العزيز طارق القداح
كلّي سعادة بعودتي إليكم
أتمنى أن أكون عند حسن ظنكم دائماً و أبداً .
نأتي الآن للزميل السلفي حيث كتب يقول :
اقتباس:بم ان الملائكة لا تعرف الغيب
فان المقصود من قولها (( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء))
هو اعتقادهم بان المخلوق الجديد سيكون مثل ماسبقهم علي الارض
و أنا أقول لك يا عزيزي السلفي "ما حزرت"
و أن ما قمت به هو مجرد استخدام لآخر ورقات التوت للستر على هذه المشكلة ، و ذلك لأن السيناريو الذي وضعته هنا ، غير كامل .
أنت تقول أنه "بما أن الملائكة لا تعرف الغيب" فإن النتيجة المنطقية أنهم يقيسون على المخلوقات السابقة .
و أنا أقول لك أن هذا السيناريو التوفيقي و التلفيقي لا ينجح ، لأنه ناقص ، تم به استثناء علم الملائكة المستمد من علم الله و إسقاطه من المعادلة ، لذلك فإنه سيناريو ناقص ، و أقترح عليك السيناريو البديل التالي :
بما أن الملائكة لا تعلم الغيب
و بما أن الله يعلم الغيب
و بما أن الله قد علّم الملائكة ما علمها و أن علمه هو المصدر الوحيد لعلمها "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا"
و بناءاً على قاعدة البيانات هذه التي تملكها الملائكة
فقد توقعتْ الملائكة لهذا المخلوق الجديد أن يفسد في الأرض و يسفك الدماء .
و أخبرت الله بهذا التوقّع ، فكان ردّه عليها أن قال لهم أنه يعلم ما لا يعلمون ، أي أنه يتوقع سيناريو آخر أكثر تفاؤلاً .
السياق يقودك إلى هذا السيناريو ، فتوقّع الملائكة لإفساد الإنسان في الأرض و سفك الدماء مبني على علمهم الذي علمهم إياه الله ، لذلك قالوا مباشرة له "لا علم لنا إلا ما علمتنا" ، أما أن يكون توقعهم مبني على قياسهم بالنسبة للمخلوقات السابقة على الإنسان فهذا محض افتراء و تكلف ، لعدة أسباب ، أهمها :
1- عدم وجود قرائن لفظية في السياق تدل على هذا القياس ، بينما نجد في الآيات مباشرة قولهم "لا علم لنا إلا ما علمتنا" مما يدعم وجهة نظرنا بقوة .
2- لا يوجد أي دليل نقلي من القرآن يثبت وجود كائنات مخلوقة سابقة على الإنسان هي مناط للتكليف ، ناهيك عن إرسال الرسل لها كما توهم زميلنا علاءالدين .
ثم يتابع زميلنا السلفي كلامه متعلّقاً بأي قشة أو ظل قشة خشية الغرق فيقول :
اقتباس:"وهذا مافهمه الصحابة و اهل السلف من الاية وهم اعلم الناس بمراد القران"
فنقول له و متى التزمتم أحباءنا المسلمين بتفسير الصحابةو السلف ؟؟؟؟ على علاته و اختلافاته ؟؟؟؟
هل التزمتم في فهمهم للقرآن حين تكلمتم عن الإعجاز العلمي في علم الذرة و الميكانيك و نظرية الكم و الجاذبية و الجينات و البيولوجيا و الكيمياء و الفسيولوجي و غيرها مما تجنيتم به و سرقتموه من بحوث العلماء لتنسبوها - دون أدنى تردد - إلى القرآن ؟؟؟؟؟
لا بل و الأنكى من ذلك هو ما ختم به الزميل السلفي مداخلته حيث قال :
اقتباس:و العلم الحديث ايضا و الاكتشافات الجيولوجية وجدت بقايا هياكل عظمية لمخلوقات شبيهة للبشر من لحم و دم
الآن أصبحتم تؤمنون بالداروينية و المخلوقات الشبيهة بالإنسان !!!
الآن أصبحتم تقرون بوجود كائنات سابقة عليه ، فلماذا إذاً كل هذا القص و اللصق و الترديد الببغاوي لمقالات هارون يحيى التي ينفي فيها الداروينية و كل ما يقوله التطور عن الفصائل السابقة عن الإنسان !!!!!!
الجواب سهل و واضح
إنه التلون الحربائي و الزئبقية التي يتمتع بها المحاوِر المسلم ، و التي تمنحه في أي لحظة أن يؤمن بفكرة لا يتوانَ عن رفضها في حوار آخر لأنها تتعارض مع فكرة أخرى يود إثباتها .
تلك هي اللامنهجية التي نجدها دائماً لدى المنظرين الإسلاميين .
فمرة القرآن يفسّر من خلال الصحابة و السلف الذين هم أدرى الناس به .
و مرة ثانية يعتذر المسلم عن تجاوز قدرات السلف في التفسير متذرعاً بعجزهم عن فهم القوانين الكونية المكتشفة حديثاً .
مرةً يؤمنون بالحديث بل و السيرة و يحضرون لنا قصصاً عن بطولات الصحابة و شهادة الوليد بن المغيرة بحلاوة و طلاوة القرآن .
و مرة ثانية تصبح كتب السيرة و التاريخ و الكثير من كتب الحديث مليئة بالأخبار الضعيفة و التفسير مليء بالإسرائيليات و لا يعوّل عليها و ليس لها قيمة أكثر من الاستئناس و التسلية .
هذا هو ديدنكم يا عزيزي
و هو مرفوض تماماً جملةً و تفصيلاً
و في الختام ، نرجو منك أن تحدد لنا أي الألوان تفضّل ؟؟؟؟
اللون السلفي الذي يعتمد على تفسير الصحابة و السلف للدين (و الذي تسمي نفسك به)
أم اللون الحداثي الذي يعتمد التفسير العلمي و الزغلول و الهاروني و الشحروري للدين ؟؟؟؟
سلام