باسلوبه الرشيق وسرده لحياته التي هي في الواقع سيرة وطن , ومقابلاته للحكام العرب من صدام والقذافي ومشايخ الخليج ونهرو وغيرهما وطرائف حواري قاهرة المعز والسادات طبعا
يجب ان يتربع على العرش
عمنا محمود السعدني
هذا حزء صغير من مقابلته للسادات في الكويت عام 1976
دخلت الحجرة التي يجلس فيها الرئيس السادات أولا , يتبعني المهندس عثمان احمد عثمان , كان السادات جالسا على مقعد فوتيه له مسند طويل ترتفع حافته , وعندما القيت نظرة خاطفة عليه . لم اشعر انه السادات رئيس مصر ولكنه انور السادات ضابط الجيش المفصول الذي رائيته في بيت زكري الحجاوي عام 50
بالرغم من انه كان يحاول جاهدا أن يبدو كفرعون فرد ظهره تماما ووضع ساق فوق ساق , وتقلصت عضلات وجهه وراح يمضغ الهواء بين اضراسه في حركة عصبية ظاهرة
ولم اتوقع بالطبع ان ينهض الرئيس السادت عند لقائي , ولذلك اتجهت إليه مباشرة , فمد يده في حركة بطئية وقلت بصوت عالي ونا أصافحه , علي الطلاق ما انت واقف يا ريس ! وبدت على شفتيه شبح ابتسامة سرعان ما اجهضها , وكان مصدر عصبيته بالطبع هو هذا الموقف الذي وجد نفسه فيه فجاة فالمفروض أنني من أعدائه والأكيد ان تطاولت عليه بالنكتة والشائعة , وهي أمور ثابتة في محاضر التحقيق وفي اشرطة التسجيل اثناء قضية مراكز القوة عام 1971 || كان من ضمن من فجر قضية مراكز القود وهو الاستاذ محمود السعدني ||
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/E767FEF...37D45B9AA6B.htm
وكان لابد ان يلقاني بتهجم ولانني محمود السعدني ولان بيني وبينه روايات طويلة فهو يخشى ان ينفجر ضاحكا ,فينهي الموقف الدرامي
وعندما جلست امامه , القيت نظرة فاحصة إنه يبدو مرهقا للغاية وتحت عينيه طبقة شديدة من السواد , وفى انحاء وجهه تجاعيد ظاهرة وكان لونه شاحبا . وقبل ان يهم بالكلام بادرته
اللهم صلي على النبي يا ريس وشك زي القمر (ويشهد الله اني كنت كاذبا فيما أقول ) ولكنه أرتاح للاطراء , وخفت حدة توتره وقال بلجهة عدية وصوت خفيف
انا مرهق ياواد
وقلت على الفور اذا كان الاراهاق يعمل فيك كده ياريس , خليك مرهق على طول ,
واستند بظهره على مسند الكرسي وقال
انا ببني مصر ياوله . مصر بقت حاجة تانية ياوله , نا عاوزك جمبي ياوله , تعالى ابني معايا يا وله
واستوقفتني عبارة (تعالى جمبي) حينما تذكرت ما قاله الامير قطز لبيبرس وقتله بيبرس شكا منه ان تعالي جنبي معناها ان يكون سجين بجوار قصرة في سجن القلعة فقتله على الفور
لكن السادات لم يكن قطز ولا انا بيبرس فبلعت الكلمة وسكت , وقبل ان افيق من شطحتي البعيدة سالني السادات
الواد الممثل ما جالكش وقالك انا عاوزك
وسالته الواد الممثل مين يافندم تقصد صبري الخولي (كان يشغل منصب الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية )
قال السادات
لا لا انا اقصد الواد التاني اخوك
قلت تقصد صلاح السعدني
قال ايوا هو ده انا قلت لممدوح سالم يبعت يجيبه
ونفيت للسادت ان يكون شقيقي صلاح السعدني قد كلمني
وعاد السادات واعتدل من جديد وشد قامته وراح يمضغ الهواء باضراسه , وقال
لكن انت ياوله انت ساعة المعركة وقفت ضدي , وانا كنت فاهم انك هتقف معايا ولكنك وقفت مع الجماعة التانيين , وتآمرت علي .
وقلت للرئيس في بساطة شديدة , هو كان في عركة يا ريس , انا معرفتش ان فيه خلاف إلا في التحقيق , وبعدين سيادتك ما بعتليش ليه حد يقولي ان فيه خلاف ؟ وكان سؤالي وجيها ومنطقيا وواضحا
ولذلك سارع السادات الي تغيير مسار الحديث , وقال بلهجة واثقة حكما لا نقض فيه وإبرام : ولكن انت كنت خايف منهم ياوله
وقلت على الفور فعلا ياريس انا كنت خايف منهم
فعقب على الفور قائلا : عندك حق يا ولة انا كمان كنت خايف منهم
وعاد السادات ليسال : ورحت ليبيا
قلت : ايوه ياريس
قال : وقابلت القذافي
قلت : نعم ثلاث مرات وأعلم ان بعض الموظفين نقلوا اليك اني هاجمتك هناك ولكني اتحداهم ان يثبتوا باالدليل المادي صحة هذه المزاعم , وانا اعرف واحد منهم
قال السادات : من هو ياوله , هو قريبك
قلت مازحا بالقطع مش قريبي , وان كان يزعم ذلك لكي ينتسب لعلية القوم
وضحك السادات ضحة صافية وقال والضحكة لا تزال ترن فى حلقه , الله يخيبك
ثم قطع الضحكة وعاد يسألني في لجهة اشبه بالتحقيق . لكن نت كتبت في جريدة السفير البيروتية
قلت نعم وكتبت 90 مقالا وهاجمت كل شيء , ولكني لم أمس شعرة واحدة من رأسك .
وقال السادات وقد عاوده الهدوء براءة ياولة , ثم حدق في وجهي وقال . بس انت لسانك وسخ قوي ياوله وعاوز قطعه | وعقب عثمان للمرة الأولى وقال ده مش يستاهل قطع لسانه ده يستاهل قطع رقبته
والتفت للمهندس عثمان وقلت له أوعى تشتم ياعم عثمان انا بحذرك الريس هو الى يشتم بس
وضحك السادات وقال : انت تعرف عثمان من زمان ؟
واجبته بالايجاب ثم قلت . لكني اعرف سيادتك من قبله وعلى فكرة وهو جايبني انهاردة داخل القصر , كان فاهم ان له نفوذ هنا , وعند الباب واحنا داخلين بص للعساكر وقالهم سيبوه دا معايا , فساله العسكري وانت مين , فقلت لهم سيبوه دا معايا , فضربوا له سلام
كانت نكتة بالطبع , لكن السادات لم ياخذها على هذا النحو
فسالني وهو شديد الدهشة : انت مشهور هنا ياولة؟
فقلت انا مشهور هنا وفي كل العالم العربي ياريس
قال : عجايب مع انك بتستخدم العامية المصرية كثر
قلت : اللهجة المصرية هي لجهة العرب والاهتمامات المصرية اهتمامات عربية والهموم المصرية هموم عربية يا ريس
وهنا قال السادات : ايوا لكن دوخوني ياوله , واحنا مش هندبح نفسنا عشانهم , أنا عاوز انقد مصر ياوله
ثم قال السادات لو كنت استنيت شوية بعد الحبس كنا غفرنالك لكن انت استعجلت
ثم بدا يتحدث عن الطريق الطبيعي لمصر وكرر العبارة اكثر من مرة
ثم قال كانه يحدث نفسه : خربوها الله يخرب بيوتهم , ولم أفهم ماذا يعني الرئيس السادات بهؤلاء الذين خربوها (الله يخرب بيوتهم)
ولاذ بالصمت فترة قبل ان يقول : خلاص ياواد يا محمود إحنا اتفقنا تعالى مصر ان كنت عاوز وهتلاقي كل شيء سهل .
هذة فقرة بسيطة من الحوار ومن ويريد التتمة عليه بشراء كتاب الولد الشقى في المنفى .:D