مالي أراك يا عزيزي تعيد و تزيد نفس الحجة !!!
نفس الحجة يا عزيزي ، فإما أن يكون كلام الله غاية في التبسيط و المغالطات ، و إما أن يكون غاية في التفصيل فيتحدث عن الكروموسومات و النيتروجين و الخلايا !!!
يا عزيزي ، هذه الحجة واهية ، فلا أحد يطلب من الله أن يتحدث في القرآن عن النيتروجين و الكروموسومات (و أنى له ذلك) ، لكنه حين يتحدث عن الواقع المشاهد ، و يصفه ، فيجب أن يكون وصفه مبني على ملاحظات صحيحة ، يشرحها بطريقة بسيطة .
مثلاً : لو أن الآية لم تذكر مسألة الماء الواحد ، لقلنا أن هذا التنوع يدل على قدرة الله .
لكن الإشكالية عزيزي كمبيوترجي ، و التي أراك تريد المرور عليها مرور الكرام ، هي أن القرآن لم يتجاوز علوم عصره ، فلا هو شامل و لا هو صالح لكل زمان و مكان ، و هذا أكبر دليل على بشريته ، و أراك تأخذه مأخذ المزاح و كأن القصة لا تؤثر أبداً على سماوية القرآن .
القرآن يقول : "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا" النساء 87
و صدق القول يتضمن صدق التحليل و صدق البرهان .
فلا يصح أن أقول مثلاً : أنظروا إلى عظمة الله كيف جعل الشمس معلقة في السماء لا تقع على الأرض (و قد قال القرآن ما يشبه هذا) ، لأن هذا برهان فاسد مبني على مقدمات فاسدة ، فلا الشمس معلقة و لا الأرض تستطيع أن تجذبها .
ليس من الحكمة أن نقول (كما ذكر أحد الزملاء في منتدى اللادينيين) :
أنظر إلى البقرة السوداء تأكل العشب الأخضر فيخرج لبناً أبيض .
هذا كله ظاهرق فساده يا صاحبي ، و لا يغفر لقائله إلا شيء واحد ، جهله بالحقائق و افتقاره للتحليل الصحيح ، و هذا يمكن تمريره لأرسطو أو أبقراط ، و لكن حين يكون القائل هو الله الذي "أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا" فتلك الطامة الكبرى .
اقتباس:يا ختيار هناك سؤال يجب أن يسأل:
متى كتب الطبري تفسيره؟ و هل كان محمد بن عبد الله مهندسا زراعيا أو عالما وراثيا؟
أولاً : أنا لم أحضر لك تفسير الطبري فقط ، بل أحضرت لك تفسيرات امتدت من الطبري الذي عاش قبل 11 قرن إلى الشوكاني الذي عاش قبل قرنين تقريباً ، و على مدى هذه القرون و اختلاف أزمان و ثقافة المفسرين ، نجد أنهم أجمعوا على فكرة واحدة ، و هي أن الماء الواحد و التربة الواحدة يجب أن تعطي ثمراً واحداً ، لكن الله بقرته جعلها تعطي هذا التنوع في الثمار ، و هذا ليس تفسيراً بالرأي يمكن أن يختلف عليه المفسرون ، إنه التفسير الوحيد للآية ، لذلك تجدهم أجمعوا على نفس الفكرة .
فالآية لا تحتمل أي معنى آخر .
أما بالنسبة لمحمد ، فأنا بالطبع لا أطلب منه أن يكون مهندساً زراعياً و لا عالم وراثة و لا عالم ذرة ، لكنه زغلول النجار و من لفّ لفيفه من مدلسي الإعجاز العلمي ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى ، فإن كان القرآن كلام الله ، فيجب أن لا يعجز أن يكون صحيحاً دائماً ، أي أن يتفق على صحته القديم البدائي و الحديث ذو التكنولوجيا الراقية .
أعطيك مثالاً :
"وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ" إبراهيم 32
هذا يفهمه الإنسان البدائي و يفهمه الإنسان العالم الحديث ، فكرة لا تفقد صحتها مع التقادم أو التحادث .
فالفكرة صحيحة دائماً .
أما أن تكون الفكرة خاطئة ضمن فهم الإنسان القديم ، و تصبح صحيحة ضمن فهم الإنسان الحديث ، فهذا يدل على ضعف الله و جهله لما سيحدث في المستقبل و محدودية علمه .
نعود لمسألة الماء الواحد .
لو كانت الآية :
" وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ "
أي بعد حذف "يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ" لما اعترض عليها أحد .
و هذا لا يعني أن تحتج عليّ بأن هذا الحذف يؤدي إلى إخلال الفكرة و ضياع الشاهد فيها (الأصل الواحد يعطي تنوعاً بقدرة الله) فتلك ليست مشكلتنا و لا مشكلة اللغة و البلاغة ، تلك مشكلة الله عندها و ذلك عجزه عن إحضار شواهد صحيحة .
سأعطيك مثالاً واضحاً عن سوء التحليل و سوء الاستنتاج .
يقول المسعودي في مروج الذهب أن الجاحظ اعتقد أن النيل يصل إلى الهند ، و أنه استدل على ذلك بوجود التماسيح في الهند ، معتقداً أن التماسيح لا توجد إلا في النيل . و قد أغلظ عليه المسعودي في ذلك . قاله في مروج الذهب ج 1 حين تحدث عن البحار .
و سواء كان الجاحظ صاحب هذه الفكرة أم لا ، فإنها استنتاج فاسد لأنها مبنية على قاعدة فاسدة ، و ما بُني على باطل فهو باطل بالضرورة .
القاعدة التي اعتمدها الجاحظ هي : التمساح يوجد في النيل / و هي صحيحة إن لم يفهم منها الحصر .
و بما أن الهند تحتوي تماسيح
فهذا يعني أن النيل يصل إلى الهند .
و هذه هي النتيجة الفاسدة و الباطلة .
بالنسبة للآية السابقة ، فهي كالتالي :
الأراضي المتجاورة تُسقى بالمطر
و بما أن أصل هذا الماء واحد
فيجب أن يخرج الزرع واحد
و لكن الواقع المعايَن هو غير ذلك ، لما نجده من تنوع في النبات رغم وحدانية الأصل (الماء) .
و بناءاً عليه نستنتج أن ذلك من أعاجيب قدرة الله الدالة على وحدانيته .
هل أصبحت واضحة يا عزيزي ؟؟؟؟
أتمنى ذلك ، و أتمنى أن نقلل من أهمية الأمور كنوع من اللفلفة .
يلا سلام بدي أروح أفطر
بعدين لا تنسى موضوع العظام و الغضاريف .
:wr:
سلام