اقتباس:اسحق كتب/كتبت
كيف لا يكتبون و هم ( يكتبون الكتاب بأيديهم و يقولون هذا من عند الله )
سيدي الفاضل يبدو انك تاثرت بالتاويلات الباطلة التي اوردها المصدر الذي نقلت عنه حيث يقول:
اقتباس:و مما يثبت أن لهم علما بالكتاب , و إطلاعا على جانب منه , و أنه إنما يأخذ عليهم عجزهم عن الفحص و التحقيق بالإطلاع على أصوله الصحيحة أنه يتوعد من أسماهم : ( الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله .. ) فما الذى يعنيه من أنهم ( يكتبون الكتاب بأيديهم ) ؟ و ما الذى يعنيه من استنكاره لقولهم ( هذا من عند الله ) ؟
فالكاتب يدخل نفسه في دوامة من التاويلات ما انزل الله بها من سلطان فهو في المقام الاول يفسر مصطلح اميين بان المقصود به يهودا عربا و هذا تاويل باطل فالقران يشير الى ان من اليهود من لا يقرا و لايكتب لذلك لا يعلمون الكتاب بل معظم علمهم ظني و ليس يقيني.
و الكاتب هنا مثل الغالبية لا يلحظ الفرق بين التوراة و بين الكتاب الذي كتبه اليهود بايديهم و يتاول بانهم كتبوا التوراة للعرب المتهودين فيقول:
( و إنما استنكار القرآن لمقالتهم نابع من تصرفهم فى معنى ما ينقلونه من الكتاب , و إلا لما جاز أصلا أن يقول ( يكتبون ( الكتاب ) بأيديهم ) , فلا وجه لذكر ( الكتاب )- بإعتباره التوراة - كمكتوب بأيديهم و هم يكتبون غيره مما يستملونه من معارفهم و علومهم . أما حيث علق ذلك بالكتاب على أنه التوراة فقد أراد إذن أن يبين عن وجه من وجوه نقلهم لنصوص الكتاب إلى من يطلب ذلك من إخوانهم )
و هذا تاويل باطل لان الكتاب المقصود في الاية ( فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم) غيره التوراة( و منهم اميون لا يعلمون الكتاب الا اماني).
و لو كان الاصل واحد لما كانت صيعة الايتين:
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ {البقرة/78} فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ {البقرة/79}
فلو كانت الاشارة الى نفس الكتاب في الايتين لكانت الصيغة ( فويل للذين يكتبونه بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله).
ثم ان القران و الكتاب المقدس يذكران بان التوراة هي كتابة الله تعالى لموسى عليه السلام و انها مكتوبة في الواح:
القران:
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} (145) سورة الأعراف
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (150) سورة الأعراف
{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (154) سورة الأعراف
العهد القديم:
خر 24:12 وقال الرب لموسى اصعد اليّ الى الجبل وكن هناك.فاعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم.
خر 31:18 ثم اعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة لوحي حجر مكتوبين باصبع الله
تث 4:13 واخبركم بعهده الذي امركم ان تعملوا به الكلمات العشر وكتبه على لوحي حجر.
تث 9:9 حين صعدت الى الجبل لكي آخذ لوحي الحجر لوحي العهد الذي قطعه الرب معكم اقمت في الجبل اربعين نهارا واربعين ليلة لا آكل خبزا ولا اشرب ماء.
تث 9:10 واعطاني الرب لوحي الحجر المكتوبين باصبع الله وعليهما مثل جميع الكلمات التي كلمكم بها الرب في الجبل من وسط النار في يوم الاجتماع.
تث 9:11 وفي نهاية الاربعين نهارا والاربعين ليلة لما اعطاني الرب لوحي الحجر لوحي العهد
فلا خلاف بين القران و العهد القديم في ان التوراة هي كلام الله تعالى لموسى عليه السلام , و لكن لا القران و العهد القديم قالا بان اسفار العهد القديم هي التوراة.
و هذا التصريح بان العهد القديم بدا من سفر التكوين و انتهاء بسفر ملاخي لا يشكلاان اي جزء ن التوراة التي انزلها الله على موسى عليه السلام نجده في اسفار العهد القديم نفسه, اذ يقول كاتب سفر التثنية و التي يصر البعض انها توراة موسى :
تث 31:9 وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ اسرائيل.
تث 31:11 حينما يجيء جميع اسرائيل لكي يظهروا امام الرب الهك في المكان الذي يختاره تقرأ هذه التوراة امام كل اسرائيل في مسامعهم.
تث 31:12 اجمع الشعب الرجال والنساء والاطفال والغريب الذي في ابوابك لكي يسمعوا ويتعلموا ان يتقوا الرب الهكم ويحرصوا ان يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة.
تث 31:24 فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب الى تمامها
تث 31:26 خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب الهكم ليكون هناك شاهدا عليكم.
تث 32:46 قال لهم وجّهوا قلوبكم الى جميع الكلمات التي انا اشهد عليكم بها اليوم لكي توصوا بها اولادكم ليحرصوا ان يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة.
و هذا السفر يحدثنا عن وفاة موسى و دفنه مع ان التوراة كما يخبرنا السفر بنفسه انها اعطيت لموسى في لوحي حجر عند صعوده للجبل.
كما ان سفر يوشع يقول:
يش 8:34 وبعد ذلك قرأ جميع كلام التوراة البركة واللعنة حسب كل ما كتب في سفر التوراة.
فكيف يكون هذا النص هو التوراة بينما هو يتحدث عنها ؟
اعتقد ان الصورة واضحة و ان ( الكتاب) الذي يقصده القران حين يقول ( يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله) هو اسفار العهد القديم و التي هي نصوص تاريخية تحكي عن الخليقة و الشعب و الانبياء و لكنها ليست كتاب الله ( التوراة) و لكنهم نسبوها الى الله تعالى كما بينت لك في نصوص سابقة اثناء هذا الحوار الطويل.
و الكاتب يتاول اي القران كما يحلو له فيقول:
( و مهما ساء ظننا باليهود فلا يمكن أن يصل الأمر إلى كونهم يصفون ذلك الذى يقدمونه لإخوانهم الأميين بأن ( هذا من عند الله ) و هو من وضع أنفسهم , و إنما استنكار القرآن لمقالتهم نابع من تصرفهم فى معنى ما ينقلونه من الكتاب )
فالله تعالى اعلم بما يقول عن اليهود و لكن الكاتب يسمح لنفسه بفرض فهمه لقول اليهود لما يكتبونه بانه من عند الله بانهم لم يقولوا حقيقة هذا الكلام و انما قصد القران انهم تصرفوا في ترجمة التوراة.