أستاذي الكريم بهجت
أنا مع أي مقترح أو فكرة تهدف للسلام أو للإصلاح..هذا هدفي ولا أنظر للشخوص أكثر من النظر للفكرة..وبالتالي لا يهمني ردة الفعل أو غضب أحد لأنني متأكد أن أي فكرة مهما كانت جودتها فهي كما لها معارضين هي أيضا لها مناصرين..وحواري عادة ما يكون إقناعي أحاول فيه إقناع محاوري..أما لو رأيت المحاور ممن يتعصبون لآرائهم ولا يهمهم الواقع أكثر ما يهمهم أفكار حبيسة أذهانهم حينها ألجأ لحوار الزوار، أي أسعي لإقناع الزائر أو العضو المتابع..فهناك أعضاء كثيرون يناصرون رأيي ولكنهم يخشون الطرح خوفا ومهابة من بعض الألسنة التي تعودت علي الشخصنة واختزال الإفكار..
في شهر يوليو الماضي جري حوار بيني وبين بعض الأعضاء في ملتقي الإخوان المسلمين..وهو بالمناسبة موقع يحظر أي عضو معارض للثورة ولا يسمح بموضوعات تطعن بها أو تشكك فيما يقوله أو يدعيه الثوار، وهو ملك لبعض ممن انتسبوا للإخوان ولكنهم ذوو توجهات سلفية محضة والتحريض الطائفي في الموقع علي أشده منذ عام تقريبا إصر تصعيد بعض المشرفين من ذوو النزعات السلفية ليتصدروا المشهد الإداري، وبالتالي لا تستغرب مثلا من وجود تحريض طائفي ضد الشيعة أو المسيحيين في الموقع، أو تحريض سياسي ضد العلمانيين..والموقع في المُجمل معزول تماما عن الواقع ولا يمثل الإخوان بشبر واحد..فاكثر العقول هناك التي أعرفها غائبون ولم يدخلوا منذ فترات طويلة..ومن بقي يخشي علي نفسه ونتحاور سويا في قضايا أخري في الأقسام الفكرية..
هذا الحوار قديم في شهر يوليو الماضي ، وكنت قد طرحت فيه بعض الإشكاليات التي تعترض الثورة وتلقي الضوء علي أزمات المعارضة في حينها في محاولة لحلها..وتوقعت بعضا من الوقائع وحدثت..
http://www.ikhwan.net/forum/showthread.p...A%D3%DA%D3
وكما ستري في الحوار إشترك بعضا من هؤلاء الإداريين الذين أقصدهم وحاولوا التشغيب ..فقد كانوا يحاورون للشخصنة والتعدي أكثر من حوارهم الهادف..طعن بعض جُهالهم في إخوانيتي ولكن بمجرد دخول عضوين منصفين عاقلين ينصفونني فعلي الفور تم التصدي لهما وإِشهار سلاح عداء الثورة والطائفية في وجههما..هكذا هي العقول الثورية السورية..لذلك فقد كانت عقول النادي التي رأيتها ليست أفضل حالا منهم ، فأنا متعود علي حوار تلك النوعية، وعندما أحشر بعضا منهم في مسائل ويعجز عن الرد فورا يقوم بإشهار سلاح الطعن والشخصنة والتعدي وهذه أقصر الطرق لتحصيل النصر ولو بطريقة غير مشروعة....ولكن صدقا فقد كنت مرتاح لذلك لإيماني العميق بأن الزائر سوف يتعاطف معي ومع أفكاري وسيتبناها حتما..
هذا الحوار وغيره بضعا من الموضوعات كانت في وقتها علامة علي عُزلة فِكرية من سلفيي وإخوان سوريا عن المشهد..بالفعل هؤلاء الذين حاورتهم هم الآن الذين يتصدرون المشهد المسلح في حمص وأدلب وجسر الشغور ودرعا وحماه وغيرها..فتلك مواطنهم..هم لا يُعيرون بالا لمخالفيهم، فكما فهمت حسب عقلي القاصر أن السبب في معارضتهم لنظام بشار الأسد هو سياسته الخارجية أكثر من تركيزهم علي السياسة الداخلية..وإلا دعموا ثورة البحرين التي لا تطالب بإسقاط النظام بل كل طموحها ينحصر في الملكية الدستورية..فما كان من هؤلاء إلا معاداتها والسبب أن المتظاهرين شيعة..شوف عقل بعض الإخوان والسلفيين عمل فيهم إيه..
هم ليسوا سياسيين رغم علمي ببعض الكوادر السياسية الناجحة والعاقلة في إخوان سوريا ولكنهم غائبون عن المشهد، فهم خائفون من إبداء آرائهم خوفا من الطعن فيهم أو اتهامهم في عقائدهم أو وطنيتهم ، وبالتالي تكون سياسية تجاهل الأغلبية تحققت، وسلبيتهم أصبحت مُبررة، بينما ثورتهم تضيع والشعب السوري يُقتل..
أعترف بالقصور في بعض المسائل وهذا ليس عيبا، ولكن أن يدعي علي فرد أنني غير ملم بالوضع في سوريا لكوني فقط غير سوري فهذا هو الجهل بعينه، أصبح الآن بإمكان أي فرد ولو من ماليزيا أن يكون خبيرا بالوضع في سوريا بمجرد متاعبة لا تقل عن أسبوع واحد، فقط يدرس الحالة الأيدلوجية والسياسية والدينية والإقتصادية ويبدأ في تقييم الوضع علي الأرض وبعدها سيصبح خبيرا، الآن وبعد الفيس بوك والتويتر انتهي التعتيم والتضييق علي الفكرة..
أمامي الآن صفحات سورية موالية للأسد أكثر من 40 صفحة إخبارية ومتنوعة أقل عدد من المعجبين بها لا يقل عن 20 ألف معجب وعدد المتفاعلين أسبوعيا لا يقل عن 3 آلاف متفاعل...والعدد الاقصي 250 ألف معجب والمتفاعلين أكثر من 13 ألف متفاعل..أما عن صفحات الفيس بوك المعارضة للأسد والمؤيدة للثورة فعددها أكبر ولكن ليس بالعدد الكبير..هناك فوارق بسيطة، وأنا متأكد أن المتفاعلين والمعجبين المؤيدين للأسد من الداهل السوري وممن يحملون الجنسية السورية في الخارج هم أكثر عددا من خصومهم...فتقريبا جُل المعجبين المعارضين ليسوا سوريين وأغلبهم لهم توجهات ونزعات طائفية أو سلفية أو إشكاليات مع المقاومة ظهرت هذه النزعة بوضوح بعد بيان حركة حماس منذ أسبوع..فقد كان الهجوم فيه علي حماس وخالد مشعل كبير جدا علي صفحات الثورة السورية، اتهموه بالخيانه وبيع السنة لصالح الشيعة، ونصرة العلويين علي السنة، ونُصرة الجريمة علي العدل، وهكذا من شعارات عبرت بما في صدورهم تجاه المقاومة وأهلها..
أخيرا الحل في سوريا لن يتأتي إلا بالتضحيات هكذا أري الوضع فالثوار هم الذين اختاورا هذا الطريق ولم يستمعوا لنصائح العقلاء لهم بأن وضع سوريا أرضا وشعبا ونظاما ووضعا إقليميا وتحالفاتيا مختلف، فلو راجع أحدهم نفسه فسيتهم بالخيانة، لاحظ أي تصريح يخرج من أي فرد ..هيثم مناع مثلا تم الهجوم عليه بضراوة بمجرد فقط نقده للمجلس الوطني والجيش السوري الحر، إذا أنت أمام واقع يفرض نفسه وأن الرجوع للوراء ممتنع لما يريد الحل دون تضحيات ، ومن الآن فليستعد المعارضون لمرحلة سياسية جديدة يهيئون فيها أنفسهم وشعبهم لتقبل فكرة المقاومة وعدم العداء فقط إلا للكيان الصهيوني وأن عدائهم لحزب الله أو لإيران أو لحماس هو سابق ثورتهم ، وأن ما يقومون به الآن ليس إلا عبارة عن تصفية حسابات مع الماضي..
وعليهم أن ينتصروا للإصلاح والوحدة وأنهم و النظام وغيره ما هم إلا وسائل لتحقيق ذلك ، وأن الطريق طويل معقود بنواصي الأمل والمستقبل وبأفكار الأجيال القادمة التي ستنزع أي عصبية دخيلة علي الشعب السوري، حينها سيرون الوضع مختلف تماما وسيرون بعين جديدة تمكنهم من التمييز وعدم الإنجرار وراء دعاوي الفتنة والحرب الأهلية التي يُروج لها الطائفيون ويستغلهم النظام لجعلهم فزاعة إعلامية داخلية يُخوف بها كل سوري من مستقبل أسود ينتظرهم فيما لو نجح هؤلاء في ما أرادوا...