{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #21
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
الزميل العزيز إسماعيل أحمد،

قبل الخوض في نقاش مداخلتك المثرية لموضوعنا إسمح لي أن أتوجه إليك بكمشة أسئلة:

- هل ترى أن الإسلام أوالدولة الإسلامية المنبثقة عنه مجتمعين أو منفردين هما سبيل النهضة؟ ولماذا؟

- ما هي المعايير التي تراها صالحة للحكم على وجود الإسلام أو الدولة الإسلامية في معترك الحياة؟

- ما هي الدولة الإسلامية؟

- هل ترى هناك أي وجود لأي دولة إسلامية في واقع اليوم؟

- ما هي النهضة؟ وكيف يمكن القيام بها على الأساس الإسلامي؟

- أليس من الأجدى التوجه لنموذج حي له الصدارة في العالم اليوم، ألا وهو الديمقراطية العالمانية، بدلا من النبش في الكتب لإحياء ما تعطل دهرا طويلا؟

- أليس من الممكن تحقيق النهضة في بلادنا على الأساس الديمقراطي العالماني؟

- ما هي مآخذك الواقعية بعيدا عن نصوص الكتاب والسنة على العالمانية الديمقراطية؟
07-08-2005, 02:35 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #22
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
اقتباس:  خالد   كتب  
الزميل العزيز إسماعيل أحمد،

قبل الخوض في نقاش مداخلتك المثرية لموضوعنا إسمح لي أن أتوجه إليك بكمشة أسئلة:


وأنا أتشرف بأن تخصني بهذه الأسئلة، وأستميحك عذرا أن تكون إجاباتي مسترسلة بعض الشيئ! (f)


اقتباس:  خالد   كتب  
- هل ترى أن الإسلام أوالدولة الإسلامية المنبثقة عنه مجتمعين أو منفردين هما سبيل النهضة؟ ولماذا؟

الإسلام...! بالتأكيد، وهيهات أن يكتمل لي إيمان إن لم أقر بهذا، والإسلام غير المسلمين، وبالتالي فهو غير دار الإسلام ودولة الإسلام ومجتمع المسلمين أيضا
الإسلام طريق النهضة في تصوراتي الدينية لأنه رباني مطلق...وهذا لا يعني إغفال حقيقة تجليات هذا الإسلام الزمانية والتاريخانية والمتجددة...، وإذا صح التعبير فإن الإسلام الرباني الخالد؛ مذخور في النص الشرعي (الكتاب والسنة.)، أما (الإسلام الزمني) فيتجلى في مرايا العصور، باجتهادات المجتهدين، وآراء الفقهاء، وتفاسير المفسرين، وتواصل الخبير العليم من أهل الذكر في كل علم وفن وحكمة وتجربة، وانعكاسات كل أولئك على واقع الحياة العامة : الفردية والجماعية، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، في هذا العصر أو ذاك.
الإسلام الرباني؛ كلي مطلق مقدس لا يجوز عليه الخطأ، ولا يتصور فيه الخلل (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). واجتهادات البشر، غير المعصومين، رؤية بشرية فيها الراجح والمرجوح، والقوي وغيره، وما نال عليه صاحبه أجراً وما نال عليه صاحبه أجرين.
وبين الرباني والبشري دائرة من اليقينيات الثابتة لدى المسلم، تتلقى بالتسلم والقبول، قطعية في ثبوتها، قطعية في دلالتها، لا تخضع لاجتهاد المجتهدين، ولا تنظير المنظرين.

طبعا موضع النزاع لدى العالمانيين (الأقل تطرفا) يتعلق بالإسلام الزمني، أو بتعبير أصح (تجليات الإسلام على الواقع)، فإخواننا قليلا ما يستوعبون حدود دائرة التجديد والاجتهاد التي تفصل بين المطلق والنسبي ، الثابت والمتغير، الإلهي والبشري ! وفي مفهومنا الإسلامي فإن التجديد هو الجهد الإيجابي المنهجي البنّاء، المنطلق من نصوص الإسلام الثابتة، وقواعد الشريعة المستقرة؛ لبناء الحياة الإسلامية المتجددة في كل عصر. والتي ترتقي بالمسلمين إلى مقام الشهادة على الناس (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا.) وهو مقام الريادة بكل معانيها.
وربما بدا للكثيرين أن تناقضاً حدياً، وهوّة واسعة، تقوم بين (التجدد) و(الثبات)، أو بين (الديني) بمفهومه التراثي عند البعض، و(الكهنوتي) المستورد عند آخرين، وبين التجدد بمفاهيمه (الارتقائية) و(التطويرية) الحقيقية. وهذا التناقض الوهمي، إنما ينشأ أصلاً، عن جهل بطبيعة الإسلام، أو قصرٍ في النظر، أو هوى غلاب يزين الجمود أو الانخلاع.
إن النظر البشري المحدود بالزمان والمكان، إلى النص الإسلامي المقدس المستغرق للزمان والمكان، بغير الأسلوب الذي حدده المنهج الإسلامي ذاته، لهو أول منطلقات الخطأ في هذا الطريق. وإن تلقي النص الإسلامي الثابت والمقدس، من رؤية تاريخية، ترتد بصاحبها قروناً إلى الوراء، لهي البوابة الواسعة إلى هوة الجمود والموات.
النص القرآني، وكذا الثابت من السنة المطهرة، يشكلان النداء الرباني الخالد، لأبناء كل جيل، ليقبلوا عليه، وينهلوا منه، وليجدوا فيه ما يصلح أحوالهم، ويلبي طموحاتهم، ويطور موقفهم، وينهض بهم، ويحقق مصالحهم، وهو النداء إلى الحياة (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
ولقد نهج الإسلام طريق الحركة التجديدية. ففي الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبعث على رأس كل قرن من يجدد لأمتي أمر دينها.) وعملية التجديد هذه، ما هي إلاّ حركة مواءمة شرعية شمولية، بين نصوص الشريعة وبين واقع المسلمين، واحتياجات التطور في حياتهم. والتجديد هو هذه المواءمة الشرعية، التي يقودها المجدد، و تلامذته وأتباعه، حتى يتلقف الراية مجدد آخر فيستمر بالمضي بالرسالة على طريق الحياة.
وهذه المعاني لم تكن غائبة عن فهوم الرعيل الأول من السلف الصالحين، والعلماء الأثبات، ففي قواعدنا الفقهية المستقرة:(تتغير الأحكام بتغير الأزمان.) وفي قواعد التفسير للنص القرآني (عموم اللفظ لا خصوص السبب.) فالسبب مهما كان شأنه حدث تاريخي عابر، وهو إن كان له دوره في فهم النص، وتوضيح أبعاده، فإنه يبقي للنص الشرعي مداه وآفاقه غير المحدودة. التي تتجلى لأهل كل عصر بما يحقق المعاني الكلية لقوله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) فمنوط بالزمان أو بأهله أن يكتشفوا حقائق هذا النص الخالد، ومعجزاته وآفاقه.
في المفهوم الإسلامي للتجديد يتعانق التطور مع الثبات، والتجدد مع الأصولية، في موقف موحد وحركة دائبة دائمة، على مر التاريخ، وأنه بقدر ما يؤكد المنهج الإسلامي في عقائده على معنى (الثبات) و(الشمول)، فإنه في شريعته يفتح الآفاق أمام الاجتهاد الشرعي المنضبط بقواعده، لتحقيق مصالح المسلمين، والمضى قدماً في تطوير حياتهم، حتى ليصرح علم كبير من أعلام هذه الأمة: (حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله). وهذه الديمومة الحركية في المنهج الإسلامي، هي التي تجعل حياة المسلمين في تجدد دائم، وحركة معطاء.
والإسلام في حركته التجديدية هذه يصطدم بصنفين من الناس: الصنف الأول، هم أولئك الذين حاولوا تجميد حياة المسلمين، وتكريس مفاهيم ومرامي تاريخية بديلاً للنص المقدس، فأغرقوا الأمة في بئر الجمود الآسن لتتفسخ وتنهار، ولتبقى بالتالي ضحية سهلة يعتاشون على آلامها، ويلعقون جراحها. وهؤلاء سواءً حسنت نياتهم أو ساءت يمثلون بعض الركام الذي ما شرع التجديد إلا لتجاوزه والتخلص منه. والصنف الآخر هم أولئك الذين يتمردون على النص المقدس، ويحاولون الانخلاع منه ويبذلون ما يستطيعون من جهد لتنحية الإسلام عن حياة الأمة، وللصد عن سبيله.
والصنفان على خلاف بينهما متفقان على تعطيل (النص المقدس)، جاهدان لوأده، وهما في الوقت نفسه عاملا الهدم والانهيار في حياة الأمة على مر العصور. ومن هنا جاء ذلك الأثر الخالد الذي قرر بوضوح وشفافية بالغين، صفات العلماء المجددين من حملة هذا الدين: (يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) وبين الغالين الذين يحرفون الخطاب الشرعي عن مقاصده ومراميه وبين انتحال الأدعياء المبطلين الذين يجهدون للانقلاب على النص: نقضاً أو تعطيلاً، وبين تأويل الجاهلين الذين يجردون النص عن دائرة تشريعه والجيل الذي أنزل عليه النص أول مرة! يستمر جهد العدول موصولاً يستمد قوته من (الذكر المحفوظ)، والمنهج الرباني القويم.
أخلص من هذا إلى إبراز حقيقتين أساسيتين: الأولى في أن التجديد الإسلامي، وهو معنى بارز من معاني النهوض بعد الغفوة أو الجمود والكسل،ليس مجرد ضرورة بشرية، بل هو مطلب شرعي، صرحت به السنة المطهرة، وقررته قواعد الشريعة، وقام عليه بناؤها، ومارسه علماؤها (المجددون) على مر التاريخ بما يتناسب وطبيعة كل عصر وما شهده من تغيرات وتطورات. وإذا كانت عملية (التجديد) هي الجهد الإيجابي الشرعي للمواءمة بين حياة المسلمين وواقعهم وبين (النص) ؛ على أن يكون النص هو الأصل الذي يضبط حياة الناس، ويفتح أمامهم الآفاق، فإن عمق عملية التجديد ترتبط تلقائياً بحجم المتغيرات التي تلف الحياة، ولن يكون الإسلام وأحكامه أبداً (إصراً أو غلاً) يعيق حياة المسلمين، أو يحد من تطورهم الإيجابي البناء في تحمل تبعات الاستخلاف.
والثانية، إن عملية التجديد هذه تسقط تلقائياً دعاوى أولئك الذين يحاولون تصوير الشريعة أو الدعوة إليها، بأنها موقف (ماضوي) يريد أن يرتد بالأمة إلى الماضي، لتعيش التاريخ، بنزوع رومانسي، أو بهروب عن تحمل تبعات الحاضر والمستقبل.
إن النص الشرعي من خلال الرؤية التجديدية هو تحدٍ لعلماء الأمة ولأجيالها، ليضبطوا حركتهم على المنهج وليستقيموا على الطريقة من خلال الفهم والالتزام. والإيمان والعمل الصالح. (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً)
إن الدعوة الإسلامية في إطار الرؤية التجديدية لم ولن تكون أبداً عودة إلى الماضي بمفهوم العودة (الظرفية) إلى الأساليب البدائية، أو أنماط العيش الأولية، وإنما هي دعوة إلى الالتزام ببناء الحاضر والنظر إلى المستقبل من منظار الرؤية الشرعية التي قامت أصلاً على الأمر بالعدل والإحسان، ونهت عن الفحشاء والمنكر والبغي (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.)
إن إبراز القدرة المطلقة المذخورة للنص المقدس الثابت على تلبية احتياجات الجماعة البشرية في كل زمان ومكان، بكل أبعادها وتطوراتها؛ مناط أصلاً (بالإنسان) المكلف بالتعامل مع هذا النص واستيعاب معطياته، واستقصاء الإمكانات التي يمنحها لأهل كل جيل، والآفاق التي يرودها لهم.
وهنا نقطتان لابد من جلائهما، في إطار فهم الإسلام (الشريعة) و(المنهج). الأولى أن الفهم المستنبط من (النص) المقدس الثابت؛ ليس له بالضرورة ثبوت النص وقدسيته، فكثير من الأحكام المستنبطة بطريق الاجتهاد، من علماء عصر من العصور، تبقى موضع نظر علماء عصور لاحقة، من غير التزام مطلق بها.
والثانية. إن عملية الاستنباط من (النص الخالد) باقية بقاء النص، وعندما تتوقف عملية الاستنباط في عصر من العصور، فإن ذلك يعني أحد أمرين: إما توقف مسيرة الحياة في ذاك العصر، وهذا يعني أن مسلمي ذلك العصر قد غرقوا في بحر الجمود. وإما عزل النص عن الحياة، والانطلاق بعيداً عنه. وهذا يعني التمرد والانخلاع.


اقتباس:  خالد   كتب  
- ما هي المعايير التي تراها صالحة للحكم على وجود الإسلام أو الدولة الإسلامية في معترك الحياة؟

أرى أن أؤخر الكلام عن الدولة الإسلامية إلى حيث ستسألني عن ذلك بالتحديد في السؤال الذي يليه، أما عن وجود الإسلام في المجتمع ومعترك الحياة فهذه مسألة تحتاج بعض توضيح:
وقفة تاريخية:
المعيار الذي اعتمدها فقهاؤنا قديما لذلك يتعلق بجملة من الشروط، ولا يخفى عليك أنهم استخدموا لهذا مصطلح (دار الإسلام) و (دار الكفر)، وحقيقة فإنني أرى أن مصطلح دار ألصق بالمجتمع منه بالدولة، ومع أنني أعلم بأن المجتهدين المسلمين المعاصرين لم يعودوا أسارى لهذه الإصطلاحات التاريخية، غير أن استحضار الموقف التاريخي يغني الواقع ويزيل كثير من الالتباسات.

هناك ثلاث اعتبارات لتمسية الدار بدار الإسلام في عرف فقهائنا المسلمين:
1- أن تسري على الأرض أحكام الإسلام وتظهر بلا خوف
2- أن يأمن فيها المسلمون ومن في حكمهم كأهل الذمة والعهد. على شعائرهم وعباداتهم وأنفسهم ومعاملاتهم.
3- أن تكون غالبية المجتمع من المسلمين
هذه الاعتبارات جمعها بعض الفقهاء، وأفرد بعضها بعضهم، وبالجملة فأيما دار انطبق عليها اعتبار من الاعتبارات المذكورة صح تسميتها بدار الإسلام في مذهب فقهي معتمد.
ويهمنا في مقامنا هذا ومورد نزاعنا أن نتكلم عن مجتمعات المسلمين التي يصار إلى تحويلها إلى مجتمعات جاهلية بحسب اجتهادات الشهيد سيد قطب رحمه الله وبعض الإسلاميين الآخرين!
ولأجل هذا فمن المهم استحضار آراء الفقهاء في تحول دار الإسلام غلى دار كفر (حرب)، وقد كان في فقهنا الإسلامي آراء خمسة ألخصها لك في الآتي:
الرأي الأول : للأحناف، جاء في المبسوط للسرخسي 2/28: ( دار الإسلام اسم للموضع الذي يكون تحت يد المسلمين ، وعلامة ذلك أن يأمن فيه المسلمون ).
وبينما يضيق الدائرة الإمام الأعظم فلا يحكم بتحول دار من الكفر إلى الإسلام حتى لو جرى فيها حكم الشرك ما كانت متاخمة لدار الإسلام، حيث قال : لا يصيرون حرباً حتى لا يكون بينهما وبين دار الحرب دار للمسلمين ، وحتى يحكموا فيها بحكم الشرك ولا يبقى فيها مسلم ولا ذمي آمن ، فإن فقد شيء من ذلك لم تكن دار حرب ، وكانوا بمنزلة أهل البغي ) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي 3/469 . نجد الصاحبين من الحنفية أبي يوسف ومحمد بن الحسن يوسعان خروج الدار ما سرت فيها أحكام الكفر: (تتحول دار الإسلام إلى دار حرب في جريان أحكام المشرك عليها) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي 3/471
الرأي الثاني : للشافعية : جاء في حاشية البجيرمي /220: دار الإسلام : هي كل أرض تظهر فيها أحكام الإسلام أو تكون مسكونة من قبل المسلمين وإن خالطهم غيرهم ، أو فتحها المسلمون ثم أجلاهم الكفار عنها ).ولا يرى الشافعية تحول دار الإسلام إلى دار حرب ما توافرت في الدار شروط أربعة:
آ - تظهر فيها أحكام الإسلام .
ب - أن تكون مسكونة من قبل المسلمين وإن خالطهم غيرهم .
جـ- فتحها المسلمون وأقروها بأيدي الكفار .
د - سكنها المسلمون ثم أجلاهم الكفار عنها .
لكن ترجيح النووي رحمه الله يلتقي في النهاية مع الصاحبين أبي محمد ويوسف ) .
( وجه النووي المسألة مشترطاً أن لا يمنع أهلُها المسلمين من عباداتهم والتمسك بشريعتهم فإن هم منعوها صارت دار حرب ) روضة الطالبين 5 / 433 ونهاية المحتاج / 8 / 454 . .
الرأي الثالث : للحنابلة ، ويلتقي مع رأي الصاحبين ، ومع ترجيح النووي حيث قدَّم أبو يعلى تعريف دار الإسلام ودار الكفر بقوله : كل دار كانت الغلبة فيها لأحكام الكفر دون أحكام الإسلام فهي دار الكفر ) المعتمد في أصول الدين لأبي يعلى / 276 . .
الرأي الرابع : للمالكية، حيث جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 88: (تبقى كذلك (دار إسلام) ما دام أهلها يقومون بشعائر الإسلام كالآذان والصلاة والحج والجمع والأعياد، لما يترتب على تحويلها إلى دار كفر من فساد كبير وتغير في الأحكام ). .
ويلتقي ابن تيمية رحمه الله مع رأي المالكية ، حيث يربط مسمى الدار وغلبة تطبيق الشرائع الإسلامية فيها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وكون الأرض دار كفر ودار إيمان أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها بل هي صفة عارضة بحسب سكانها ، فكل أرض سكانها المؤمنون المتقون هي دار أولياء الله في ذلك الوقت ، وكل أرض سكانها الكفار فهي دار كفر في ذلك الوقت ، وكل أرض سكانها الفساق فهي دار فسوق في ذلك الوقت ، فإن صار سكانها غير ما ذكرنا ، وتبدلت بغيرهم فهي دارهم ، وكذلك المسجد إذا بُدل بخمارة أو صار دار فسق أو دار ظلم، أو كنيسة يشرك فيها بالله كان حسب سكانه ، وقد قال تعالى :  وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ، فكفرت بأنعم الله ..  (النحل /112) نزلت في مكة لما كانت دار كفر ، وهي ما زالت في نفسها خير أرض الله وأحب أرض الله إليه ، وإنما أراد سكانها ... فالمساكن بحسب سكانها ، وقد كتب سلمان إلى أبي الدرداء : إن الأرض لا تقدس أحداً) الفتاوى 18 / 282
وسُئل رحمه الله عن بلد ماردين هل هي بلد حرب أم بلد سلم ، فقال : (وأما كونها دار حرب أو دار سلم فهي مركبة فيها المعنيان ، ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين ، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار ، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه ، ويقاتل الخارج على الإسلام بما يستحقه ) الفتاوى 28 / 240 . .

آراء المعاصرين في أسلمة المجتمعات:
1- الصنعاني: (متى علمنا يقيناً .. أن الكفار استولوا على بلد من بلاد الإسلام التي تليهم وغلبوا عليها وقهروا أهلها بحيث لا يتم لهم إبراز كلمة الإسلام إلا بجوار من الكفار صارت دار حرب ، وإن أقيمت فيها الصلاة .)
2- عبد القادر عودة: (دار الإسلام : البلاد التي يظهر فيها أحكام الإسلام أو يستطيع سكانها المسلمون أن يظهروا فيها أحكام الإسلام ، فيدخل في دار الإسلام كل بلد سكانه كلهم أو أغلبهم مسلمون ، وكل بلد يتسلط عليه المسلمون ويحكمونه ، ولو كانت غالبية السكان من غير المسلمين ، ويدخل في دار الإسلام كل بلد يحكمه ويتسلط عليه غير المسلمين ما دام فيه سكان مسلمون يظهرون أحكام الإسلام ، أو لا يوجد لديهم ما يمنعهم من إظهار أحكام الإسلام .)
سيد قطب : وهو يتحدث عن ( دار الإسلام ) و ( دار الحرب ) عرضاً في تفسير قوله تعالى : ألم تر إلى الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .. يقول : قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها .. إنه لم يكن العجز الحقيقي هو الذي يحملهم على قبول الذل والهوان والاستضعاف ، والفتنة عن الإيمان ، إنما كان هناك شيء آخر ، حرصهم على أموالهم ومصالحهم وأنفسهم يمسكهم في دار الكفر ، وهناك دار الإسلام ..فأولئك مآواهم جهنم وساءت مصيرا  ثم يستثني من لا حيلة له بالبقاء في دار الكفر ، والتعرض للفتنة في الدين ، والحرمان من الحياة في دار الإسلام من الشيوخ الضعاف ، والنساء والأطفال ، فيعلقهم بالرجاء في عفو الله ومغفرته ورحمته بسبب عذرهم البيِّن وعجزهم عن الفرار :  إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفواً غفوراً  .
ويمضي هذا الحكم إلى آخر الزمان متجاوزاً تلك الحالة الخاصة التي كان يواجهها النص في تاريخ معين ، وفي بيئة معينة ، يمضي حكماً عاماً يلحق كل مسلم تناله الفتنة في دينه في أية أرض ، وتمسكه أمواله ومصالحه، أو قراباته أو صداقاته ، أو إشفاقه من آلام الهجرة ومتاعبها ، متى كان هناك في الأرض في أي مكان دار للإسلام يأمن فيها على دينه ، ويجهر فيها بعقيدته ، ويؤدي فيها عباداته ، ويحيا حياة إسلامية في ظل شريعة الله ) في ظلال القرآن2 / 5 / 744 – 745 . .
وهكذا يتضح أن دار الإسلام أو مجتمع المسلمين في أبسط شروطه، هو ذلك المجتمع الذي يأمن فيه المسلم على دينه، ويجهر فيه بعقيدته، ويؤدي عباداته ويحيا حياته الإسلامية ، أما أن تكون الغلبة فيه للمسلمين، أو أن يستظل الناس فيه بحكم الشريعة، أو أن تجري أحكامها كافة عليه، فهذا مورد تنازع قديم، وفي رأيي أن وسم المجتمعات بالجاهلية بالمطلق لمخالفة من المخالفات المعتبرة هو تجاوز لهذه الاختلافات الفقهية المشروعة والمسنودة إلى نصوص شرعية ليس هذا مقام التفصيل بها، ولو تتبعنا آي القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوجدنا أن الحكم بتجهيل المسلمين بالمطلق أمر غير وارد..
نعم يمكن أن نتكلم عن جاهلية نسبية، وذلك أمر تحدثت عنه آيات كثيرة، فهناك حكم الجاهلية، وتبرج الجاهلية وظن الجاهلية..
كما في السنة أحاديث كثيرة تتكلم عن ربا الجاهلية، وتفاخر الجاهلية، بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين عتب على أبي ذر بتعييره لبلال بابن السوداء (رضي الله عنهما) لم يقل له أنت امرؤ جاهلي، بل قال له: إنك امرؤ فيك جاهلية، وكذا في حديث ثوبان أو حذيفة –نسيت الآن- حين سأله عن أحوال المسلمين، قال له: (إنا كنا في جاهلية وشر، ثم لما تكلم عن دورة اغتراب الدين الثانية لم يأت على ذكر الجاهلية بل قال: (فهل بعد هذا الخير من شر؟) ولعل مرد ذلك إلى أن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا ترتد جاهلية بمجموعها حتى وإن أشرك بعضها وارتدوا، لأنها معصومة بمجموعها، فلا تجتمع على ضلالة، والله أعلم.

07-09-2005, 04:24 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #23
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
اقتباس:  خالد   كتب  
- ما هي الدولة الإسلامية؟

قبل الجواب المتسرع دعني أقف وقفة مع إخواننا العلمانيين لأنني أجدهم يخلطون كثيرا في توصيف الدولة الإسلامية، حيث لا تزال الرؤية العامة لبعض المفكرين المعاصرين، محكومة بنمطية كلاسيكية تقوم على الرؤية الثنائية المتقابلة والحادة. فعمليات التصنيف أو الفرز المسبق، والمنقول أحيانا عن الآخرين دون وعي أو تمحيص تتدخل في فرض ظلالها على الواقع الفكري، وتقود إلى أشكال من الخطأ أو الخطل يزري بصاحبه.
خذ مثلا مشروعنا السياسي لسورية المستقبل والذي قدمناه كرؤية إخوانية، رأينا فيها أن (الدولة الحديثة) مطلبا وطنياً عاماً يجمع عليه أبناء شعبنا، ومن هنا رأينا ذلك منطلقا لتحقيق مشروع حضاري، يعيد لأمتنا مكانتها في مسيرة التاريخ والحضارة.
كنا في مشروعنا نصر على تقديم (أنموذجنا) الخاص للدولة الحديثة، بعيدا عن الثنائيات التقليدية التي تتردد بين مصطلحي الدولة (الدينية) (الثيوقراطية) بكل ما يحمله هذا المصطلح من إرث تاريخي جاء الإسلام ليحرر الإنسان من تبعاته، وبين الدولة (العلمانية) مع كل ما يحمله المصطلح من متتاليات الفوضى والانخلاع والتردي في مهاوي الأهواء، والدوران في فلك: حب السيطرة الإمبريالية والرأسمالية، و نهمة الجشع التي لا تشبع، في تحالف غير مقدس بين العلمانية والرأسمالية بأبعادها الاقتصادية والاستهلاكية المدمرة لكيان الإنسان والجري وراء متطلبات الغرائز بلا حدود.

الدولة الإسلامية هي الدولة الإسلامية...

وهي ما نطلق عليه الدولة (الحديثة) بالصيغة التي قدمها مشروعنا، وهي ليست بالدولة (الثيوقراطية) كما يزعم زميلنا (العلماني) ولا هي بالدولة (العلمانية) كما يتمنى (شاكر النابلسي)!
ونتمنى على من يهم بالإنكار علينا أن يعيد معنا اكتشاف الإسلام العقيدة والشريعة قبل أن يفعل.

أخي الكريم لعل من أهم ما يميز الدولة الإسلامية عن غيرها هو الأهداف العامة التي تتحمل هذه الدولة عبء القيام بها، والتي أوجزها المتقدمون بقولهم (القيام على أمر العباد بما يصلح معاشهم ومعادهم.) فثنائية الاهتمام بالمعاش والمعاد هي أول مميزات هذه الدولة.
وفي سبيل ذلك تسعى هذه الدولة إلى تحرير العقل البشري من التقليد والخرافة والوهم، وذلك عن طريق بناء العقيدة السامية النقية القائمة على الإيمان بالله وحده، وتوجيه العقل نحو الدليل والبرهان والتفكير العلمي الحرّ. ولذا كافح الإسلام الوثنية، والجهل. ووضع الإنسان على مدرجة التفكير المنطقي السليم، وطالما ردد القرآن الكريم (لعلهم يعقلون) (لعلهم يتفكرون) (لعلهم يذكرون).
كما تسعى الدولة الإسلامية إلى إصلاح الفرد نفسياً وخلقياً وتوجيهه نحو الخير والإحسان وأداء الواجب كي لا تطغى مطامعه وشهواته على عقله. كما تسعى إلى إطلاق طاقات الفرد وفق ضوابط منهج قويم ليكون فاعلاً إيجابياً، قائماً بالحق، وربط نفسه بعقيدة الثواب والعقاب في الآخرة، لكي يكون في مراقبة دائمة لأعماله.
وتسعى الدولة الإسلامية ثالثا إلى إصلاح المجتمع ليسود فيه الأمن والعدل، وتصان فيه الكرامة الإنسانية والحريات العامة، وتفتح أمام أبنائه فرص التنافس الحرّ الشريف للمشاركة في العمران البشري في ظلال الرحمة والكفاية والتكافل والدعوة إلى الخير.
باختصار فإن هدف الدولة حسب المنظور الإسلامي بناء الإطار العام للعيش الإنساني الرخي، في ظلال منهج الله سبحانه وتعالى الذي ينفي عن الحياة الإنسانية الشقاء والضنك (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).
وإذا كان ارتكاز الدولة المنشودة على مرجعيتها الإسلامية في إطاريها: العقائدي والتشريعي، قد مازها عن الدولة العلمانية، الموسومة بالرؤية المحدودة لجيل من البشر في قطر من الأقطار، فإن سمات أخرى تميز الدولة الإسلامية عن الدولة (الثيوقراطية) وتثبت لها خصوصيتها وفرادتها بين الأنظمة والمناهج.

بين الدولة الإسلامية والدولة الدينية:

وأولى هذه السمات أن الإسلام لم يقرر مصدراً غيبياً (للسلطة) يولد مع الحاكم. بل لقد جاء الإسلام ليحارب في جميع النظريات الثيوقراطية مظهرين من مظاهر الغلو أو الاستعلاء البشري بغير حق فحارب (أدعياء الألوهية) بكل أشكالها وأنماطها، وقرر المساواة المطلقة بين بني البشر ففي الإسلام هناك خالق (هو رب العالمين) وهناك مخلوق هم البشر أجمعون. وأسقط كل دعاوى التكريم على أساس النسب (يا فاطمة بنت محمد اشتري نفسك لا أغني عنك من الله شيئا.) فلا قداسة لحاكم بحكم مولده، أو نسبه.
وكذلك فقد أبطل الإسلام كل دعاوى (العصمة) التي يتذرع بها حكامٌ ادعوا في يوم من الأيام أنهم مقدسون أو ملهمون، فلا عصمة لحاكم، والشورى لتسديد الرأي، حتى أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم (وشاورهم في الأمر) والعصمة في التصور الإسلامي، وقف على النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه تبارك وتعالى، وفيما عدا ذلك (فأنتم أعلم بأمور دنياكم) على ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بل لقد ميز علماء الأصول في تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بين ضربين من التصرفات تصرف (بالرسالة) هو التصرف المعصوم، وتصرف بالإمامة وفيه يجوز عليه ما يجوز على سائر البشر، وقد صرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بحق أخيه، فمن قضيت له شيئا من حق أخيه فإنما أقضي له بقطعة من نار).
ثم إن الإسلام ثالثا لم ينشئ في بنيانه أبداً ما يعرف بالمؤسسة الدينية، لا في صورة فرد، ولا طبقة، ولا مؤسسة: (كالبراهمة) مثلا عند الهنود و(الموابذة) عند الفرس (والأحبار) عند اليهود و(الاكليروس) الرهبان عند النصارى.
العلاقة بين (الرب) و(العبد) في الإسلام علاقة مفتوحة بلا وسطاء. (قل آمنت بالله ثم استقم) (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً). ومع عظم دور المسجد في الحياة العامة الإسلامية، فقد كانت الأرض في التصور الإسلامي مسجداً وطهوراً. ويؤم المسلمين في صلاتهم أقرؤهم لكتاب الله، وأفقههم في دينه.
وهذه الحقيقة تميز الإسلام عن سائر الأديان بحيث يمكن أن نطلق على هذه الشريعة الربانية بأنها شريعة (مدنية)، أسقطت من البناء الإسلامي حكم طبقة استأثرت ببقية الأديان، وكان لها في تاريخ الحضارة والملل والنحل دور يتناقض مع أساس الأمر الذي قامت عليه، وهو إشاعة العدل والتراحم. وكثيراً ما تحالفت هذه (الطبقة) مع أصحاب السلطان السياسي والاقتصادي لتزيد من بؤس البؤساء، وعذابات المعذبين، ولتكرس من الشرائع ما يخدم مصالحها، ويحقق منافعها.
بينما يتمايز الناس في الإسلام بميزة العلم. فالأعلم بأحكام الشريعة وهي أحكام مقررة مكتوبة ومعلنة وغير سرية أيا كان الشخص الأعلمَ بها هو أحق بالتكلم فيها. ورأيه خاضع للنقد والوزن بميزان النصوص والمناهج الشرعية الثابتة وما من عالم من علماء الأمة إلا رَدّ أو رُدّ عليه.
والفرق الرابع بين الدولة الإسلامية والدولة (الثيوقراطية) أن العقود الشرعية العامة والخاصة هي عقود مدنية محضة. فكما كان الإسلام دينا بلا كهنوت ولا سدنة، فإنه أيضاً دين بلا أسرارٍ مقدسة، حسب المصطلح المطروح في كثير من الملل الأخرى. حتى عقد النكاح الذي يبدو أكثر العقود التصاقاً بالخصوصية الدينية هو حسب الشريعة الإسلامية عقد مدني محض يتم برضى الأطراف الرئيسية فيه، ويوثق بشهادة شاهدين كما توثق سائر العقود. دون أن يحتاج إلى حامل سر يعقد رباطه المقدس، أو مانح بركة يسبغها على الزوجين. وبذلك تكون الشريعة الإسلامية أول مؤسس للزواج المدني، الذي أخذت به الدول ذات الشرائع العلمانية المعاصرة.
ففي إطار الشريعة الإسلامية، ووفق منظومة الضوابط العامة فيها، يبقى (العقد شريعة المتعاقدين) حسب ما تقرره اليوم أرقى الشرائع المدنية. (والمسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ) ويبقى الوفاء بالعقود، واجباً شرعياً ومدنياً (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود).
وقاعدة الضبط الذهبية لهذه العقود هي المرجعية العامة التي نحن بصدد الحديث عنها. إننا أمام نظرية العقود الإسلامية إزاء شريعة مدنية تنضبط بضوابط عامة تعصم الإنسان عن أن يجور أو ينحرف عن سنن الفطرة، أو معالم الحق الأصيل، كما تحمي الإنسان الضعيف من جور القوي، والفقير من عسف الغني.
والفارق الأخير بين الدولة الإسلامية والدولة (الثيوقراطية) هو أن مصدر الولايات جميعاً في الدولة الإسلامية كافة، إنما هو الأمة. (ولقد أجمع مجتهدو الفرق الإسلامية كافة، ماعدا الشيعة، أن مصدر الولايات هو الاختيار القائم على الرضى المتبادل بين أهل الحل والعقد وبين الإمام الذي يقع عليه الاختيار.). ومصطلح أهل الحل والعقد هو التعبير الإسلامي عن الآلية المعبرة عن إرادة الأمة والتي يكون لها في كل عصر صورتها المؤدية للغرض منها.
فالأمة هي مصدر الولايات، وخيار الأمة وبيعتها هي التي تمنح الحاكم أو صاحب الولاية حقه في السمع والطاعة. أي تمنحه السلطة. والسمع والطاعة للحاكم في التصور الإسلامي حق ذو وجهين مدني يستمد من العاقد ما وفّى المعقود له بالعقد، وشرعي ينبع من طاعة الله سبحانه الذي فرض على المؤمنين الوفاء بالعقود (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود.) ولذلك يبقى حق السمع والطاعة مرتبط بموضوع العقد وشروطه الأساسية (إنما الطاعة في المعروف) (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) أي خارج إطار العقد المتفق عليه بين الحاكم والمحكوم.
فعقود الولايات تضع الضوابط لئلا يجور حاكم على محكوم، وعقود البيع والرهن والقروض تضع الضمانات لكي لا يستغل غني فقيراً، وعقود الزواج تحول دون بغي الزوجين أحدهما على الآخر.
وعندما نتحدث عن خيارات مفتوحة للأمة لاختيار أهل الولاية فيها، وكذا عندما نتحدث عن حرية تعاقدية تقوم بين الأفراد، ويتساوى في التمتع بأهليتها (الإنسان) حسب كينونته الإنسانية فقط، رجلا كان أو امرأة؛ فإننا لا نتحدث عن حرية فوضوية تنطلق بلا ضابط ولا رابط. حتى فيما يُزعم أنه من الشؤون الفردية، فالإنسان في الإسلام مستخلَف على نفسه ووقته وماله، وليس مالكاً له وبهذا يختلف الإسلام عن الفلسفات الفردية، والنظريات الرأسمالية التي امتهنت الحياة الإنسانية حتى كادت أن تبيح قتل النفس (الانتحار)، واعتبرت الجسد الإنساني ملكاً لصاحبه يفعل به ما يشاء، والمالَ حقاً شخصياً يتصرف به صاحبه على هواه. ولعل هذا ما يميز الدولة الإسلامية عن الدولة العلمانية، ومن هنا يأتي الحديث عن المرجعية التشريعية، التي تعصم الأمة من الانزلاق في دوامة الفوضى، أو من الدوران في فلك الفئات المسيطرة من الممسكين بزمام السلطة (المادية) أو السلطة (الاقتصادية) أو المزخرفين لحبال الأهواء والشهوات.
المرجعية التشريعية التي رأى فيها زميلنا العلماني معنى متناقضا مع مفهوم الدولة الحديثة! ما هي إلا جملة القواعد الشرعية التي تحدد معالم (المعروف والمنكر) و(الحق والباطل) و(الخير والشر) وترسم الملامح العامة للمجتمع الرشيد.

وفي مصطلح (المعروف والمنكر) من الإشارة الزمنية لموقف متطور ضمن الضوابط العامة ما يعتبر دليلاً على حيوية هذه الشريعة وقدرتها على تلبية احتياجات المجتمع في كل حين.
إن الضوابط العامة للمرجعية الشرعية ترسى الأسس لمشروع حضاري متكامل، ولكن هذه الأسس على شمولها ووضوحها وصلابتها وقوة شأنها تترك للإنسان في الزمان والمكان، مساحة للاختيار بين تلك الثوابت لكي ينتقل في حياته مرقاة بعد أخرى للقيام بواجب الاستخلاف،
ولقد تضمنت المرجعية الإسلامية نظاما قانونيا مؤسساً على أساس الشمول والصلوح لجميع البيئات والظروف. لأنها تشتمل على المبادئ الثابتة، وعلى التدابير الموقوتة، والأحكام الاستثنائية لأحوال الضرورات، وعلى الأحكام المربوطة بالأعراف والظروف الخاصة، وتتبدل وتتطور بحسب تبدل تلك الأعراف وتطور الظروف مع المحافظة على الفكرة الأساسية فيها وهي العدل والإنصاف.
لقد ألقت الشريعة الإسلامية الأحكام الربانية النهائية في صورة مبادئ وقواعد كلية ثابتة وتركت إلى جانب تلك المبادئ والكليات مجالاً واسعاً للاجتهاد في التفصيل، ونصيباً كبيراً للعقل في التطبيق وقرنت الأحكام بعللها وأسبابها كي يفهمها المكلفون ويتمكنوا من القياس عليها بعقولهم، وفقاً لمقاصد الشريعة في العدل والإحسان وجلب المصالح ودرء المفاسد.
وفي جميع الميادين أتت نصوص الشريعة الأصلية في القرآن والسنة النبوية بمبادئ أساسية عامة وتركت التفصيلات للاجتهاد في التطبيق، بحسب المصالح الزمنية. إلا قليلا من الأحكام تناولتها بالتفصيل كأحكام (الأسرة) و (الميراث) وبعض العقوبات. فكان الأصل في التشريع الإسلامي الإجمال وليس التفصيل.
وفي حدود هذه المرجعية التشريعية العامة يبقى للإنسان الحرّ المختار دائرة تحرك واسعة ينشئ فيها من الأنظمة والقوانين ما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد، حسب مقاصد الشريعة، إذ حيثما تكون المصلحة الشرعية فثم شرع الله.
وهذا ما يعين على بناء مجتمع عمراني متطور قادر على القيام بأعباء الرسالة، رسالة التكليف الأولى (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) أو رسالة البلاغ والشهادة على الناس (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً).
وفي حدود هذه المرجعية الشرعية المجملة للقواعد التشريعية الإسلامية يتحرك الإنسان المدني لينشئ دولته، ويحقق تقدمه في ظل اختيار حر منضبط ورشيد.

07-09-2005, 04:32 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #24
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
اقتباس:  خالد   كتب  
- هل ترى هناك أي وجود لأي دولة إسلامية في واقع اليوم؟

نعم..
هناك الدولة المثال، وهي الدولة الراشدة، إذا تجاوزنا دولة النبوة باعتبارها معصومة أقرب للثيوقراطية.
وهذه الدولة لا تتكرر، كما لن يتكرر الجيل القرآني الفريد الذي أقامها.
ولكن هناك دول تقوم على احترام الإسلام، وتحترم شرائعه، وغالبية سكانها من المسلمين، ويأمن المسلمون فيها على دينهم وعقائدهم، بل وتصدع بوضوح أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، دون أن تنحي سائر المصادر المعتبرة، ويقيم ولاتها الصلاة، ويحترمون فرائض وشعائر الدين، ولا يستحلون ما حرم الله، فأين أذهب بهؤلاء إن حكمت على نظمهم بالكفر؟!

ما مصلحتي أخي الكريم في أن أنفي الإسلام عن دول أغلبية سكانها من المسلمين وهي في جملتها دول تؤمن للناس تطبيق شعائر الدين بلا خوف، وهذا على رأي فقهي قديم ومعتبر يمثله المالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية وأبي حنيفة وغيرهم يكفي للتعريف بها كدار للإسلام ، ففيم لا أسميها دولا إسلامية؟!
فيم أتجاهل هذه النصوص الدستورية التي تعلن بوضوح انتماء هذه الدول للإسلام دينا بل وأكثر من ذلك، اقرأ مثلا:
1- السعودية: المادة الأولى: المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم " ولغتها هي اللغة العربية " وعاصمتها مدينة الرياض.
2- السودان: طبيعة الدولة : المادة 1 : دولة السودان وطن جامع تأتلف فيه الأعراق والثقافات وتتسامح الديانات، والإسلام دين غالب السكان، وللمسيحية والمعتقدات العرفية أتباع معتبرون. اللغة المادة 3 اللغة العربية هي اللغة الرسمية في جمهورية السودان، وتسمح الدولة بتطوير اللغات المحلية والعالمية الأخرى. الحاكمية والسيادة المادة 4 الحاكمية في الدولة لله خالق البشر ، والسيادة فيها لشعب السودان المستخلف، يمارسها عبادةً لله وحملاً للأمانة وعمارةً للوطن وبسطاً للعدل والحرية والشورى ، وينظمها الدستور والقانون.
3- اليمن: المادة 2: الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية. المادة 3 : الشريعة الاسلامية مصدر جميع التشريعات.
4- عمان: مادة ( 2 ): ديـن الدولة الإسلام والشريعـة الإسلامية هي أساس التـشريع . مادة ( 3 ): لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية.
5- قطر: المادة 1: قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة، دينها الاسلام، والشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي لتشريعها. ونظامها ديمقراطي، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية.
6- مصر: المادة 2 : الاسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادىء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
7- ليبيا: ثانيا : القرآن الكريم هو شريعة المجتمع في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية . 10- أبناء المجتمع الجماهيري يحتكمون إلى شريعة مقدسة ذات أحكام ثابتة لا تخضع للتغيير أو التبديل وهى الدين أو العرف
8- البحرين: مادة 2: دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية.
9- الكويت: مادة 2: دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع . مادة 3 : لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية .
10- الأردن: المادة 2: الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية .
11- الجزائر: المادة 2 : الإسلام دين الدّولة. المادة 3: اللّغة العربية هي اللّغة الوطنيّة والرّسميّة.
12- تونس: لفصل 1 : تونس دولة ، حرة ، مستقلة ، ذات سيادة ، الإسلام دينها ، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.
13- الإمارات: مادة 7: الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد ، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه ، ولغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية .
14- السلطة الفلسطينية: المادة 4: 1- الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين ولسائر الديانات السماوية احترامها وقدسيتها.
2- مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع. 3- اللغة العربية هي اللغة الرسمية.
15- المغرب: الفصل السادس الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.
16- دستور العراق البعثي: المادة 4 الإسلام دين الدولة
سورية: المادة الثالثة: 1- دين رئيس الجمهورية الإسلام 2- الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع.


وحول موقع الشريعة الإسلامية من الدستور:

1- السعودية: المادة الأولى: ... ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم " المادة السابعة : يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله.. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة.
2- السودان: المادة 4 الحاكمية في الدولة لله خالق البشر ، والسيادة فيها لشعب السودان المستخلف، يمارسها عبادةً لله وحملاً للأمانة وعمارةً للوطن وبسطاً للعدل والحرية والشورى ، وينظمها الدستور والقانون. المادة 65 الشريعة الإسلامية وإجماع الأمة استفتاءً ودستوراً وعرفاً هي مصادر التشريع ، ولا يجوز التشريع تجاوزاً لتلك الأصول، ولكنه يهتدي برأي الأمة العام وباجتهاد علمائها ومفكريها ، ثم بقرار ولاة أمرها.
3- اليمن: المادة 3 : الشريعة الاسلامية مصدر جميع التشريعات.
4- عمان: مادة ( 2 ): ... والشريعـة الإسلامية هي أساس التـشريع .
5- قطر: المادة 1: ..... والشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي لتشريعها.
6- مصر: المادة 2 : ..... ومبادىء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
7- ليبيا: ثانيا : القرآن الكريم هو شريعة المجتمع في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية . 10- أبناء المجتمع الجماهيري يحتكمون إلى شريعة مقدسة ذات أحكام ثابتة لا تخضع للتغيير أو التبديل وهى الدين أو العرف
8- البحرين: مادة 2: .... والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع
9- الكويت: مادة 2: .... والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع .
10-الإمارات: مادة 7: ...والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه
11- السلطة الفلسطينية: المادة 4: 2- مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع.
12- سورية: المادة الثالثة: 2- الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع.
13- المغرب: الفصل التاسع والثلاثون : لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا البحث عنه ولا إلقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك.
الفصل السادس بعد المائة: النظام الملكي للدولة وكذلك النصوص المتعلقة بالدين الإسلامي لا يمكن أن تتناولها المراجعة.

بالله عليك إن نازعنا ما نازعنا فهل نملك حيال دستور السعودية واليمن والسودان وقطر ومصر أن نكفر من أعلن بوضوح انحيازه للإسلام بغض النظر عن تمرد السلطات التنفيذية في تطبيق الدستور أو الاحتيال عليه.
ثم هل يقتضي منا هذا الاعتراف العادل أن نزعم لأي منها العصمة، أو أن نقول بأن تصرفاتها حاكمة على الإسلام مثلا؟!!
ألم يكن ابن القيم يقول في ابن تيمية حين يخالفه اجتهاده: (شيخ الإسلام حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه)، فهل نطلب من هذه الحكومات أن تكون في حال أرقى من أئمتنا، أو ان نحملها ما لا قبل لها به بأن تكون حاكمة على افسلام، بينما مقصود الأسلمة أن يكون الإسلام حاكما عليها، لا أن تكون حاكمة على الإسلام، بمعنى أن الإسلام وثوابته حجة عليهان أما تصرفات ولاتها ووزرائها فيتحملها الخاطئون ممن يجتهدون أو يظلمون فيها، تماما كالمسلم الذي لا يحسب تصرف من تصرفاته حجة على الإسلام، ويبقى العكس صحيحا ما رضي أن يكون دينه الإسلام، والله أعلم.


07-09-2005, 04:36 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #25
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
اقتباس:  خالد   كتب  
- أليس من الأجدى التوجه لنموذج حي له الصدارة في العالم اليوم، ألا وهو الديمقراطية العالمانية، بدلا من النبش في الكتب لإحياء ما تعطل دهرا طويلا؟

أولا نحن لا ندعو لنبش الكتب الصفراء من أجل حل مشاكل عصرنا، هذا غير صحيح ولا مقبول..
نحن نريد أن ننهض ونحن نحن
حين تؤمن لي هويتي الإسلامية فلا جناح عليك في أن تعرض علي أي اجتهاد، ولن أرفض عرضا من هذا لأن له جذورا غربية أو شرقية، تماما كما قبل أسلافنا أن يهضموا حضارة الفرس والروم بلا حرج.
أما أن يكون مقابل ما يسمى بالنهضة والتحديث هو التخلي عن الهوية فلا أدري أي نهضة يمكن أن ننهضها حينئذ، ولصالح من ستسجل؟!
أعلم أن الحضارة إرث إنساني مشترك، ولكنني أعلم أيضا أن لكل منا صبغته وفرادته وبصمته في الحياة، ودعوى الاستنساخ وجعل الناس أمة واحدة، دعوى غبية مصادمة لسنة الحياة وإرادة الخالق جل وعلا (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة، ولا يزالون مختلفون إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)
نحن شعوبا وقبائل شتى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)
من لم يؤمن بي بصبغتي وبصمتي وهويتي ليس أكثر من إقصائي جامد متفرعن (ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)!!
أنا مسلم، وأريد أن أنهض كمسلم، فمن أعطاني منهجا أنهض فيه محافظا على إسلامي فأهلا وسهلا، ومن رغب عن ملتي، ورأى أن إسلامي مصدر كل تخلف وإرهاب ورجعية وظلامية، ثم قال لي أنني لا أقبل بك حتى تتبع ملتي العلمانية ليبرالية كانت أو ماركسية! فما هو إلا واحد من ملوك الظلام الذين كانوا يدينون شعوبهم في القرون البائدة بما دانوا به، حتى ذهبت (الناس على دين ملوكهم) مثلا!
أخي الكريم، أعلنا بكل وضوح وعبر أكثر من مشروع من مشاريعنا السياسية المقدمة في عدة أقطار بأننا مع الخيار الديمقراطي، على أننا نرحب بالديمقراطية الإجرائية، أما الديمقراطية المؤدلجة بالعلمنة، فنرفضها ونرفض كل وصاية أو احتكار يزعمها فصيل من فصائل الشعب ليزعم انه أولى من غيره بتحقيق الديمقراطية..
الديمقراطية المجردة الموضوعية المحايدة هي التي نقبل بها ولا نقبل بسواها، أم أن تكون ديمقراطية شعبية على النمط الماركسي أو ديمقراطية عائمة على النموذج العلماني أو ديمقراطية مقيدة فوقيا على النموذج الأصولي فلا وألف لا...
حتى موضوع الهوية نريده بالتراضي وليس بالإكراهن وثقتنا بشعبنا أكبر من أن نستصغره ونفرض عليه وصاية لا تليق إلا بالأطفال الذين لم يشبوا عن الطوق أو السفهاء الذين نهانا الله أن نعطيهم أموالنا بله أن نحكمهم بمصائرنا!
كلا شعوبنا ليس طفلا ولا سفيها، وقد مارست الديمقراطية حين لم ينقلب عليها العسكر، وقد أبدت مسؤولية ووعيا حين مكنت من ذلك، ولم نجد لها شرطا يحول دون مشاركة فصيل من الشعب كما بات بعض المتاجرين بالديمقراطية يكرر على أسماعنا مؤخرا ! وكأن خيار الاستبداد والإقصاء والوصاية هو قدرنا المؤبد أبدية حكامنا الانقلابيين!!


اقتباس:  خالد   كتب  
- أليس من الممكن تحقيق النهضة في بلادنا على الأساس الديمقراطي العالماني؟

على الأساس الديمقراطي الموضوعي المحايد فنعم، أما على الأساس العلماني فلا أظن، وتجربة القرن المنصرم كافية لإثبات ذلك، ولا أعتقد أن من واجب الشعوب أن تلدغ ألف مرة من ذات الجحر حتى يثبت العكس!!

اقتباس:  خالد   كتب  
- ما هي مآخذك الواقعية بعيدا عن نصوص الكتاب والسنة على العالمانية الديمقراطية؟

قدمتها لك فيما سلف، وأعود مؤكدا على أنه لا مأخذ لي على الديمقراطية الإجرائية الموضوعية المحايدة، كل مآخذي على ديكتاتورية العلمنة أو البروليتاريا التي يصار إلى فرضها تحت شعارات: (الديمقراطية الشعبية) أو (الديمقراطية العلمانية)!!
في رأيي أن الديمقراطية هي حكم الشعب وسلطان الأمة ولا شيئ غير ذلك
أيما فرض لوصاية أيديولوجية أو حزب أو فكرة تحت أي ذريعة ما هو إلا مصادرة للديمقراطية بطريقة ملتوية لا تخلو من مخادعة وتلاعب بالألفاظ


بقي لي سؤال أؤجله إلى وقت آخر، شاكرا لك وللزملاء صبركم على قراءة ما لدي.:emb:

واسلموا لود واحترام(f)
07-09-2005, 04:50 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
خالد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 7,660
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #26
طريق النهضة 5 (أغلوطة "الدول الاسلامية"، القسم الأول)
ذات مساء بالتوكي، برز لنا زميلنا العاقل بأفكار جديدة بناها على غايات شاطبية، وقد أحببنا بسطها هنا لتعلقها بموضوعنا المطروح،

قال العاقل:

الدولة الإسلامية هي تلك الدولة المحدد بالآية الكريمة:
(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وغذا حكمتم بين أناس أن تحكموا بالعدل...)

ومن أجل ذلك نرى أن الدولة الإسلامية هي أي دولة:
- تؤدي الأمانات إلى أهلها.
- تحكم بين الناس بالعدل.
- تقوم بكلا الأمرين السابقين تطبيقا لأمر الله في ذلك.


أظن أن هذه هي خلاصة ما أتى عليه العاقل. أو لعله ما قد أتى على العاقل من أمور متعلقة بالدولة الإسلامية.
سوف لن نكتفي بالمسطرتين العاقلية والإسماعيلية، بل سنستعرضهما على المسطرة الرئيسة ونمحصها، ثم لنستعرضن دول الإسلام من لدن الخلفاء الراشدين وحتى إلغاء مسمى الخليفة على يد مصطفى كمال التركي.

ننظر العاقل حتى حين حتى يفسر لنا قوله ويفصل فيه.
07-10-2005, 04:05 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الطريق الوحيد للسلام مع اليهود ...... طريق ميكو بيليد فلسطيني كنعاني 18 1,291 06-18-2014, 05:42 AM
آخر رد: فلسطيني كنعاني
  الهيروغليفية الاسلامية ومعركة سورية.. الاغتيال الثاني للشيخ حسن البنا أم انقاذه؟ فارس اللواء 0 783 07-20-2012, 01:13 AM
آخر رد: فارس اللواء
  موسم التزاوج بين الراديكالية الاسلامية والاشتراكية fares 8 2,542 05-23-2012, 05:14 PM
آخر رد: fares
  إعلان السابع من مايو “يوم الليبرالية” الأول في السعودية .. بسام الخوري 1 767 05-08-2012, 02:32 AM
آخر رد: بسام الخوري
  أمامك طريق واحد: إسقاط النظام ! العلماني 0 620 04-06-2012, 02:48 AM
آخر رد: العلماني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS