أسرار جديدة عن حرب أكتوبر..
ديان اقترح ضرب مصر وسوريا بالسلاح النووي لمواجهة الصدمة
موشيه ديان
القدس المحتلة: كشف أبرز المؤرخين للمشروع النووي الإسرائيلي، أفنير كوهين، أن الحومة الإسرائيلية أعلنت خلال حرب السادس من اكتوبر/ تشرين الأول 1973، أو ما يسمى بـ "يوم الغفران" عند اليهود، حالة "تأهّب نووي" ثلاث مرات، أي أنها كانت على قاب قوسين أو أدنى من استعمال الأسلحة النووية لضرب كلٍ من سورية ومصر،
وأن وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، موشيه ديان، طلب مناقشة احتمال اللجوء إلى الخيار النووي داخل الحكومة الأمنية المصغرة، إلا أن رئيسة الحكومة جولدا مائير، ووزراء آخرين رفضوا اقتراحه.
وكتب كوهين، في أحدث مؤلفاته المتوقع أن تصدر قريباً بالولايات المتحدة، أنّ ديان "طلب، خلال الأيام الأولى من حرب أكتوبر عرض الموضوع النووي أمام الحكومة المصغَّرة". حتى أنه استدعى رئيس اللجنة النووية الإسرائيلية في حينه، شلهيفت برييير، للمشاركة في جلسة الحكومة، لكن بسبب معارضة مائير، والوزراء يجآل ألون ويسرائيل جليلي، لم يحصل النقاش.
وأضاف أنه بالاستناد إلى شهادة البروفسور يوفال نئمان، أعلنت تل أبيب خلال الحرب، حالة "تأهب استراتيجي" مرتين أو ثلاث مرات. وأضاف "ربما اللحظة الأكثر دراماتيكية في التاريخ النووي الإسرائيلي كانت في المراحل الأولى من الحرب. فخلافاً لعام 1967، في عام 1973 بدت إسرائيل على حافة الانهيار".
وحسبما ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، وفقاً للتقارير، فإن ديان، الذي بدا قريباً من الانهيار النفسي وتحدث عن "خراب الهيكل الثالث"، اقترح استخدام السلاح النهائي الموجود في حوزة دولة الاحتلال. وكان الرجل يخشى أن تكون الدولة العبرية تقترب من نقطة اللاعودة وأراد، "على ما يبدو، أن تلتفت الولايات المتحدة إلى أن إسرائيل وصلت إلى هذه النقطة".
ويُعَدّ كوهين أهم المؤرخين للمشروع النووي الإسرائيلي، وقد عرض خلاصة تحقيقاته حول هذا المشروع في كتاب "إسرائيل والقنبلة" الذي منعت الرقابة الإسرائيلية نشر أجزاء منه، ممّا اضطره إلى إصداره في الولايات المتحدة.
ويورد المؤلف في كتابه تفاصيل عما قد يكون تفكيراً إسرائيلياً باحتمال اللجوء إلى الخيار النووي في مواجهة الصدمة والشعور بالانكسار اللذين خلّفتهما حرب اكتوبر.
وضمن هذا السياق، يكشف كوهين أنه "وفقاً لشهادة أحد الأشخاص ، سكرتير الوزير جليلي، اقترح ديان في نهاية جلسة الحكومة المصغَّرة صبيحة التاسع من اكتوبر، بعد يوم واحد من فشل الهجوم الإسرائيلي المضاد على الجبهة المصرية، بحث خيارات تتضمن عرض الخيار النووي".
ويقول المؤلف أيضًا في الكتاب، بحسب الشهادات الموثقة التي حصل عليها، إنّ الدولة العبرية أعلنت مرتين أو ثلاثا على الأقل عن حالة التأهب الاستراتيجية القصوى، وفي أول مرتين أعلن التأهب الاستراتيجي في الأيام الأولى من الحرب، أمّا الثالث فقد تمّ الإعلان عنه في السابع عشر أو الثامن عشر من شهر أكتوبر، وذلك كرد فعل على حالة الاستعداد المصري للبدء بإطلاق صواريخ من طراز سكود باتجاه الدولة العبرية، هذه الصواريخ التي حصلت عليها من الاتحاد السوفييتي.
وقال د. كوهين في كتابه أيضًا إنّ حالة التأهب الاستراتيجية الإسرائيلية شملت في ما شملت إخراج الصواريخ من طراز "أريحا" من المخازن، وتحضيرها للإطلاق.
يشار إلى أنّ هذه الصواريخ تحمل رؤوسًا نووية، كما قامت إسرائيل بعمليات مختلفة في هذا السياق، لم يُفصح المؤلف عنها، لافتًا إلى أنّها تمت تحت إشراف مباشر من قبل مساعدي رئيس الوزراء ووزير الأمن.
وأوضح المؤلف في كتابه أنّه بعد عدة سنوات وفي مؤتمر تمّ تنظيمه في واشنطن، تبيّن لويليام كواندت، الذي شغل منصب المستشار للأمن القومي، كما كان تأثر التقارير المخابراتية التي أعدّتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حول التأهب الاستراتيجي كبيرًا، وأنّه أكد أنّ هذه التقارير كانت السبب الرئيسي الذي دفع وزير الخارجية الأمريكي آنذاك إلى اتخاذ قرار مع الرئيس الأمريكي بتفعيل جسر جوي لتزويد إسرائيل بالأسلحة والعتاد، على حد قوله.
"سرية جداً"
جولدا مائير
كانت الرقابة العسكرية الإسرائيلية افرجت بالتزامن مع الذكرى ال، 37 لنصر اكتوبر، عن مزيد من المحاضر والوثائق التي تتعلق بالحرب، حيث سمحت وللمرة الاولى، بنشر محاضر مداولات "سرية جداً" بين رئيسة الحكومة جولدا مائير ووزير الدفاع موشيه ديان.
ووفق هذه المحاضر توقع ديان أن يهزأ العالم بإسرائيل كـ "نمر من ورق" جراء عدم صمودها أمام الهجوم العربي الأول رغم تفوقها النوعي.
وكان رد مائير: "لا أفهم أمراً- لقد ظننت أنكم ستبدأون بضربهم لحظة يجتازون القناة، ماذا جرى؟". ورد ديان: " دباباتنا ضربت،وطائراتنا لا يمكنها الاقتراب بسبب الصواريخ، فهناك ألف مدفع مصري سمحت للدبابات بالعبور ومنعتنا من الاقتراب،هذا نتاج ثلاث سنوات من الاستعدادات".
وحسبما ذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية ، يبدأ التقرير كما عرض في "يديعوت أحرنوت" العبرية بإشارة إلى الاجتماع المثير للحكومة الإسرائيلية والذي عقد في السابع من اكتوبر 1973 ، بإفادة ديان عن المواقع العسكرية التي تتساقط واحداً تلو الآخر في سيناء والجولان.
وقال إن "خط القناة ميؤوس منه"، مقترحاً الانسحاب إلى خط المضائق. ولكن أهم ما قاله هو السماح بالتخلي عن الجنود الاسرائيليين المصابين في أرض المعركة، واضاف: "في الأماكن التي يمكن فيها الإخلاء سنخلي، أما في الأماكن التي لا يمكننا الإخلاء سنبقي المصابين، ومن يصل منهم يصل، وإذا قرروا الاستسلام، فليستسلموا".
وقدم ديان تقريراً عن مئات الخسائر والكثير من الأسرى في صفوف جيش الاحتلال،،قائلا: "كل ما خسرناه وقع في قتال شديد وحتى النهاية، كل ما فقدنا من دبابات ورجال كان أثناء القتال، والصامدون على خط النار يرجون أرييل شارون أن يصل إليهم وهم لا يزالون يقاتلون".
واعترف وزير حرب الكيان بأنه أخطأ تقدير قوة المصريين، وقال: "هذا ليس وقت الحساب، لم أقدر بشكل صائب قوة العدو، أو وزنه القتالي وبالغت في تقدير قوتنا وقدرتنا على الصمود.. العرب يحاربون أفضل من السابق ولديهم الكثير من السلاح.. إنهم يدمرون دباباتنا بسلاح فردي.. والصواريخ شكلت مظلة لا يستطيع سلاحنا الجوي اختراقها.. لا أدري إن كانت ضربة وقائية ستغير الصورة من أساسها".
جولدا مائير
وقال ديان إن "العرب يريدون كل أرض إسرائيل"، ورسم سيناريو يوم القيامة. وردت جولدا مائير: "هذه هي الجولة الثانية منذ عام 1948".
وشدد ديان على أن "هذه حرب على أرض إسرائيل، مشيرا الى أن العرب لن يوقفوا الحرب، وإذا أوقفوها ووافقوا على وقف إطلاق النار، فإنهم سيعودون لفتح النار من جديد، وإذا انسحبنا من هضبة الجولان، فلن نحل المشكلة".
وحينها قالت مائير: "لا سبب يدفعهم لعدم الاستمرار، وليس الآن فقط، لقد ذاقوا طعم الدم".. فرد ديان: "يريدون احتلال إسرائيل، والقضاء على اليهود".
وواجهت مائير، ديان بتقارير الاستخبارات الإسرائيلية التي تحدثت قبل الحرب عن أن الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لن يدخل الحرب وهو يعلم أنه لن يفلح في عبور القناة، وألمحت إلى مصدر نوعي لدى أجهزة الاستخبارات وفر تقديرات دقيقة بشأن نيات المصريين.
وهذا المصدر كان يسمى "صديق تسفي" ، تسفي زامير، رئيس الموساد حينها، وقالت: "طوال السنين كانوا جميعاً، بمن فيهم صديق تسفي، يقولون إن السادات يعرف أنه سيخسر".
ورد ديان: "كان عندي انطباع أننا سنضربهم أثناء العبور، كان لدينا تقدير يستند إلى الحرب السابقة، وهو تقدير غير صائب. لنا ولآخرين تقدير غير صائب حول ما سيحدث إن حاولوا العبور".
وأنهى ديان استعراضه بالكلمات التالية: كميات السلاح لديهم فعالة، تفوقنا لا يصمد أمامهم، مؤكدا "ان اسحق حوفي قائد الجبهة الشمالية أكثر تشاؤما مني بشأن هضبة الجولان، لقد قال لي ليتني أستطيع تثبيت الخط، كما أن جورديش "شموئيل جونين، قائد الجبهة الجنوبية" قلق ومتشكك بشأن الجنوب".