فضيلة الدكتور : توفيق البوطي..إياك أعني !! (مقال وصلنا عبر البريد )
by كلنا مع شيخ القرّاء محمد كريّم راجح on Saturday, November 26, 2011 at 10:23pm
بداية لابد لنا أن نقرر حكماً فقهياً ، حتى لا يزاود علينا أرباب ( التشبيح الديني ) ، فمن المقرر فقهاً أن صلاة الجمعة فرض على كل مسلم عاقل بالغ حرّ ذَكَر مقيم قادر .
والوصف السابع يَخرج به غير المستطيع ، كالمريض ، أو الأعمى لا قائد له ، أو الخائف (على نفسه من ضرر أو من سلطان أو ملازمة غريم ولا شيء معه ، أو ضياع ماله ، أو فوات الرفقة ) .. وغير ذلك مما هو مبسوط في كتب الفقه [i].
بعد تقرير المسألة السابقة ، لا بد أن نشير إلى أن الفقه ليس أحكامأ جامدة أو قوالب مسبقة الصنع ، فلا يُنكر تغير الأحكام بتغير القرائن والأزمان ، كما أن على المفتي أن يمتلك دُرَبَة توجّهُه إلى الاهتمام بحال المستفتي .
فابن عباس – رضي الله عنهما – أجاب إجابتين مختلفتين عن مسألة واحدة تتعلق بتوبة القاتل ، بناء على تقديره لحال المستفتي في الموقفين .
بعد أن تقرر ذلك ، تعالوا بنا نقرأ الفتوى التالية :
رقم الفتوى 17977
09/08/2011
هل الخوف يسقط عنا صلاة الجمعة ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اريد ان اسأل عن حكم عدم ذهاب لصلاه يوم الجمعه لانني اسكن في حي فيه مشاكل كل يوم جمعة وانا اخاف ان يصيبني شيء من هذه المشاكل فما ردكم عليي جزاكم الله كل خير وكل عام وانت والوطن وقائد الوطن بألف خير
أجاب عنه:
الدكتور محمد توفيق رمضان
إذا كنت تسمع أذان مسجد آخر لا مشاكل فيه فإن عليك أن تصلي حيث لا يكون أمور تستدعي الخوف أو الفتنة. وإلا بأن كانت المساجد الأخرى بعيدة وكانت الصلاة في المسجد القريب سبباً للتعرض للخطر فإن صلاة الجمعة تسقط في حال الخوف على النفس أو المال أو العرض.
أقول لفضيلة شيخنا الدكتور توفيق :
يبدو أنك تعيش في بلد غير سوريا ، أو ربما بين الجيش العربي السوري ، منقطعاً عن العالم الخارجي والداخلي ، لا صلة لك بالواقع ، إذ تجاهلت فقهه . ألا تعلم ما الذي قصده السائل بما أسماه " مشاكل " ؟
ثم كيف فضيلتكم ترجمتم له المشاكل بـ " أمور تستدعي الخوف أو الفتنة " ؟ هذا يعني أنك تدري عمّ يتحدث !
لقد كيّفتَ الواقع على أنه يقاس على مَن به " خوف على النفس أو المال أو العرض " من أين لك هذه الفراسة وهذا الفقه ؟ أليس الحكم على الشيء فرع عن تصوّره ؟
ألم يكيّف والدك الوضع على أنه مؤامرة صهيونية يتبعها من لا تعرف جباههم السجود ؟ فما الذي سيأتي بهم لقيام الليل ؟
ثم إن الجيش العربي السوري البطل يحرس المساجد ويحيط بها إحاطة السوار بالمعصم ! فلا الذين يحرصون على القيام والصلاة بداخلها متآمرون ، ولا الذين ينتشرون خارجها أعداء ! إنما الجيش وجد لحماية الشعب من العصابات المسلحة .. أليس كذلك ؟!
فمم الفتنة والخوف على النفس أو المال أو العرض ؟
كان عليك أن تبدّد خوف السائل بطمأنته أن الأمن منتشر - ولله الحمد !
- يحرس الركّع السجود في المساجد ، وأن الله استجاب دعاء والدك للرئيس المفدّى ، فوفّقه لاحترام الناس ، وبثينة شعبان كانت شاهدة على توجيهات سيادته بعدم إراقة قطرة دم واحدة ... فإن أحسّ السائل بتعرضه للفتنة ، عليه أن يلجأ إلى أقرب جندي أو رجل أمن ليحميه من العصابات ، وسيقوده حماة الديار إلى داره آمناً معافى !
أم أنك – شيخنا الجليل – تعرف الحقيقة ، وهي أن الناس سئموا العبودية للظالم ، وأقسموا أن ينالو إنسانيتهم وكرامتهم وإن بذلوا في سبيل ذلك أرواحهم ، وأقسموا أن لا يستخدموا لذلك إلا حناجرهم ، فصدعوا بكلمة الحق ، ولم يجدوا لها منبراً سوى أعتاب بيوت الله ، فقعد لهم أعداء الله على أبواب مساجد الله ، تارة بالقتل وأخرى بالقصف ، لكنك جَبنتَ عن قول كلمة الحق ، فصرتَ تبحث عن متكأ تلوي به عنق الحقيقة ، يوافق هوى في نفوس الظلمة والمثبّطين !
لقد كان مفتي السلطان ووزير أوقافه أظرف منك نفاقاً ، وأنجح تمثيلاً حيث انتفضا لتكذيب خبر منع صلاة التراويح بحجة عدم الأمن .
أليست العلة الذي زعمها السائل الجبان متحققة في صلاة التراويح ؟ والتراويح سنّة ، بينما الجمعة فرض ، ومع ذلك استنكر حسّون والسيّد إلغاءها !!
ماذا تقول إذن لمن يريد صلاة الجمعة في الأقصى مروراً بين بنادق الصهاينة ؟؟
ما لكم ؟؟ كيف تحكمون ؟؟ ضيعتمونا يا مشايخنا وورثة أنبيائنا !!
على فكرة شيخنا ، مفتي مصر ( علي جمعة ) ، له فتوى مشابهة ، حيث أجاز للناس عدم حضور جمعة التنحي بدعوى خوف الفتنة ، على هذا الرابط :
http://www.youtube.com/watch?v=98tPO8eC310
والحق يقال ، بأنه لم ينس أن يدعو الشّبيحة - البلطجية - لالتزام الهدوء وضبط النفس ، ونهى عن إراقة الدماء ، الأمر الذي لم تتطرق إليه فضيلتكم مطلقاً !
كان المنتَظر منك أن تكون داعية للحق ، تذود عن حياض الأمة ، تحرّض المؤمنين على رفض الظلم ، تؤازر من حمل روحه على راحته في سبيل عزته ، وتقول لهذا السائل الجبان : استحضر نية الشهادة في سبيل الله ، واخرج من بيتك قاصداً بيت الله ، واعلم بأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك ، فإن أصابك مكروه من قبل أزلام طاغية العصر ، فإنما هو في سبيل الله ، وليكن شعارك " هي لله هي لله ، لا للمنصب لا للجاه " ، واعلم بأنك ما قطعت وادياً وما وطئت موطئاً وما رفعت شعاراً يغيظ الشبيحة ، إلا كُتب لك به عملٌ صالح ، أضف إلى ذلك أنك في بيت من بيوت الله ، في شهر الله ، فأنت مع سيّد الشهداء كما شهد رسول الله .
شيخنا الأريب ، ألم يلفت نظرك ما ذيّل به السائل عبارته ؟
أم أن عبارة " قائد الوطن بألف خير " أصبحت وِرداً دائماً لا يلفت الانتباه ؟
صاحبك يتحدث عن الطاغية القاتل مصاص الدماء ، ليبارك طغيانه ، ويدعو له بالعافية ليستكمل مشروعه الدموي في كل الوطن !
أما كان من واجبك أن تدلي بدلوك في الترحّم على أرواح الشهداء ، وأن ينتقم الله من الظلمة ؟
أليس هذا سكوت في معرض الحاجة إلى البيان ؟
على كلّ هو منهج والدك ، لا يفتأ يدعو للطاغية بعد كل جريمة يلوّث بها الطاغية يديه !
ربما حينها لا يتذكر من الدين إلا أهمية الدعوة للحاكم ، وربما يعضد فعله ً بقول الفضيل بن عياض ، ناسياً أن الفضيل قال لهارون الرشيد : ( حساب الخلق كلهم عليك ) [ii] ، والرشيد لم يقصف مسجداً ولم يدس شبيحته الناس أمام الناس ولم يتخذ البعث ديناً والأسد ربّاً .....
وبهذه المناسبة أريد أن أضع بين يديكما هذا الدعاء :
( اللهم اشفِ شارون من مرضه ، ومنّ عليه بالصحة والعافية ، علّه ينصلح أمره ، ويبدأ مسيرة إصلاح شاملة ، ينصف بها العرب ، ويعيد إليهم حقوقهم ، ويعيشون مع إخوانهم المغتصبين الصهاينة ، بأمن وسلام ، حيث يرعى الذئب مع الأغنام ! ) .
أليس الله بقادر على أن يشفي شارون ويهديه للإسلام ، ونرفل بعد ذلك بالسلام ؟؟ لماذا لا توصي قيادتك ووالدك بأن تكون هذه دعوة خطباء الجمعة على المنابر فتنتهي المؤامرة الكونية الصهيونية على القومية العربية ونرتاح بعدها للأبد ! وتوتة توتة ، خلصت الحتّوتة !
شيخنا الدكتور ، عندما قال لك السائل بأنه يخاف الفتنة ، وطلب إذناً بعدم الخروج للفريضة ، ألم يخطر ببالك قوله تعالى : " {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } (49) سورة التوبة . ؟؟
سيدنا الشيخ .. من شابه أَبَه فما ظَلَم !
شيخي .. جعلتم دين الله هزؤاً .
سلسلة ( تأملات ثورية ) - 3
الدكتور توفيق البوطي .. إياك أعني ! بقلم : سوري عادي
[i] لمزيد من البحث ، راجع : الحصفكي ( الدر المختار ) : 1/519 وما بعدها ، ابن جزي ( القوانين الفقهية ) : ص 69 وما بعدها ، الشربيني ( مغني المحتاج ) : 234-236 ، البهوتي ( كشاف القناع ) : 1/583-587 .
[ii] الذهبي ( سير أعلام النبلاء ) : 8/423
كتبه محسن الخالد
http://www.facebook.com/notes/%D9%83%D9%...5958333242