الدولة العبرانية تزدهر في عهد سليمان الحكيم
بعد أن وطد داؤود دعائم الملك و انتصر على الفلسطينيين و غيرهم من الاعداء , خلفه ابنه سليمان. و كانت الدولة في اوسع حدودها في ايامه.و مواردها كثيرة. و نجح سليمان في المحافظة على هذه المملكة بمزيج من القوة و اللين و الحكمة.و كان محالفا لفرعون مصر و لملك صور. و بما ان عصره كان عصر سلم فقد انصرف الى الاعمال العمرانية و اهتم بمظاهر الابهة , و بنى القصور الفخمة و أمر ببناء الهيكل في اورشليم. و طلب المساعدة من ملك صور, فارسل له خشب الارز من لبنان و مهرة الصناع من كل فن. و لقب بسليمان الحكيم نظرا لحكمته و مقدرته على حل المشاكل. فأتى اليه المعجبون من كل صوب مثل بلقيس ملكة سبأ. و تنسب اليه الحكم و الامثال في العهد القديم و قد دخل اسمه في القصص و الاساطير.
العبرانيون ينقسمون و يخضعون للحكم الاجنبي
انقسمت الدولة العبرانية في عهد رحبعام ابن سليمان بعد ان رفض تخفيف وطأة الضرائب على سكان الشمال. و هكذا ظهرت دولة اسرائيل في شمال فلسطين و عاصمتها ( السامرة), و دولة يهوذا التي بقيت اورشليم عاصمتها. و كان سكان الشمال يميلون للانفصال بسبب قضية الضرائب, و بسبب تقدمهم في الحضارة و الثروة على سكان الجنوب و قد اكتسبوا الحضارة من الفينيقين جيرانهم. و اضحت لهم مدن كثيرة راقية بينما سكان يهوذا كانوا فقراء في حالة تشبه البداوة في مناطقهم الجبلية.
و ادخل سكان الشمال في دولة اسرائيل عبادة ( البعل), و بنى ملوكهم هيكلا للاصنام, بينما بقى سكان يهوذا على عبادة ( يهوا) الاله الواحد.و لذلك ظهر انبياء في الشمال بشروا ضد ظلم الملوك و عبادة الاصنام. و كانت الفتن كثيرة بين الدولتين. كما ان الخلافات الداخلية في مملكة اسرائيل أدت الى اضعافها و الى تغلب دولة دمشق الارامية عليها. غير ان الاراميين انفسهم اتاهم فاتحون من جهة العراق يعرفون بالاشوريين فاحتلوا دمشق ثم زحفوا على السامرة عاصمة مملكة اسرائيل و سبوا سكانها. و قد حاولوا ان يفتحوا اورشليم فلم ينجحوا, و لكن الدولة الكلدانية التي قامت مكان الدولة الاشورية( بين النهرين) نجحت في احتلال اورشليم عاصمة مملكة يهوذا في 586 قبل الميلاد و هدم نبوخذنصر ملك الكلدانيين هيكل اروشليم و سبى اهلها الى عاصمته بابل,
و هكذا تفرق اليهود و لم تدم دولتهم اكثر من بضعة قرون في فلسطين.
عودة اليهود من السبي
الفرس هم الفرع الثاني الهام من الايرانيين . الفرع الاول هم الماديون. و قد سكن الفرس بعد هجرتهم من موطنهم الاصلي بالمنطقة الجبلية في الجنوب الغربي من ايران, و هي منطقة صغيرة ليس فيها سوى القليل من الوديان الخصبة. اما القسم الاكبر فانه لا يفرق عن الصحارى القاحلة.
و قد عاش الفرس زمنا طويلا قبائل من الفلاحين السذج , خاضعين لجيرانهم و بني جنسهم الماديين الذين خضعوا لحكم الاشوريين بعض الوقت ثم اسسوا اول دولة ايرانية.
و في اثناء انشغال الماديين في حروبهم مع الاشوريين استولت احد القبائل الفارسية على عاصمة العيلاميين و اسست مملكة صغيرة فيها. و قد استطاع ملوكها الاوائل ان يوحدوا القبائل الفارسية. و لكنهم ظلوا معترفين بسيادة الماديين.
قبل الفرس ان يكونوا تحت ولاية ابناء عمومتهم الماديين الذين كانوا يسيطرون على البلاد الواقعة في شمالهم الغربي , ثم جاء الوقت الذي نظمت فيه احد القبائل الفارسية التي كانت تقطن جبل عيلام امورها و اصبحت مملكة صغيرة اسمها ( انشان). و بعد مرور ستين عاما على سقوط نينوى كان يحكم ( انشان) ملك فارسي يدعى قورش. استطاع ان يجمع شمل القبائل الفارسية في أمة واحدة. و ثار قورش على حكم الماديين فجمع جنوده الفلاحين و استطاع بعد ثلاث سنوات ان يجعل من نفسه سيدا للمناطق المادية باسرها.