خلاصة
السؤال الذي بدأنا به هذا الموضوع كان حول الأصل أو الأساس الذي تقوم عليه الأخلاق والمعيار الذي نقيس به أخلاقية سلوك ما. وقد تفضل الزملاء آورفاي وطريف سردست وقطقط بالمشاركة في النقاش، وحيث أن مشاركاتهم توقفت سألخص الموضوع.
1. دور الجنس والطعام وحب الظهور في توجيه سلوك الفرد
هذه العوامل (وغيرها) تدفع الفرد باتجاه واحد نحو إشباع احتياجاته وتحقيق منفعته الشخصية دون المبالاة بمصالح الآخرين. أما العوامل التي نبحثها هنا فهي تلك التي تدفع الفرد بالاتجاه المعاكس نحو تقنين حقوقه وتقييد حريته وتنظيم علاقاته بالآخرين وأحياناً منعه من إشباع بعض احتياجاته من أجل المصلحة العامة للمجموعة التي ينتمي إليها الفرد (قبيلته، دولته، جنسه، ...). نبحث عن العوامل التي أدت إلى ظهور التشريعات الدينية والقوانين والأعراف الاجتماعية والأخلاق (*).
(*) سنستخدم كلمة "قوانين" للإشارة إلى التشريعات الدينية والقوانين الرسمية والأعراف الاجتماعية والأخلاق، فكلها قوانين وهي متداخلة بحيث يصعب التمييز بينها.
2. لماذا يتمرد الفرد على قوانين مجتمعه؟
لأن هذه القوانين قد تحرمه من تلبية بعض احتياجاته فيكون أمام خيارين: إما احترام القوانين وبالتالي قبول الأمر الواقع ومواصلة حياته بدون تلبية تلك الاحتياجات، أو تلبية احتياجاته بمخالفة القوانين والمخاطرة بتحمل العواقب. وربما يحاول الجمع بين الاثنين من خلال التحايل على القوانين أو تغييرها. لهذا السبب تتطور القوانين لتلبية احتياجات أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع.
3. مبدأ الثواب والعقاب
لا يمكن إنكار أثر هذا المبدأ في توجيه سلوك الفرد. ولكن عندما يتطور وعي الفرد وتترسخ قوانين المجتمع في ضميره فتصبح جزءاً من أخلاقه، يتحول مبدأ الثواب والعقاب من الشكل المباشر الواضح إلى شكل غير مباشر يمكن أن نسميه مبدأ المنفعة والضرر. فهو يدرك أن هذه القوانين وجدت لمصلحته لأنها تخلق طريقة سلوك معروفة النتائج وبالتالي توفر له الثقة والأمان. أي أن احترام هذه القوانين وتقويتها سيعود عليه بنتائج إيجابية (منفعة)، بينما خرق هذه القوانين وإضعافها سيؤدي إلى نتائج سلبية (ضرر).
4. القاعدة الذهبية للأخلاق
غاب عن النقاش قاعدة "أن تعامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك". حيث يمكن الاستناد إلى هذه القاعدة في بناء المنظومة الأخلاقية للفرد، فيكون معيار أخلاقية هذا السلوك أو ذاك ما يسببه من منفعة أو ضرر للآخرين، ولكن ...
هل يشترط أن يكون صاحب هذا السلوك واعياً لعواقب سلوكه؟
وهل يشترط توفر خيارات أخرى أمامه؟ (بمعنى ألا يكون هذا السلوك خياره الوحيد)
وهل يشترط أن يتنازل عن بعض حقوقه لمصلحة الآخرين ليكون سلوكه أخلاقياً؟
وهل يشترط أن يكون مستفيداً بشكل مباشر ليكون سلوكه غير أخلاقي؟
سأكتفي بهذه النقاط، وربما نضيف إليها لاحقاً.
تحياتي للجميع.