{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أشياء .. وأشياء أخرى.
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #21
أشياء .. وأشياء أخرى.
للبشر ألوان شتى ..

الخامس عشر من يونيو ..

في هذا اليوم سوف تسافر وتغيب عنه لأول مرة منذ إلتقاها وهو لايجرؤ على مرافقتها للمطار لتوديعها ومع ذلك فهو لن يطيق أن تذهب للمطار بدونه وسيرغم نفسه على الذهاب وقلبه يمتليء بالخوف من اللحظة التي ستترك يدها فيها يده قبل أن تركب ذلك الطائر المعدني لينقلها إلى بلاد لن يكون هو فيها ولن يعرف كيف ستعيش أيامها فيها .. قال لنفسه :

- سأرجوها ألا تسافر.

ثم تراجع والأسى يغمره :

- ولكنها في حالة نفسية صعبة وتحتاج للسفر .. تحتاج للإبتعاد وعلي أن أتركها تذهب.

ذهب إليها قبل موعد سفرها بوقت طويل وجلس أمامها ينظر إليها في صمت وحزن ولم يدر ماذا يفعل ولم يدر ماذا يقول .. أمسك بيدها فجأة وقال لها :

- لاتتأخري.

- سأتأخر لأن ذلك يسعدك .

نظر إليها مستنكرآ فأغمضت عينيها وقالت :

- أنت تقول لنفسك هذه الأيام : ( لعل حياتي كانت ستصبح أسعد وأروع لو لم تدخلها هي ) .. أنا أدرك هذا .. أحسه وأتعذب لكن لاحيلة لي .. ربما كنت على حق لكنك تعلم إن الأمر لم يكن بيدي يومآ.

- ماتقولينه غير صحيح بالمرة .. أنت الشيء الوحيد الجميل والمفرح في حياتي كلها .

فتحت عينيها وأخذت تنظر إليه .. كانت عاجزة تمامآ عن كل شيء .. عاجزة حتى عن أن تقول له أحبك مع إنها تريد كلها أن تقول له ذلك .. كانت تشعر إنه لايقول الحقيقة لكنها لم ترغب في مناقشته .. كانت تتمنى لو أنه يكمل ليقول لها مرة واحدة في العمر من أعماق قلبه ( أحبك ) كما ترغب هي في قولها له لكنه لم يفعل .. مثلها تمامآ لم يفعل .. تركته ونهضت لتشعل سيجارة بعصبية بالغة فقال لها على الفور :

- عديني بالتقليل من التدخين هناك.

- لست في وضع يسمح لي بإعطاء أي وعود .

- على الأقل قولي سأحاول من أجلي .. أنت تعلمين أنني أحس بالذنب تجاه هذا الأمر .. بسببي أنا أدمنت التدخين.

- أني أحرقها كي لاأحرقني .

وأردفت :

- ثم مامن داع لتشغل نفسك بمثل هذه الأشياء التافهة .

- صحتك ليست شيئآ تافهآ .

- أظنني أنا نفسي غدوت شيئآ تافهآ بالنسبة لك.

-كفي عن هذا الحديث.

إنفعل بشدة .. كل منهما غدا يسبب آلامآ للآخر لإحساسهما بعدم التوازن في علاقتهما .. قال بعد أن هدأ :

- لاينقصنا أن نتشاجر اليوم.

- أنا لاأبحث عن أي شجار.

جلست بجواره والدموع في عينيها وقالت :

- لاأستطيع أن أعرف كيف سأسافر بدونك ولكنني متعبة ولاأملك أي خيار آخر.

ضمها إليه في صمت ولم يعلق وغزت الدموع عينيه وهو يدرك بعمق إنه لن يضمها إليه بعد ساعات وقال وهو يضغط على الحروف كي لايتضح إرتعاشها :

- ستكون حياتي موحشة بدونك .. عودي سريعآ.

إحتضنته وإنفجرت باكية إستعدت للذهاب للمطار ببطء .. كانت تتمنى حدوث أي شيء خارج عنها يعطل سفرها لكن شيئآ لم يحدث .. .. ظل ينظر للطائرة وهي تحلق بعيدآ في السماء .. لقد أخذتها وطارت وتركته وحيدآ .. وحيدآ .. شعر إن هذه الكلمة هي التعبير الدقيق عن حالته .. إنه وحيد وهذا يعني إنه شقي وخائف وبائس .. عاد إلى منزله .. كتب لها رسالة ثم مزقها وبكى .. إنه لم يشعر بالإنهيار إلا في هذه اللحظة .. اللحظة التي أحس إنه فقدها فيها .. إنه حين يتصل بها هاتفيآ لن ترد عليه وحين يذهب إلى منزلها لن يجدها .. إنه حين يحتاجها لن تكون بجواره وحين يخطيء لن يجد من يغفر له وأحس بالرعب حين فكر إنها ربما لن تعود أبدآ .. لطالما قال لنفسه إن وجوده في حياتها يسبب لها الكثير من التعاسة .. لطالما قال لنفسه سأخرج من حياتها نهائيآ ثم يتراجع مؤمنآ إنه سيقتلها بذلك وهو لن يستطيع أبدآ أن يقتلها أما الآن فهو يشعر بالموت بدونها :

- لايمكنها أن تخرج من حياتي .. لايمكنها أن تقتلني.

في الصباح إستلم منها رسالة إليكترونية : ( أفتقدك بشدة .. سأحاول ألا أعود بسرعة من أجلك ومن أجلي .. لاتكتب لي ).

بعد يومين تلقى رسالة ثانية : ( سأعود في العشرين من يونيو .. إنتظرني ).
06-20-2006, 10:46 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #22
أشياء .. وأشياء أخرى.
أبي , جدتي والموت .

أكره منظر الموت .. ذلك المنظر الذي يحترف ملاحقتي .. ذلك الموت الذي يبدو وكأن معناه لايكتمل إن لم يسطر عذاباته على ملامحي .. كم مرة متت؟ كم مرة عجزت عن أن أموت ؟ كم مرة تشربت موت الآخرين وكم مرة أخذ موت الآخرين يسرق مني الكثير والكثير ؟

أول موت صادفته وجهآ لوجه كان موت جدتي .. وجهها ذاك الهاديء المستكين يرافقني منذ عشرين عامآ وظللت أخالها نائمة وظللت أنتظر أن يقول الطبيب إنها لم تمت وظللت لسنوات أحس إني لو هززتها .. لو صرخت بها .. لو فعلت أي شيء غير الإكتفاء بدموعي وحزني أمامها لإستيقظت وقبلتني بين عيني وأختارتني مجددآ متخلية عن العالم كله وعن الموت حتى لكنني لم أفعل وأنا نادمة على ذلك .. نادمة جدآ.

الموت الأخير الذي يخصني والذي لم أواجهه وجهآ لوجه والذي لازال جزء مني لايصدقه و لايستوعبه هو موت أبي .. لم أشهد موته .. لم أر وجهه ولالمسته ولاقبلته ولاعلمت حتى برحيله قبل مرور وقت طويل لأن عائلتي خشيت علي الصدمة وأنا وحيدة وغريبة وأحب أبي حد الموت ..لسنين مازال أبي يزورني من آن لآخر ليقول لي أنه لم يمت .. ليقول لي إنه بجواري .. أبي لايستطيع أن يموت ويتركنا .. أنا واثقة من ذلك ولذلك هو يزورني مغدقآ علي حبه ذاك ولذلك فأنا أوقن إنني عندما أذهب إلى بيتنا هناك .. سيبتسم كله حين رؤيتي إبتسامته المعطاءة تلك ويضمني بين ذراعيه ويقبلني ويباركني وأحس بدفء يده الكبيرة وهي تربت على ظهري .

لن أذهب إلى هناك .. لن أدخل غرفته لأجدها فارغة .. لن أفقد أبي مرتين .. لاأريد أن أفعل ذلك أبدآ ولن أفعله .. إني عاجزة عن مثل هذه المواجهة وأفضل بأن أبقى هنا موقنة بأنه ينتظرني هناك.

عن أبي يمكنني أن أتحدث عمري كله لكني لاأحب الحديث عن أبي لأن اللغة لاتستطيع أن تطاله وتلك الكلمات العاجزة القصيرة لاتستحق أن تتحدث عنه .. يحتاج أبي للغة أخرى لأقول له كم أحبه.

06-22-2006, 07:56 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #23
أشياء .. وأشياء أخرى.
مقاومة

ظلت جالسة مستكينة تحت قطرات المطر تراقب البحر في جمود وشرود .. غضب الطبيعة يريحها .. يعبر عن رغبتها الجارفة في الغضب .. في الصراخ .. لاشيء أمر من السكوت عند الألم .. النصيحة الطبية العاقلة الواجب إتباعها في هذا الوقت هي ألا تجلس تحت هذا المطر و لكنها تكره النصائح وتكره العقل .. إشتدت المطر .. تبللت كلها دون أن تتحرك ثم إنهمرت دموعها لتشارك المطر غسلها .. كانت فتاة سعيدة وطيبة وذات آمال ضخمة ثم خاضت تجربة قاسية وصعبة .. إنهالت الضربات عليها من كل الجهات .. قاومت بكل ماأوتيت من قوة وشجاعة .. قاومت بكل ماتملكه من إيمان لكن الضربات المتتالية كانت أقوى منها فإنهارت تحت وقعها وأكتشفت إنها خسرت كل شيء وبشكل أساسي وأولي خسرت نفسها وأحلامها والمستقبل الوحيد الذي أرادته لنفسها .. أحبت كل الناس .. تلك كانت خطيئة كبرى .. كان عليها أن تحب أولئك الذين يستحقون الحب فحسب وتكره من يستحقون الكراهية ولكنها لم تعرف هذه الحقيقة إلا في وقت متأخر .. نظرت إلى قدميها العاريتين المبللتين وأندهشت من كونهما قدميها ومن إنها لم تعرف شكلهما جيدآ إلا الآن .. إنها تحبهما .. جزء منها شاركها بالتبعية كل آلامها وإنهياراتها وهي لم تتعرف عليه إلا الآن .. دفعتهما بقوة إلى أعماق الرمال ( إختفيا نهائيآ من هذا العالم وتخلصا من همومي ) وأحست بطعم الموت .. لا .. هذا طعم أمر من طعم الموت فالموت أهون من كل هذا بالتأكيد .. نظرت إلى السماء ورجت الله من أعماق قلبها أن يأخذها إليه ولكنه لم يأخذها وهي وحيدة وخائفة ومتألمة ولاتملك أي شيء .. سكنت في مكانها وقد إكتسحها البرد وسرى كالدم في كل خلاياها .. حتى روحها جمدها البرد .. ( بضع ساعات أخرى ربما هكذا وأموت بإختياري ) .. قالت لنفسها لكن الموت ليس إختيارها .. أن تموت الآن .. أن تموت هكذا .. أن تكون جبانة أمر لايناسبها .. ( بعد كل هذا الشقاء كيف أختار هذا الموت الهامشي ؟ ) .. فركت يديها بعصبية وقررت مغادرة المكان.

06-22-2006, 08:56 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #24
أشياء .. وأشياء أخرى.
خسارة

كنت لك عالمآ كاملآ من الحب والعطاء .. لم أفكر يومآ بأن أسيء إليك أو أحرمك من أي شيء تريده .. في البدء قاومت حبي لك وضعفي أمامك وإحتياجي لك .. قاومت وأحسست بغربتي عن نفسي فقررت أن أكف عن المقاومة .. أن أكون نفسي وأن أعطيك نفسي .. قررت أن أكون أنا بكل صدق ووضوح والآن لست أدري ثمن ماذا أنا أدفع ؟ ثمن حبي أم ثمن صدقي أم ثمن إختياري ولكنني أعرف إنني أدفع ثمنآ غاليآ جدآ هو بعدك عني .. هو حرماني منك .. هو شعوري الداخلي بالعدم .. ليس لي حتى أن أحلم بالسعادة فالدنيا كلها قد أدارت ظهرها لي ولم يعد لي إلا أن أنتظر منك لحظة ذكرى تذكرني فيها وتسأل عني بعدها ولاشيء أكثر .. الحياة إختيار فلماذا عندما جاءتك لحظة إختيار لم تخترني ؟ لماذا قلت لي أنا ( وداعآ ) وأخترت عالمآ لن أكون فيه إلا طيفآ بعيدآ يزورك من آن لآخر لكنه لايعيش معك أبدآ ؟ لماذا كان علي أنا أن أدفع الثمن ؟ لن أبكي لأنك لاتحب أن أبكي لكن دموعي تحرقني وتحرق الآتي من حياتي .. أنا بدونك عالم بلاحياة .. هل تراك تفهمني وهل ستشعر بدموعي وهي تسيل من عينيك وتحرقك معي ؟ لم أرد من الدنيا كلها إلا أنت ولكنني أتيت متأخرة جدآ .. متأخرة بمايكفي لحرماني منك .
06-23-2006, 12:02 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Shereen غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 304
الانضمام: Jan 2006
مشاركة: #25
أشياء .. وأشياء أخرى.
اقتباس:  maryam   كتب/كتبت  
 قررت أن أكون أنا بكل صدق ووضوح والآن لست أدري ثمن ماذا أنا أدفع ؟  


ظلمتِني يا أقداري..
أخطأَتِ الهدف..لست أنا
من يستحق كل هذا الألم
أي جُرم اقترفت..لأُزرع وسط كل هذا الشقاء
لو كنت أخطأت..لو كنت أجرمت
فهذي دموعي تغسل روحي
فهل من خلاص..؟




كتاباتكِ جميلة جداً..وصادقة جداً مريم

..


06-23-2006, 12:17 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #26
أشياء .. وأشياء أخرى.
فزع

صوت الصواريخ .. صوت القذائف وصوت الإنفجارات تتحول إلى موسيقى يومية رتيبة تجعل الخوف منها ومن الموت يتضاءل حد العدم .. أنا في الأصل لا أخاف الموت منذ سنين طويلة لكن مايخيف حقآ منذ بدء هذه الحفلة اليومية هو إمكانية العجز .. أن يسرق هذا العدو الغادر يدآ أو إثنتين .. قدمآ أو إثنتين .. عينآ أو إثنتين أما مايصيب بالفزع حقآ .. بالرعب حقآ هو إمكانية أن تنجو من مجزرة تفقد فيها من تحب .. في مثل هذه الظروف أعانق من أحب .. كلا .. لايمكن تسمية ذلك عناقآ بل إحتواء حتى لايكون للموت خيار إلا أن يأخذنا معآ .. لايحتوي هذا التصرف على حب الآخر فحسب .. هو بدرجته الأولى حب للذات .. للذات التي يقتلها الفزع من حياة لايكون فيها أولئك الذين نحبهم .. فزع من مواجهة موتهم .. فزع من عذاب الإحساس بالذنب لأنك لم تمت أيضآ .
06-23-2006, 12:27 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #27
أشياء .. وأشياء أخرى.
اقتباس:  Shereen   كتب/كتبت  

ظلمتِني يا أقداري..
أخطأَتِ الهدف..لست أنا  
من يستحق كل هذا الألم
أي جُرم اقترفت..لأُزرع وسط كل هذا الشقاء
لو كنت أخطأت..لو كنت أجرمت
فهذي دموعي تغسل روحي
فهل من خلاص..؟




كتاباتكِ جميلة جداً..وصادقة جداً مريم


كذلك ماكتبته أنت هنا شيرين : جميل جدآ وصادق جدآ .

شكرآ لجمالك (f) .
06-23-2006, 12:31 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
النورس الحزين غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 538
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #28
أشياء .. وأشياء أخرى.


تحياتي مريم :redrose:

رائعة كما انت وكما عودتينا دائما
06-23-2006, 05:04 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #29
أشياء .. وأشياء أخرى.
رفيق نورس ..

أنت ذو قلب من ذهب .. من ألماس إن شئت بل ومن أغلى من كليهما معآ .

(f).
06-23-2006, 11:44 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
maryam غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,866
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #30
أشياء .. وأشياء أخرى.
أنا وأنت وأيام الغربة


وحيدة..

كان يجدر بي أن أحمل هذا الإسم فمنذ ولدت وأنا وحيدة لكن هذا الإسم البائس لم يكن إسمي .. يوم ولدت لم يفكر أهلي قط إنني سأكون هذه الفتاة التي صرتها اليوم .. كانوا يظنون إنني سأصبح فتاة سعيدة هادئة طيبة مستكينة ولكنني تمردت وغدوت فتاة وحيدة .. وحيدة وحرة .. بالنسبة لي كانت ( وحيدة ) ثمنآ جديرآ بالدفع من أجل ( حرة ) ولست نادمة على ذلك الأختيار .. إنني أندم على مالم أمارس حقي بإختياره .. أنني أندم على أنني لم أقاوم عندما أبلغتني بشكل غير مباشر إني سأظل فتاة وحيدة وإنك قد قررت أخيرآ أن تتخلى عني .. لماذا أرتبطت بك أنت بالذات ولم أرتبط بأي رجل آخر ؟ كنت إنسانة غريبة وإنسان غريب فقط هو من إستطاع مسح غربتها ثم عاد فزرع غربة ليس هناك أقوى منها في أعماقي .. لماذا أحبك ؟ ياعمري لماذا أنا أحبك ؟ .. رحلة البحث عن إنسان يقف بجواري ويقول وهو ينظر في عيني ( أنا أفهمك ) إنتهت عندما إلتقيتك والآن ماذا سأفعل بدونك ؟ كيف سأحيا وأنت لست معي ؟ كيف سأعود ( وحدي) ؟ أردت أن أقول لك إنني أرفض أن تتخلى عني لكنني كنت أعرف إن القرار ليس قراري .. قلت لي :

- لاتطلبي من الدنيا أكثر مما قدر لك أن تأخذيه منها فلن تأخذيه على أي حال وستجنين الألم .

حتى مجرد الطلب كان كثيرآ علي وكنت فتاة قد نسيت تمردها أمام عينيك فكنت فتاة طيبة وقلت لك :

- طيب .

لكنني تعبت .. تعبت من ضعفي .. تعبت من إستسلامي .. تعبت أكثر من أي شيء آخر من وحدتي .. أنا غير قادرة على تحمل بعدك عني أكثر .. أحاول الإتصال بك ولكن هاتفك يرن ويرن وأنت لاتجيب .. أنت لن تجيب بعد اليوم فأنت لست هنا .. أكره الهاتف كما لم أكرهه من قبل وأكره الأيام والساعات التي تأبى أن تمر وأكره حياتي التي لم أعد أعرف كيف أعيشها وأكره كوني جربت مرة أن أكون فتاة طيبة تصمت بينما عمرها يضيع منها لكنني أعجز عن كراهيتك حتى لو كنت تستحقها .. كنا غريبين ومازلت أسمعك تقول لي :

- لو لم أعرفك لكانت غربتي هنا أكبر من أن أستطيع تحملها .

- أنا كنت أشد منك غربة وأكثر حاجة لك من إحتياجك لي .

- كل منا كان بحاجة للآخر وكل منا مدين للقدر لأنه عرف الآخر .. قولي لي ألست برغم هذا نادمة ؟

- أتمنى ألا تكون أنت نادمآ .

نظرت لي ورأيت دموعآ مسافرة في عينيك فكدت أبكي لكنني قاومت وأبتسمت وقلت لك إنني أتمنى أن أرى النجمة الحمراء تتألق في سماء هذا العالم .. قاومت إنهياري أمامك لأنني أحبك ولأنني أحتاجك ولأنك أغلى لدي من حياتي وحتى اليوم لاأدري كيف إستطعت أن تتركني وتمضي وأنت تعرف إنني لاأستطيع أن أحيا بدونك.. كنت تعرفني جيدآ .. تشعر بكل مافي وأحيانآ تعرفني أكثر مما أعرف أنا نفسي ومع ذلك فقد إستطعت أن تتركني .. إستطعت ..ياإلهي ماالذي يجعل منا مالانريد أن نكونه؟ الحياة القاسية لاتريد أن تنتهي وأنا أجبن من أنهيها بنفسي وهكذا تبدو الحياة طويلة لانهاية لها وفارغة لامعنى لها وأنا بدونك : وحيدة وبائسة.

- تستطيعين أن تفهمي لماذا أنا ماض الآن .

لا .. أنا لاأستطيع أن أفهم .. أنا أحبك فحسب ..

- أنا مرغم على الذهاب لكنني لاأتركك .. أنت ذاهبة معي ولسوف تظلين دائمآ معي وآلاف الأميال التي ستكون بيننا لن تفرق بيننا.

لكنها فرقت بيننا بدليل إنني لاأستطيع الآن أن أراك وأسمع صوتك وأعرف كيف تعيش حياتك .. فرقت بيننا بدليل إنني أشعر بوحدة رهيبة تمزق نفسي .. فرقت بيننا بدليل إنك لاتتنفس الهواء الذي أتنفسه .. بدليل إنني حين أمد يدي باحثة عن يدك لاأجدها وأجد إن الحياة قد إتخذت شكلآ غير معقول وإنني لم أعد أحتملها.

- عندما يلتقي إثنان بعد فوات الأوان ..

لم تكمل عبارتك ولم أعلق .. ماذا يمكنني أن أقول ؟ لماذا لم تكن آلة الزمن حقيقة واقعة ؟ إنها ليست حقيقة واقعة وكفى .

- ماكان علينا أن نعرف بعضنا البعض .

أحسست بالدموع تبلل نبرات صوتك كما تبلل خدي .

- أنت نادم لأنك عرفتني .

- أنا خائف من يوم لن نكون فيه معآ .

- لاتفكر في ذلك اليوم من فضلك .. لاتضع الأيام التي نملكها في الخوف من يوم لم يأت بعد .. ربما لايجيء أبدآ .. ربما نموت قبله .

أخذت تضغط على يدي بقسوة :

- لكنه سيأتي .. ربما يأتي حتى بأسرع مما نتوقع .

- أرحمني .

تصمت .. ترحمني وتصمت .

- إني أملك اليوم وأريد أن أكون سعيدة فيه .

- أنت فتاة شجاعة .

أن تتمناني فتاة شجاعة .. فتاة لاتموت حين لاتجدك بجوارها ورغم ضعفي فقد إستطعت أن أبدو شجاعة من أجلك وكنت قادرة على ذلك طالما كنت لاتزال بجواري أما اليوم فأنا أكثر من ضعيفة .. اليوم أنا أكثر من ميتة .. اليوم أنا بدونك .. قلبي الصغير المسكين كيف يستطيع أن يتحمل كل هذا القدر من العذاب والحرمان ؟ ( آه ياقلبي .. لو أنك تتوقف عن الخفقان .. لو أنك ترحمني وترحم نفسك ) .

غريبان يعيشان غربة حقيقية وقاسية وكل منهما يسير في طريق لايبدو عليه قط إنه سيلتقي بطريق الآخر وفجأة ينحرف مسارا طريقيهما معآ ويلتقيان وتكون قوة اللقاء بقدر عمق الإحتياج له .

- تحدثي .. الصمت متعب جدآ .

- لماذا نحن هكذا ؟ لماذا أنا وأنت هكذا ؟ لماذا تكون حياتنا على هذه الشاكلة ؟ نحن نستحق أن تكون حياتنا أفضل مليون مرة فلماذا لاتكون أفضل ؟

- هذا قدرنا وأنا أقول لك دائمآ دعي القدر يفعل مايشاء .

- إني أدعه يفعل مايشاء .

- هل يمكن أن تبتسمي ؟

أبحث عن إبتسامة لأرسمها على شفتي من أجلك وأحلم بإبتسامة حقيقية وفرحة حقيقية وراحة حقيقية .. أحلم بأن يكون لي حق في الحياة كما كان لي دائمآ حق يطاردني في الموت .. هل تعرف معنى أن تتوقف الحياة ؟ هل يمكنك أن تعود ؟ أنت اليوم لست لي ولن أسمعك تقول لي قبل أن أنام ( تصبحين على خير ) ولذلك لن أستطيع أن أنام وسأبحث عنك في كل مكان وسأحس بالموت لأني لن أجدك .. هل تستطيع أن تدرك إلى أي مدى أنا أحبك ؟ .. أسمعك تقول لي :

- كنت سأسافر على أي حال .. إن لم يكن اليوم فغدآ .. ذلك أمر لامفر منه.

وتقول عشرات الكلمات ولكني أنظر إليك وأسمع كلماتك دون أن أفهمها .. أفهم شيئآ واحدآ فحسب إنك سترحل وإنني سأعجز عن سماعك مرة أخرى .

- أنا أفهم كل ماتقوله .. أفهمه منذ عرفتك.

- لاأريد أن أرى دموعآ في عينيك .

- ليس في عيني أي دموع .

تغلفنا فترة صمت مشحونة بالألم والحزن وأحساس مر بالضياع والموت تنهيها بأن تقول لي :

- أبكي .

- أنا لاأريد أن أبكي .

- أبكي كي أستطيع أن أبكي معك .. أسمحي لي أن أبكي معك .. أنت لاتدرين كم أحتاج ذلك .

حتى حين بكيت يومها بكيت من أجلك .. بكيت معك .

أيام غربتك أنت تنتهي أما أيام غربتي أنا فلانهاية لها .. تمر الأيام التعيسة على أي حال .. إن لم يسطر مرورها نهاية أيام غربتي فلسوف يسطر يومآ نهاية لامفر منها : نهاية أيام حياتي .

- هيا أيتها الأيام .. مري .. مري بأسرع مما تستطيعين .

أسمعك تقول لي :

- أنا أفهمك .

أبكي بدونك وأصرخ بأيام غربتي :

- ياأيام غربتي التعيسة .. ليتك تنتهين
06-25-2006, 12:16 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  يافا، حيفا، عكا والعلماني.. وأشياء أخرى Jerry 32 7,754 09-26-2012, 07:31 PM
آخر رد: العلماني
  مقاه زمان (في بيروت ... ولربما في أمكنة أخرى بعدها ) .... العلماني 2 1,146 06-07-2012, 02:29 PM
آخر رد: العلماني
  الجوكر و أنا و أمور أخرى NigHtMaRE 11 2,627 06-30-2011, 03:14 AM
آخر رد: الجوكر
  فوبيا الصليب ... ظاهرة مرضية أخرى Free Man 6 2,997 11-26-2010, 11:42 AM
آخر رد: Free Man
  الزهق ، الملل وأشياء أخرى كائن فضائى 0 934 09-07-2010, 05:40 PM
آخر رد: كائن فضائى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS