اقتباس: مالك كتب/كتبت
اقتباس:لا يوجد شيء أسمه "أمن قومي عربي" أو "مصلحة قومية عربية" اليوم. هناك نظام رسمي عربي بالإسم فقط.
اتفهمك تماما زميل الكندي:
ولكن هل تستطيع انكار النفس الفارسي العميق في النظام الايراني ,مع تقدم قوته يوما وراء يوم .
وواكد لك ان السلطه التي يفترض فيها الحفاظ على الامن القومي غائبه عن المشهد تماما ولكن المفهوم موجود
ولا يمكن اعتبارة الا موجودا .....
ومن هو ذا الذي يجزم بان الشعوب ستبقى نائمه الى الابد
وفي النهايه ان تكون السعوديه او مصر هي الدوله ذات النفوذ الاقليمي ارحم.....ارحم بكثير
تحياتي(f)
الأخ مالك، تحياتي
ما تتحدث عنه هو موضوع شديد التعقيد حقيقة. ولقد كان لي محاولة للخوض في أعماقه منذ سنوات في نادي أثير العرب.
الثورة الإسلامية في ايران لا هي شرّ مطلق ولا هي خير مطلق. وإيران لا هي فارسية مطلقة ولا هي إسلامية مطلقة. إيران الثورة الإسلامية هي دولة براغماتية الى حد كبير، وهي تتمتع بكمّ من الحس الديمقراطي حتى في ظل نظام الملالي الثيوقراطي.
إيران هي قومية فارسية ذات طابع إسلامي شيعي. ومن خلال أمتداد إسلامها (الشيعي) في الوطن العربي، تشابكت السلبيات والإيجابيات الإيرانية مع المصالح والتهديدات التي تواجه الوطن العربي.
كيف نقف نحن، كعرب، منها؟ هل هي تمثل تهديدا أم هي تمثل فرصة؟
برأيي، هي تمثل الإثنين معا.
لنبدأ القول أنه لا يوجد اليوم نظام عربي ولا حتى صورة نظام عربي. ما يوجد هو ملوك طوائف ودويلات تكاد تكون فاقدة -إذا صح التعبير- لمقومات الدولة الحقيقية. ولو وجدت دول عربية راغبة وقادرة على تبني القضية العربية (ولا أعني فيها فقط فلسطين)، وإدارة دفة الأمة فواجبنا يكون طبعا وبالتأكيد الإلتفاف حولها ودعمها بأقصى قوانا. غير أن هذا السيناريو مفقود اليوم، ولقد تمّت هندسة تغييبه على صفحات "الخطوة خطوة" ومعاهدات سلام مصر والأردن، وحرب الخليج الثانية والثالثة. حرب لبنان الأخيرة كانت فقط "معرضا" للحالة التي وصلنا اليها.
في ظل هذا الغياب الكامل للنظام العربي بمفهومه العربي، أين نحن من إيران؟
يقول البعض أن الخطر الفارسي هو أدهى من الخطر الصهيوني، بل يزيد البعض أنهما الخطر ذاته وأن ما نراه من مشادات كلامية بين الإثنين إنما هو رقص على الحبال.
أنا شخصيا لي رؤية مخالفة:
من الواضح أن أمريكا ومن ثم الغرب، كان له ضلوع في اسقاط نظام الشاه واستبداله بالثورة الإسلامية. هذه المعادلة ما تزال تستعصي على فهمي، لكنه واضح، افهمي على الأقل، أن نظام الملالي كان "أقل الشرّين" بالنسبة لواشنطن وأنه كان بمثابة "جوكر" أو Wild Card أو سيف ذو حدين تم استخدامه بحذر، فما أن جاءت الثورة حتى بدأت عملية تطويقها وعزلها. لكنني أعتقد أن حساب الحقل الأمريكي لم يتطابق تماما مع حساب البيدر الإيراني وذلك أنه لا يمكنني أن أصدق أن طرد البعثة الدبلوماسية الإسرائلية ةإعطاء مبنى السفارة لمنظمة التحرير، واقتحام السفارة الأمريكية وأزمة الرهائن كانت كلها تمثيليات.
والحقيقة أن الخليج العربي لم يكن يحتاج الى حرب الخليج الأولى ليرى في إيران خطرا يفوق الخطر الإسرائيلي. ذلك أن الخليج، خلال فترة الصراع العربي-الإسرائيلي لم يكن مهددا فهو محمية أمريكية. ولم يكن مشاركا فعليا في الصراع من اسرائيل بل اقتصرت مشاركته على الدعم المعنوي والمادي. لكن قدوم الثورة الإسلامية هدد بقلب الأوضاع الداخلية لمشيخات الخليج الموالية للولايات المتحدة عبر تفعيل (empowering) الشيعة العرب. وتجدر الملاحظة أن الشيعة يشكلون نسبة محترمة من عرب الخليج بل ويشكلون الأغلبية في بعض المناطق كالبحرين مثلا. من هذا المنطلق وحده بالإمكان فهم تخوّف الخليج السلفي من الخطر الرافضي المحدق.
من البديهي إذا أن تتوافق المصالح الخليجية مع المصالح الأمريكية في تطويق الثورة الإسلامية. ولم تكن إيران طرفا محايدا في هذه المعادلة فهي كانت تريد قطعا فك عزلتها وإيجاد حلفاء لها -كي لا نقول مد نفوذها وتصدير الثورة- في الشرق
والشمال. وكانت المواجهة في العراق طبعا حيث تعيش أغلبية شيعية تحت وطأة نظام البعث الإستبدادي الأرعن.
هل حارب النظام العراقي إيران على أسس قومية؟ Bull Shit. النظام العراقي دخل حرب الخليج الآولى دفاعا عن ذاته من أغلبيته الشيعية. وأنظمة الخليج ساهمت في هذه الحرب للدفاع عن ذاتها من شعوبها. طبعا، لم تكن الحرب سريعة وحاسمة كما وعد الأمركيون لأنهم كانوا يمدون إيران بالاسلحة أيضا. ونـَعـِمَ الغرب طوال فترة الحرب تلك بتدفق البترول الرخيص -- بترول كانت تـُستخدَم عائداته لدعم المجهود الحربي.
وما أن انتهت حرب الخليج الأولى حتى بدأت حرب الخليج الثانية التي لم يكن لإيران فيها لا ناقة ولا جمل. وجاء بعد ذلك الحصار الذي وُضـِع بإرادة أمريكية عربية تماما كحرب الخليج الثالثة. ومن الإجحاف القول أن إيران هي المسؤولة عن حال العراق اليوم لأن الغزو جاء بإرادة أمريكية عربية وانطلقت آلياته من جزيرة العرب!
إذا، من حيث أقف، الخليج العربي، وليس إيران، هومن يهدد الأمن القومي العربي. وجائت حرب لبنان الأخيرة لتظهر الى السطح ما كان يحصل في الخفاء.
ملاحظة أخيرة كي لا يختلط الأمر على أحد، أنني "لا أدري" من عائلة سنية.
هو رأيي المتواضع، وتقبل أخي أطيب التحيات (f)