" قراءة متأنية في شريط الظواهري "
ينطوي الشريط المتلفز الذي اصدره الدكتور ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة علي الكثير من المعاني الجديدة التي تشكل انعطافة مهمة في ايديولوجية هذا التنظيم ونظرته الي الاخرين، خاصة لدي الطائفة الشيعية.
ويمكن تلخيص هذه المعاني في النقاط الرئيسية التالية:
اولاً: حديث الدكتور الظواهري عن تشكيل تحالف للمستضعفين في مواجهة الظلم والعدوان الواقعين عليهما من قبل الامريكيين والاسرائيليين هو دعوة لمصالحة بين المذاهب الاسلامية، او تجميد الخلافات الفكرية فيما بينها علي الاقل، والانصهار في جبهة واحدة.
ثانياً: يفرق الدكتور الظواهري بشكل واضح بين الاشقاء الشيعة الذين يقاومون العدوان الاسرائيلي في لبنان بصلابة، وبين نظرائهم الذين يتحالفون مع الاحتلال الامريكي ومشروعه في العراق. ويعتبر الاوائل وطنيين مجاهدين، والآخرين خونة.
ثالثاً: يحاول الظواهري في هذا الشريط الابتعاد عن نهج ابو مصعب الزرقاوي في العراق الذي استهدف قتل الاشقاء الشيعة واعلان الحرب عليهم انطلاقاً من الخلاف المذهبي، الامر الذي يؤكد ان الرسالة التي بعثها الي الزرقاوي ونهاه فيها عن فتح معركة مع الشيعة كانت صحيحة.
رابعاً: يدرك الدكتور الظواهري بان الحرب في لبنان ستطول، لان اسرائيل لن تنجح بسهولة في انهاء المقاومة الاسلامية، ولذلك يتوقع ان يتحول لبنان الي دولة فاشلة اي بدون حكومة مركزية قوية، الامر الذي سيهيئ المجال لتنظيم القاعدة للانتقال اليها، وفتح جبهة ضد اسرائيل انطلاقاً منها، وهذا ما يفسر قوله ان التنظيم لن يقف ساكتاً امام ما يجري من قتل للابرياء في غزة ولبنان.
خامساً: يربط الدكتور الظواهري بين ما يجري في العراق وافغانستان وبين ما يجري في لبنان وفلسطين، ويري ان هناك تحالفاً صليبياً صهيونياً يستهدف الامة يجب ان يهب الجميع لمواجهته.
سادساً: لعل هذا الشريط يسجل اول استجابة من قبل تنظيم القاعدة للدعوة التي اطلقها السيد حسن نصر الله، وناشد فيها المسلمين الالتفاف حول المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين التي تقاتل نيابة عن الامة بأسرها، وحفاظاً علي كرامتها.
سابعاً: توقيت اصدار الشريط، ونوعيته التقنية العالية، وصياغة عباراته، كلها تؤكد ان الدكتور الظواهري في مكان آمن يؤهله لمتابعة التطورات في المنطقة والعالم عن كثب، وعلي عكس اشرطة زعيم التظيم الشيخ اسامة بن لادن، التي انحصرت في الفترة الاخيرة في الاشرطة الصوتية فقط، وكانت علي درجة سيئة من الناحية التقنية.
ثامناً: يأتي هذا الشريط في اطار الحرب النفسية التي يشنها تنظيم القاعدة ضد الولايات المتحدة وحلفائها العرب علي وجه التحديد، ومن حيث التأكيد علي ان التنظيم ما زال فاعلاً وموجوداً ويزداد قوة، ويقترب اكثر فأكثر من القضية العربية المركزية وهي قضية فلسطين.
المنطقة العربية تشهد حالياً انحسار موجة الاعتدال، وضعف نفوذ الانظمة العربية الرسمية الحليفة لواشنطن في صياغة المنطقة واحداثها وايديولوجيتها، وصعود التطرف وتنظيماته مجدداً، متمثلاً في المقاومة العراقية والفلسطينية (حماس والجهاد وكتائب شهداء الاقصي)، واللبنانية (حزب الله) ، ويحاول تنظيم القاعدة الذي نجح في ايجاد حضور قوي له في العراق بعد افغانستان، ان يكرر الشيء نفسه في لبنان جنباً الي جنب مع حزب الله، وربما بالتنسيق معه اذا وجد قبولاً، وهذا يعني تكرار المشهدين الحاليين في افغانستان والعراق علي الاراضي اللبنانية بشكل او بآخر.
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=...???????fff