اقتباس: الدارقطني كتب
......
وأما بالنسبة لسورية وغيرها من دول الإسلام المحيطة بالعراق، فقد كانت مستقرة أحوالها، وكانت في تحسن مستمر من بعد التسعين،
........
أقول: أين هي الولايات هذه وأذنابها من الأحداث التي وقعت في سورية بداية الثمانينات؟؟
طبعا كانوا راضين عنها كل الرضا، فعلام اليوم يطبلون ويزمرون بالحريات؟؟
.......
أيها الإخوة والزملاء إن من يطالب بالتغيير الخارجي همهم التغيير فحسب، ولم يدركوا عواقب الأمور في الحقيقة...
الكل يعلم أن الأمور في سورية إلى أحسن مذ عهد ابن الأسد، فليكن
.......
الحركات الإسلامية وللأسف في هذا الزمان تحمل غباء في طياتها عجيب، وإلا فما يريد زعيم الإخوان من تصريحاته بشأن لبنان؟؟
ما الذي يجنيه هذا المسكين؟؟
الزميل الذكي جدا (الدارقطني) يحدثنا بطريقة صوفية غارقة في الهيام والانسحاب عن الواقع، حتى ليخيل لنا من وراء حديثه أنه يتحدث عن خلافة علي أبي الحسنين التي لم يختلف حولها سني ولا شيعي!!
ويتكلم عما يسميه (دول الإسلام المحيطة بالعراق) وكأنه يتكلم عن دول تعتز حقيقة بإسلامها، وترفع لواءه، لا عن دولة يشغل المسلمون فيها أكثر من 85% ثم لا تتحدث في دستورها عن الإسلام غير بكلمتين، في مقابل 64 لفظة مباشرة تتكلم عن الهوية الاشتراكية للدولة!!
يكلمنا صاحبنا عن مؤامرة أمريكا على النظام (الإسلامي) في سورية، وهو ينسى أو يتناسى أن الذي بارك للنظام جملوكيته الوراثية هي أولبرايت نفسها، ولا أدري إن كانت أولبرايت وقتها تشغل منصب وزير خارجية جزر القمر أو الهونولولو!!
أي مؤامرة ضد سورية جادة تتحدث عنها يا أخي وأنت تعلم أن النظام يعيش بغطاء أمريكي منذ توقيع المقبور على اتفاقية كسينجر التي تضمنت أول اعتراف عربي بإسرائيل!
أي مؤامرة ضد سورية يا صاحبي وأنت تعلم أن ما قدمه المقبور في الـ67 استحق به أن يبارك له دوليا بالتحول من وزير للدفاع إلى رئيس للجمهورية، كما ظل محصنا من حملات استهدفت كثير من الدول الأخرى التي لم تدر في الفلك الأمريكي كما بدا ظاهره...
أكل ما هنالك لنحكم على وطنيته وخروجه عن الفلك الأمركي قليل من النباح، أليسوا هم الغربيون أنفسهم من ذهبوا مثلا بقولهم: (الكلب الذي ينبح كثيرا هيهات أن يعض)!
ثم ما حكاية استقرار سورية في التسعينات؟!!
أبلغ ببعضنا أن يردد كالببغاء سخافات النظام إلى هذا الحد؟!!
لا بأس أن تحمل الحركات الإسلامية جريمة الثمانينات، وأن يكونوا المتسبب في مجزرة حماة وتدمر وجسر الشغور وحلب، وهم أيضا المسؤولون عن تغييب سبعة عشر ألف مفقود لا يعرف أثرهم حتى الساعة، وهم أيضا من حكم على خصمه بالإعدام والقتل لمجرد الانتماء، وهم أيضا من هجر أكثر من مائتي ألف مواطن من خيرة كفاءات الوطن إلى الخارج لمجرد أنهم معارضون، وهم أيضا من قتل وسحل ألوفا مؤلفة من سجناء الرأي والضمير، وهم كذلك الذين سجنوا الأطفال والشيوخ والنسوة ربع قرن بدون محاكمات، وهم أيضا من أفسد براءة الطفولة بتعليمها في المدارس عبارات السحل والسحق في حق المخالفين، وهم أيضا من لا يزالون يرتعدون حتى اليوم من قراءة رسالة مخالفة في منتدى ثقافي تحكي خطابا وطنيا يصفق له الحاضرون جميعا على اختلاف انتماءاتهم، في حين أن إجراء كهذا يستحق أن يؤاخذ أصحابه بالتوقيف، وأن يغيب قارئ الرسالة في السجن حتى الساعة!!
لا بأس عليك بهذا التزوير يا صاحبي، فما عساه يخرج من عملية غسل الأدمغة، وتلقين الطلائع والبعث غير مجموعات من الأذناب لا تجيد غير: (بالروح بالدم)، والتصفيق المطلق في مجالس الشعب!!
غير أن الذي كنت لا أظن عاقلا يردده هو ذلك الاستقرار المزعوم في التسعينات!
ويبدو أن ثقافة البعث ودروس التثقيف السياسي، ومواد الثقافة الاشتراكية والقومية التي تلقاها بعض أبناء شعبنا، جعلتهم يفهمون أن كل صمت فصاحة، وبعض الخنوع كياسة، وبعض النفاق حكمة، وكل من تزوج أمنا نقول له يا عمنا!!
لا يفرق بعض البعثيين بين الاستقرار وبين الاستفراد...
الاستقرار يا صاحبي يقوم على أساس من التعددية، تستوعب كل أطياف المجتمع، وإليك المجتمع الأمريكي أو البريطاني أو الفرنسي نموذجا..
وهو في نفس الوقت يتزامن مع تنمية شاملة وحيوية شاخصة، وشفافية لا متناهية...
أما الاستفراد فهو قائم على أساس القهر والاستبداد ورفض الآخر، واختصار الوطن في شخص الأسد، فتصبح جميعا مزرعة خاصة به وبأبنائه، ويحلو له ساعتها أن يسمي حتى مزارع الدجاج فيها بعرين الأسد!!
الاستفراد يتزامن مع انحطاط في التنمية وانخفاض شامل في سائر معدلات النمو وفساد وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان
ولك أن تقرأ واقع سورية المكشوف -بله المستخبي- لتعرف أن سورية الستينيات أو السبعينيات أو الثمانينيات أو التسعينيات وما بعدها، كانت أقرب إلى أي!!
أذكرك يا صاحبي وأنت تجتهد في الظهور بمظهر إسلامي أتمناه لك باستحقاق، وحتى لا تظلم اسم الإمام الدارقطني الذي تحمله، إلى التفكر مليا في قوله سبحانه بحق فرعون: (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين)
فالله الله أن يستخفكم فرعون إلى هذا الحد فتنعقون بما يقول، واعلم أيها الحبيب أنه لا سلطان لفرعون ولا لجميع الشياطين على الأحرار أو غيرهم
وتذكر أن إبليس سيقول في يوم العرض: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم، ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي)
وأذكرك يوما -وأنت امرئ فيما يبدو لي تخشى الله- (يتبرأ فيه الذين استضعَفوا من الذين استُضعِفوا، ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب)
فالله الله في نفسك من فلتات الألسن، فما يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم
واسلموا ولاء للإسلام وسورية والإنسان...(f)