جالين ليتشفيلد (Galen Litchfield) أحد أكثر جال الأعمال الأمريكيين نجاحا في الشرق الأقصى، كان موجودا في الصين عام 1942. يروي قصته....

بعد حالدثة بيرل هاربر بفترة قصيرة، قام اليابانيون باحتلال شانجهاي. كنت مدير فرع الشركة الآسيوية للتأمين على الحياة (Asia Life Insurance) في شانجهاي. قام اليابانيون بإرسال أدميرال من الجيش ليشرف على عملية "تسييل" أصول الشركة بهدف توفير السيولة لدعم عملياتهم الحربية و قد وصلتني الأوامر بمساعدة ذلك الرجل في عملية تسييل الأصول. لم يكن أمامي أي خيار. إما أن أتعاون وإلا. وكلمة "وإلا" تعني الموت المحتّم.

بدأت بإجراء ما طلب مني عمله، لأنني لم أمتلك أي خيار آخر. لكن كان هناك مجموعة من الأصول قيمتها 750 ألف دولار والتي قمتُ بإهمالها عمدا وأسقطتُها من اللائحة التي سلمتُها للأدميرال. تركتُ مجموعة الأصول تلك لأنها تخص فرع الشركة في هونج كونج ولم يكن لها أي علاقة بفرعنا في شانجهاي. في جميع الأحوال، كنتُ خائفا من وقوعي في مأزق في حال اكتشف اليابانيون فعلتي. وقد اكتشفوها فعلا بعد فترة قصيرة.

لم أكن متواجدا في مكاتب الشركة وقت اكتشاف الأمر، لكن محاسب الشركة كان موجودا. إتصل بي وأعلمني أن الأدميرال الياباني انفجر غاضبا، لعن وشتم، ونعتني باللص والخائن! لقد قمتُ بتحدي الجيش الياباني! وعرفتُ فورا ما سيكون مصيري. سيلقون بي في معتقل "بريدجهاوس" (Bridgehouse)!

معتقل بريدجهاوس للتعذيب يتبع للاستخبارات اليابانية! لقد كان لي أصدقاء فضلوا الإنتحار على دخول ذلك المعتقل. وآخرون ماتوا تحت التعذيب بعد عشرة أيام فقط من وجودهم هناك. والآن أصبح محكوما علي أن أصبح نزيلا في البريدجهاوس!

ماذا فعلت؟ وصلتني الأخبار بعد عصر يوم أحد. كان من المفروض أن أشعر بالرعب الشديد. وكنت سأصاب بالرعب الشديد لولا وجود طريقة أتبعها لمواجهة مشاكلي. لسنوات، كلما شعرت بالقلق كنت أذهب مباشرة إلى آلتي الكاتبة وأكتب سؤالين - والإجابة لكل سؤال:
1. ما الذي يقلقني؟
2. ما الذي يمكنني فعله حياله؟

كنت أحاول الإجابة على السؤالين أعلاه بودن تدوين الإجابات، لكنني توقفت عن ذلك منذ سنوات. وجدتُ أن كتابة الأسئلة وإجاباتها يصفي الذهن. لذا، بعد عصر ذلك اليوم، إتجهت مباشرة نحو غرفتي في مقر YMCA في شانجهاي، وبدأت باستخدام آلتي الكاتبة. كتبت:
"1. ما الذي يقلقني؟"
أنا خائف من أن يتم اعتقالي غدا وإرسالي إلى معتقل بريدجهاوس.

ثم كتبتُ السؤال الثاني:
"2. ما الذي يمكنني فعله حياله؟"

أمضيتُ ساعات في التفكير وكتابة الإجابات حتى خلصتُ إلى أربع احتمالات للعمل يمكنني اتخاذها - وما هي العواقب المحتملة لكل عمل.

1. يمكنني محاولة تبرير نفسي للأدميرال الياباني. لكنه لا يتحدث الإنجليزية. ولو حاولت تبرير نفسي له عن طريق مترجم، فقد يدفعه ذلك إلى الغضب. وذلك يعني الموت، لأنه رجل قاسٍ، ويفضل إلقائي في المعتقل على أن يزعج نفسه بسماعي.

2. يمكنني محاولة الهرب. مستحيل. لأنهم يتتبعون كل خطوة أقوم بها طوال الوقت. يجب أن أقوم بتسجيل تحركاتي طوال الوقت. لو حاولت الهرب فسيلقون القبض علي ويقتلونني.

3. يمكنني البقاء في غرفتي ولا أقترب من المكتب مرة أخرى. إن فعلت ذلك، فقد يشك الأدميرال الياباني بي، وعلى الأغلب سيوقم بإرسال من يعتقلني ويرسل بي إلى البريدجهاوس بدون أن يعطيني فرصة لأقول شيئا.

4. يمكنني الذهاب إلى المكتب صباح الإثنين كالعادة. إن فعلت ذلك فهناك فرصة أن يكون الأدميرال الياباني مشغولا جدا إلى درجة عدم تفكيره بي أو بفعلتي. حتى لو فكر بالموضوع، قد يكون هادئا وقد لا يزعجني، أنا بخير. حتى لو قام بإزعاجي، سيكون عندي فرصة لمحاولة تبرير تصرفي. لذا، فإن الذهاب إلى المكتب صباح الإثنين والتصرف كأن شيئا لم يكن سيعطيني فرصتين لتجنب البريدجهاوس.

حالما أنهيت التفكير بالموضوع وحساب الإحتمالات والحلول قررت الأخذ بالخطة الرابعة - الذهاب إلى المكتب صباح الإثنين كعادتي - شعرتُ بالراحة مباشرة.

عندما دخلتُ المكتب صباح اليوم التالي، كان الأدميرال الياباني جالسا هناك يدخن السيجار. رمقني بنظرته الباردة المعتادة؛ ولم يقُل شيئا. بعد ستة أسابيع -والحمد لله- سافر عائدا إلى طوكيو وانتهت جميع همومي ومشاكلي.

=============

لماذا لا تحاول تبني أسلوب ليتشفيلد لحل إحدى مشاكلك الآن؟

هاك السؤال الأول:
ما الذي يقلقني؟



السؤال الثاني: ما الذي يمكنني فعله حياله؟



السؤال الثالث: هذه هي الإحتمالات للتصرف حيال المشكلة:



السؤال الرابع: متى سأبدأ بتنفيذ الحل؟



(f)

جندي شارك في إنزال النورماندي في الحرب العالمية الثانية.. يقول

في تموز من عام 1944، كنت مستلقيا في خندق صغير قرب شاطئ أوماها في النورماندي. كنتُ مع فرقة الإتصالات رقم 999 وكنا قد اتخذنا مواقعنا للتو على شاطئ النورماندي. أثناء تأملي لذلك الخندق - تلك الحفرة المستطيلة الشكل في الأرض - قلتُ لنفسي، "ربما يكون هذا هو قبري".

عندما بدأت القاذفات الألمانية طلعاتها الجوية وقصفها لمواقعنا بحدود الساعة الحادية عشرة مساءا، وعندما بدأت القنابل بالسقوط من حولنا، أصابني الذعر حتى تصلب جسدي. خلال الليالي الثلاثة الأولى من القصف لم أستطع النوم نهائيا. بحلول الليلة الرابعة أو الخامسة، كنت على حافة الإنهيار العصبي. أدركتُ حينها أنني إن لم أفعل شيئا، فسأجنُّ تماما. لذا قمتُ بتذكير نفسي بأن خمس ليالٍ قد مضين من القصف المتواصل، ولا زلتُ على قيد الحياة؛ وكذلك كل رجل معي في الفرقة. إثنان فقط أصيبا، لكن ليس على يد القنابل الألمانية، وإنما بسبب الحطام المتساقط من قذائف مضاداتنا الأرضية.

قررتُ التوقف عن القلق عن طريق القيام بفعل شيء بنّاء. لذا قمتُ ببناء سقف خشبي سميك فوق خندقي لأحمي نفسي من الحطام المتساقط. ثم بدأتُ بالتفكير في مدى اتساع المنطقة التي يتنشر فوقها جنودنا. قلتُ لنفسي أن الطريقة الوحيدة لموتي في هذا الخندق الصغير العميق، هي أن يُصاب خندقي إصابة مباشرة؛ وقد عرفتُ أن احتمال إصابة الخندق إصابة مباشرة لا تزيد على الواحد بالعشرة آلاف.

بعد ليلتين من التفكير بالموضوع على بهذه الطريقة، هدأت وصرتُ أنام حتى أثناء الغارات والقصف.

(f)

رائع يا إبراهيم.
تسجيل متابعة. :redrose:

Abdelrahman (f)

إليزابيث كونلي، من بورتلاند، أوريجون تحكي قصتها... تقول

في ذات اليوم الذي كانت تحتفل فيه الولايات المتحدة الأمريكية بنصر قواتنا المسلحة في شمال أفريقيا تلقيت رسالة من وزارة الحربية: إبن أختي - الشخص الذي كنت أحبه أكثر من أي شيء - كان مفقودا خلال العمليات. بعدها بفترة قصيرة، رسالة أخرى وصلتني تقول أنه وجد من بين القتلى.

أصابني انهيار تام على وقع ذلك الخبر. حتى ذلك الوقت، كنت أشعر بأن الحياة رائعة. كنت أعمل في وظيفة أحبها. ساعدتُ على تربية ذلك الشاب. كان يُمثل بالنسبة لي كل ما هو خيّرٌ وجيد في الشباب في مثل عمره. كنت أشعر بأن كل ما كنت أفعله آتى ثماره على أحسن وجه! ... ثم وصلتني تلك البرقية.

إنهار كل عالمي. أحسستُ بأنه لم يبقَ شيء يستحق الحياة لأجله. أهملتُ عملي؛ أهملتُ أصدقائي. أهملتُ كُل شيء. أصبحتُ مريرة وكئيبة. لماذا وَجبَ أن يُؤخذ ابن أختي الحبيب مني؟ لماذا وجب على ذلك الشاب الجيد - مع الحياة كلها أمامه - لماذا وجب عليه أن يُقتل؟ لم أستطع تقبل الأمر. كان الحزنُ يغمرني حتى أنني قررتُ ترك عملي، والذهاب بعيدا للاختباء خلف دموعي ومرارتي.

كنتُ أخلي مكتبي، أتجهّز لترك عملي، عندما وقعتُ على رسالة كنتُ قد نسيتُها - رسالة من ذلك الشاب (ابن أختي) الذي قُتل، رسالة كان قد أرسلها لي عندما تُوفّيت أمي قبل عدة سنوات. "كلنا مشتاقٌ لها بكل تأكيد،" تقول الرسالة، "وخصوصا أنتِ. لكنني أعلم أنك ستمضين في حياتك. فلسفتك الشخصية ستساعدك على ذلك. لن أنسى ما حييت الحقائق الجميلة التي علمّتنيها. أينما كنت، أو مهما كنا بعيدين عن بعضنا البعض، سأتذكر دائما وأبدا أنكِ علمتِني أن أبتسم، وأتقبل كل ما يأتيني، كرجل."

قرأتُ تلك الرسالة وأعدتُ قرائتها مرات عديدة. أحسستُ كأنه بجانبي، كأنه يتحدثُ إلي. كأنه يقول لي: "لماذا لا تفعلين نفس الشيء الذي علمتِني إياه؟ إمضي بحياتك، مهما حصل. أخفي أحزانك الخاصة خلف ابتسامة وامضي في حياتك."

بعد قراءة الرسالة، عدتُ إلى عملي. تركتُ مرارتي وتمرّدي. ثابرتُ على تذكير نفسي بأن: "ما حصل قد حصل. لن أستطيع تغيير شيء. لكنني أستطيع وسأمضي في حياتي كما أرادني ابن أختي أن أفعل." ركزتُ كل طاقتي وتفكيري في عملي. كتبتُ رسائل للجنود - أبناء الآخرين. إلتحقتُ ببرنامج دراسة ليلي للبالغين - بحثا عن اهتمامات جديدة وأصدقاء جدد.

أكاد لا أصدق التغيير الذي حصل لي. توقفتُ عن البكاء والتحسّر على الماضي الذي انتهى للأبد. أنا الآن أعيش كل يوم بمتعة - تماما كما أرادني ابن أختي ان أفعل. أنا الآن أعيش حياةً مليئة بالفرح وكاملة كما لم أعشها من قبل.

(f)

لماذا كل القصص عن الجيش الأميركي يا كمبيوترجي ؟!

نوع قليلاً !

:wink1:

Array
لماذا كل القصص عن الجيش الأميركي يا كمبيوترجي ؟!

نوع قليلاً !

:wink1:
[/quote]
شفتها أكثر شيء مؤثرة وجاذبة ... يعني لحتى اللي ما يركزوا على العبرة ينجذبوا للأكشن والدراما في القصة:D

من عيوني القصص القادمة كثيرة وراح أنوع قدر الإمكان(f)

من منا لا يعرف ليو تولستوي؟ مؤلف اثنتين من أعظم الروايات في العالم، "الحرب والسلام" و"آنا كارِنينا". وفقا للموسوعات، كان ليو تولستوي طوال السنوات العشرين الأخيرة من عمره، "ربما من أعظم الشخصيات في العالم أجمع." لعشرين سنة قبل وفاته -ما بين 1890 و1910- لم ينقطع المعجبون من الحج إلى بيته لعلهم يحصلون على لمحة من وجهه، سماع صوته، أو حتى محالة تحسس أي شيء يمت له بصلة. كل جملة قالها تم تدوينها، كأنها "وحيٌ إلهي." لكن عندما كان يتعلق الأمر بالحياة -الحياة العادية- حسنا، تولستوي لم يمتلك من المنطق ما امتلكه طفل في السابعة من العمر! لم يكن عنده أي منطق.

إليكم ما أعني. تزوج تولستوي من الفتاة التي أحبها بشدة. في الواقع، كانوا سعداء إلى درجة أنهم اعتادوا على النزول على ركبهم والصلاة لله ليدعهم يكملوا حياتهم بنفس مقدار السعادة والإنتشاء. لكن الفتاة التي تزوجها تولستوي كانت غيورة بطبيعتها. حتى أنها اعتادت على التنكر والتجسس على كل حركة قام بها زوجها، حتى عندما كان يذهب للتجول في الغابة.

أصبحت غيورة حتى من أولادهم، حتى أنها في يوم من الأيام حملت بندقية وأحدثت حفرة في صورة ابنتها. حتى أنها في يوم من الأيام تدحرجت على الأرض وفي يدها زجاجة من السم وضعتها على فمها، وهددت بالإنتحار، بينما أطفالها جالسون في زاوية الغرفة يصرخون من الخوف.

ماذا فعل تولستوي؟ حسنا، لا ألوم الرجل إن قام بتحطيم المنزل - كان عنده عذر جيد جدا. لكنه قام بما هو أسوأ من ذلك بكثير. كان يحتفظ بمفكرة خاصة! نعم، مفكرة كان يلقي فيها باللوم كله على زوجته! كان مصمما على التأكد من أن الأجيال القادمة ستبرؤه وتلقي باللوم كله على زوجته. وماذا فعلت زوجته في المقابل، عند اكتشافها لذلك؟ قامت بتمزيق صفحات من تلك المفكرة وأحرقتها. بدأت بكتابة مفكراتها الخاصة، حيث أظهرت تولستوي بمظهر الوحش والظالم. حتى أنها كتبت رواية بعنوان "خطأ من؟"، حيث عرضت زوجها على أنه رجل المنزل الشرير وصورت نفسها على أنها الشهيدة.

كل ذلك للوصول إلى ماذا؟ لماذا قاما بتحويل المنزل الوحيد الذي عرفاه إلى ما سماه تولستوي نفسه مرة "مجمع المجانين"؟

من الواضح، كان هناك أسباب عديدة. أحد تلك الأسباب كان رغبتهما الواضحة في محاولة إبهاري وإبهارك. نعم، نحن من كان يُهمهما رأينا! حل نحن مهتمون في إلقاء اللوم على أحدهما دون الآخر؟ طبعا لا، نحنُ منشغلون بمشاكلنا الخاصة ولا نهتم بإضاعة ولو دقيقة واحدة في التفكير بمشاكل تولستوي.

(f)

إليكم هذه القصة يحكها أحدهم -لم يشأ ذكر اسمه-....

كنت أقلق بشأن كل شيء: كنت قلقا كوني نحيلا؛ كنت قلقا لأنني ظننت أن شعري يتساقط؛ لأنني كنت خائفا أنني لن أقدر على الحصول على المال الكافي للزواج؛ لأنني خفت أنني لن أكون أبا صالحا لأبنائي في المستقبل؛ لأنني كنت خائفا من أنني سأخسر الفتاة التي أردتُ الزواج منها؛ لأنني شعرت بأنني لا أعيش حياة جيدة. قلقتُ بشأن الإنطباع الذي كنت أتركه عند الآخرين. كنت قلقا لأنني ظننت أنني مصاب بقرحة في المعدة.

لم أستطع الإستمرار في وظيفتي؛ قدمت استقالتي من العمل. قمت بتعزيز التوتر في داخلي حتى أصبحتُ كالمرجل الذي يغلي ويغلي بدون صمام الأمان. صار الضغط في داخلي لا يحتمل إلى درجة أن الضرر كان محتوما - وقد كان فعلا. إن كنت لم تصب بإنهيار عصبي من قبل، فادع الله ألا تصاب به، لأنه ليس هناك ألم جسدي يمكنه تخطي الألم الرهيب للذهن المضطرب والمتعب!

كان الإنهيار العصبي الذي أصبتُ به شديدا إلى درجة عجزي عن الكلام حتى إلى عائلتي. فقدت كل السيطرة على أفكاري. كنت مملوءا بالخوف. كنت أقفز مرتعبا عند سماعي لأي ضجة. تجنّبتُ جميع من حولي. كنت أنفجرُ باكيا بلا أي سبب ظاهري.

كل يوم كان مليئا بالألم والتعب. شعرت بأنني مهجور من قبل الجميع - حتى الله. شعرت بأن علي أن أقفز في النهر وأنهي كل هذه التعاسة.

قررتُ بدل ذلك أن أسافر في رحلة إلى فلوريدا، آملا أن يساعدني تغيير المكان. عند صعودي إلى القطار، قام والدي بتسليمي رسالة وطلب مني ألا أقرأها قبل وصولي إلى فلوريدا. وصلت إلى فلوريدا في وقت ذروة حركة السياحة هناك. وبما أنني لم أستطع العثور على غرفة في فندق قمت باستئجار غرفة للنوم في كراج. حاولت الحصول على وظيفة في ميامي، لكنني لم أكن محظوظا. لذا أمضيتُ وقتي على الشاطئ. كنت مكتئبا وتعيسا في فلوريدا أكثر مما كنت عليه سابقا؛ لذا فتحتُ الرسالة التي سلمني إياها والدي لأقرأ ما كتب لي. قالت رسالته، "بني، أنت على بعد 1500 ميل من منزلك، لكنك لا تشعر بأي تحسن، أليس كذلك؟ عرفتُ ذلك، لأنك أخذت معك الشيء الوحيد الذي كان السبب في جميع مشاكلك، وذلك الشيء هو، أنت. ليس هناك أي خلل سواءا في جسدك أو دماغك. ليست الظروف التي واجهتها السبب في تعبك وتعاستك؛ إنما طريقة تفكيرك تجاه تلك الظروف. ‘المرء هو ما يُفكر في داخله‘ عندما تستطيع استيعاب ذلك، بني، تعال إلى المنزل، لأنك عندها ستكون قد شفيت."

جعلتني رسالة والدي غاضبا. كنت أبحث عن التعاطف، لا التعليمات. كنت غاضبا إلى درجة أنني قررتُ في تلك اللحظة وذلك المكان أنني لن أعود إلى المنزل أبدا. في تلك الليلة أثناء سيري في أحد شوارع ميامي، وصلتُ إلى كنيسة حيث كان هناك قدّاس. مع عدم وجود أي مكان ألجأ إليه، قمت بالدخول والجلوس، واستمعتُ إلى القداس، ولفت انتباهي الجملة: ‘ذلك الذي ينتصر على نفسه أعظم ممن ينتصر على مدينة.، جلوسي في بيت الله المقدس واستماعي إلى نفس الأفكار التي كتبها لي والدي في رسالته - كل ذلك قام بتفريغ ذهني من الأفكار السوداوية التي كانت تملأ رأسي. كنت قادرا على التفكير بوضوح للمرة الأولى في حياتي. أدركتُ كم كنت أحمقا. كنت مصعوقا لرؤيتي لنفسي على حقيقتها: ها أنذا، أريد تغيير العالم كله وكل من فيه - بينما الشيء الوحيد الواجب تغييره هو تركيز العدسة التي أنظر فيها إلى العالم، والتي هي ذهني وتفكيري.

في الصباح التالي قمت بجمع أشيائي وانطلقت في رحلة العودة إلى المنزل. بعدها بأسبوع عدتُ إلى وظيفتي. بعد أربع شهور تزوجتُ الفتاة التي كنت خائفا من خسارتها. عندنا الآن عائلة سعيدة مكونة من خمسة أطفال. الله كان طيبا معي نفسيا وماديا في آن واحد. عند وقت الإنهيار العصبي كنت حارسا ليليا ويعمل تحت يدي ثمانية أشخاص. أما الآن فأنا مشرف عام مصنع للورق ومسؤول عن أكثر من 450 شخصا. الحياة أكثر جمالا وروعة الآن. أعتقد أنني أقدر القيم الحقيقية للحياة الآن. عندما تحاول اللحظات الصعبة التسلل إلى حياتي (كما ستفعل مع الجميع) أخبر نفسي أنني يجب أن أعيد التركيز الصحيح إلى عدستي، وكل شيء يصبح بخير.

أستطيع القول وبكل صدق أنني ممتن لأنني أصبت بإنهيار عصبي، لأنني وجدت بالطريقة الصعبة القوة التي تمتلكها الأفكار على ذهن وجسد المرء. الآن أستطيع تسخير أفكاري لتعمل لصالحي بدل أن تعمل ضدي. أرى الآن أن والدي كان محقا عندما قال أنني الظروف الخارجية لم تكن السبب في معاناتي، لكنها كانت أفكاري تجاه تلك الظروف. وحالما أدركت ذلك، شفيت تماما - وواظبت على ذلك.

============

أنا مقتنع تماما أن السلام الذهني والمتعة التي نحصل عليها من الحياة لا تعتمد على مكان وجودنا، أو ما نملك، أو من نحن، لكن بشكل أساسي على طريقة تفكيرنا. والظروف الخارجية لها تأثير بسيط جدا في ذلك.

:97:

هل تريد أن تعرف كيف تجعل تجربة كغسل الصحون تجربة ممتعة ومثيرة؟ إذن فعليك بقراءة الكتاب الملهم الذي يروي قصة شجاعة هائلة بقلم بورغيلد دال (Borghild Dahl)، واسم الكتاب هو "أردتُ أن أرى" (I Wanted to See).

هذا الكتاب قامت بتأليفه امرأة كانت عمليا نصف ضريرة لنصف قرن.

كان عندي عين واحدة فقط -تقول- وكانت مليئة بالعيوب إلى درجة أنني اضطررت إلى رؤية كل شيء من خلال فتحة صغيرة في أقصى يسار عيني. كنت أقرأ الكتاب عن طريق حمله قريبا جدا من وجهي وتركيز نظر عيني بأقصى ما لدي إلى اليسار.

لكنها رفضت أن تعتبر "مختلفة". أثناء طفولتها، كانت تريد أن تلعب مع الأطفال في مثل عمرها (لعبة مشابهة للحجلة التي نعرفها)، إلا أنها لم تستطع رؤية العلامات على الأرض. لذا بعد أن كان الأطفال يذهبون إلى بيوتهم، كانت تنزل إلى الملعب وتدرس العلامات على الأرض بعناية ووجهها قريب جدا من الأرض لتستطيع رؤية تلك العلامات، قامت بحفظ جميع العلامات عن ظهر قلب، كل إنش من أرض اللعب صار محفوظا في ذاكرتها، ثم بدأت تلعب مع الأطفال حتى أصبحت بعد فترة قصيرة خبيرة في تلك اللعبة. كانت تقرأ وتدرس في المنزل، تحمل الكتب ذات الطباعة الكبيرة قريبا جدا من عينها إلى درجة أن رموشها كانت تمسح أوراق الكتاب. حصلت على شهادتين جامعيتين: بكالوريوس من جامعة مينيسوتا، وشهادة الماجستير في الفنون من جامعة كولومبيا.

بدأت مهنى التعليم في قرية صغيرة في "توين فالي" (Twin Valley) في مينيسوتا، وصعدت في المراتب حتى أصبحت بروفيسورة في الصحافة والأدب في كلية أوجوستانا في سيوكس فولز. قامت بالتدريس هناك لثلاث عشرة سنة، وقامت بالمحاضرة في أندية نسائية وتتحدث عبر أثير الإذاعات المحلية عن الكتب والمؤلفين. "في داخلي،" تكتب، "كان هناك دائما خوف دائم من العمى الكامل. ولأتغلب على ذلك الخوف، قمت بتبني تفكير مرح، هستيري أحيانا، تجاه الحياة."

وفي عام 1943، عندما بلغت من العمر 52 سنة، حصلت المعجزة: عملية جراحية في العيادة المشهورة في مايو كلينيك. تضاعفت قدرتها على الرؤية بعد العملية أربعين ضعفا عن السابق.

عالم جديد من الإثارة والجمال صار مفتوحا أمامها. وجدت أن الحياة ممتعة إلى درجة أنها استمتعت كثيرا بغسل الصحون. "صرت ألعب بالفقاعات التي تنتجها رغوة الغسيل." تكتب وتضيف. "أغمس يدي بين الفقاعات وأحمل كرة صغيرة من فقاعات الصابون وأحملها في مواجهة الضوء، وفي كل كرة أرى الألوان الرائعة لقوس قزح."

عندما نظرت من النافذة في مطبخها رأت "الأجنحة الرمادية المرقطة بالسواد لأحد الطيور ترفرف خلال الثلج السميك المتساقط من السماء."

لقد وجدت المتعة والإثارة في الفقاعات والطيور إلى درجة أنها أنهت كتابها بالعبارة التالية: "ربي، أبانا الذي في السماء، أشكرك. أشكرك."

:redrose: