على ذمة برزان عيسو

(نشر هذه المقابلة لا يعني تأييدا لما جاء فيها من آراء بل إعطاء صورة ومن زاوية مختلفة عما يسمى ب"المجلس الوطني" ودوره التخريبي الطائفي )
معارض سوري: المجلس الوطني السوري يدفع باتجاه الحرب الأهلية..!
اجرى الحوار: برزان عيسو
نشر الحوار في جريدة
غوندم
التي تصدر بالتركية في اسطنبول
Gündem
وجدي مصطفى، معارض سوري يساري اعتقل عدة مرات وقضى في المعتقلات ما يتجاوز الاربعة عشر عاما خلال الاعوام الممتدة ما بين 1980 و 2008. شارك مصطفى في اغلب لقاءات ومؤتمرات المعارضة في الخارج , انتخب عضوا في المكتب التفيذي للمؤتمر السوري للتغيير الذي عقد في انطالي.ا
اقترح اسمه كعضو ونائب لرئيس المجلس الوطني السوري الذي اعلن من انقره ومن ثم كعضو في المجلس الوطني السوري الذي أعلن من اسطنبول الذي لم يوافق على الاشتراك به لاسبباب تتعلق ببنية المجلس الغير المتوازنة .
يقيم وجدي مصطفى في امريكا ولاية كاليفورنيا منذ حوالي الشهرين.
ما سبب انسحابكم من المجلس الوطني السوري؟ هل هو مرتبط بكونكم شخصية يسارية أو كونكم علوي؟
من زمن طويل حددت انتمائي الى وطن كامل اسمه سوريا ضمن رؤية فكرية وسياسية يسارية تؤكد على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ,وهذا لا يتناقض مع انتمائي الى عائلة اصيلة ضمن الطائفة العلوية التي هي جزء اصيل ايضا من المجتمع السوري ككل. اما عن سبب انسحابي ,فهو لاعتقادي ان المجلس لا يشكل التمثيل المتوازن للشارع السياسي والثقافي وهو بطريقة ما مثل ويمثل حتى الان جزءا من الشارع المنتفض وهذا لا يساعد برأي في ضم الكتلة الاكبر من الشارع السوري التي لا زالت متخوفة من سيطرة الاسلام السياسي.
يبدو واضحاً للناظر إلى الوضع السوري بأن هناك طرفين في المعارضة السورية الأولى يسارية والأخرى إسلامية، كيف يمكنكم شرح هذا الأمر؟
هذا شيئ طبيعي في بلداننا العربية والاسلامية وبشكل خاص في سورية حيث ان يتواجد اليمين واليسار , اليمين والتي تمثله القوى الدينية وبشكل خاص الاسلام السياسي ,واليسار والذي يضم معظم الاحزاب السياسية التقليدية المتواجدة في الداخل .وعلى هذا ظهر تقسيم طبيعي, حيث ان المعارضة الخارجية غلب عليها الاتجاه الاسلامي بسبب تواجدها في المنفى لفترة طويلة بعد احداث الثمانينات العنيفة الذي قاد فيها الطرف الاسلامي انتفاضة مسلحة ضد السلطة ,بينما غلب على المعارضة الداخلية التيار اليساري الذي خاض معركته السلمية مع السلطة وتعرض لفترات طويلة جدا ادت الى تفتت قواه .وعلى هذا سنرى ,نتيجة لذلك, تيار اسلامي منظم في الخارج يحاول السيطرة على حركة الداخل وتمثيل المعارضة عبر امتداداته الاقليمية الاسلامية التي تدعمه ماليا وسياسيا مستفيدا من الطابع السني لحركة الاحتجاجات .وتيارا دمقراطيا يساريا يحاول التعبير عن الاكثرية المتخوفة من سيطرة اسلامية سياسية عبر تدخل خارجي .
هل هيئة التنسيق الوطنية تمثل كافة القوى والاحزاب اليسارية والمجلس الوطني السوري يمثل كافة القوى الاسلامية؟
بالتاكيد لا يوجد تمثيل كامل من كلا الطرفين . اعتقد ان هيئة التنسيق مثلت التيار العام لحركة اليسار الديمقراطي الليبرالي بشكل عام
لكنها لا زالت تعاني من امراض العمل السياسي المتخلف في حركتها العامة .
بينما غلب تيار الاسلام السياسي على المجلس الوطني بالرغم من وجود بعض الشخصيات الدمقراطية العلمانية و الليبرالية بداخله . لكنني اعتبر ان المجلس الوطني في الخارج له دور استراتيجي اساسه القوى الغير المتوفرة في الداخل, وهي حرية الحركة والاتصالات الدولية ويلعب المال هنا القوه الكبرى في بناء حركة المجلس حيث يسيطر المال السياسي الاسلامي بشكل واضح وكبير جدا.وهذا انعكس على بنية المجلس.
بالتأكيد الاسلاميين يلعبون الدور المحوري وهم يمتلكون معظم مفاتيح العمل السياسي داخله كونهم هم من شكل المجلس اعتمادا على القوة المالية الجبارة غير واضحة المعالم .
كيساري أولاً وعلوي ثانياً، كيف تنظرون إلى الكرد والقوى السياسية الكردية؟ هناك من يتهم الكرد بأنهم لا يشاركون في الثورة، مامدى صحة هذا الأمر؟
اعتقد ان الكرد هم جزء اساسي واصيل من هذا النسيج العظيم للشعب السوري وهم ككل الاقليات التي عانت من الاضطهاد المتنوع في سورية كان اليسار هو الوعاء الفكري الذي عكس امالها وطموحاتها الانسانية بالعدالة والديمقراطية و تميزها القومي .وهم الان جزء اساسي من هذا الحراك الذي يشارك حذرا من تدخل خارجي وسيطرة الاسلام السياسي الذي سيهدم امنياته بالاستقرار والعدالة .
كمراقب كيف يمكنكم أن تعرفوا الطائفية العلوية في سوريا وما مدى ارتباطها بهذا النظام وبعائلة الأسد؟
الطائفة العلوية عانت كثيرا من اضطهاد قديم أدى الى تشتتها وافقارها وانعزالها في جبال وعرة بحثا عن الامان ولقمة العيش. وبعد الاستقلال بقي هذا الاضطهاد بصوره الاقتصادية , ولهذا كان انتمائها الى العروبة واليسار بشكل عام محاولة لاستعادة افرادها كرامتهم المسلوبة بالفقر والاذلال .
ادى انتماء الضباط العلويين في الجيش الى القوى اليسارية الى تواجدهم الفعال في الحركة الانقلابية وخاصة عبر حزب البعث .وقد استفاد حافظ الاسد من هذه الذاكرة المثلومة بالقمع الطائفي الطويل ليعتمد على شباب الطائفة العلوية الفقراء وذلك عبر التوظيف في الاجهزة العسكرية والامنية .وخاصة بعد الصراع المسلح مع الاخوان المسلمين الذي اكتسب بعدا طائفيا . وهذا ما ادى الى استخدامهم في القمع المتواصل للشعب السوري لمصلحة عائلة الاسد المشكوك في انتمائها اصلا الى الطائفة العلوية . فلا احد يعرف اصل هذه العائلة التي سكنت في اطراف قرية القرداحة ولا تنتمي الى أي من العشائر والعائلات العلوية . لقد تمكنت عائلة الاسد من ربط بعض فقراء الطائفة العلوية بالجهاز الامني اوالعسكري دون ان تقضي على الفقر الذي تعاني منه الاكثرية العظمى من الطائفة. الا ان الخوف من الاضطهاد الطائفى الذي تؤججه السلطة وسيطرة الاسلاميين على التمثيل في الخارج يجعل اغلبية الطائفة تتنتهج الحياد الحذر.
لا نرى في المجلس الوطني السوري شخصيات علوية تمثلهم؟ ما السبب برأيكم؟ من هم الممثل الحقيقي للطائفة العلوية؟ ايضاً هل برأيك الشخصيات العلوية الموجودة في هيئة التنسيق تمثل العلويين؟
فيما يتعلق بالمجلس الوطني اعتقد ان المشكلة تكمن في ان مؤلفي المجلس من الاسلاميين لا يفكرون بالتمثيل السياسي الحقيقي لاي من الاطراف الا بما يتوافق معهم . أي بتعبير اخر يريدون ممثلين على صورتهم, لذلك هم يبحثون عن احجار تزينية تساعدهم في تأييد دولي خارجي . وهذا ما جعلني ارفض المشاركة في هذا المجلس لانني اعتقد ان مشاركتي في أي مجلس وطني يجب ان تعكس تمثيلا حقيقيا لما تمثله ,وانا اذا كان علي ان امثل التيارالدمقراطي العلماني الذي يعبر عن مطامح معظم الشعب السوري بما فيها الاقليات والطائفة العلوية يجب ان يكون هذا التمثيل صحيحا وفعالا بما ينعكس قناعة وثقة وطمانينة لهذه القوى بحيث تشارك بصناعة التحول الديمقراطي في سورية . أما من يمثل الطائفة العلوية فهو من يعبر عن امال وطموحات ابنائها ,ولا بد هنا ان أنوه ان الطائفة العلوية لا تمتلك ادارة دينية او طائفية تدير قرارها او تنظم مسارها بل ما يجمعها هو انتماء عشائري ووطني عام بالاضافة الى الفكر السياسي ذو النزعة العلمانية . ان الشخصيات العلوية في هيئة التنسيق لا يدعون تمثيل العلويين بل هم يمثلون تيارات سياسية وطنية عامة داخل هيئة التنسيق ولكن بلا شك هم شخصيات تمتلك رصيد جيد داخل الطائفة العلوية .
9- الجيش السوري الحر قام بعمليات عسكرية عدة في الفترة الأخيرة، هل المستهدف من هذه العمليات واضح برأيكم؟ هل العلوي يعني النظام والنظام يعني العلوي واستهداف أحدهما يعني استهداف الثاني؟
اعتقد ان أي عمل عسكري يستهدف الجيش السوري غير مفيد وربما هو مضر جدا ويخدم السلطة التي تدفع بهذا الاتجاه حيث لا يمكن التمييز بين علوي وسني . ثبت فشل العمل العسكري في السابق حيث تمت تجربته من قبل الاخوان المسلمين وبعث العراق , وينزع مع الزمن الى الطائفية .
هل يقلقكم علاقات الجيش الحر مع بعض الدول الاقليمية؟ وهل يقلقكم دعم المجلس الوطني السوري لهذا الجيش؟
حتى الان وبناء على تصريحات رئيس المجلس برهان غليون الذي اكن له الاحترام الكبير , اعتقد ان المجلس ما زال حذرا في تأييد الجيش الحر ويحاول ان يدفع باتجاه حماية المدنيين فقط , لكن نعم انا قلق من علاقات الجيش الحر مع بعض الدول وخاصة طروحات المنطقة الامنة التي ستأسس الى حرب اهلية بمشاركة جيشين .
المراقب للشأن السوري يمكنه القول بكل سهولة بان هناك حرب طائفية تحدث الآن في سوريا، ما تعليقكم؟
لا اعتقد ان ما يجري حتى الان هو حرب طائفية بالمعني الكلاسيكي للكلمة .حيث ما تزال المؤسسة العسكرية وجهاز الدولة قائمان لم يتهدما بعد .
هل هناك قوى سياسية وتنظيمية قادرة على انقاذ سوريا من حرب أهلية أو طائفية؟ هل سوريا متجهة بالضرورة إلى حرب أهلية؟
هذه هي المشكلة اصلا , لقد قام النظام خلال مدة سيطرته على السلطة بتهديم كل المؤسسات السياسية والمدنية. ويحاول المجتمع في سياق ثورته ان يعيد بناء هذه المؤسسات ضمن جو من التوتر والضغط الشديدين . نجد حتى الان بعض النجاحات في اعادة تكوين بعض القوى والمؤسسات بشكلها الاولي ولكنها برأيي حتى لا زالت غير كافية لتغيير وطني شامل .ونحن بلا شك نواجه خطر حرب اهلية في حال لم يتم اختراق استثنائي للمراوحة السياسية الحالية عبر ضم القوى الحيادية الى عملية التحول الديمقراطي بما يؤدي الى انعكاس في دور المؤسسسة العسكري من مؤيد الى فاعل في التغيير .
كيف تنظرون إلى الدور الذي يلعبه تركيا؟ هل التدخل التركي العسكري أحد مطالب الشعب السوري؟ هل تعتقدون بأن العلوية يقبلون بدور تركيا وتدخل عسكري تركي في سوريا؟ ايضاً التدخل الخارجي، قوات الناتو أو ما شابه؟
اعتقد ان الدور التركي يعكس مصالحها كأي دولة تجاور سورية وتطمح الى دور كبير مع جيرانها .لكن المشكلة تكمن اذا تجاوز الدور المطلوب مصالح الدولة الى مصالح السلطة السياسية بالمعنى الايدولوجي . لا اعتقد ما يتم التحدث عنه بنموذج تركي ينفذ في سورية يطمئن دائما الاقليات في سورية .اعتقد ان الاقليات حذرة من بالدور التركي الذي يدعم تيار الاسلام السياسي .
كيف هي علاقات الطائفة العلوية مع الدروز والمسيحية وايضاً السنة التي تعيش معها في نفس المنطقة؟ قيل بأن هجرات علوية حدثت من المناطق السنية وايضاً هجرات سنية من المناطق العلوية؟ ما مدى صحة هذه المعلومات؟
اعتقد ان العلاقات سابقا كانت جيدة ولكن نتيجة لبعض احداث القتل التي فسرت بشكل طائفي بدأت بعض العائلات بالفرار من اماكن التأزم بحثا عن الامن .
تركيا أبلغت المجلس الوطني السوري احتمال قيام العلوية بإعلان دويلة ذات حكم ذاتي أو دولة مستقلة على الساحل السوري، هل احتمال وارد برأيكم؟
لا علم لي بهذا . لكن اعتقد انه اذا تطورت الامور بشكل سيء بمعنى التحول الى حرب اهلية فأن كل الامور محتملة و أخشى ان تكون السلطة تحضر لذلك كملاذ اخير .بالاضافة الى ان قوى اخرى تدعم التيار الاسلامي ترى من مصلحتها تخفيض الوجود الاقلوي غير السني في الدولة السيارة بما يساعد على سيطرة التيار الاسلامي . وهنا ستتلاقى مصلحتين لتحقيق تقسيم سورية .