّها الصغيرَ يقومُ بهذه الأفعالِ الشقيِّةِ، فأمسكتْهُ، وقالتْ مُؤَنِّبَةً:
ـ لقد صدمتَ رأسكَ عدَّةَ مراتٍ هذا اليومَ، ولم تتعلمْ من واحدةٍ، ألا تستعمل عقلكَ أبداً؟!...
ثم نظرتْ إلى أختها وداد معاتبةً، وقالتْ:
ـ لو أنكِ سمحتِ لي بتقليمِ مخالبِ هذا القطِّ الشقيِّ لتأدَّبَ...
ضحكت ودادُ ، ولم تُجبْ.
عادتْ مزنةُ إلى القولِ، وهي تُلقي القطَّ الصغيرَ من يديها...
ـ لو أن هناك مدرسةً للقططةِ.
ضحكتْ ودادُ ثانيةً، ثم قالت:
ـ ولكن يجبُ أن يتعلَّمَ حتى يتجنَّبَ الأخطارَ....
ضحكتْ ودادُ مرَّةً أخرى، وظلَّتْ تنظر إلى أختها الصغيرةِ صامتةً، فاقتربتْ مُزنةُ منها، وقالتْ هامسةً:
ـ أرجو يا ودادُ أن تخيطي (صدَّارةً) لهذا القطِّ الشقيِّ لأني أرغبُ في اصطحابهِ إلى المدرسةِ...
ازدادتْ ضحكةُ ودادٍ ولم تتكلمْ.
تابعتْ مُزنةُ كلامها:
ـ سآخذهُ إلى المدرسةِ، ليتعلَّمَ كيفَ يُغْسِّلُ، وكيف يُمسكُ المشطَ، ويقفُ أمامَ المرآةِ، ويسرِّحُ شعرَهُ، وكيف ينظِّفُ أسنانَهُ بالفرشاةِ والمعجونِ، وكيف يغنِّي، وكيف يرسمُ الحروفَ، ويكتبُ يومياتِهِ كقطٍّ متحضِّرٍ...
قاطعتْها ودادُ ضاحكةً:
تمهَّلي يا حبيبتي، هذا كثيرٌ على قطٍّ لا يزالُ صغيراً!...
قالتْ مزنةُ جادَّةً:
ـ عفواً يا أختي العزيزةَ. المعلمةُ قالتْ أمسِ: "العلمُ في الصِّغَرِ كالنقشِ في الحجرِ"...
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 05-25-2008, 10:37 AM بواسطة -ليلى-.)
|
|
05-25-2008, 10:36 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
الهدية
نجحتُ. كنتُ الأولى في صفِّي. فرحتُ كثيراً. الجميعُ هنأوني.
قَبَّلتني أُمي عدَّةَ مرَّاتٍ، واحتضنتني بين ذراعيها، وهي تردِّدُ "مبارك يا ليلى".
كان أبي فرحاً أيضاً، فقدَّمَ لي هديةً في صندوقٍ أنيقٍ، ثم طلبَ مني أن أفتحَ الصندوقَ.
فَكَكْتُ الشريطةَ الحمراءَ بهدوءٍ، وأبعدتُ ورقَ الغلافِ، فظهرَ الصندوقُ الأنيقُ، وعليهِ كِتابةٌ ذهبيةٌ بحروفٍ أجنبيةٍ، وعندما فتحتُهُ، وأنا أحسُّ بمتعةٍ كبيرةٍ، رأيتُ في داخلهِ سيَّارةً صغيرةً، تسيرُ بالبطاريةِ، جرَّبْتُها... سارتْ على أرضِ الغرفةِ. سريعةً جميلة، تُغَيِّر اتجاهها عندما تصطدمُ بشيءٍ ما. ازدادَ فرحي، وحملتُ سيَّارتي، وجلستُ أنظرُ إليها جيِّداً، وأنا أقولُ:
ـ يا ألله.. ما أسعدني بالنجاحِ!!
ثم حانت منِّي نظرةٌ إلى أسفلِ السيَّارةِ. فرأيتُ كتابةً أجنبيةً.
سألتُ أبي عن معنى هذه الكتابةِ، فقالَ:
ـ إنها تشيرُ إلى البلد الأجنبي الذي صنعَ السيَّارةَ.
نظرتُ إلى أبي مستغربةً، وشعرتُ بعدمِ الرضى، ثم أخذتُ السيَّارةَ، وأعدْتُها إلى الصندوقِ، وغلَّفتُها بالورقِ، وربطتُها بالشريطةِ الحمراءِ، وقلتُ لأبي معتذرةً:
ـ بابا... أرجو أن تعيدَ الهديةَ إلى البائعِ. لأني لا أحبُّ أن تكونَ بين يديَّ هديةٌ ليست من صنع وطني!...
ناقل الأخبار
خرجَ الأطفالُ إلى الساحةِ يلعبونَ كعادتهم كل مساءٍ بعد أن أدَّى كل واحدٍ منهم واجباته المدرسية. كانتْ ساحةُ الحيِّ واسعةً، وعلى جوانبها تقع الدورُ الصغيرةُ المبنيةُ من الطينِ أو المبنية من الحجارة والإسمنت والتي اتخذَ الأطفالُ منها مخابئَ لهم عند اللعب.
كان الأطفالُ يحبُّون اللعبَ في هذا الوقتِ الممتعِ من آخرِ النهارِ، نظراً لجمالَ الطبيعةِ، وبرودةِ النسائمِ التي تنعشُ النفوسَ، وتجعلُ الجوَّ لطيفاً.
عندما اجتمعَ الجميعُ ليلعبوا "الاستغماية" المحبَّبة في هذا المساءِ الجميلِ لم يجدوا "خالداً" بينهم، فقال أحدُهم متسائلاً :
ـ أينَ خالدُ، لقد تعوَّدْنا أَنْ نلعبَ معه كل يوم، إنه ماهرٌ في اللعب، يعرفُ كيف يديرُ اللعبةَ ويتصرَّفُ كما يتصرفُ القائدُ الممتازُ في معركةٍ حربيةٍ.
قالَ طفلٌ آخر: لنلعبِ الآن... وعندما يأتي سينضمُّ إلينا..
قالَ طفلٌ ثالثٌ: لننتظرْ قليلاً، إنه لن يتأخر!.
ولم تمضِ سوى لحظاتٍ حتى جاء خالدٌ، ففرحَ الأطفالُ وصفَّقوا له، ثم ابتدأ تنظيمُ اللعبةِ.
قالَ خالدٌ: أنتَ يا "سعيدُ" المعلِّمُ، وأنتما يا صالح وحسن اربطا منديلاً فوقَ عينيهِ...
أما أنتم فليذهبْ كل واحدٍ منكم إلى جهةٍ، وليختبئْ في زاويةٍ معيّنةٍ.
وبعدَ توزيعِ اللاعبينَ على الأمكنة. ذهب خالدٌ واختبأ في مكان لا يراهُ فيه سعيد.
في هذه اللحظاتِ اقتربَ أحدُ الأطفالِ من سعيدٍ، وقال له: هل تريد أن تعرفَ أين يختبئُ كل لاعب.
دُهِشَ سعيدٌ من كلام هذا الطفلِ الغريبِ وقال له:
ـ ابتعدْ عني، سأبحثُ عنهم وأجدُهم بنفسي.
قالَ الطفلُ وكان غريباً عن المجموعة:
ـ ولكني سأُرْشِدُكَ إليهم وسأوفِّرُ عليكَ عَنَاءَ الجهدِ والتعبِ.
قالَ سعيدٌ: حسناً، ليكنْ ذلك، تكلّمْ.
أرشدَ الولدُ سعيداً إلى مخابئ الأطفال، فعرفهم بسهولةٍ واحداً واحداً، وبعد أن انتهت اللعبةُ وقفَ الجميعُ ، وتحلَّقوا حولَ سعيدٍ، قالَ بعضُهم:
ـ إنكَ ماهرٌ يا سعيدُ في اللعبِ.
وقالَ واحدٌ من الأطفالِ: سوف نطلقَ عليك لقبَ "سيّد الألعابِ".
قالَ خالدٌ: ستكونُ المشرفَ على اللعبة بعدَ اليومِ، وستقومُ بتوزيعِ الأدوارِ على اللاعبين بدلاً منيَ.
سكتَ سعيدٌ، ولم يردَّ على أحدٍّ، فقالَ خالدٌ متسائلاً:
ـ مالكَ يا سعيدُ، كنَّا نتوقعُ أن تفرحَ وتكونَ سعيداً بعدما فُزتَ في لعبةِ هذا المساءِ، وأَصبحتَ بطلَ الأمسيّةِ وسيَّدَ اللعبةِ؟!..
في هذه الأثناءِ تقدَّمَ الولدُ الغريبُ وقال:
ـ أهنِئُكَ يا سعيدُ على الفوزِ، أنت بطل الساحةِ!...
ثم مدَّ يدهُ مصافحاً، لكنَّ سعيداً نظرَ إليه باشمئزازٍ، وقالَ يُخاطبُ أَصدقاءه:
ـ اسمعوا يا أصدقاء... إن لعبة اليوم كانت فاسدةً وملغاةً... انظروا إلى هذا الولدِ جيِّداً. إنه هو الذي أرشدني إلى أماكنكم التي كنتم تختبئون فيها. يجب أن تمنعوه من اللعب معنا فهو غشّاش.
نظرَ الأطفالُ إلى الولدِ نظرةَ احتقارٍ، وقالوا بصوتٍ واحدٍ:
هيَّا اخرجْ من ساحتناْ... اخرجْ أنتَ جاسوسٌ. جاسوس، ونحن لا نحب الجواسيس.
|
|
05-26-2008, 06:29 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
فلســطينيَات
أنا عربيّ
في المدرسة الابتدائية في مدينة (غزَّةَ) كانَ يجلسُ إلى جانبي صديقي الفرنسي (جاك).
كنتُ تلميذاً متفوِّقاً في دراستي، لكنِّي في امتحان مادَّةِ العلومِ، تعثَّرتُ في الإجابةِ، وقد لاحظَ (جاكَ) ذلك...
عندما ظهرتِ النتائجُ. نجحتُ، وكنتُ الثانيَ بين الناجحين بسبب درجةِ العلومِ.
حزنَ صديقي (جاك) فاقتربَ مني. يُهنِّئُني، ثم قالَ مُتأسِّفاً:
ـ لو نظرتَ إلى ورقتي في أثناء الامتحانِ، لكانتْ درجتُك أفضلَ، وأحرزتَ المرتبةَ الأولى.
شكرتُهُ مبتسماً، واعتذرتُ:
ـ عفواً يا صديقي (جاك) فأنا لا أغشُّ في الامتحانِ.
سألني مندهشاً:
ـ لماذا؟
قلت :
ـ لأنني عربيّ.
... ... ...
حزن
صباحَ يومِ الجمعةِ، ذهبتُ مع والدتي إلى الحديقةِ العامَّةِ، كانت شمسُ الربيعِ دافئةً،
والأزهارُ تزهو بألوانِها، والفراشاتُ تحومُ حولها.
سألتني أمي:
ـ هل أنتَ سعيدٌ؟
ـ سعيدٌ جدَّاً يا أمي...
ـ لماذا؟..
ـ لأن الربيعَ يُشبِهُ الأطفالَ... انظر إلى تلك النحلةِ التي تقفُ على الزهرةِ، وتداعِبُها كأنها طفلٌ يلاعبٌ قطَّاً صغيراً.
بينما كنتُ أجتازُ مع أُمِّي ممرَّاً صغيراً (دستُ) فوقَ نملةٍ من غير أن أنتبهَ، فتغيَّرَ وجهُ أُمي، وسحبتني بعيداً، ثم قالتْ:
ـ لقد ارتكبتَ جريمةً!
حزنتُ، وشعرتُ بالذنبِ، ووعدْتُها أن لا أقتلَ نملةً بعدَ اليومِ.
حين عدنا مساءً . كانت أمي لا تزال حزينةً، فَذَكَّرْتُها بموعدِ الأخبار في (التلفاز)،
حينئذٍ بدأتْ تتابع الأخبارَ المصوَّرَةَ وكان الجنودُ الصهاينةُ يطلقون النارَ على الأطفالِ، والشبابِ فيقعونَ جرحى وقتلى....
فما كان مني إلاّ أن التفتُّ إلى أُمي، وسألتُها:
ـ إذا كان قتلُ النملةِ جريمةً. فماذا تُسمِّين قتلَ الناسِ يا ماما؟!
نظرتْ أُمِّي إلى الأرضِ، وقد ازدادَ حُزنُها، ثم سمعتُها تقولُ غاضبةً:
ـ إنها وحشية!!!!
رسائل
أنا أهوى المراسلةَ.
لي أصدقاءٌ في جميعِ أنحاءِ الوطنِ العربيِّ، من المغربِ والجزائرِ، إلى العراقِ و الكويتِ،
هذه المرَّةَ كتبتُ عدَّةَ رسائلَ إلى أشقَّائي أطفالِ فِلسطينَ، عَبَّرْتُ لهم عن حُبِّي وأُمنياتي بالحريةِ والعدالةِ والفرحِ.
لكنْ... كيف سأُرسلُ إليهم رسائلي؟!....
فَكَّرْتُ طويلاً...
ثم بدأتُ أصنعُ زوارقَ من الورقِ.
وضعتُها في البحرِ.
ورجوتُ الريحَ أن توصلَها إلى شواطئِ حيفا ويافا...
تَحَرَّكَتِ الزوارقُ
فلوّحتُ لها بيدي
لكنَّ عينيَّ تدمعانِ
وقلبي حزين جداً
...
عشُّ الدوريِّ
كان العصفور الدوريُّ عائداً إلى عُشِّه، الذي بناهُ على غصنِ شجرةِ البرتقالِ، في مدينةِ غزَّةَ، فاستوقفتْهُ (البومةُ) وأخبرتْهُ:
أنَّ في غزَّةَ غُرباناً، يعتدون على الأعشاش، في بساتين البرتقالِ، ويقتلونَ العصافيرَ، ثم قالتْ:
ـ أنصحكُ بعدمِ الذهابِ إلى هناك!!
فكَّرَ العصفورُ الدوريِّ لحظاتٍ، ثم تابعَ طيرانَهُ باتجاه غزَّةَ، وهو يقولُ للبومةِ:
ـ أفرادُ سِربي هناك. لن أتخلَّى عنهم، ولن أنامَ بعيداً عن العشِّ الذي بنيتُهُ بنفسي. على غصنِ شجرةِ البرتقالِ...
طفلةٌ فلسطينية
كانتِ الفتاةُ الفلسطينيةُ الصغيرةُ، تسيرُ على رصيفِ المخيَّمِ، مستندةً على عكازتينِ.
توقَّفَ أمامَها سائحٌ أمريكيٌّ، والتقطَ لها صورةً...
ثم تقدَّم نحوَها...
أعطاها وردةً حمراء...
لكنَّ الطفلةَ. نظرتْ إليه غاضبةً، واعتذرتْ عن قبولِ الوردِ من أيدي القتلةِ...
|
|
05-26-2008, 11:32 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
خارطة
رسمَ (خليل) خارطةً جميلةً، وحَدَّدَ عليها المواقعَ:... هنا القدسُ... وهناك اللِّدُ، والرملةُ، وحيفا، ويافا....
لوَّنَ بالأزرقِ بحيرةَ طبريَّا، وبحيرةَ الحولة. ونهرَ الشريعةِ... ولوَّنَ بالأخضرِ سهولَ الناصرةِ ونابلسَ وأريحا....
وضعَ علماً فوق قُبَّةِ الصخرةِ.
وعلماً فوقَ كنيسةِ المهدِ...
أما جبلُ الجليلِ، فقد تركُه بغير ألوانٍ، لأنَّه قَرَّرَ أن يأخذَ منه الحجارةَ التي سيضربُ بها جنود الاحتلال.
إنه بيتنا..
كانَ الطفلُ الفلسطينيُّ يرجم (البلدوزرَ) الإسرائيليَّ بالحجارة، وهو يلهثُ!!...
مرَّ به سائحٌ أجنبيٌّ، فالتقطَ له صورةً، ثم سألَهُ:
ـ ماذا تفعلُ حجرُكَ مع هذا البلدوزرِ الضخمِ؟.!
اشتدَّ غضبُ الطفلِ الفلسطينيِّ...
ومن غير أن يتوقَّفَ عن رجْمِ الحجارةِ، قالَ:
ـ وهل تريدني أن أقفَ متكوفَ اليدين، وأنا أشاهدُ البلدوزرَ الأسودَ يهدم بيتنا؟!
الغرباء
امرأةٌ غريبةٌ كانت تجلسُ مع ابنتها على شاطئِ البحر في مدينة (يافا)،
شاهدتِ المرأةُ ثلاثةَ شُبَّانٍ عرب، قادمين للسباحةِ. فنهضتْ، وقالتْ لهم:
ـ ابتعدوا!!.. لا أ سمحُ لكم بالسباحةِ!!..
سأَلَهَا الشُّبَّانُ عن السببِ، فقالتْ:
ـ هذا البحرُ لنا، وهذه الأرضُ أرضُنا!
لكنَّ الشُّبَّانَ نزلوا إلى البحرِ، وسبحوا...
كانتِ الطفلةِ الجالسةُ بجانبِ أُمِّها حائرةً، فقالت لها:
ـ ماما قُلتِ للشُّبَّانِ العربِ... البحرُ بحرُنا، والأرضُ أرضُنا... هل نسيتِ أَنَّكِ كنتِ تقولين لي منذُ قليلٍ:
"إننا جئنا إلى فِلسطينَ من بلاد الخزرِ؟!"..
الطفلة والبندقية
حنانُ طفلةٌ صغيرةٌ لا يتجاوز عمرُها سبعَ سنواتٍ، تعيشُ في مدينةِ القدسِ العربيَّةِ.
قالتْ لأمِّها ذاتَ يومٍ.
ـ سأخرجُ لأقضيَ بعضَ الوقتِ مع صديقتي (عروبة) في بيتها، لنلعبَ معاً، فأنا أشتاقُ إليها كثيراً.
قالت الأمُّ:
ـ حسناً يا حنانُ. ولكنْ لا تتأخَّري، فجنودُ الاحتلالِ يملأون الشوارعَ عندما يقتربُ المساء.
خرجتْ حنانُ من المنزلِ، واصطحبتْ معها لُعبتَها الجميلةَ، ثم سارتْ باتجاهِ بيتِ صديقتِها القريبِ...
وبينما كانتْ تسيرُ في طريقها حاملةً لُعبتَها الصغيرةَ، شاهدتْ سيَّارةً عسكرَّيةً إسرائيليةً،
تقتربُ منها ببطءٍ، ثم ما لبثتْ أن توقَّفتْ بجانبها، ونزلَ منها جنديٌّ إسرائيليٌّ، وبيدهِ بندقيةٌ.
صاحَ الجندي:
ـ توقَّفي أيتها الفتاةُ الصغيرةُ.
توقَّفتْ حنانُ أمامَ الجنديِّ الإسرائيليِّ الذي صَوَّبَ بُنْدُقِيَّتَهُ إلى صدرِها، ثم قالتْ له بجرأةٍ:
ـ ماذا تريدُ منِّي؟
ـ قالَ الجنديُّ بصوتٍ خشنٍ:
ـ ماذا تحملينِ بيدِكِ؟
أجابتِ حنانُ:
ـ لُعبتي الصغيرةَ.
كان في داخل السيَّارةِ ضابطٌ صهيونيٌّ يستمعُ إلى الحوارِ فصاحَ مخاطباً الجنديَّ:
ـ فَتِّشْهَا جَيِّداً... هؤلاء الأطفالُ العربُ أذكياء، إنهم يساعدون الكبار على العمليَّاتِ الفدائية:
فَتّشَ الجنديُّ (حنان) فلم يجدْ معها شيئاً، عندئذٍ نظرتْ حنانُ إلى الضابطِ ، وقالتْ له:
ـ إنني طفلةٌ صغيرةٌ، ماذا تظنُّون معي؟ دعوني أذهبْ.
صاحَ الضابطُ من داخلِ السيَّارةِ:
ـ خذْ اللعبةَ منها، فقد يكونُ في داخلِها موادُّ متفجِّرةٌ.
خَبَّأتْ حنانُ لُعبتَها بين يديها، وصرختْ:
ـ لا!!! لا!!! إنَّها لُعبتي الجميلة!!! لعبتي، لن أعطيَها....
لكنَّ الجنديَّ الإسرائيليَّ خطفَ اللعبةَ من بين يدي حنانٍ، ودفعَها عنه،
فارتمتْ على الأرضِ، ثم ركبَ السيَّارة التي انطلقتْ به بعيداً.
نهضتْ حنانُ، ونظرتْ إلى السيَّارة التي ملأتِ الشارعِ بالغبارِ، ثم صاحتْ بحُنقٍ وغضبٍ:
أيُّها المعتدونَ،عندما أكبر سنطردكم من هذه الأرض !.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 05-28-2008, 09:59 AM بواسطة -ليلى-.)
|
|
05-28-2008, 09:57 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
أنــتـم أمــلـي
صوتُ بلادي
عالٍ .... عالِ
يبقى في كل الأجيالِ
أنتم أملي
يا أطفالي
....
نخلُ بلادي
فيها باسقْ
نَبْتُ سهولي
حلوٌ سامقْ
بيتٌ عالٍ
جبلٌ شاهقْ
...
مثلُ الصخرِ
زَنْدُ الناسِ
عندَ الخطرِ
همْ حُرَّاسي
وطني غالِ
عَلمي عالِ
أنتم أملي
يا أطفالي
يـاقـطـرة الـمـطـر
تراقصي ...تراقصي
ياقطرةَ المطر
ولَوَّحي
للناس...
والبيوتِ ....
والشجرْ
نامي
على الأوراق والدروب والسطوحِ
ورَفْرفي
على جناح الريحِ
وأينَ شئتِ
فاستريحي
ونَقِّري على الزجاجِ
واسقي وروداً ذَبُلتْ
على السياجِ
...
تراقصي ... تَغَلْغلي
في داخل الترابْ
واسقي وروداً عطشتْ
واستنجدتْ
فأبكتِ السحابْ !
أســــــئلــة
* هل تبكي النسمهْ ؟
- تبكي عند النافذة المكسورهْ
* هل يبكي العصفورْ ؟
- يبكي في الأرض المهجورهْ
* هل تبكي السمكة ؟
- تبكي إنْ جفَّ النَّهْرُ
* هل يبكي المركب ؟
- يبكي إنْ هاجَ البحرُ
* هل تبكي الغيمهْ ؟
- تبكي إنْ نادى القَفْرُ
* هل تبكي النحلهْ؟
- تبكي إنْ مات الزهْرُ
***
الســــندبــاد الــبـري
في زمن الخليفة " الرشيدِ "
في بغدادْ
كان يعيش السندباد البَرِّي
مهنتُه حَمّالْ
وهو فقير الحالْ
وذاتَ يوم في اشتداد الحرِّ
أنزل حملهُ
أمام قصر رائع كبيرْ
من أبدع القصور
وراح ينظر الحمال في إعجابْ
وهْو أمام البابْ
مستلقياً في الظلِّ
متكئاً على مَتاع الحَمْلِ
حيث تهبُّ النسمةُ العليلة
وترقص المشاتل الظليلهْ
وتعبَقُ الزهورْ
بأطيب العطورْ
....
....
نام قليلاً
ثم استيقظ المسكينْ
وقلبُهُ حزين
لأنه فقيرْ
ليس لديه غيرُ كوخ بائسٍ
من طينْ
وفجأةً
ناداه صوت ناعم رقيقْ
" تعال ..هيّا .. أيها الصديقْ "
....
....
فوجئَ من هذا الكلامِ
السندباد البري
إذْ كيف يدعوه الفتى
من دون أن يعرفهُ ؟
وكيف يدعو صاحبُ القصرِ
امرأً فقيرْ ؟
ودخل الحمال ذاك القصرَ
في خجلْ
وفتح العينين في عجبْ
لشجر الليمون والتفاحِ
والإجَّاص والعنبْ
أما عن الورودْ
فهي صنوف تأخذ العقولَ من كَثْرتها
وجودةِ التَّنْضيدْ
إنتشرت مساكباً على الجنبينْ
في وسط الساحة عينْ
تفجرّت بالماء ْ
في شكل نافورهْ
تكاد أنْ تطاولَ السماءْ
لكنها تعود منثورهْ
وسمع الحمال من بعيدْ
مغنياً .. وصوتَ عودْ
وقاده الفتى إلى إيوانْ
لم يَرَ قبلُ مثله إنسانْ
وكان مجلس الإيوان عامراً بالناسْ
فقطع الأنفاسْ
خشيةَ أن يكون قد أزعجَهم
لكنهم تصايحوا بهِ :
« تفضلْ ..
أتدري ؟
أنت هنا في قصر السندباد البحري »
ثم دنا البحريُّ قائلاً :
« هَلا ... هَلا .... بالضيفْ »
فصرخ الحمالُ
- أنت السندباد البحري ؟
أجابه ُ
- نعم .. نعم
وهل عجيب أمري ؟
قال له الحمالُ :
- أنت سيدُ العجائبْ
وصانع الأحلام والغرائبْ
دعْني أُقبّلْ جبهتَكْ
وجُبَّتكْ
.....
.....
وضحك الجميعُ
ثم غنوا طربا
وأسمعوا من النكات العجبا
وأكلوا ، وشربوا
وبعد ذاك ذهبوا
وقد أقام السندباد البرِّي
ضيفاً عزيزاً
في رحاب السندباد البحري
ووعد الحمالَ أن يقصَّ عن سفراتِهِ
وما جرى له من خطرٍ
أَحْدقَ في حياتِهِ
وفي صباح الغدِ
كان الجمع حاشدا
والكل منصتونْ
ليعرفوا قصَّته المليئة الأحداثِ
بالأخطار والترحالِ
والعزمِ الذي يقوى .. ولا يلينْ ...
....
....
وهكذا عرفنا قصةً
تظل للأجيالِ
عن رجل حياتُهُ
من سير الأبطالِ
الــفـعـل الـمـضـعَّـف
لَفَّ ... يَلُفُّ القمرُ
جَفَّ ... يَجِفُ النَّهَرُ
رَفَّ ... يرفُّ العَلَمُ
خَفَّ ... يخِفُّ الألَمُ
***
ردَّ ... يُردُّ
عدَّ ... يعُدُّ
جدّ ... يَجدُّ
***
جَدَّ الطالبْ
عرفَ الواجبْ
شدَّ الطفلُ الحبلا
حَدَّ النهرُ الحقلا
***
مَرَّ ..... يُمرُّ
فرَّ .... يفِرُّ
لمَّ ... يلمُّ
ضمَّ ... يضمُّ
مَرّ ... يمرُّ المركبْ
والربَّانُ الأرنبْ
الـفـعـل الأجـــوف
ماجَ يموجُ النَّهْرُ
نهرِ مائجْ
هاجَ يهيجُ البحرُ
بحر هائج
***
قالَ ... يقولُ
مالَ ... يميلُ
طالَ ... يطولُ
سالَ ... يسيلُ
***
زالَ .... يزولُ الخطرُ
خطرٌ زائلْ
سالَ ... يسيلُ المطرُ
مطرٌ سائلْ
***
سادَ .... يسودُ
حادَ ... يحيدُ
عادَ ... يعودُ
زادَ ...يزيدُ
***
هذا فعل يُعْرَفْ
في لغتي بـ " الأجوفْ"
|
|
05-29-2008, 07:30 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
رنا البردانة
لم يعرف أحد إلى أين توجهت رنا بعد أن خرجت من المخيم لأنه لم ينتبه إليها أحد. فالجميع مشغولون بما حدث في الصباح الباكر من اعتداء جنود الاحتلال على البيوت. لقد هجموا على الأبواب فحطموها، وعلى الرجال فساقوهم إلى الساحة... أما الفتيان فلم يتركوا منهم واحداً بل جروهم كلهم إلى السيارات العسكرية.
وصرخت النساء... وبكى الأطفال الصغار كما لو أن ناراً تحرقهم. وتعالت الأصوات من كل جانب عندما سدد جندي الرصاص على فتى رمى مجموعة الجنود بزجاجة حارقة. وقع انفجار، وتكاثر الدخان وارتمى الفتى قتيلاً.
رنا الصغيرة النحيلة كانت في الطابق العلوي في بيتهم المتهدم ورأت كل شيء... وبما أن الفتى القتيل كان ابن عمتها، وكانت تحبه كثيراً فقد قالت في نفسها:
ـ لماذا لاأختبئ وراء ذلك السور قريباً من السيارات العسكرية وأرمي جنود الاحتلال بالحجارة؟
ولم تشاور عمتها التي تعيش معها بعد أن ماتت أمها... ولم تشاور غيرها، فهي تدرك جيداً أنهم لن يمانعوا ماداموا جميعاً يجابهون الأعداء.
وبسرعة دخلت رنا إلى غرفتها الخالية من الأثاث ماعدا فراش واطئ، وصندوق تضع فيه ثيابها... بحثت عن معطفها الشتوي الطويل... ولما لم تجده نثرت كل أشياء الصندوق، ثم تذكرت أنهم وضعوه تحت الفراش ليغدو سميكاً.
سحبته بعنف وارتدته والطقس صيف... والحر شديد.
تسللت وراء البيوت وأخذت تجمع ما أمكنها من الحجارة، وتضعها في جيوب المعطف. ولما وجدت أنها لم تتسع لأكثر من عدد محدود، مزقت بطانة المعطف وحشته بالحجارة الصغيرة، ثم سارت متثاقلة وليس في قدمها إلا حذاء كبير مهترئ من البلاستيك تلبسه عمتها أثناء نشر الغسيل.
ولمح أحد الجنودبنتاً صغيرة تمشي ببطء كما لو أنها تسير فوق بيض. ارتعدت عندما تقدم منها، واصفرّ لونها. قال لها:
ـ إلى أين أنت ذاهبة ياقردة؟ ألا ترين أنه ممنوع المرور؟
ارتبكت رنا، ثم نظرت بعينين مذعورتين إلى نفسها، واستجمعت جرأتها وقالت:
ـ أنا مريضة... وذاهبة لعند خالتي قرب السور، لأنه لم يعد أحد في البيت.
تأملها الجندي، ثم قال:
ـ ولماذا هذا المعطف ونحن في عز الصيف؟
قالت:
ـ إنا بردانة... مصابة بالحمى..
ولم يكمل أسئلته حتى كانت قد بدأت تبتعد بخطوات ثابتة، متهيئة لأن تهرب لو حاول أن يقبض عليها. ولكنه أدار وجهه عنها وهو غير مطمئن تماماً، فهؤلاء السكان يملكون من الجرأة والذكاء مالم يكونوا يتصورونه هم المحتلون حاملو الحضارة كما يعتقدون، ممكن أن الطفلة مصابة بالحمى... أو بلوثة في عقلها. ممكن. فكر بهذا ثم انصرف عنها.
رنا لم تكن مصابة بالحمى.. ولا بلوثة في عقلها... لكنها حيلتها ضد عدوها وإلا قبض عليها وفعل بها مايفعلونه بغيرها. وإذا لم تقل ذلك فكيف تنجو منه، وتحقق غايتها؟
وصلت رنا إلى السور وسرعان مانزعت المعطف وأفرغت مافيه من الحجارة أمامها، وأخذت تقذفها حجراً حجراً، وكلما رمت واحداً خبأت رأسها لحظات، ثم رفعته بحذر حتى إذا لم تجد أحداً يراها قذفت الآخر... وهكذا.
كانت تقفز من الفرح، وتدلك يديها كلما أصاب الحجر جندياً، ولم تشعر إلا بيد كالحديد تقبض على عنقها، ثم تصفعها بقوة جعلت الدم ينفر من فمها.
كان ذلك الجندي الذي تركها تمر وقد اعتقد أنها مريضة وبردانة قال بغضب:
ـ أهذه أنت إذن.. مريضة وبردانة... وتذهبين إلى خالتك؟
هيا... سآخذك إلى جهنم أنت وخالتك... هناك أدفأ... ونخلص منكم. أين بيت خالتك؟
وتكورت رنا مثل قطة مدهوسة عندما أمرها الجندي أن تمشي أمامه... ماذا تفعل؟ لم يعد أمامها إلا الاستسلام. لكن رنا أمسكت بالمعطف... تظاهرت أنها تجمعه لتأخذه معها. انحنى الجندي ليبعدها عنه... رمته فوق رأسه، ثم التقطت الحجر الوحيد المتبقي على الأرض... وبينما كان يصرخ ويحاول التملص من المعطف كانت رنا قد اختفت بين البيوت قرب السور.
وعندما كان الجندي يسأل زملاءه: هل رأوا بنتاً صغيرة ترتدي معطفاً شتوياً طويلاً سميكاً؟ كانوا يهزؤون به ويقولون: هل هناك من يرتدي معطفاً في عز الصيف؟
|
|
06-01-2008, 10:09 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى-
عضو رائد
المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
|
قصص قصيرة لأحبابنا الصغار...ليت الطفولة تعود يوما
حــوض ســـــــمك
دخل أحمد إلى غرفته، فوجد قطّته الصغيرة" لولو" تجثم أمام حوض السّمك، تنظر إلى السّمكات الصغيرات الملوّنة، والحصى المتلامعة، وفقاعات الهواء التي يطلقها أنبوب رفيع، موصول بجهاز كهربائي.
تقدّم أحمد من قطّته بهدوء، فلاحظ أنّها تلحس فمها، بينما صار الخط المستقيم داخل عينيها، يشبه صنّارة صيد.
خاف أحمد على سمكاته، لأنّه لم يفطن إلى أنّ قطّته البيضاء، التي أحضرها البارحة من بيت جدّته، تأكل السمك.
ومن غير أن يدري، زعق أحمد في وجه لولو:
- ابتعدي يا جنيّة، وإلاّ أرجعتك إلى بيت جدّتي، الحقّ عليّ، كان يجب أن أترك جدتي تضربك، لأنّك شربكت لها طابة الصوف الحمراء.
نطّت لولو، واختبأت تحت الكرسي، وهي تموء بحزن وانكسار.
ثمّ اقترب من حوض السّمك، وبدأ يعدّ السّمكات.
فجأة، أحسّ بوبر ناعم يدغدع قدميه.. آه... إنها قطّته لولو، لقد أحسسّت أنّه متضايق، فأرادت أن تعرف السّبب، لذا رفعت ذيلها إلى أعلى، فبدا على شكل إشارة استفهام.
هدأ أحمد، وجلس على الكرسي، فنطّت لولو إلى حضنه، وحطّت رأسها على فخذه بينما راحت يده تمسح على شعرها الأبيض، كالقطن.
نظرت لولو إليه، فقال:
- لولو، هل تسمحين بسؤال؟.
دعكت لولو رأسها بقائمتها الأمامية، كأنّها تفكّر، ثم ماءت بصوت منخفض، كإشارة لموافقتها!!.
سألها أحمد:
- هل صحيح أنّك تحبين أكل السّمك؟
ارتجف جلد "لولو" عندما سمعت اسم السّمك وكأن الكهرباء قد مسته. انزعج أحمد من قطّته، وقال:
- أنت ظالمة يا لولو، لقد ارتجفتِ لأنّك كنت تخطّطين لأكلها، انظري إلى تلك المخلوقات الرائعة، ألا ترينها تلمع مثل النجوم؟.
إنّها تعيش في الماء لتبقى نظيفة، تصوّري لولو، لقد ضمرت يداها، كي لا تضرب بهما أحداً وتحوّلتا إلى زعانف صغيرة، تساعدها على السباحة.
بينما ضمرت رجلاها، وتحولتا إلى ذيل، لتتّجه حيث تريد، دون أن تزعج أحداً بصوت أقدامها؟.
أغمضت لولو عينيها، فتابع أحمد غاضباً:
- افتحي عينيك يا كسولة، كثرة النوم تسبّب الخمول، آه ما أنشط السمكات إنها لا تغمض عيونها، حتى في أثناء النوم، هي ليست مثلك يا لولو!!
وقبل أن يكمل تأنيبه للقطّة، سمع صوت أمّه تناديه من المطبخ:
- تعال يا أحمد، الطّعام جاهز، ألا تحبّ السّمك المشوي؟.
قفز أحمد من فوق الكرسي، وركض صوب مائدة الطعام، جلس أمام صحنه، وبدأ يأكل بشراهة.
وبعد أن شبع، تذكّر قطّته الصغيرة البيضاء فأحسّ بأنّه قد بالغ في تأنيبها لذا خجل من نفسه واحمرّت أذناه.
|
|
06-04-2008, 10:04 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}