نجاد في الضاحية يرفع اللهجة فيدعو أميركا إلى الخروج من المنطقة ويحذر إسرائيل
الخميس, 14 أكتوبر 2010
نصرالله متحدثاً في مهرجان الضاحية (أ ف ب).jpg
بيروت - «الحياة»
Related Nodes:
نصرالله متحدثاً في مهرجان الضاحية (أ ف ب).jpg
اقام «حزب الله» وحركة «امل» احتفالاً شعبياً ضخماً للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد على ارض ملعب الراية في ضاحية بيروت الجنوبية مساء أمس، رفرفت خلاله الاعلام اللبنانية والايرانية من دون غيرها من الرايات بين ايدي الحضور الذين تقدمهم حشد من الشخصيات السياسية ومن رموز المعارضة والنائب اكرم شهيب ممثلاً «اللقاء الديموقراطي» ورجال دين.
وظهر نجاد على المنصة في السابعة والربع محيياً الحضور يرافقه الوزير علي عبد الله، وبدا متأثراً بالحفاوة التي استقبل فيها ورددت الجموع «خوش آمديد» (اهلاً وسهلاً). وبدت على خلفية المنصة صور تجسد مشهدية لآليات اسرائيلية مدمرة وخوذاً لجنود اسرائيليين مهشمة وذيلت بعبارة «اسرائيل سقطت».
وشق نجاد طريقه الى مقعده بصعوبة حيث صافح كبار مستقبليه وبينهم نائب الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم وجلس الى جانبه.
< خاطب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عبر شاشة، الرئيس الايراني مرحباً «بضيف لبنان الكبير والعزيز، باسم قيادة حركة «أمل» وقواعدها وباسم قيادة «حزب الله» وقواعده، باسم جميع ابناء الإمام المغيب موسى الصدر، وباسم عشاق القائد الخميني، وكوادر الأحزاب والقوى والتيارات اللبنانية الحاضرة بيننا وقواعدها التي عبرت عن تأييدها وترحيبها بزيارتكم الكريمة، وباسم المجاهدين والمقاومين صناع النصر وباسم عوائل الشهداء والجرحى والأسرى المحررين، باسم هذا الشعب الذي صمد وقاتل في حرب تموز 33 يوماً وصنع الانتصار المعجزة، ارحب بكم باسم اشرف الناس وأطهر الناس».
وأضاف: «ارحب بكم اخاً كبيراً وصديقاً عزيزاً وحبيباً غالياً وسنداً للمقاومين والمجاهدين والمظلومين. نشم فيك رائحة امامنا الخميني المقدس ونتلمس فيك انفاس قائدنا الخامنئي الحكيم، ونرى في وجهك وجوه كل الإيرانيين الشرفاء».
وتوجه نصرالله بكلمتين للعرب وللبنانيين ولنجاد والوفد المرافق. وقال: « اليوم اريد ان اؤدي شهادة لله اقولها لكم لأنها واجبة في عنقي بحق الجمهورية الإسلامية في ايران قيادة ورئيساً وحكومة وشعباً. هنا في لبنان وفلسطين ومنطقتنا العريبة من يتحدث دائماً عن مشروع ايراني يفترضه في وهمه ويفترض مشروعاً عربياً لمواجهته، يتحدثون عن مشروع ايراني لفلسطين ولبنان وللمنطقة العربية ويفترضون شكله ومضمونه من موقع سلبي ويعملون على اخافة حكومات وشعوب العالم العربي منه وأشهد كواحد من الأشخاص الذين على علاقة قديمة بمراكز القرار الإيراني وأتكلم بصدق ولا مجاملة
ايها العرب ما تريده ايران في فلسطين هو ما يريده الشعب الفلسطيني فيها. ما يريده العرب وما ارادوه في 60 عاماً. ان تعود ارض فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية لأهلها الحقيقيين. ان تعود الأرض من البحر الى النهر وكل مهاجر الى ارضه وأن يقيم الشعب دولته المستقلة على ارضه المحررة بالدم. هذا هو المشروع الفلسطيني وهذا هو المشروع الإيراني لها وليس اي شيء آخر».
واكد ان «هذا موقف الإمام الخميني وقرار الإمام الخامنئي، والرئيس يعبر بشفافية ونقاء وشجاعة عن هذا الموقف والرؤية في كل مكان في العالم، في الأمم المتحدة في نيويورك او جنيف او حيثما ذهب
وتضيق به صدور الغرب لأنه يقول الحق بأن اسرائيل دولة غير شرعية ويجب ان تزال».
وزاد: «في لبنان ما تريده ايران هو ما يريده الشعب اللبناني، بلداً حراً غير محتل، موحداً سيداً مستقلاً، عزيزاًَ، أبياً، شامخاً امام التهديدات حاضراً في المعادلة الإقليمية وليس هناك مشروع ايراني آخر». وقال: «ايران في المنطقة العربية هي مع لاءات العرب التي اطلقوها في زمان الرئيس عبد الناصر في الخرطوم ثم تخلى عنها الكثيرون وإيران تجدد هذه اللاءات مع الأمة مجدداً».
وشهد «ان ايران التي كانت تدعمنا ولا تزال، لم تطلب منا في يوم الأيام موقفاً ولم تصدر الينا امراً ولم تتوقع منا شكراً، بل كنا نحن الذين نطلب ونسعى ونسأل
مع اننا نفتخر بإيماننا العميق بولاية الفقيه العادل والحكيم والشجاع. ليس لدى ايران مشروعها الخاص ابداً. مشروعها للبنان هو مشروع اللبنانيين وكذلك في فلسطين وكذلك في المنطقة العربية، ما تقوم به في منطقتنا كما يقول القائد والرئيس والمسؤولون والعلماء والشعب انها تؤدي واجبها الإلهي وإنها منسجمة مع دينها».
واعتبر ان ايران «من اهم الضمانات الكبرى اليوم في عالمنا الإسلامي والعالم كله لوأد الفتن وتعطيل حروب ونصرة المستضعفين، قبل اسابيع عندما هدد قس اميركي بحرق القرآن وكاد يثير فتنة كبرى في العالم. القائد قال هذا الشخص وحده يتحمل المسؤولية ولا يجوز ان تحملوا المسيحيين مسؤولية هذا الرجل. ولا يجوز ان نرتكب بحق مقدسات المسيحيين شيئاً مشابهاً ففقأ عين الفتنة. وعندما فجر مرقد الإمام العسكري وكادت الفتنة بين السنة والشيعة تعم العراق والعالم الإسلامي خرج الإمام الخامئني مجدداً ليعلن بقوة ان اميركا وإسرائيل تقفان وراء التفجير وأن المجموعات التكفيرية مرتبطة بهما والسنة لا يتحملون مسؤولية هذه الجريمة ولا يجوز للشيعة ان يحملوا السنة مسؤوليتها. وقبل أسابيع عندما ألقى شخص شيعي غير معروف عند الشيعة اساساً خطاباً في لندن اساء فيه الى ام المؤمنين السيدة عائشة وأصحاب الرسول وقامت بعض الفضائيات الفتنوية بترويج هذه الفتنة وكادت تقع، اصدر الإمام فتواه بتحريم النيل من رموز اخواننا السنة فضلاً عن اتهام زوج النبي بما يخل بشرفها فهذا الأمر ممتنع على لسان الأنبياء خصوصاً سيدهم الرسول الأعظم وفقأ عين الفتنة».
نجاد
وقدم النائب أسعد حردان والنائب السابق اسامة سعد درعاً باسم الاحزاب الوطنية لنجاد.
ثم تحدث نجاد فقال: «لبنان هو مهد العابدين والاحرار وهو واحة خضراء تزدان بالورود التي تفوح منها عطور الاديان والطوائف المتنوعة. لبنان هو مدرسة المقاومة والصمود امام جبابرة هذا العالم وهو جامعة الملاحم والجهاد في سبيل الاهداف الانسانية المقدسة. لبنان هو راية العزة والاستقلال الخفاقة، وهو درة ناصعة على هامة هذه المنطقة. ان زيارة لبنان الشامخ ولقيا مسؤوليه وشعبه الطيب كانا لي بمثابة رؤية عذبة وجميلة. أتيت من أرض الامام الخميني حاملاً معي اطيب التحيات ومبلغاً للمحبة القلبية الخالصة للشعب الايراني وقيادته الرشيدة لكم ايها الاعزة والاحبة».
وأضاف: «
أنتم تدركون جيداً أن المتغطرسين والمهيمنين منذ عشرات السنين، من اجل بسط سيطرتهم ونفوذهم الغاشم، اتخذوا من منطقتنا منصة لاخضاع العالم برمته. هؤلاء لم يقفوا عند أي حد ولم يرضوا بأقل من تطويع المنطقة والعالم لارادتهم. ولطالما وضعوا الآخرين في موضع المقصر والمدين وانفسهم في موقع المحاسب والدائن. ولم تكن أنفس الشعوب وثرواتها ومقدراتها وكراماتها وثقافتها وبخاصة لدى شعوبنا تتمع بأي حرمة لدى هؤلاء. من وجهة نظر هؤلاء المسلم والمسيحي واليهودي وكل موحد حقيقي ينشد العدالة يعتبر على حد سواء وينظر اليه كعدو.
وقال: «الحقيقة هي ان المستعمرين والمستعبدين السابقين بعد ان منوا بهزيمة امام ارادة الشعوب بادروا الى تغيير جلدهم وتلوين شعاراتهم لكن اهدافهم ما زالت على حالها، وحيث ان العدالة والعشق والحرية ورعاية حقوق الآخرين اثيرة على قلوب الشعوب فإن هؤلاء البسوا سلوكهم اللإنساني لبوس الشعارات الانسانية البراقة، وأشير الى بعض النماذج:
اولاً: من خلال تخطيط مسبق وعلى غفلة من شعوب هذه المنطقة وتحت ذريعة تعويض خسائر الحرب العالمية احتلوا فلسطين عنوة فقتلوا الآلاف وشردوا الملايين وزرعوا فيها كياناً غريباً وغير مشروع وأوجدوا تهديداً مستمراً لكل شعوب العالم.
واينما ارادوا الهيمنة اطلقوا العنان لقوة هذا الكيان الفاجرة والغاشمة ومكنوا يده الاثمة من ارتكاب شتى انواع الجرائم في شتى اصقاع العالم.
امعنوا النظر جيداً فهل تجدون في سجل الصهاينة شيئاً سوى الجرائم والجنايات؟
وانتم ترون بأم العين ان قتل الرجال والنساء والاطفال العزل في فلسطين واستخدام الاسلحة المحظورة وهدم المنازل والمزراع وقطع الماء والغذاء والدواء عن غزة ومهاجمة المدنيين وقوافل المساعدات في المياه الدولية وتهديد دول المنطقة وشعوبها وارتكاب جرائم الحرب في لبنان وفلسطين كل هذه الفظائع تحولت الى امور عادية وخبز يومي بالنسبة الى هؤلاء.
ثانياً: ايجاد الخلافات والقلاقل في منطقتنا. ففي لبنان نجد ان يد الغدر الآثمة امتدت الى صديق عزيز وشخصية غيورة على وطنها ثم نرى كيف تلفق الاخبار وكيف تستغل المجامع الحقوقية التابعة لانظمة الهيمنة لتوجيه التهمة الى بقية الاصدقاء للوصول الى الاتهامات الباطلة لزرع الفتنة.
يريدون الايقاع بين شعوب تتألف من فئات وأديان متنوعة عاشت بعضها مع بعض مئات السنين بوئام ومحبة وازدانت بثقافة وهوية ومنبت واحد على الدوام. يريدون الحاق الاذى بالعلاقات الاخوية بين الشعوب كالعلاقة بين الشعبين السوري واللبناني. اعزائي التفتوا فالأعداء كلما احتلوا بلداً او غزوا شعباً لعبوا على وتر الحساسيات الطائفية والعرقية والمذهبية. ففي العراق هناك الشيعة والسنة والاكراد والتركمان والمسيحيون اي الموحدون، وكانوا جميعاً يعيشون متآخين، لا بل متصاهرين قبل الاحتلال،
ولكن منذ قدوم المحتلين وبداية تدخلاتهم بدأت الاختلافات والمواجهات في بعض انحاء العراق.
ثالثاً: لقد تذرعوا بأحداث 11 ايلول (سبتمبر) المؤلمة في نيويورك ليغزوا افغانستان. وهاجموا العراق بحجة خاوية اخرى حيث قتلوا وشردوا مئات الآلاف من الناس ودمروا كل البنية التحتية. عندما ننظر الى ابعاد ما قام به المحتلون في افغانستان والعراق واخيراً في باكستان ندرك جيداً ان هدفهم لم يكن ابداً كشف ومحاسبة العناصر المدعى انها ارتكبت احداث 11 أيلول، بل كانت هذه الحوادث فقط ذريعة من اجل التواجد في المنطقة ومتابعة الاهداف الاستعمارية بعينها. ان معرفة حقيقة ما جرى في 11 ايلول وفحص الصندوق الاسود من شأنه حل الكثير من المشكلات».
وأضاف: «من هنا اعلن ان تشكيل فريق مستقل وحيادي لتقصي الحقائق ولكشف حيثيات وعناصر احداث 11 ايلول المؤسفة هو مطلب كل شعوب المنطقة والعالم. ليلتفت الساسة الاميركيون ومن يتحالف معهم الى ان الركون الى هذا الامر يشكل فرصة ومخرجاً لائقاً بالنسبة اليهم ايضاً. وكل نوع من انواع الممانعة امام هذا المطلب القانوني والانساني يبين ان احداث 11 ايلول نفذت بتدبير مسبق ومن اجل اهداف توسعية. اوجه النصح هنا لاقول ان افضل مخرج لمحتلي افغانستان والعراق هو ترك المنطقة والاعتذار من الشعوب وتعويض الخسائر. فاذا لم يلتفتوا الى هذه النصيحة المشفقة فإن يد شعوب المنطقة ستطردهم طرداً ذليلاً وستضعهم في يد العدالة.
رابعاً: هناك آلاف الاحرار من فلسطين وسائر الشعوب الاخرى اختطفوا في شكل جبان ورمي بهم في السجون والمعتقلات ومع ذلك لا نسمع صوتاً ولا همساً من كل مدعي الوكالة الحصرية للدفاع عن حقوق الانسان.
وتحدث عن الديبلوماسيين الايرانيين المفقودين في لبنان وقال: «استناداً الى الوثائق والمعلومات المؤكدة فإن الاربعة ما زالوا على قيد الحياة وهم اسرى بصورة غير قانونية في يد الكيان الصهيوني الاثمة. الكيان الصهيوني مسؤول عن سلامتهم وارواحهم وعليه ان يسمح باسرع وقت لمندوبي الصليب الاحمر بان يلتقوا بهم وان يأخذ الترتيبات لخروجهم الى ساحة الحرية».
وقال: «هذا الكيان الذي احتل عام 1982 اجزاء واسعة من لبنان حتى وصل الى العاصمة بيروت، مني في 3 مراحل وبخاصة ابان عدوان تموز (يوليو) بهزائم مريرة فطرد بهمة الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة وأخيراً من خلال المواجهة البطولية التي خاضها الجيش اللبناني الباسل. كما ان ملحمة اهل غزة ومقاومتهم بينتا ضعف هذا الكيان وهزاله اكثر من اي وقت مضى.
ان الصهيونية الجوفاء ولأنها تشعر انها وصلت الى الحائط المسدود ربما تبادر الى شرور جديدة علها تجد طريقاً للخلاص فيها، وأنا اعلن هنا ان اي شرارة جديدة تبدر من هذا الكيان لن تجدي نفعاً الا بتقصير عمر هذا الكيان المغتصب الملطخ بالعار. وليعلم الجيمع ان وجود الكيان الصهيوني بأي شكل من الأشكال ولو على شبر واحد من الأراضي الفلسطينية هو بمثابة اعطاء فرصة للاحتلال والإجرام. ليعي الجميع ان الدولة اليهودية تعني دولة عنصرية. وهي تعني تشريد اكثر من مليون و500 ألف انسان من السكان الأصليين للأراضي المحتلة. ما هو السبيل لحل القضية؟ السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية وإرساء سلام راسخ في المنطقة هو الاعتراف بحق السيادة للشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين ورحيل كل المحتلين الى اوطانهم الأصلية».
وزاد: «هنا اعلن بصوت عال ان الكيان الذي اوكلت اليه مهمة السيطرة من النيل الى الفرات من اجل النظام الرأسمالي قد حبس داخل جدار. ايها الأعزة، تشكلت جبهة مقاومة الشعوب في فلسطين ولبنان وسورية والعراق وتركيا وإيران وكل هذه المنطقة. اعلن بكل ثقة،
ان النظام الصهيوني يتدرج اليوم في مهاوي السقوط وليس هناك من قوة قادرة على انقاذه».
ليست مجرد زيارة
الخميس, 14 أكتوبر 2010
حسان حيدر
فلنترك جانباً كل هذا البروتوكول والدعوة والاستقبال الرسمي واستعراض الحرس الجمهوري ومآدب الغداء والعشاء والخطابات وتوقيع الاتفاقات، فزيارة الرئيس الايراني أحمدي نجاد الى لبنان ليست مجرد زيارة تقليدية يقوم بها رئيس دولة الى دولة أخرى حتى لو كانت صديقة، بل هي زيارة الى «دولة حزب الله» التي هي جزء من منظومة «الممانعة» الأوسع التي تقودها ايران من افغانستان الى غزة، والتي تخوض حالياً معركة السيطرة التدريجية على مقدرات اتخاذ القرار في هذا البلد.
جاء نجاد ليقول للعرب انه أخذ منهم «النقطة المحورية»، كما وصف لبنان قبل وصوله، وليعلن ان الرعاية العربية لبلد الأرز لم تعد تستطيع المحافظة على التوازنات الداخلية التي أرساها اتفاق الطائف ولا بد من تغييرها، وانه لم يعد يمكنها الإبقاء على دور لبنان الخارجي القائم على تجنب دخول المحاور والأحلاف لأنه بات عملياً طرفاً اساسياً في استراتيجية «الجمهورية الاسلامية» التي تعتبر انها استثمرت فيه على مدى ثلاثة عقود ولا بد من قطف ثمار استثمارها.
فإدخال لبنان في «محور المقاومة» بات بالنسبة الى ايران وحلفائها تحصيل حاصل ينتظر انهاء بعض التفاصيل وانقاذ بعض المظاهر، وقد يبدأ ذلك الاسبوع المقبل في أبعد تقدير. وهي تتفق في ذلك خصوصاً مع سورية التي أكدت ان علاقتها الجيدة محصورة بـ «المقاومة» وان تطور العلاقة مع لبنان الرسمي رهن بحصول «توافق» فيه، أي عملياً الاستجابة لمطالبة «حزب الله» بالانسحاب من المحكمة الدولية وربط سياسات لبنان الداخلية والخارجية بالمحور إياه.
أما الغرض الأبعد للزيارة فيتجاوز العشرة آلاف كيلومتر مربع ليعلن ان المقاربات العربية لمشكلات العالم العربي، وخصوصاً الموضوع الفلسطيني، لم تعد تجدي، وان ايران تملك البدائل والوصفات الجاهزة ولا بد من أخذ رأيها في كل شؤون المنطقة مهما صغرت.
ولهذا قال نجاد في مؤتمره الصحافي في قصر بعبدا أمس متجاوزاً كل الاعراف الديبلوماسية انه «يريد تحريراً كاملا للاراضي المحتلة في لبنان وسورية وفلسطين».
وليس مصادفة ان تتزامن زيارة نجاد مع انزال البحرية الايرانية علم دولة الامارات عن الجزء الجنوبي من جزيرة أبو موسى ورفع العلم الايراني مكانه، ولا ان تأتي بعد فترة وجيزة من تفكيك البحرين شبكة سرية كانت تستهدف المساس بالأمن الوطني والإضرار بالاستقرار وتقويض الوحدة الوطنية مستلهمة «النموذج» اللبناني وربما على علاقة عضوية به.
لقد خصّ «حزب الله» الرئيس الايراني باستقبال «شيعي» في المطار وعلى الطريق الى القصر الجمهوري، في نسخة موسعة من «بروفة» استقبال اللواء جميل السيد قبل اسابيع
والتي كرست مطار بيروت الدولي جزءاً من مناطق نفوذ الحزب المباشر. لكن امواج «البحر الشعبي» الذي رفع لافتات ترحيب وردد هتافات بالفارسية يرجح انها ستتجه نحو الداخل اللبناني فتغرقه، ذلك ان الرجل القادم من تاريخ غير مطمئن يتحدث عن «إعمار» لبنان فيما يفتح ابواب خزينته وترسانته امام حليفه ويغدق عليه الصواريخ وسائر أدوات «الممانعة»، ويخطط معه لزج البلد الصغير في أتون معركة بلا أفق ولا نهاية.
أضعف الإيمان - زيارة نجاد
الخميس, 14 أكتوبر 2010
داود الشريان
زادت تحذيرات وزارة الخارجية الإسرائيلية، الإثارة التي رُسمِت حول زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان. وساعد التهويل الإسرائيلي حول الزيارة بعض اللبنانيين في استعذاب النفخ في خطورتها، وتأثيراتها على المسار السياسي في لبنان والمنطقة، والرابح من النفخ المزدوج في النهاية هو إيران، التي تستهويها الدعاية السياسية.
الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية قال: «عندما يذكر نجاد ان لبنان هو حدود إيران مع إسرائيل، فإن العالم العربي يفهم العدائية في لهجة هذا الكلام». هذا تفسير مضلل، لم يشعر أحد بالعدائية من وراء هذا التصريح. إسرائيل تحاول ان تلعب بهذا التفسير على الطريقة الإيرانية، تسعى الى جعل لبنان وقوداً لعدائها مع طهران، مثلما جعلته إيران ساحة لتصفية حساباتها الإقليمية والدولية. إسرائيل تحرّضنا للدفاع عن مصالح غيرنا وصورته، ولو مرغمين، من خلال استفزازنا، على رغم أنها تدرك أن العرب غير معنيين بالعداء بين ايران وإسرائيل، وهذا بافتراض ان هناك عداءً أصلاً بين طهران والدولة العبرية.
لكن هناك تفسيراً آخر أخطر من التفسير الإسرائيلي. في لبنان يحاول بعضهم ان يفسر زيارة نجاد وتصريحاته بطريقة أسوأ من تفسيرات إسرائيل، ويسعى الى الإيحاء بأن الرئيس الإيراني جاء للقاء فريق من اللبنانيين ودعمه. هذا البعض يعالج ضعفه، وقلقه على حساب موقف الطائفة الشيعية في لبنان وصورتها. ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فينفي الهوية العربية عن قطاع عريض من اللبنانيين، ويكرّس التشكيك بعروبتهم وولائهم لوطنهم وأمتهم وقضاياهم المصيرية، ويفتح شهية المذهبية بين أبناء الوطن الواحد.
المسيحيون اللبنانيون رفضوا تصوير زيارة البابا للبنان على النحو الذي جرى به تصوير زيارة نجاد. لم يستأثر المسيحيون بالبابا، واعتبروا مجيئه زيارة زعيم روحي الى دولة متعددة الطوائف. بالتالي، ليس من السياسة ولا الحكمة، ولا الوطنية الاستئثار بزيارة نجاد، وخصّ الشيعة والمعارضة بها، والنظر الى شيعة لبنان وكأنهم ايتام يتولى رعايتهم نجاد، وترعاهم عين إيران.
لا بد من لجم مذهبة السياسة في لبنان.