آن الأوان لنتعامل مع قضية الحريري كمذنبين لا كمتهمين
العزيز أبو ابراهيم :
تقول أنك تمثل الشعب السوري حين تتكلم عن الرغبة بالعيش بسلام و بأمان سياسي و اقتصادي , و هل أن المعارضة التي تهاجمها بالجملة ليست من الشعب السوري ..
الموقف السلبي الذي تتخذه أنت و الكثير من أبناء سوريا الشرفاء و الوطنيين يشكل الخطر الأكبر الذي يمكن أن يؤدي بسوريا إلى فوضى شبيهة بالعراق , و ليس الموقف الإيجابي الذي تتخذه المعارضة في محاولة منها لتغيير الوضع الساكن القاتل الذي تعاني منه سوريا ..
سأدافع عن المعارضة - رغم أني لا أتشرف بالانضمام إليها - لأني أرى منطقاً ظالماً في وضع النظام و المعارضة في نفس السلة و توجيه نفس الصواريخ الكلامية النارية باتجاهها , مع العلم أن الكلام باتجاه المعارضة يكون أحياناً أقسى و أكثر علواً , ربما لأن البعض لا يجرؤ بعد على رفع صوته ضد النظام و لكنه يستطيع أن يسب المعارضة بأعلى صوته دون أن يخاف ...
المعارضة التي تشعرك بالاشمئزاز ضحت من أجلك و من أجل كل من يهاجمها , دفعوا أثماناً أنت و الكثيرون مثلك غير مستعدين لدفعها , دون أن تلومكم و لا تسبكم , و لا زالت تعذركم ...
المعارضة التي قضى أغلب أركانها سنوات من الاعتقال و لا يزالون , استمرت بجهود شخصية دون دعم لا داخلي و لا دولي , و تحت ظروف اضطهاد و قمع و ترهيب كافية لأن ترفع عنهم اللوم , و لكنهم مع ذلك يصرون دوماً في كل أدبياتهم على أنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية التي آلت إليها أوضاع سوريا اليوم ...
المقارنة بين النظام و المعارضة أيضاً تشعرني بالاشمئزاز , جيد فأنت تعرف اليوم كيف أشعر و كيف يشعر البعض "الآخر" ..
التحذير من المثال العراقي يوجه للنظام السوري , و يوجه أيضاً لك و لكل من يقف موقفاً سلبياً من التغيير القادم
المعارضة العراقية لم تأت بالأمريكيين على عكس ما يوحي به الكثيرون , أمريكا أتت لمصالحها هي , و كانت ستحتل العراق سواء بمساعدة من المعارضة العراقية أو بدونها .
و رغم أني مؤمن أن أمريكا لن تقدم على احتلال سوريا - و بالطبع أنا أرفض احتلال وطني من قبل أي جهة- إلا أن الفوضى التي يعاني منها العراق هي لأن المجتمع لم يكن متحضراً للتغيير بسبب سنوات الاستبداد
عندما يقف الشعب السوري موقفاً إيجابياً , يعلن أن هذا النظام لا يناسبه , عندما يعلن أنه يستحق نظاماً أفضل و أرقى , و عندما يتحول من زاوية التسليم "بقضاء الله و قدره" ’ إلى زاوية العمل من أجل تغيير ما , من داخل النظام , من خارج النظام , عندها سيكون الانتقال و التغيير بأقل خسائر ممكنة ..
المعارضة تعمل لكي تستطيع أنت و غيرك أن تكون مشاركاً في هذا التغيير و لا تعمل لكي تستفرد بالسلطة و تحتل موقع النظام ...
حتى الإخوان المسلمين و من يعمل من الخارج يعلنون و بكل مناسبة إنهم لن يقبلوا باحتلال خارجي , فما المطلوب منهم ؟
هل أن الضغط السياسي مرفوض أيضاً , و كيف تغير نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا , و كيف سلم ميلوسفتش إلى المحكمة الدولية , و كيف سقطت أنظمة الاستبداد في المعسكر الاشتراكي ؟
و حتى هذه النقطة هي موضع أخذ و رد في أوساط المعارضة و بعضها يريد تغييراً صرفاً من الداخل و مع أني مقتنع تماماً أن التغيير لا يمكن أن يحدث سوى بدعم خارجي , و لكن على الأقل قف موقفاً إيجابياً من تغيير الوضع الداخلي ثم عبر عن رأيك عن كيفية التغيير ...
لكن أن تقف لترمي الأحرار بحجارتك من بعيد معلنا ً أن كل ما يقومون به هو عمالة أو غباء أو ضد مصلحة الوطن , ففي ذلك ظلماً , كي لا نقول شيئاً آخر ...
سوريا تستحق أكثر من هذا , و الشعب السوري يستحق أكثر من هذا.
ألم تشعر بالخجل مثلي في جلسة مجلس الشعب إياها ؟
أنا أشعر بالخجل كلما فتحت صحيفة , كلما رأيت تمثالاً , كلما تابعت مسيرة "عفوية" !!
كلما رأيت اسم وطني على آخر القوائم :
الحرية السياسية
مؤشرات التغيير
حرية الإعلام و الصحافة
مؤشرات التنمية البشرية و الاقتصادية
عدد أجهزة الكمبيوتر
عدد مستخدمي الإنترنت
ترتيب فرق كرة القدم في العالم
و على رأس قوائم :
البطالة
الفقر
الفساد
لا أريد أن أخجل بوطني , فأنا أحبه و أريد له أن يكون مصدر فخر حقيقي ,
لا أريد لأبنائي و أبناء الأجيال القادمة أن ينشأوا على الخوف و السلبية و اللاوطنية , و على اعتياد الفساد و المحسوبية و التملق و الوصولية و اعتياد مناظر القمامة في الشوارع..
أريد لابني أن يتسلم وطناً غير الذي استلمناه من أهلنا و لم نستطع أن نقدم له شيئاً كما لم يقدم لنا هو شيئاً بالمقابل ...
أريد لهم أن يكبروا شاعرين أنهم يعيشون في وطن يحترمهم و يحتاجهم , لا أريد لهم أن يهاجروا إلى الاقاصي كي يعيشوا و يتعلموا و يحسوا أنهم بني آدمين ..
|