اقتباس: إبراهيم كتب/كتبت
الزميل المحترم:
أعتقد أنه من الجيد أن نحسن القراءة فنعلم أنه إذا تم غلق 18000 كنيسة، على فرض صحة هذه الإحصائية، فهذا معناه رفض الله عامة 18000 مرة و ليس يعني- كما تشتاق أنت و تتمنى- قيام 18000 مسجد. العالم الغربي عنده خيبة عامة من جهة الدين و الإيمان؛ فماذا فعلت أنت؟! تؤكد لهم أنهم على حق بدعم عقلية التناحر الديني بين الأديان لا تعايشها الإيجابي و من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر. هناك عامة في الغرب خيبة أمل تجاه حياة الكنائس و حياة سائر المؤسسات الدينية. أنا شخصيا لي نصيب لا بأس به من الصدمة و النفور من المؤسسات الكنسية و الدينية عامة في الغرب و الشرق و أتفهم معنى إغلاق 18000 كنيسة بل متعجب أن الرقم ليس أكبر من ذلك. لو أنك تريد دعم الإيمان لكان حري بك أن تدعم الناس ليطلبوا الله بشتى الطرق لا أن تدعم و تفرح في مصائب قوم فتظهر هنا بأخلاق أنت أكبر منها.
و تحياتي.
رفض الكنيسة والحياة الكنسية ليس رفضا لله أبدا يا زميل.
بل الرفض هذا إنما هو للثالوث الذي هو ليس بإله أصلا.
الرفض ليس من باب عدم الاقتاع بالتدين والدين، بل الرفض إنما جاء من عدم القناعة بتلك العقيدة التي تدعي التوحيد ولا أصل للتوحيد فيها.
الرفض إنما هو لهذه الكائنات الثلاثة التي تقولون إنها لم تنفصل عن بعضها يوما، وتعبدونها أنتم على أنها ثلاثة وبأسماء متباينة وبصفات لكل منها مختلفة.
كتبكم هذه التي لا يستطيع أحد إثبات أصلها بعيسى عليه السلام أبدا، تأتي لتزعم أن كلمة الله التي هي من ذاك الكيان الثلاثي قد تجسدت في بشر، وهنا يقف العقل حائرا أمام هذا الكلام اللامعقول واللامنطقي، إذ كيف تقولون لم تنفصل الكلمة يوما عن الكيان ذاك وهي قد تجسدت في كائن بشري؟!
يا زميلي هذه الكتب لا تدعو لعبادة إله واحد أحد.
هذه الكتب تدعو للشرك بلا شك ولا ريب، وادعاء الوحدة باطل يكذبه كتابكم ذاك الذي تدعون قدسيته.
الفرق جلي واضح بين الثلاثة، بل بين الاثنين المسيح والآب بشكل كبير وواضح.
ذاك يأمر وهذا يطيع.
ذاك لم نره وهذا صُلب وفُعل به ما فُعل.
ذاك نُزه عن دنس البشرية وهذا أخذ منها نصيبا وافرا.
هناك فرق كبير بين هذا وذاك ولا يتساويان بحال من الأحوال.
لا سيما وأن الآب هو من انبثقت عنه الكلمة والروح.
يعني هو الأساس.
وكيف يكون الفرع كالأساس؟!
نحن المسلمين نرى أن القائلين بالثلاثة أو التجسد قوم مشركون بل كفار غير مؤمنين، وهذا عندنا بنص القرآن الكريم، بل الصحيح أن القائلين بصفة الأقانيم الثلاثة لا تجوز ذبائحهم للمسلمين ولا نساءهم وإنما الذين جاز للمسلمين الارتباط بهم إنما هم الذين يعبدون الله مع الخلاف حال إشراك إلهة أخرى معه عز وعلا وأما القائلون بالثالوث فهؤلاء قوم لا علاقة لهم بالله عز وعلا أصلا، وبالتالي فهم ليس لهم من الكتاب إلا اسمه وحسب.
وعليه فأنا على سبيل المثال لا أرى لكم مزية في نظري على مشركي العرب قبل الإسلام في جانب التوحيد، بل لعل أولئك القوم كانوا خيرا منكم في هذا الجانب، إذ كان أولئك القوم يعبدون الله في الأساس، وما يعبدون هذه الأصنام إلا لتقربهم إلى الله زلفى، أما أنتم فما تعبدون الله خالق السماوات والأرض، وإنما تعبدون كائنات ثلاثة تسمونها بعد اجتماعها بالله وليست هي بالله، ولا الله عز وعلا طرفا في هذه المعادلة أبدا، وذلك أنكم حتى عن الآب تقولون هو كائن!
وكيف يكون إلها وهو كائن؟
يعني ما كان موجودا ثم كان؟!!
كاد عقلي يطيش وأنا أقرأ عن الثالوث هذا.
لا تستطيع فهم صفة هذا الإله بحال من الأحوال.
لست ولا غيري ندعم الإلحاد على حساب المسيحية هذه، ولكن لو كان المجال العقلي لا يأخذ نصيبه من العقل والفكر إلا بالإلحاد لفترة من الزمان بمعنى الشك في المسيحية حتى يتبين الأمر فأرى أنه لا بأس به، لأن المسيحيين أصلا لا يعبدون الله خالق السماء وإنما يعبدون مخلوقات، والملحد وعابد المخلوق بالنسبة للمسلمين سواء، بل لعل عُباد الخلق أسوأ وأبشع.
لكن ومع هذا فإني أرى المسيحية بشكلها حتى هذا المحرف أفضل من الإلحاد، وذلك أن فيها ما يدعو للمحبة والإخاء في بعض المواطن ويؤمن بها أهلها أنها من عند الإله فيلزمونها ويعملون بها، لكن الملحدين لا دين ولا عقيدة عندهم وكل المصائب حلال عند الواحد فيهم ولا مال بالنسبة له حرام ولا عرض ولا نسب.
ولهذا فإني لا أرى الإلحاد بمعنى الإلحاد الذي يتخلى فيه المرء عن موروثه الفكري من الإنجيل الذي لا شك أن منه أجزاء متصلة بحق في بعض معانيها بعيسى عليه السلام، وإنما أقصد الإلحاد الذي يتجرد فيه المرء عن موروث الكتاب المقدس الثالوثي والذي يشكك في سلامته المسلمون والملحدون.
لا بأس بالشك من هذه العقيدة التي شكك فيها كثير من الناس مع إعمال العقل في بقية الأديان لا سميا الإسلامي منها صاحب الانتشار الكبير رغم الانهزام العسكري العظيم، مع مراعاة الطلب من خالق السماوات والأرض الإعانة على بيان الحق.