(08-06-2009, 07:31 AM)طارق القدّاح كتب: العزيز السلام الروحي؛
1. أرجو أن توضح لي ماذا تقصد بالثقافة السنية، لأني كشخص من أصول سنية لا أفهم هذه الثقافة ولم تمر علي هذه الثقافة لا بوجودي ولا بكياني ولا بقراءاتي، السنة هم الأغلبية العربية، هم تنوع كبير جداً. فما هي هذه الثقافة؟ هل يدخل ضمنهم الصوفيون السنة والمعتزلة والأحناف؟ أم قصرتهم على الحنابلة الوهابيين أتباع ابن تيمية؟
ثم كيف أدخلت بهم الأمويين؟ الأمويون بالذات لا علاقة لهم لا بفكر سني ولا بفكر إسلامي، وأنا من المعجبين بالفترة الأموية التي أسست لكل الثقافة الإسلامية (سنية وشيعية) وأسست لكل الأمبراطورية الإسلامية. الأمويون لا أعتقد بأنهم آمنوا بإله إلا بعصر عمر بن عبد العزيز الذي كان برأيي الوحيد الذي يمكن أن تعتبره سنياً فهو كان متعصباً متشنجاً، حمانا الله من أفكاره الغريبة.
في وقتها عزيزي كانت العرب في منعة قوية، بل إن العروبة في تاريخنا الإسلامي لم تجد منعتها وقوتها وجبروتها بقدر ما وجدته بعصر الأمويين. ولا توجد أي فتوحات خارج عصرهم (إلا في عصر العثمانيين ولكن بعصر انحسر فيه المد الإسلامي الثقافي).
إذاً نعود للسؤال، ما هو الفكر السني وما هي الثقافة السنية؟
2. الفكر الشيعي الذي تدافع عنه برأيي غير موجود، وإن وجد فهو كان في تاريخه تاريخ تقية واستعباد، لا يوجد بفكر الشيعة ثورة، بل تبعية للمرجعية، فبعكس السنة و"فكرها" إذا أحببت، فإن التشيع يؤدي للتبعية التامة للمرجع، لا يوجد فكر ثوري كما تعتقد، ولا وجد أصلاً بالتاريخ ثورات شيعية، أبلغني أينها هذه الثورة الشيعية؟
بإيران أوصلوا شخصاً للحكم ولكن الثورة كانت طبقية بحتة، وحتى شعاراتها وأدواتها كانت طبقية، هي احتاجت لشخص روحاني أتى وانقلب على كل الثورة الإيرانية، رأيي الخاص أن الوصولية الدينية لبعض التركيبات الشيعية أجهضت الثورة الإيرانية، وقتلتها بالمهد.
أما لو استخدمت تاريخ حزب الله، فيجب أن تضعه في إطاره وسياقه، فالشيعة في الجنوب، قاوموا في البداية مع الفلسطينيين ومع اليسار، وليس مع التشيع، ووصول حزب الله المتأخر سببه توافق سوري إيراني وحسب، لا ثورة شعب ولا بلوط.
3. الاعتقاد بإمكانية وجود ثورة شعبية عفوية تلقائية، هو اعتقاد طوباوي ساذج، لم يوجد بالتاريج، فالثورة الفرنسية ليست مجرد ثورة شعب، بل استغلتها وأوجدتها وحرضتها الطبقات البرجوازية لصالحها، وثورة روسيا البلشفية، هي ثورة لم تقم بها الشعوب هكذا اعتباطاً بل رتبت لسنوات طويلة وسبقتها ثورة أُجهضت عام 1905 ... الخ
4. الاعتقاد بأن ثورة حداثية تقوم على عامل الدين، ثم تقوم على عامل دين شيعي أو غيره، هو اعتقاد بالنسبة لدي ساذج جداً، وأعتقد من خلال متابعتي لأفكارك أنك مثالي وطوباوي جداً، تعتقد أن الثورات تقوم بقدرة الشعوب لا بقدرة نخبها. وهذا أمرخطير من الناحية الفكرية أصلاً وأساساً.
والخلاصة:
لا يوجد شيء اسمه: الفكر والثقافة السنية وخصوصاً الشعب السني، هذا اعتقاد يريدون إيهامنا به.
لا يوجد شيء اسمه الثقافة الثورية الشيعية، الشيعة تاريخياً كانوا يعتمدون التقية ولا يثورون ويبقون مسالمين جداً ويتبعون مراجعهم في هذا الشأن، ومطلوب منهم عدم استفزاز الأغلبية.
لا بوجد شيء اسمه شعوب سنية وشعوب شيعية، الشعوب لها طبقات تنتمي إليها، وتهييجها على أساس الدين يعيدنا للوراء سنوات عدة، ورأيي أنه طز بثورة بترد المستعمر وبتخلي التخلف جواتنا. يعني باختصار بتخلينا مستعمرين ثقافياً ومهزومين ومأزومين، طيب شو استفدنا؟
عزيزي طارق..
لقد أوضحت قصدي بالثقافة السنية من خلال وصفي لها أنها تعني ( أتباع الصحابة) وبهذا فإن هذه الثقافة تتمثل عبر امتداد التاريخ الزماني الرأسي من العصر الأموي وحتى العثماني وعبر الامتداد المكاني الأفقي من الخليج للمحيط وهي مبنية أساسا على نظام حكم الخلافة.
وأستغرب نفيك الفكر الأموي عن الفكر السني أو الإسلامي حيث تنحو منحى ( عدم المؤاخذة

) من يكفر الناس لأنهم لا يتوافقون مع رؤيته للدين ، فأنت تنفي حتى الإسلامي عن بني أمية لأنها تخالف رؤيتك للدين ، وحتى لو أن معاوية دخل الدين دون اقتناع منه (وهو ما أرجحه) فإن معاوية يحكم من خلال الدين ، وإن أي نقد لفكر ديني سيكون مبينا على فكر وليس على حقيقة ، وهذا الفكر الناقد سيكون بالنهاية عبارة عن قراءة أخرى للدين وحسب.
فلدينا للدين عدة قراءات ولا يوجد دين حقيقي تطبيقي نقيس عليه على أرض الواقع!
وهذا ظهر جليا بعد وفاة النبي محمد وما أعقبه من اقتتال الصحابة مع بعضهم البعض.
أما الفتوحات العربية الإسلامية فليست راجعة لبني أمية ولو كانت كذلك لما فتح المسلمون الشام قبل بني أمية ، فبنو أمية وظفوا الدين لخدمتهم بحيث يضاجعون الجواري الحسان من الشرق والغرب في قصورهم بدمشق ويعاقرون الخمرة ، ولكن من قاد الفتوحات هم القادة والجنود من خلال الروح العربية التي استطاع النبي محمد أن يجمع العرب بالجزيرة وخارج الجزيرة عليها، فقائد محنك كخالد ابن الوليد لم يعلن دخوله الإسلام إلا بعد فتح مكة ما الذي جعله يتقدم الفتوحات في الشام ويحقق الانتصارات إلا الروح العربية التي بلغت جاهزيتها والتي وجدت في الإسلام ما يجمعها ويوحدها وتحقق طموحاتها المبعثرة قبل الإسلام!
أما فكر (أتباع أهل البيت) فقد كان فكر معارضة لفكر (أتباع الصحابة ) عبر التاريخ حتى قيام الثورة الإيرانية الخمينية حيث أصبح فكرا حاكما في بلاد فارس وهذه هي النقلة النوعية الكبيرة لفكر أهل البيت والذي أهله لأن يكون فكرا مؤثرا وفاعلا في الوقت المعاصر دوليا وإقليميا وفي المحيط العربي من خلال عدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي ودعم حركات المقاومة الإسلامية العربية شيعية في لبنان حزب الله أو سنية في فلسطين حماس والجهاد الإسلامي.
أما وجهة نظر أن الملالي اختطفوا الثورة فمردودة لأن عجز غيرهم عن جني ثمارها يدلل أن هؤلاء الملالي استحقوها.
وسر نجاعة فكر أهل البيت وما يعول به عليه أنه ينظر للظلم من أي جهة صدرت سواء كانت من الداخل أو الخارج مسلما كان أو غير مسلم، وبهذا فإن (الحسين) يعني (الوقوف في وجه الظلم) من أي جهة كانت داخليا وخارجيا ، وهذا أشار له أيضا الزميل العزيز علي نور في تعقيبه عليك ، كيف أن الحسين هو محرك ضد الظلم والظالمين سواء من هذه الأنظمة المستبدة أو من القوى المحتلة والغازية ، وهو بذلك يحدد علاقته مع الآخر، بينما تجد الفكر السلفي يحدد علاقته مع الآخر إذا ما كان مسلما أو كافرا ، لذلك من أدبياتهم عدم الخروج على ولي الأمر حتى يرتكب كفرا بواحا!
من هنا ندخل لفكرة قدرة الفكر على تحريك الجماهير والحشود حيث أن أن ما يخشاه الغرب (الغرباني) والعرب (العرباني) قد وقع بسبب حماقة رعاة البقر الأمريكان وهو إسقاط عراق صدام حسين ، هذا الدكتاتور الذي دعمته الأنظمة العربية والغربية سابقا في وجه إيران وثورتها .
الآن انفتحت البوابة والواجهة الشرقية ممهدة لحقبة فكر (أتباع أهل البيت) أن تتمدد بالمنطقة العربية وتأخذ مداها كالموجة أو حتى السونامي وهو ما بدأت بوادره تظهر بالمنطقة العربية حتى وصلت المغرب ملامسة بذلك المحيط الأطلسي.
أما الحديث عن الثورة الشعبية وتحققها فمعلوم أنها لن تقوم إلا بوجود نخب وهل يحدث التطور البيولوجي بدون انتخاب طبيعي؟

والنخب موجودة ولكن الأمر يحتاج أن ينتشر فكر (أتباع أهل البيت) بالمنطقة بما يسمح بحدوث الثورة ، وعسى أن يكون ذلك قريبا.
منطقتنا تحت احتلال وهيمنة خارجية يوظف الغرب الدين اليهودي والصهيونية للسيطرة عليها فمن السذاجة الحقة أن تتوقع أن تحدث ديمقراطية وعلمانية في مثل هذه الظروف!
فلا بد من ثورة وإن طال السفر
تقبل خالص ودي
اقتباس:لاحظ قولى: لا يستطيع ان يقفه شيوخ السلاطين
الزميل علي نور
غريب لم أنتبه لتحديدك الأمر بشيوخ السلاطين بالعنوان..
يبدو بسبب ذكرك مدرسة الحسين بالموضوع جعلني أتوهم

تخصيصك مدرسة الحسين بدلا من واقع أن تخصيصك لشيوخ السلاطين
من هنا طرحت اختلافي معك
ولكن لا أحد يتوقع من شيوخ السلاطين إلا أن يكونوا كذلك!
تحيتي..