(07-15-2010, 09:08 PM)بهجت كتب: يعتقد ابن نجد أن ما يشغلني بعض المظاهر مثل النقاب و السروال و اللحية و " زبيبة " الصلاة و الأشكال الفولكلورية المتأسلمة ،و هذا تسطيح للأمور . ما يشغلني هو ما تعبر عنه كل تلك المظاهر ، فهذه كلها أعراض مرض الأصولية ، و ليست المرض ذاته . أعلم أن السيدة السعودية التي تحمل شهادة الدكتوراه و تنشط في مجال حقوق الإنسان ترتدي النقاب ، فهذا بالنسبة لها زي تقليدي كالساري بالنسبة للهنديات ، ولكنه ليس خيارا ثقافيا أو سياسيا ، الأمر نفسه بالنسبة إلى اللحية للرجال في الخليج . و لكن الحال مختلف في بلد مثل مصر ، هذه الأزياء ليست نابعة من تقاليد مصرية ،و لكنها خيار ثقافي / سياسي ومؤشر على إنتشار الأصولية " الوهابية " الإسلامية .
وكذلك يرى المسلم ان نمط الملابس الغربية والدعاية والثقافة والفن الغربى والتى قد تبالغ فى التحرر ومخالفة الإسلام ليست نابعة من التقاليد المصرية ولكنها خيار ثقافى/ سياسى ومؤشر على انتشار التبعية للغرب، فبالفعل الجلباب والنقاب قد يكونا مؤشرا مزعجا ولكن التحرر الذى يتجاوز العرف المصرى هو أيضا مؤشر للطرف الآخر من المنظومة الأخلاقية والدينية فى المجتمع والتى كلما زادت عن الحد ازداد معها ما يسمى بالتطرف ، فالتطرف الاخلاقى والثقافى عن العادات المصرية الاجتماعية والثقافية يقابله تطرف دينى.
اقتباس:تبقى حقيقة أنه ليست العمالة المصرية في السعودية هي فقط أداة نشر النموذج الوهابي في مصر و العالم ،و لكن هناك أموالا ضخمة انفقت لنشر الوهابية الى أصقاع العالم ، تصل بها التقديرات المعتدلة إلى سبعين مليار دولار ،وهنا مربط الفرس .
نعلم جميعا أن المملكة العربية السعودية ظلت طويلآ الحاضنة الوحيدة للحركة الوهابية و بقوة السيف. ولم ينجح الفكر الوهابي في الوصول إلى أي مكان خارج النفوذ السعودي ، وكان من الطبيعي أن يتكلس الفكر الوهابي في صحارى الجزيرة العربية ،و يختفي كما حدث للعديد من الفرق والمذاهب التي مرت على المنطقة.
لكننا نجد الآن هذا الفكر و قد تمدد إلى كل مكان من العالم ، من أصغر القرى في اندونيسيا الى ضواحي لوس انجلوس ولندن، ومن سهول الشيشان الى أدغال افريقيا. حتى وصل الامر ببعض الولايات في نيجيريا الى الاعلان عن اقامة حكم الشريعة الاسلامية! ، فانتشى مريدوه بهذه الفتوحات الجديدة وكأنها ارادة إلهية ! . كيف وصل هذا الفكر المحدود المتطرف في صحارى الجزيرة العربية إلى هذه العالم أجمع ؟. القصة طويلة و لكن يمكن فهمها لو بحثنا عن المال .
البحث عن المال وحده كسبب لن يؤدى الى الوصول للتشخيص الصحيح للمشكلة ، ولكن تغير الأدوار السياسية فى المنطقة والقضاء على الخلافة جعل الفكر المتشدد (الوهابى) يخرج من السعودية إلى أنحاء مختلفة ، فالعالم الاسلامى منذ سقوط الخلافة وهو يشعر بأنه يواجه خطر فى دينه وهويته وثقافته وهنا يكون رد الفعل الطبيعى الالتفاف حول كل من ينادى "باسم الله" وهنا يكون المال ضمن احد الادوات المستخدمة وخاصة مع زيادة حالة الفقر فى باقى الدول الاسلامية ولكن لا يعنى هذا انه يعتمد على المال فى انتشاره ولكن الظروف الدولية التى يمر بها العالم الاسلامى وثبوت صحة ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ضعف حال المسلمين رغم كثرة عددهم هى العامل الرئيسى فى قبول هذا الفكر والذى قد يكون متطرفا ولكنه لا يخالف الدين فى معظمه ولكن قد يأخذ الجانب الأكثر تشددا.
وكلما زاد الاحباط الدينى والسياسى لدى المسلمين كلما زاد اقترابهم من الفكر المتشدد او المتطرف سواء كان وهابى او غيره.
اقتباس:شهدت المنطقة العربية في الخمسينات و الستينات صراعا مصيريا بين القوميين الناصريين من جهة و بين الرجعية العربية و رمزها الأكبر المملكة العربية السعودية ، و كانت حرب اليمن عام 1962 ذروة هذا الصراع ، ومع وجود 50 ألف جندي مصري في اليمن شعرت السعودية بالتهديد . في حربها ضد عبدالناصر والفكر القومي شهرت السعودية سلاح الدعوة الوهابية لمواجهة نفوذ الازهر ودعاته الشافعيين حول العالم . وهنا سخرت السعودية قدراتها المالية البترولية الهائلة لنشر الفكر الوهابي،و تطور الأمر لاحقا مع الطفرة البترولية في السبعينات .
إن الحديث بمثل هذه الكيفية عن تطور العلاقات بين البلدين فى الخمسينات والستينات يعد تسطيحا للأمور وإغفال للحقائق والتداعيات، فلم تكن السعودية دولة رجعية تعادى النظام المصرى فى بداية العلاقات بين البلدين عقب ثورة يوليو وقد زار الملك سعود مصر فى عام 54 فى محاولة لرأب الصدع بين محمد نجيب رئيس الجمهورية وجمال عبد الناصر رئيس الوزراء ووزير الداخلية وقتها ، وبعد اعلان مصر تأميم قناة السويس وبعد إعلان هذا القرار على المستوى الدولي بادر الملك سعود بإرسال برقية عاجلة إلى السفير السعودي بالقاهرة يقول فيها " قابل حالا السيد الرئيس وارفع له باسمنا تأيدنا الكامل للخطوة التي خطاها في تأميم الشركة ونحن واثقون أن الرئيس يعرف موقفنا واتجاهنا وتأييدنا المطلق له في شتى مجالات التعاون، وارفع لسيادته تحياتنا وتمنياتنا الطيبة"
وكان بعد تأييد السوفيت لبناء السد العالى خطرا على المصالح الامريكية فى المنطقة ومن الطبيعى ان النظام السعودى لن يقبل بالتحالف مع الشيوعية ولذلك كان هذا هو محور الاهتمام الامريكى حيث ذكر الرئيس إيزنهاور فى مذكراته "" إن سعود هو الشخص الوحيد الذي يستطيع بنجاح في أن يتحدى ناصر في قيادة العالم العربي ويحول حركة القومية العربية من اتجاه الاتحاد السوفيتي إلى اتجاه الغرب، ولا أرى أمامنا غيره وهو الشخص الذي علينا أن نمسك به "
ولا احب ان اطيل على الزملاء فى الحديث عن موقف السعودية تجاه مصر أثناء العدوان الثلاثى حيث فتحت باب التطوع للسعوديين للدفاع عن مصر وحركت جيوشها للاردن للاقتراب من مناطق القتال واستخدمت سلاح البترول للضغط ضد انجلترا وفرنسا فقد أصدرت الحكومة السعودية أمرا بمنع شحن وتموين السفن الانجليزية والفرنسية وأيضاً السفن الأخرى التي تتجه بحمولتها إلى هذين البلدين، وقطع الخط الممتد إلى البحرين الذي تستفيد منه هذه الدول، غير مكترثة بما يصيب خزينتها من أضرار مادية بسبب هذا المنع.
كما وضعت مطارات المملكة تحت تصرف سلاح الطيران المصرى.
وكان من الطبيعى أن يلعب الساسة الغربيين ألعابهم الفائقة الذكاء لتدمير العلاقات المصرية السعودية فى هذا الوقت والتى توجها عبد الناصر بالتدخل العسكرى فى اليمن وأذكر اننى قرأت له فى أحد خطبه (نحن فقدنا من ابناءنا فى اليمن جنودا وضباطا جزمة أى واحد منهم اشرف من سعود ومن تاج سعود) وفى خطاب أخر (أنا اكلم سعود فى السعودية يهزلى ديله فى الاردن)
ولا شك ان مما زاد التوتر بين النظاميين المصرى والسعودى هو هروب الاخوان المسلمين الى السعودية وترسيخ فكرة النظام المصرى الكافر الذى يحارب من يقول لا إله إلا الله، ومن الطبيعى ان احتضان ما يمكن بتسميته التيار الوهابى للهاربين الاخوان من جحيم الناصرية اثره فى اقتراب الافكار والرؤية للخلاص من النظم الكافرة حسب أفعال هذه النظم من منظور دينى وليس سياسى.
اقتباس:تؤكد تقارير وزارة الخارجية الأمريكية أن حجم ما أنفقته السعودية على المشروع الدعوي الوهابي منذ الطفرة النفطية فى نهاية السبعينيات وحتى الآن تجاوز مبلغ 70 مليار دولار أى حوالى 2 مليار دولار سنويًا من عوائد النفط الضخمة . بُنيت مئات الجامعات والمعاهد والمدارس و المراكز الاسلامية، ليس في السعودية فقط ولكن حول العالم أيضا. واخذت الجامعات الاسلامية السعودية تقذف بعشرات الآلاف من الخريجين، من سعوديين وغيرهم. ومنحت البعثات والمساعدات للطلبة المسلمين من آسيا وافريقيا وبقية دول المنطقة للدراسة في المعاهد السعودية. وشيدت المساجد والمراكز الاسلامية الضخمة لنشر العقيدة الوهابية. وطبعت ملايين الكتب وأرسل الدعاة السعوديون في البداية، ثم جُيِّش خريجو المعاهد السعودية الاجانب لهذا الغرض. بالإضافة لذلك تمول المؤسسة الوهابية أكثر من 3000 من الدعاة و أكثر من 1000 مدرسة و مسجد ،و تقوم بطبع 13 مليون نسخة من كتب الدعاية . يبقى أن تعرف أني لا أضع بيانا بهذه الأهمية بدون توثيق، لأني معتاد على أسلوب الإسلاميين في التكذيب و الإنكار و المساجلات الشكلية . هذا الرقم ورد في جريدة القاهرة المصرية بتاريخ 29/7/2003 ، كما جاء في كتاب عولمة الحركة الإسلامية الراديكالية للدكتور جهاد عودة ص 207 ،ولو كان الخبر كاذبا او مبالغ فيه لكذبته الجهات السعودية .
يقابل هذا الانفاق الدينى السعودى على الوجه الاخر انفاق غربى على التنصير ، بمعنى انفاق مع الله ضد انفاق مع الشيطان حسب الرؤية الاسلامية والتى لا تختلف عن الرؤية الغربية ، فالكل يدافع عن دينه ومعتقده ولهذا ارفق مع الموضوع ملف فيديو لمحطة تليفزيون ألمانية يدخل فى اطار الانفاق الدينى المسيحى فى الشرق الاوسط.
ونعود للتنصير حيث نشرت جريدة القبس الكويتية فى عددها العدد 12723 - تاريخ النشر 30/10/2008 تحت عنوان (أين التوازن)
لقد رصدت النشرة الدولية لبحوث الارساليات النصرانية ما لدى ارساليات التنصير الاميركية وحدها من امكانات:
ــ ميزانية 163 مليارا من الدولارات، ودخل الكنائس العاملة في هذا الحقل هو 9،320 مليارات من الدولارات.
ــ 120 ألف مؤسسة تنصيرية.
ــ 90 ألف معهد لتأهيل المنصرين الرسميين وتدريبهم.
ــ 4208250 منصرا رسميا محترفا.
ــ 82 مليون جهاز كمبيوتر.
ــ 24900 مجلة.
ــ 2740 محطة للإذاعة والتلفاز.
ولقد أصدرت هذه المؤسسة التنصيرية ووزعت في عام واحد:
ــ 88610 كتب تنصيرية وذلك غير نسخ «الكتاب المقدس» التي يبلغ عدد ما وزع منها في عام واحد 53 مليون نسخة.
وفي مدارس هذه الارساليات التنصيرية يدرس:
ــ 9 ملايين طالب في رياض الاطفال وحدها، يدرسون في:
ــ 10677 مدرسة.
ولقد خص افريقيا وحدها من مؤسسات هذه الارساليات التنصيرية:
ــ 140 ألف منصر محترف.
ــ 500 مدرسة لاهوتية.
ــ 600 مستشفى.
وهنا نجد ان من الطبيعى وجود رد فعل اسلامى وقد قامت به بالمقام الاول السعودية ، ونظرا لشيوع الفكر المتشدد (الوهابى) فى السعودية فكان من الطبيعى ان يكون سير الامور تميل الى اتجاه متخذ المبادئة والتى يلتف حولها معظم المسلمون فى العالم. ويسير ورائهم المسلمون على نفس الخطوات التى سارت فيها الارساليات التنصيرية فى العالم.
فالحرب حرب دينية والسعودية لم تنازع مصر فيها المكانة ولكن مصر تخلت عن مكانتها وريادتها وتشابكت الأمور وتطورت الأحداث بحيث أصبحنا نرى صاحب اللحية أو صاحبة النقاب فلا نعرف هل هو إيمان بالله أم من اجل مقابل مالى، تماما كما نرى المسيحى الذاهب إلى الكنيسة ، هل يذهب لها إيمانا بالله ام للدعم المادى.
http://www.youtube.com/watch?v=c5dt-WREldg&feature=player_embedded