{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
التضخم الكلامي.
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #11
التضخم الكلامي.
Array اقتباس من بهجت:
نعم إن النهضة لا يمكن أن تتم سوى بالشعب كأدوات مادية و لكن ليس خلال تبني أفكارها و معتقداتها التي تكون مفارقة للعصر كله ، علينا إما القبول أو الرفض للأصوليات كلها ، خاصة الأصولية الإسلامية من حيث هي عقيدة مطلقة فلا حل وسط ، ولو كان خيارنا هو الأخير فسوف نكتشف أننا تحررنا من وهم كبير ، لقد انتهى عصر الأيديولوجيا ... الحلم بنهضة الشعوب و الحلول الراديكالية هي أفكار قد شبعت موتا و أصبحت شيئا من الماضي البعيد ، لقد سقطت الأيديولوجيا مع أندحار الإتحاد السوفيتي ، لا يوجد أحد الان يحلم باليوتوبيا أو يتصور حلا سحريا و أن المستقبل يمكن أن يتجاوز الحاضر بصورة أساسية ، إن تلك الأحلام و عبادة الشعوب التي تحمل الحقيقة و ستنهض بعد سماع النفير الثوري هو نوع من ( اللااتصال بالواقع ) ، قليلون هم الذين يتصورون أن يكون المستقبل شيئا سوى صورة مشابهة للحاضر[/quote]

اعتقد ان التحدث عن الشعب بهذه الطريقة هي طريقة سقراطية . فما هو الشعب ، هل هو تلك الجماهير غير المرئية ، ام تلك الاصفار التي يلزمها عدد عن يسارها . ارى بان النهضة يلزمها جزء محدد من الشعب و ليس" الشعب " بشكل مبهم . و هذا الجزء هو منظمات شعبية و نقابات و مؤسسات ديموقراطية تتحالف لكي تقوم بالتغيير . ف "الشعب" بالمفهوم المستخدم قوميا ، اثبت انه ليس الا قطيع قد يجره ديكتاتور نحو الهاوية ، او قد تجره مؤسسات حضارية نحو المستقبل الافضل .

و اعتقد ان عصر الايديولوجيا لم ينته بعد ، فالديموقراطية نفسها هي نوع من الايديولوجيا . فالايديولوجيا هي مجمل الافكار و المفاهيم و العقائد، التي يؤمن بها حزب ما، او شعب ما . فلا يمكن ان يكون هناك عصر بلا ايديولوجيا ، او يعيش شعب بلا ايديولوجيا ! فالذي سقط مع سقوط الاتحاد السوفييتي و اندحار الشيوعية ، هو الايديولوجيا الشمولية . و هي ما يجب المطالبة، عمليا ، باسقاطها ، اكانت ماركسية او دينية او فاشية او نازية ، او اي شكل شمولي جديد من الايديولوجيات المستحدثة .ولا اعتقد ان لا احدا اليوم يحلم باليوتوبيا . لان تسعة اعشار سكان هذا الكوكب تحلم بيوتوبيات مختلفة . و تأمل دوما بحلول سحرية لمشاكلها تاتي من خلف الدين ، او من خلف ايديولوجيا شمولية طبقية، أو ...الخ . و لا اعتقد ان هناك من يعبد الشعوب ، بل هناك من يستحمر الشعوب و يركبها ، عبر استثمار واقعيا تماما ، لرغبات و اماني و تطلعات تلك الشعوب البائسة !


:Asmurf:
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 01-07-2009, 07:51 PM بواسطة Awarfie.)
01-07-2009, 07:50 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #12
التضخم الكلامي.
Array

و اعتقد ان عصر الايديولوجيا لم ينته بعد ، فالديموقراطية نفسها هي نوع من الايديولوجيا . فالايديولوجيا هي مجمل الافكار و المفاهيم و العقائد، التي يؤمن بها حزب ما، او شعب ما . فلا يمكن ان يكون هناك عصر بلا ايديولوجيا ، او يعيش شعب بلا ايديولوجيا ! فالذي سقط مع سقوط الاتحاد السوفييتي و اندحار الشيوعية ، هو الايديولوجيا الشمولية . و هي ما يجب المطالبة، عمليا ، باسقاطها ، اكانت ماركسية او دينية او فاشية او نازية ، او اي شكل شمولي جديد من الايديولوجيات المستحدثة .ولا اعتقد ان لا احدا اليوم يحلم باليوتوبيا . لان تسعة اعشار سكان هذا الكوكب تحلم بيوتوبيات مختلفة . و تأمل دوما بحلول سحرية لمشاكلها تاتي من خلف الدين ، او من خلف ايديولوجيا شمولية طبقية، أو ...الخ . و لا اعتقد ان هناك من يعبد الشعوب ، بل هناك من يستحمر الشعوب و يركبها ، عبر استثمار واقعيا تماما ، لرغبات و اماني و تطلعات تلك الشعوب البائسة !


:Asmurf:
[/quote]
كغيرها من المصطلحات السياسية و الفكرية هناك تعريفات متعددة للأيديولوجيا ، فلا يمكن فصل التعريف عن تحيزات الإنسان و مواقفه ، بل يمكننا أن نقول أن الموضوعية المطلقة ستكون مستحيلة و أن الإنسان نفسه جزء من التعريف ، و كثير منا يتذكر قول ناعوم تشومسكي أن من يفرض تعريفه سيفرض رؤيته و بالتالي إرادته ، ولن أختلف كثيرا مع من يرى أن أكثر تعاريف الأيديولوجيا تداولآ القول أنها رؤية الناس للعالم ، و بالتالي الأسلوب القياسي الأمثل الذي يجب أن يعيشوا به ، أو أنها القاسم المشترك بين معتقدات مجموعة من الناس ، يشكلون حزبا أو نحلة دينية أو حتى أمة ، و لكننا عادة و بشكل عملي نستخدم مصطلح الأيديولوجيا للتمييز بين مجموعات الأفكار المختلفة ، فعلى سبيل المثال يمكننا أن نرى هناك أيديولوجيا سنية و أخرى شيعية ، و بنفس المقياس يمكننا أن نرى أنه في الولايات المتحدة توجد بشكل عام أيديولوجيا ديمقراطية و أخرى جمهورية ، و فهمنا للتنوعات الفكرية تمكننا من سهولة مخاطبة منتسبيها ، كما أن التقسيم الأيدولوجي يجعل الناخب الأمريكي لا ينظر عادة أبعد من الحزبين الرئيسين عندما يختار ممثليه ، أو تجعل المراقب لا يرى أن هناك مسلمين خارج السنة و الشيعة .
هذا كله طرح أكاديمي يختلف كلية مع ما أشرت إليه ، إن المتابع المهتم يشعر أن تأثير الأيديولوجيا يخفت في الثقافات القائدة في العالم كله ، و أن عصر هيمنة الأيديولوجيات قد غرب بالفعل ، هذه القضية تناقش بشكل مستفيض في الجدل الغربي ، منذ سنوات طويلة خاصة في ضوء السقوط الهائل للشيوعية في معقلها الأساسي في روسيا و المعسكر الشرقي السابق ، فالأيديولوجيا مثلا كانت محور الممارسات الشيوعية ، فهي كما يعرفها الماركسيون أداة الطبقة الرائدة لإنتاج المجتمع ، و لكن لا يوجد الان في الغرب من يعطي تلك القداسة الفائقة للأفكار السائدة في المجتمع ، و لكنهم يضعونها تحت أضواء النقد المستمر ، و ذلك بالطبع على النقيض من الشعوب المتخلفة ، إن تعبير ( نهاية عصر الأيديولوجيا ) ليس جديدا ، بل هو تعبير قديم يعود للخمسينات من القرن الماضي ، و قد ظهر هذا التعبير لأول مرة في كتابات الروائي و كاتب المقال الشهير ( ألبير كامي ) عام 1946 تحديدا ، و قد صاغ هذه الفكرة بوضوح رايمند آرون في كتاب شهير يقتبس كثيرا هو كتاب ( أفيون المثقفين ) ، إن تعبير الأيديولوجيا ارتبط سياسيا بنوع من الإيمان السياسي ، كما ارتبط في أذهان المفكرين بالثورة و اليوتوبية ،و هذان قد انتهيا على الأقل في نموذجهما الغربي ، فالخلافات السياسية لم تعد تؤدي إلى صراعات أيديولوجية ، فأيديولوجيات القرن 19 قد أنهكت و فشلت ، قوضتها أهوال الشيوعية السوفيتية في جانب و نجاح الرأسمالية الليبرالية في جانب آخر ، وفي العالم الغربي – بل في العالم كله تقريبا – إجماع تقريبي بين المثقفين حول قضايا سياسية مثل قبول دولة الرفاه ، و السلطة اللامركزية و نظام يقوم على قبول الإقتصاد المختلط و التعددية السياسية .
يبقى أن أشير أن محاولة إحياء الأيديولوجيا اليمينية بواسطة اليمين الجديد و جورج بوش في أمريكا قد سقطت سقوطا مدويا ، كدليل آخر على نهاية عصر الأيديولوجيا .
01-10-2009, 05:15 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #13
التضخم الكلامي.
Array
كغيرها من المصطلحات السياسية و الفكرية هناك تعريفات متعددة للأيديولوجيا ، فلا يمكن فصل التعريف عن تحيزات الإنسان و مواقفه ، بل يمكننا أن نقول أن الموضوعية المطلقة ستكون مستحيلة و أن الإنسان نفسه جزء من التعريف ، و كثير منا يتذكر قول ناعوم تشومسكي أن من يفرض تعريفه سيفرض رؤيته و بالتالي إرادته ، ولن أختلف كثيرا مع من يرى أن أكثر تعاريف الأيديولوجيا تداولآ القول أنها رؤية الناس للعالم ، و بالتالي الأسلوب القياسي الأمثل الذي يجب أن يعيشوا به ، أو أنها القاسم المشترك بين معتقدات مجموعة من الناس ، يشكلون حزبا أو نحلة دينية أو حتى أمة ، و لكننا عادة و بشكل عملي نستخدم مصطلح الأيديولوجيا للتمييز بين مجموعات الأفكار المختلفة ، فعلى سبيل المثال يمكننا أن نرى هناك أيديولوجيا سنية و أخرى شيعية ، و بنفس المقياس يمكننا أن نرى أنه في الولايات المتحدة توجد بشكل عام أيديولوجيا ديمقراطية و أخرى جمهورية ، و فهمنا للتنوعات الفكرية تمكننا من سهولة مخاطبة منتسبيها ، كما أن التقسيم الأيدولوجي يجعل الناخب الأمريكي لا ينظر عادة أبعد من الحزبين الرئيسين عندما يختار ممثليه ، أو تجعل المراقب لا يرى أن هناك مسلمين خارج السنة و الشيعة .
هذا كله طرح أكاديمي يختلف كلية مع ما أشرت إليه ، إن المتابع المهتم يشعر أن تأثير الأيديولوجيا يخفت في الثقافات القائدة في العالم كله ، و أن عصر هيمنة الأيديولوجيات قد غرب بالفعل ، هذه القضية تناقش بشكل مستفيض في الجدل الغربي ، منذ سنوات طويلة خاصة في ضوء السقوط الهائل للشيوعية في معقلها الأساسي في روسيا و المعسكر الشرقي السابق ، فالأيديولوجيا مثلا كانت محور الممارسات الشيوعية ، فهي كما يعرفها الماركسيون أداة الطبقة الرائدة لإنتاج المجتمع ، و لكن لا يوجد الان في الغرب من يعطي تلك القداسة الفائقة للأفكار السائدة في المجتمع ، و لكنهم يضعونها تحت أضواء النقد المستمر ، و ذلك بالطبع على النقيض من الشعوب المتخلفة ، إن تعبير ( نهاية عصر الأيديولوجيا ) ليس جديدا ، بل هو تعبير قديم يعود للخمسينات من القرن الماضي ، و قد ظهر هذا التعبير لأول مرة في كتابات الروائي و كاتب المقال الشهير ( ألبير كامي ) عام 1946 تحديدا ، و قد صاغ هذه الفكرة بوضوح رايمند آرون في كتاب شهير يقتبس كثيرا هو كتاب ( أفيون المثقفين ) ، إن تعبير الأيديولوجيا ارتبط سياسيا بنوع من الإيمان السياسي ، كما ارتبط في أذهان المفكرين بالثورة و اليوتوبية ،و هذان قد انتهيا على الأقل في نموذجهما الغربي ، فالخلافات السياسية لم تعد تؤدي إلى صراعات أيديولوجية ، فأيديولوجيات القرن 19 قد أنهكت و فشلت ، قوضتها أهوال الشيوعية السوفيتية في جانب و نجاح الرأسمالية الليبرالية في جانب آخر ، وفي العالم الغربي – بل في العالم كله تقريبا – إجماع تقريبي بين المثقفين حول قضايا سياسية مثل قبول دولة الرفاه ، و السلطة اللامركزية و نظام يقوم على قبول الإقتصاد المختلط و التعددية السياسية .
يبقى أن أشير أن محاولة إحياء الأيديولوجيا اليمينية بواسطة اليمين الجديد و جورج بوش في أمريكا قد سقطت سقوطا مدويا ، كدليل آخر على نهاية عصر الأيديولوجيا .
[/quote]

في هذه الامثلة كلها انت تتحدث عن سقوط ايديولوجيات مختلفة ، و ليس عن سقوط الايديولوجيا . فالايديولوجيا لا تموت ولا تخفت لانها تعبير عن رؤية شعب ما للكون من حوله ، و لطريقة التعامل مع هذا الكون . ولا يمكن ان يعيش مجتمع بلا ايديولوجيا . و الحديث عن نهاية عصر الايديولوجيا كحديث احدهم عن نهاية التاريخ .


:Asmurf:
01-10-2009, 11:49 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
جادمون غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 815
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #14
التضخم الكلامي.
افتقدت بهجت هذه الايام ... والايام التي مضت ...

وعاد اليوم

كعادته

بموضوع شيق يستفز العقل .. ويضع النقاط على الحروف ..

شكرا لك
01-10-2009, 01:13 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #15
التضخم الكلامي.
" إن القضاء على الرأسمالية و إعادة بناء الإقتصاد على أسس إشتراكية إنما يعني التخلص من كل آلام الأسنان للإنسانية كلها " . لوكاتش – مفكر مجري .
.........................
"أليس من الأيسر
بالنسبة للحكومة في هذه الحالة
أن تقوم بحل الناس و تنتخب سواهم ". برتولد بريخت – شاعر و مسرحي ألماني شهير .


الزملاء الكرام .
تحية طيبة للجميع .(f)
خلال الفترة الماضية توقفت عن المشاركة أو حتى متابعة الحوارات داخل نادي الفكر و خارجه ، تجاوبا مع حالة الحزن و الألم لمأساة غزة و شعبها ، ورغم أن الأحزان القديمة لم تتوقف أبدا ، فالأفكار القديمة و اللغة القديمة و الممارسات القديمة أصبحت تصيبي بالغثيان ، خلال هذا الشريط أعود للحوار كلما أمكنني ذلك ، باعثي هو إحترام مشاركة زملاء أعزاء أقدرهم .
بداية أشكر الأخ سيربيكو على رفع الشريط ،و أحيي الأخ بني آدم على مداخلته ، و أدين بالشكر للأخ العزيز جادمون على تقدير أضعه وساما ، كما أشكر الأخ أوارفي على مشاركتيه .
إستجابة لمداخلتي أوارفي و خلال أسطر قليلة سأعقب على موضوع الأيديولوجية ، طالبا من الزملاء المولعين بالموضوعية الصارمة ، و الذين يتألمون من تعدد الموضوعات التي يتناولها الشريط أن يرونه موضوعا جديدا بعنوان (الأيدولوجية) ، أو أن يتوقفوا عن متابعة الشريط اليوم عند هذه الجزئية ، و لكني أرى أن التضخم الكلامي من متلازمات المناخ الأيديولوجي ، و أننا لم نغادر الموضوع الرئيس كثيرا ، على الأقل إلى الحد الذي يستوجب تقطيبة طويلة صارمة !.
أولآ : أحب أن يكون واضحا أننا عندما نقول بانتهاء عصر الأيديولوجيا أن هذا لا يعني أنه لا توجد أيديولوجيات في هذا العالم ،و لكننا نقول ذلك بنفس المعنى القصدي عندما يقول نيتشه أن الله قد مات ، أو عندما نقول بانتهاء عصر الأديان أو بأفول الدولة القومية ، هذا بالطبع لا يعني أن الله مات و نشر نعيه في الصحف ، أو أن الأديان اختفت كلها ، و أن نموذج الدولة القومية إنتهى ، و لكنه يعني أن الإيمان بوجود الخالق لم يعد ضروريا لفهم العالم و إدارته ، و أننا نزعم أن الأديان لم تعد تلعب الدور الرئيس في تحريك الأحداث و صناعة التاريخ كما كان الأمر سابقا ، و أن نموذج الدولة القومية لم يعد النموذج الوحيد أو القياسي القائم ، بل أن هذا النموذج يتعرض لتحديات هائلة تنحيه من مركز السيادة ، هذا التحديات تتمثل من جانب في التفكيك dissimilation إلى نماذج سابقة للدولة القومية ، كما يحدث في لبنان و العراق و السلطة الفلسطينية ، و من جانب آخر في التجميع assimilation ، كما يحدث في الإتحاد الأوروبي ، و مقولتي ببساطة ووضوح هي أن هيمنة الأيديولوجيا على تحريك الأحداث قد إنتهت ،و أننا في عصر مابعد الأيديولوجيا .
ثانيا : يرى صديقنا أوارفي أننا ما زلنا في عصر الأيديولوجيات ، و هذا الرأي يخالف ما ذهبت إليه ، و لأني لست معيارا للصدق للمطلق ، فأقول أن رأي أوارفي له أيضا و جهاته ، و لكني انتظرت مزيدا من الدعم لهذا الرأي بحجج تنهض دليلا عليه ،و لكن لا يبدوا أن هناك من سيفعل الآن ، لهذا سأقدم هنا دعما لرأي لا أوافقه من أجل مزيد من إثراء الحوار! .
إن ما يبدوا أنه انحسار نهائي للأيديولوجيا ربما يكون مجرد مرحلة في مسارها ، ففي السابق مر التفكير ذو المنحى الأيديولوجي بمراحل من المد و الجذر ، فعقب الحرب العالمية الثانية وسقوط النازية و الفاشية ،و أيضا عقب نهاية المرحلة الستالينية و تكشف جرائمها و إدانتها بواسطة خروشوف ، و التدخل العسكري السوفيتي في المجر عام 1956 ، بدا كما لو أن الفكر الأيديولوجي يحتضر بالفعل ، و من هذه المرحلة اقتيس بهجت ما أورده في مداخلته السابقة لألبير كامي و رايموند آرون ، و لكن في المقابل شهدت الستينات مرحلة جديدة من المد الراديكالي ، فمع انتفاضة الطلاب في أوروبا و حركة الحقوق المدنية و القوة السوداء في أمريكا ، و الإحتجاج ضد الحرب الفيتنامية و النضال الوطني من أجل التحرر و الحركة النسوية ، بدا العالم غارق في الثورة و الأيديولوجيا ، و أن الأيديولوجيا تتعاظم أكثر من أي يوم مضى ، لهذا كان من الطبيعي أن نرى أن كل المجتمعات الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة تواجه بوادر العصيان في داخلها ،و أتذكر الآن قول جيفارا لبعض الراديكاليين الأمريكيين في الستينات أنه يحسدهم لأنهم ينهشون في أمعاء الوحش ، و بالرغم أن هذه المرحلة انتهت بالفعل ، و أن الوحش الأمريكي هو الذي ابتلع الثوار في جوفه ، إلا أنه لا يوجد نظريا ما يمنع من فوران أيديولوجي جديد ، في ظروف أخرى و بشكل جديد ،و لكن هذه المرحلة الجديدة من المد الأيديولوجي لا تلوح في الأفق الآن .
هناك أيضا مايمكن أن ندعم به فكرة استمرار الأيديولوجيا ، فلو خرجنا خارج المركز الغربي إلى الأطراف ، سنواجه بالفعل بإنتفاضة الأيديولوجيات الدينية الإسلامية و اليهودية على السواء ، سواء الأصولية الشيعية أو السنية أو الأصولية اليهودية ، بالطبع يمكن الدفع بهامشية المجتمعات الأصولية الإسلامية ، و لكن هذه الهامشية لا تمنع الأيديولوجيات الإسلامية و اليهودية من تهديد العالم كله بالفعل ،ولا يقتصر تأثيرها على منطقة بعينها . أكثر من ذلك فإني ألاحظ أن العقل العربي أيديولوجي إلى درجة الإدمان ، فمن الصعب دائما أن تصادف عقلا يعمل خارج فضاء أيديولوجي ما ، ليس بالضرورة أن تكون أيديولوجية دينية رغم أنها هي السائدة بنسبة هائلة ، خاصة في العقل السياسي الشيعي ، فمثلا مع الأزمة الإقتصادية العالمية الأخيرة ، أجد أن معظم العرب و كل المصريين يتحدثون عن سقوط الليبرالية و الرأسمالية ،و يناقشون بدائلا أيديولوجية سواء إشتراكية ماركسية أو إسلامية ، بينما العقل الغربي يناقش تفاصيل المشكلة و الحلول العملية لها ، بشكل إحترافي فني و بعيدا عن الصيغ الأيديولوجية العقائدية ، ربما باستثناء أبلها مثل جورج بوش ،و الذي يمتلك عقلية شرق أوسطية مثيرة للدهشة .
ثالثا : يؤكد أوارفي على استمرار اليوتوبيا كفكر . ولو استثينا الشعراء و الحالمين و كتاب القصص الخيالية ، فعلينا أن نسلم بأن أحداث 1989 تمثل تحولآ حاسما في روح العصر ، و أن موت الشيوعية قد إنتزع القوة من الراديكالية و أضعف حتى الليبرالية ، فالمفارقة الأساسية في الموقف أن هزيمة الراديكالية تستنزف القوى الحيوية لليبرالية ، و لهذا يتحدث فوكوياما في مقال سابق عن صدور كتابه عن " الإنهاك الكامل لأي بدائل منظمة و قادرة على الحياة لليبرالية الغربية " ، و بعيدا عن قلة من المتمسكين بعنادهم ،و المنعزلين في بعض العواصم و الجامعات هنا و هناك ( سمير أمين صديق أوارفي على سبيل المثال !) ، فإن المثقفين في الغرب خاصة قد أصبحوا طوعا أو كرها ليبراليين ، ففي زمن آبائنا كان من الطبيعي أن تجد من يحلم بمجتمع مثالي ، و مستقبل اشتركي مشرق يتم فيه القضاء على الرأسمالية ، أما اليوم فمن غير الواقعي أن نتخيل مستقبلآ أفضل بنحو جذري عما نحن فيه ، فاليوم لا يحلم الإشتراكيون و اليساريون بمستقبل يختلف إختلافا كليا عن الحاضر ، وفي أفضل الحالات يتصور الإشتراكيون و الراديكاليون مجتمعا معدلآ قليلا يتيح قضمة أكبر من الكعكة لمزيد من الزبائن ، إن الإشتراكية الآن لا تختلف عن الليبرالية الغربية القائمة على نهاية الأيديولوجيا ، فاليسار في كل مكان أصبح براجماتيا و عمليا و ليبراليا ، ليس فقط في ممارساته بل أيضا في أفكاره ،ولم يعد هنلك بين التيارات السياسية التي قامت لمناهضة الرأسمالية في القرن 20 تيار واحد مازال يمتلك الروح المعنوية أو خارطة للطريق ، و يلخص الفيلسوف ريتشارد روتي هذا الموقف بلستنتاج أن دولة الرفاه البورجوازية الديمقراطية هي أفضل ما يمكن أن يتطلع إليه إنسان يدرك حقائق هذا العالم ، و يرى مفكر يساري شهير آخر هو توماسكي أن إصلاحات صغيرة في السوق هي الحد الأقصى للطموح السياسي ، علينا أن نسلم أيضا بنهاية اليوتوبيا و حتى إشعار آخر .
يبقى أن كل من النقاط التي أثرتها تستحق أن تكون موضوعا لشريط قائم بذاته بل لكتاب أو لمجموعة من الكتب ،و بعضها بالفعل موضوع لأكثر من كتاب مثل كتاب راسل جاكوبي
( The End Of Utopia)
( Politics And Culture In An Age Of Apathy)
و كتاب ستيوارت هيوز ( The End Of Political Ideology )
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 01-13-2009, 02:25 AM بواسطة بهجت.)
01-13-2009, 02:23 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #16
التضخم الكلامي.
أحيانا يكون الشعور بالغثيان حالة ناتجة عن ضيق بسبب ازعاج ما . و عسى الا تكون افكاري هي التي تزعجك يا عزيزي :97:
عودة الى الموضوع اعلاه :

--و مقولتي ببساطة ووضوح هي أن هيمنة الأيديولوجيا على تحريك الأحداث قد إنتهت ،و أننا في عصر مابعد الأيديولوجيا ................. إلا أنه لا يوجد نظريا ما يمنع من فوران أيديولوجي جديد ، في ظروف أخرى و بشكل جديد ،و لكن هذه المرحلة الجديدة من المد الأيديولوجي لا تلوح في الأفق الآن .
------------------------
لا أجد مبررا لقول مثل هذا الكلام ؟ ذهبت الصيف الشيوعية ، باللبن الايديولوجي الذي كانت تنشره ، اكان باسطورة غيفارا ، أو ماو ، أو ستالين ، أو غيرهم . أما اليوم ، اوليست الحرب على العراق مرتبطة بايديولوالقضاء على الارهاب ، و اسلحة التدمير الشامل ، و نشر الديموقراطية . أوليست تلك الافكار هي الايديولوجيا الامريكية بعينها !!


--إن ما يبدوا أنه انحسار نهائي للأيديولوجيا ربما يكون مجرد مرحلة في مسارها ،
------------------------
هو فعلا كذلك . مجرد مرحلة ترتبط بنوع تلك الايديولوجيا .


--بدا العالم غارق في الثورة و الأيديولوجيا ،
-------------------------
نعم لقد كان العالم غارقا حتى أذنيه ، بالايديولوجيا الشيوعية ، التي كانت تجد مصدر شحن قوى من قبل السوفييت .

-- ألاحظ أن العقل العربي أيديولوجي إلى درجة الإدمان ،
-------------------------
فكرة فيها من النمطية ما فيها . انها تعمل حسب اسلوب محمد عابد الجابري في نقده للعقل العربي. كل الشعوب يا عزيزي بهجت تعمل بالايديولوجيا ، و في كل العصور . و سبق ان قلت لك بان الانسان كفرد او كجماعة لا يمكن ان يعيش بلا ايديولوجيا .

-- يؤكد أوارفي على استمرار اليوتوبيا كفكر . ....... سمير أمين صديق أوارفي على سبيل المثال !)
--------------------------
هل تقوّلني ما لم اقله ، و تحمّلني ما لا ارغب حمله يا بهجت ! لا يا عزيزي ، فانت تخلط بين الايديولوجيا و اليوتوبيا . ثانيا ، انا لست من مؤيدي سمير امين ، فهو شيوعي و أنا لست شيوعيا ! و لقد انتقدته في ثلاث مقالات .

المحصلة ، يبدو ليس ان فكرة الايديولوجيا غير واضحة لديك . لهذا اجدك لا تميز بين سقوط
ايديولوجيا او غيره من جهة ، و بين سقوط الفكر الايديولوجي بشكل عام ، من جهة اخرى .

تحياتي .

01-13-2009, 09:12 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #17
التضخم الكلامي.
أوارفي .:97:
يا صديقي أنت لا تصيبني بالغثيان ، بل على العكس أشكر لك – كأي زميل في النادي - إهتمامك و مشاركاتك ، إنني أرحب بكل الأفكار طالما يلتزم صاحبها بقواعد الحوار ، بل أرحب بالأفكار المخالفة لأنها تمكنني من معرفة الأفكار السائدة ، و بالتالي يمكنني ضبط الإيقاع فلا أسرع كثيرا عن خطوات الزملاء .
ليس عيبا ألا يكون الإنسان غير مهتم بالتنظير الفكري ، و ليس عيبا أن يستمع و أن يدقق أفكاره ، و أن يحاول تأصيلها ، و سوف تدهش من الجهد الذي أبذله في ذلك ، إننا نختلف في درجة إهتمامنا بالقضايا الفكرية ، و من الطبيعي أن يكون بعضنا أكثر دراية أو خبرة من الاخرين في مجال دون آخر ، إني آخر إنسان يحاول أن يسفه أفكار الآخرين ، بل أنقد الآراء المخالفة بأكبر قدر من الحساسية و التسامح ، وربما يصل الأمر إلى (التنطيش) عن أخطاء فجة منعا لإحراج الزملاء بلا ضرورة ، كما أني لا أحاول أبدا أن أستدرج أحدا إلى عالم القضايا التي أجيد الإبحار فيها ، هذه الإجادة ليست نتيجة قدرات استثنائية بل هي نتيجة قراءات متصلة لسنوات طويلة تفوق ضعف متوسط الأعمار في النادي ، و لكني أحيانا أحاول تدقيق بعض الأفكار التي نطرحها للفائدة العامة لا أكثر ، فلست باحثا عن قدر أبعد مما أحوزه بلا عناء ولا عنت ، بل في الواقع لست باحثا عن أي قدر على الإطلاق ، فكل هذه الأشياء خلفي الآن .
أريدك أن تعيد التفكير في القضايا التالية .
1- هل يمكن أن نعتبر الديمقراطية نوعا من الأيديولوجيا ، أم هي من طبيعة مختلفة و أنها مجرد نسق أو نظام سياسي ؟.
حسنا ربما كنت تقصد الليبرالية كأيديولوجية .(طيب نفوت دي .)
2- في هذه الحالة إلى أي مدى يمكن أن نتعامل مع الليبرالية كنوع من الأيديدلوجية ؟، هل الليبرالية إطار أو منهج سياسي أو عقيدة سياسية ( أيديولوجية ) ؟، أرجوا ألا تتعجل ، بل لماذا لا تذهب إلى شريط طرحه الجندي المجهول بهجت بعنوان ( الليبرالية بين السماء و الأرض ) ، فربما ستنظر أعمق إلى الليبرالية ،و بالمرة تعيد به و بغيره إكتشاف زميلا لك في النادي هو بهجت ، و تعلم أيضا أن العنقاء أكبر أن تصادا !.
3- هل كل تفكير سياسي هو من خلال أيديولوجيا محددة أم أن هناك تفكير غير أيديولوجي ؟.ولو كان كل تفكير سياسي هو تفكير أيديولوجي كما تعتقد ، فكيف يتحدث المفكرون في الغرب عن عالم مابعد الأيديولوجيا ، هل ذلك يعني انتهاء الفكر السياسي ، أم هل هم مثل بهجت أيضا يخلطون الأمور ؟.و ألا يدعوك ذلك لمحاولة تدقيق بعض أفكارك ، كما نفعل جميعا .
4- هل إشتراكي مع آخرين في وصف العقل العربي بأنه أيديولوجي يعني أنه غير أيديولوجي ؟!،و هل القول بالطبيعية الأيديولوجية للعقل العربي السياسي هو ذاته أن نقول بنمطية هذا العقل ؟.و بالمناسبة هذه هي المرة الثانية التي تحدثني عن فكرة طرحتها بأنه سبقني إليها محمد عابد الجابري ، و بالطبع لا يسؤوني ذلك ، فلست أزعم أن الوحي يهبط علي بالأفكار ، و لكني لا أنقل نصا لأحد دون أن أذكر المصدر ، كما أني للأسف لم أقرأ للجابري سوى النذر اليسير ، لأني أجد صعوبة في متابعة النصوص الفكرية العربية خاصة المغاربية ، بسبب فوضى المصطلحات العربية ، و أفضل أن أقرأ للكتاب الغربيين باللغة الإنجليزية أو خلال ترجمات منتقاة ، ولكني لا أستطيع أن أقرأ بالفرنسية كتبا كاملة ، وقد حاولت ذلك مع محمد أركون و لكني توقفت في منتصف الطريق ،و بحثت عن ترجمة عربية للكتاب .
لست أدري يا صديفي كيف فهمت أني لا أفرق بين الأيديولوجية و اليوتوبيا ، بل كيف تتصور أن هناك مهتم بالشان العام لا يفرق بينهما ؟، أنت بذلك ستدفعني كي أثرثر قليلا عن تلك الفرعية ، فربما يكون هناك بالفعل من يشاركك الظن بأن التفرقة بينهما شأنا (عويصا) ، إن أول اتصالي بمصطلحات من نوعية الأيديولوجيا و اليوتوبيا كان منذ 45 عاما بالتمام و الكمال ، أي ضعف متوسط الأعمار هنا ، و كان ذلك خلال برامج إذاعية كثيفة و كتب رخيصة الثمن كانت تذاع و تنشر في الفترة الناصرية بهدف نشر الفكر السياسي الإشتراكي تحديدا ، و لن تصدق إلى أي حد مازالت مثل هذه الموضوعات حية في ذهني إلى اليوم ، بل أني مازلت أتذكر برنامجا في صوت العرب ، كان يتناول تلك المصطلحات بشكل درامي في عام 1964 ، و كنت استمع إليه بانتظام حتى في فترة إختبارات كلية الهندسة ،و ما أدراك ماهي .. نار حامية !، و قد دعم هذه المعلومات و عمقها بعد ذلك قراءات متصلة كانت و مازالت هوايتي الأساسية ، و لأني تحدثت عن الأيديولوجيا بما فيه الكفاية في شريط غير مخصص لها تحديدا ، أحب أن أركز هنا حديثي عن بعض الأفكار عن اليوتوبيا ، و سأفعل ذلك بلا أي مذكرات مكتوبة بل خلال استرسال الخواطر ، راجيا منك و من الزملاء تصحيحها عند الضرورة بلا أي حرج .
1- اليوتوبيا هي المدينة الفاضلة كما نعربها ، و هي تصوير لمجتمع يعيش بشكل مثالي ، و كنصوص تطرح غالبا في شكل روائي أو درامي ، و فيها يعبر الكاتب عن تصوره للإصلاحات و الممارسات و القوانين و النظم الواجب اتباعها في المجتمعات الإنسانية ، و لأن هذه المجتمعات خيالية و مثالية بما يخرجها عن الحياة الواقعية ، فقد أطلق تعبير طوباوي ( من يوتوبيا ) ، على كل ماهو مثالي لا يمكن تحقيقه بالفعل ، و بالتالي فلدينا أعدادا من اليوتوبيات بعدد المفكرين الذين تصدوا لتخيل المجتمع المثالي ، و جميع المفكرين يبشرون بمدنهم الفاضلة في المستقبل ، و لكن الدينيين يرون أن اليوتوبيا كانت هناك بالفعل في زمن ماضي ، في مدينة النبي محمد مثلا أو في أورشليم داوود و سليمان .
2- عرف عالم الفكر عددا كبيرا من اليوتوبيات ، من أهمها جمهورية أفلاطون ، و التي شرح فيها الفيلسوف أفلاطون المجتمع المثالي كما يراه ، و كان يرأس تلك الجمهورية الملك الفيلسوف ، و هذا النموذج يجسد حلم الفلاسفة أن يحكموا ،و حلم الحكام أن يكونوا فلاسفة ، و جمهورية أفلاطون هي جمهورية طبقية أرستقراطية ،و قد تعرضت لأفكار أفلاطون في شريط طرحته عن تاريخ الفلسفة اليونانية ، و لم استكمله سوى في نادي الأثير ، و لأني أكتب من الذاكرة فيمكنني لاحقا أن أعرض ما كتبته عن أفكار أفلاطون في الجمهورية .
3- من أهم اليوتوبيات كتاب ( يوتوبيا ) للسير توماس مور ، و هذا الإسم تم تعميميه على كل المدن الفاضلة ، و سير توماس مور نبيل شهير في زمن هنري الثامن ، و قد أعدمه الملك الإنجليزي بسبب رفضه الخروج عن الكنيسة الكاثوليكية في قصة طويلة خاصة بطلاق هنري لزوجته الأولى كاترين ، بهدف الإقتران بآن بولين التي أعدمها بعد ذلك ، و موت سير توماس مور ملحمة في ذاتها ،و قد خلدها روبرت بولت في رائعته المسرحية ( رجل لكل العصور ) ، و قد انتجت فيلما في نهاية الستينات ،و قد شاهدت الفيلم في سينما قصر النيل في مجدها ،و لا يحضرني الان إسم بطل الفيلم سوى أنه ممثل مسرحي إنجليزي لامع يحمل لقب ( سير ) ، ولا يقل شهره عن معاصره سير لورنس أوليفيه ،أما البطلة فكانت كاترين هيبورن في ذروة نضجها و تألقها ، وما زلت أتذكر كيف خرج نصف الجمهور القليل في منتصف العرض ، و كيف خرجت من الفيلم منفعلا أجهش بالبكاء بلا خجل ، فلم يبق هناك أحد ليشاهدني .
4- هناك رواية شهيرة للكاتب الإنجليزي صامويل بتلر Erewhon وهي مجرد عكس لكلمة nowhere إشارة إلى أن مكان الرواية المثالي هو مكان افتراضي غير موجود ، يتحدث بتلر عن شخص يدعى هيجز سافر إلى بلد بعيد ، ثم اضطر إلى مغادرة هذا البلد في بالون ، و عندما يعود بعد عشرين عام إليه مرة أخرى يجد أن هناك دين جديد ،و أنه لا سواه أصبح محور هذا الدين ،و أنه يعبد كإله تحت اسم طفل السماء ،وأصبح الشعب يحتفل بيوم رحيله بالبالون باسم عيد الصعود ، و عندما حاول هذا الهيجز فضح المهزلة كلها ، أقنعه رجال الدين بألا يفعل ، لأن النظام الأخلاقي في البلد كلها يقوم على تلك الأسطورة ،و حذروه أنه عندما تتحطم الأسطورة سيصبح الناس كلهم أشرارا ،و هكذا غادر الرجل المدينة التي يعبد فيها بكل هدوء !.
5- بالطبع ليس هذا هو نهاية المطاف ، فهناك الرواية الشهيرة ( الأفق المفقود ) الذي يتحدث فيها المؤلف عن ( شانجري لا ) المدينية الفاضلة السعيدة حيث لا يتقدم الإنسان في العمر ولا يتجاوز فترة الشباب ، و كانت الرواية مقررة على الثانوية العامة ( قسم ادبي ) في العام السابق لي ،و لكني كالعادة لم أعتقها ، و قدر لي أن أشاهد في السبعينات فيلما مأخوذا عن القصة شاهدته في سينما أمير في الأسكندرية ، و بالمناسبة هناك فندق في دبي يحمل نفس الإسم ، و قد طفا الإسم أخيرا في قضية مقتل سوزان تميم !، و كثيرا ما كنت أتخذ من الباحة الخالية بجواره موقفا للسيارة متعجبا كيف يفكر رجل أعمال في مثل هذا الإسم المثقف !، ثم أمضي للشوبنج لاعنا كل الثقافات ..يمكننا أن نستمر طويلا .
6- أطلق الإسم بعد ذلك على نوع إصلاحي من الإشتراكية مثل الحركة ال ( سان سيمونية) و أفكار الإشتراكي الفرنسي (فورييه) و غيرهما ، و ذلك لتميزها عن الشيوعية التي أطلق عليها ( الإشتراكية العلمية ) ، و بالتالي جرى إدانة مثل هذه الإشتراكية الطوباوية التي اعتبرت بمثابة زيغ في العقيدة الماركسية !، و لعل المدهش أن جماعة السان سيمونية زارت مصر في زمن محمد علي محاولة إقناع الباشا بتطبيق أفكار الحركة في مصر !، أحب هنا القول أنه من الخطأ الإعتقاد باأن كل المدارس الإشتراكية الغير ماركسية كانت طوباوية ، فالفابيون الإنجليز مثلا لا يمكن تصنيفهم كطوباويين ،و رغم عداء الماركسية للإشتراكية الطوباوية ، إلا أنها نفسها بشرت بيوتوبيا شيوعية ، تأخذ من كل قدر طاقته و تعطيه قدر حاجته ! .
7- الآن يجري تعميم الإسم ليشمل كل الأفكار التي تسعى لتغيير الحياة بشكل جذري عما هو قائم ، و قد ارتبطت اليوتوبيا بالتالي بتصور الثورة الشاملة و الأفكار الراديكالية عموما ، و بالتالي فكل الأيديولوجيات الراديكالية تبشر بيوتوبيا ما بشكل مباشر أو ضمني ، فالأصوليات الشيعية تتحدث عن دولة المهدي المنتظر الذي يملأ الدنيا عدلآ عدلآ بعد أن امتلت جورا ،و ذلك بالطبع بعد أن يقتل أعداء الشيعة ، أما الأصولية السنية فتريد عودة دولة الخلافة بعمرها و معاويتها و حتى باليزيد و نسائهم !.
8- يمكنني أن أمضي لأكثر من 40 او 50 صفحة اتحدث عن اليوتوبيا ، بل و لو أراد عدد مناسب من الزملاء يمكنني طرح هذا الموضوع في شريط منفصل ، فقط أحب أن أقول أنه لو قلنا أن الأيديولوجيا هي العقيدة السياسية ، فاليوتوبيا هي محور و هدف الأيديولوجيات الراديكالية بشكل أو آخر .
01-14-2009, 04:08 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
4025 غير متصل
رقم عشوائي
****

المشاركات: 261
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #18
التضخم الكلامي.
Arrayأولآ : أحب أن يكون واضحا أننا عندما نقول بانتهاء عصر الأيديولوجيا أن هذا لا يعني أنه لا توجد أيديولوجيات في هذا العالم ،و لكننا نقول ذلك بنفس المعنى القصدي عندما يقول نيتشه أن الله قد مات ، أو عندما نقول بانتهاء عصر الأديان أو بأفول الدولة القومية ، هذا بالطبع لا يعني أن الله مات و نشر نعيه في الصحف ، أو أن الأديان اختفت كلها ، و أن نموذج الدولة القومية إنتهى ، و لكنه يعني ....[/quote]
ألا ترى معي أن كلامك هذا والأمثلة التي ضربتها نماذج من التضخم الكلامي الذي تنتقده؟
ما تعتبره تضخماً كلامياً أو مبالغة موجود في كل اللغات وليس مقصوراً على العربية وحدها.
قد لا تكون المشكلة في لغةٍ بذاتها وإنما في طريقة تعاملنا مع هذه اللغة.
01-14-2009, 09:05 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #19
التضخم الكلامي.
Array
ألا ترى معي أن كلامك هذا والأمثلة التي ضربتها نماذج من التضخم الكلامي الذي تنتقده؟
ما تعتبره تضخماً كلامياً أو مبالغة موجود في كل اللغات وليس مقصوراً على العربية وحدها.
قد لا تكون المشكلة في لغةٍ بذاتها وإنما في طريقة تعاملنا مع هذه اللغة.
[/quote]
تحية .
لم أفهم قصدك ، ماهي الأمثلة التي ضربتها فهي عديدة .
أما إذا قصدت المداخلة السابقة ، فهي نوع من مسامرة الأصدقاء ، فقد اشتكي كثير من الأصدقاء اني أقدم مادة صارمة و عقلانية اكثر مما ينبغي ، كما لو كنت أختبأ من ذاتي خلف عقلي ، لهذا تجدني أثرثر أحيانا ببعض الراحة ، هذه الثرثرة تنقل الأجواء المرتبطة بالأفكار ،و تخرجها من العقل لتختلط بالمشاعر ،و تقيم نوعا من التواصل الإنساني المفتقد نتيجة اللقاء في العالم الإفتراضي .
أما عن اللغة .. فلا توجد لغة مطلقة ، فاللغة هي في طبيعتها ممارسة و طريقة تعملنا مع الكلمات و نسق التعبير ، و فكرتي عن ميل اللغة العربية للتأكيد و المبالغة ، هي نتيجة دراسات منها دراسة منشورة وموثقة للدكتورة سنية حمدي في كتابها عن ( شخصية العرب )،وأتمنى ان أسمع منك المزيد في هذه النقطة .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 01-14-2009, 03:18 PM بواسطة بهجت.)
01-14-2009, 03:09 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #20
التضخم الكلامي.
يعجبني في بهجت محاولته الدائمة للتخلص مما يؤرق في الايديولوجيا . لكن ان نحاول التخلص من تلك المقلقات لا يعني اننا فعلا قد تخلصنا منها . و تعجبني ثرثرة بهجت ، فهي اكثر عقلا و موضوعية من جدية الكثيرين . و اغلب حديثه يتطابق مع ما أراه صحيحا . لكن لعادة مستحكمة بي ، فانا لست ممن يكثر المدح و الاطراء بقدر ما يهمني الحوار في المتناقضات او المغاطات – كما اراها - حتى ولو كانت غير المقصودة بنفسها . و مشكلتي مع التطنيش اكبر من ان أسيطر عليه ، فلا تؤآخذني يا عزيزي بهجت .

عودة للموضوع :
1.هل يمكن أن نعتبر الديمقراطية نوعا من الأيديولوجيا ، أم هي من طبيعة مختلفة و أنها مجرد نسق أو نظام سياسي ؟.
------------------
كما ارى ، و يرى نقاد الايديولوجيا ، فالفكر الغربي القائم على مفاهيم الليبرالية و الديموقراطية ، هو نوع من ايديولوجيا هذا القرن بامتياز . و مع انني من مؤيدي هذه الايديولوجيا ، فاني اجد انها لا تختلف عن بقية الايديولوجيا الا في كونها تنسجم اكثر من غيرها مع متطلبات هذا العصر . فلكل عصر ايديولوجياه . و لقد انتقد الكثير من المفكرين الايديولوجيا الليبرالية ، و انت تعلم ذلك ، و لا اقصد الشيوعيين ، او اصحاب الايديولوجيا الدينية ، او القومية .

2. في هذه الحالة إلى أي مدى يمكن أن نتعامل مع الليبرالية كنوع من الأيديدلوجية ؟، هل الليبرالية إطار أو منهج سياسي أو عقيدة سياسية ( أيديولوجية ) ؟
---------------------------------
كما قلت اعلاه ، الليبرالية اليوم محط انتقاد واسع بين كبار المفكرين ؟، و اذكر على سبيل الذكر صديقي يورغن هابرماس ، و ليتك تلقي نظرة على موضوعي هذا :

http://www.nadyelfikr.com/index.php?showtopic=57522
و لقد اجاد هابرماس في نقده للهيمنة الراسمالية التي تعتمد في كثير من قوتها على سيطرتها على الاعلام و التكنولوجيا . و الاعلام كما تعلم يعتمد كثيرا على نشر فكرة الديموقراطية و القيم الليبرالية . لكنه (هابرماس) بالتاكيد لم يجير نقده لصالح الشيوعية او الفكر الديني، بل لصالح نظريته المسماة ب"الفعل التواصلي" او العقل التواصلي . لأن الفكرة الديموقراطية الغربية ، أي الديموقراطية التمثيلية ، كما يراها تساعد في تأبيد العقل الأداتي ، وهو نموذج للعقل اللاانساني اجتماعيا ، و الذي يقوم على الهيمنة ، و شرخ المجتمع بين اغنياء و فقراء ، او بين ظلام و مظلومين.


3. هل كل تفكير سياسي هو من خلال أيديولوجيا محددة أم أن هناك تفكير غير أيديولوجي ؟.ولو كان كل تفكير سياسي هو تفكير أيديولوجي كما تعتقد ، فكيف يتحدث المفكرون في الغرب عن عالم مابعد الأيديولوجيا ، هل ذلك يعني انتهاء الفكر السياسي ، أم هل هم مثل بهجت أيضا يخلطون الأمور ؟
---------------------------------
بالتاكيد ان كل تفكير سياسي هو عبارة عن نمط من التفكير محكوم بايديولوجيا محددة ، حتى ولو لم يدرك صاحبه . و من هنا يبق لي ان قلت بان الانسان لا يمكن ان يعيش من دون ايديولوجيا . اما عن مفكري الغرب و صديقي بهجت ، فاني اكن لهم معا كل تقدير و احترام ، و لكل منا وجهة نظر، لديه كل الحق ان يدافع عنها ، كما ان لدي ايضا ، الحق في تفنيد ما أجده مغالطا . و الفكر السياسي لا ينتهي ، ففكر الاسكندر السياسي لا نقارنة بفكر هتلر ، ولا نقارن فكر عبد الناصر بفكر لينين ،..........الخ ، اذ ان لكل فكر سياسي خلفيته الايديولوجية ، و مصادره الواقعية المتغيرة ، و توازن القوى ، الذي سمح لكل قائد ، او سياسي، ان يختار ذلك النوع من الفكر السياسي الذي ساعده في تحقيق انجازاته التاريخية . فدوما هناك فكر سياسي ما متميز عن غيره حسب الايديولوجيا التي يستظل بظلها ، حتى ولو كانت ايديولوجيته التحدث عن نوع من اللاايديولوجيا .


4. هل القول بالطبيعية الأيديولوجية للعقل العربي السياسي هو ذاته أن نقول بنمطية هذا العقل ؟
-------------------------------
طبعا، اذ عندما تقول " ألاحظ أن العقل العربي أيديولوجي إلى درجة الإدمان " ، فهذا يعني ان بقية الشعوب ليست ايديولوجية الى درجة الادمان . و الحقيقة التاريخية و الفلسفية ، اثبتت ان لا شعب يعيش بلا ايديولوجيا . و هذا الخصيص هو الذي اوقعك في هعذه المغالطة ، التي أرى بانها غير مقصودة ، بل عفوية . و عندما شبهت فكرتك بفكرة الجابري فانا لم اصمك بالعار ، بل هو وصف لفكرة مشتركة بينكما . فالجابري مفكر عربي محترم مثل صديقنا بهجت تماما .



5. اليوتوبيا ، او أيديولجيا ما هو غير قابل للتحقيق .

لا شك ان أفلاطون ، سان سيمون ، شارل فورييه ، تومكاس مور ، باكونين ، و ماركس معهم ، كتبوا ايديولوجيات لا تخلو من يوتيوبيا واضحة ، و أثبت اللزمن فشلها ، بغض النظر عن الكثير من انجازات حققتها ايديولوجياتهم خلال فترات محددة . خاصة الايديولوجيا الماركسية . و كما قلت اعلاه ، فان أية أيديولوجيا ، لا تختلف عن بقية الايديولوجيا ، الا في كونها تنسجم اكثر من غيرها مع متطلبات العصر الذي تطرح فيه . و لهذا فشل افلاطون ، و من بعده شارلال فورييه ، و مثله سان سيمون ، و اخيرا شيوعية كارل ماركس العتيدة .



6. فقط أحب أن أقول ، أه لو قلنا أن الأيديولوجيا هي العقيدة السياسية ، فاليوتوبيا هي محور و هدف الأيديولوجيات الراديكالية بشكل أو آخر .
-------------------------------
كما ارى فان الايديولوجيا ليست مجرد العقيدة السياسية ، و هنا محور الخلاف بيننا ، انها مجمل الافكار ، و القوانين ، و العادات و التقاليد ، التي تشكل طريقة حياة شعب من الشعوب، اوالتطلعات الشمولية لحزب من الاحزاب .
و بمناسبة ذكر الاسطورة ، فقد تعجب اذا قلت لك ، بان الانسان لا يمكن له ان يعيش بلا اسطورة ، و هي جزء من الايديولوجيا التي يتبناها . و لا يخلو عصرنا هذا من اساطير و يوتوبيات ، ضرورية ، يحياها ارقى شعوب هذا الكرة الزرقاء .

اطيب تحية .






:Asmurf:
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 01-14-2009, 10:43 PM بواسطة Awarfie.)
01-14-2009, 08:53 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS