شكرا عزيزتي وردة على تضامنك معي أولا و ثانيا أنا أيضا أمارس النقد كهواية .. و أهو بنستفيد من خبرات الأستاذ كوكو
تقولين
اقتباس:حيث نراه يحافظ على سير الأحداث واختياره للتعابير التي تساعده على التحكم الذاتي في عرض التسلسل اللفظي بأسلوب يعرض الفكرة الأساسية ويقود القارئ للتفاعل والتعاطف معها بدءاً بافتتاحيته الجذابة وحتى خاتمته المأساوية
هذا صحيح و أزيد عليه أنه خلال سرده للقصة يتنقل بين الماضي و الحاضر و يعود الى الماضي ثم الحاضر و هكذا مما يبقي القارئ متيقظا و متابعا و يبعد عنه أي احساس بالوقوع في فخ زمن واحد رتيب.
التعاطف فعلا كان قويا جدا. (و بيني و بينك بس) كدت اكتب للزميل ابو ابراهيم رسالة خاصة أرجوه فيها أن يخبرني عما حدث للمسكينة بعد أن مات البطل. كلمتين بس يطمنونا عالغالي.
كما أن قوله "آخر ما تلفظت به" قطع قلبي و تمسمرت عنده أتخيل المشهد مصدومة و ما بحطش منطق. أبو ابراهيم أمات البطل! سأدفعه الثمن و أبقيه على طاولة التشريح سنة بحالها!
جميلة رؤيتك لتعبير "فتاة من بلدي" و أضيف أنه يفيد أن البطل ليس مأخوذا و لا مستلبا و لا مسحورا بالآخر فعلى الشبكة توجد نساء من شتى أنحاء العالم.
"أحس أصحابي في العمل بتغير نظراتي وطريقتي في ضرب الحديد.." لله در المؤلف اذ انتبه لاختلاف ضربة الحديد.
تكملتي .. بعد النظرة الى حروف زميلنا أبو ابراهيم نأتي لنظرة اجتماعية:
- "بعثني أبي منذ سنواتي العشر لأعمل في ورشة عمي الحداد" هنا نرى ظاهرة عمالة الأطفال التي أنتجها الفقر الناتج عن سياسات افقار حكومية مرسومة و مدروسة. و هذا يدل على استفحال الفساد المستشري في بلد يحكمه حزب يدعي الاشتراكية منذ قرابة نصف قرن من جهة و يدعي الاسلام الذي ينظر يعتبر الراعي مسؤولا عن كل فرد في رعيته.
- "قوتي كانت للعمل". طبيعي أنه كفقير لا يملك الا قوة عمله ليعتاش من بيعها لذلك يحافظ عليها لتلك الدرجة و لا يبددها حتى في الدفاع عن النفس. هو اذن محكوم بابتلاع تطاول الآخر بسبب هذا الفقر. و مضطر أن يتحمل و أن يتنازل و أن يبتلع و يمشيها حتى يستطيع الحياة مع الفقر وسط غياب مساندة مدنية و قانونية. لا كرامة لفقير في اوساط الاستبداد و الفساد.
- "صرت أضرب الحيط أهده". استعمال مثل شعبي يدل على أن هذا البطل وليد بيئته و ثقافته و امتداد لهما. كما أن اللهجة العامية جاءت لتدعم بساطة السرد و بساطة البيئة و بساطة الكاتب و عفوية أسلوبه.
- "كان خيالها هناك يلاحقني في كل مكان" و "طيفك دا تمللي شاغلني .. مطرح ما أروح يقابلني" أعراض الحب و الانشغال بالمحبوب.
- "أنا أقطن في حي أبي رمانة الأنيق.... ولم لا ؟ كذبة بيضاء". لم نصادف البطل يعمد الى أي سلوك سلبي. لكن وضعه الطبقي جعله محكوما بالاحساس بالنقص فاضطر بمداراة تلك العورة الاجتماعية حتى لا يفقد حبه: لا أريد أن أخسرها". و هكذا يدين الكاتب الفقر -و طبقية المجتمع- الذي يشكل بيئة مريضة أخلاقيا و يدفع حتى بالانسان النقي الى تشوهات خلقية و أخلاقية.
- المشفى حيث الانسان بلا خدمات و لا قيمة و لا احترام و لا كرامة. و ان كان هذا المكان بالذات يأتيه الناس ليتعافوا فما بالك بسائر الوضع في البلد! و بالتالي فهذه الثورة لها مقدماتها المنطقية و الكافية جدا.
- "فوجئت بطفل مكسور الساق يقفز على ساق واحدة نازلاً الدرج وحاملاً صورته الشعاعية بيده" هذا هو حال الانسان و طاقاته المعطلة و اعاقته المدروسة لتعطيله عن التقدم و المشي و الجري.
- "فوجئت أن المصعد معطل" و الخدمات أو الانفراستركشر بحالة سيئة.
-
اقتباس:الإدارة تذكرت تغيير الديكور ونسيت وضع مقاعد للمرضى والمراجعين
سقط المواطن منسيا من حسابات الدولة.
- "فوجئت بالممرض يطلب من أطفال المهجع القيام من أسرتهم لاستلام الطعام من على بابه، ومن لم يقم فلا طعام له" الفساد و الظلم على مستوى المسؤولين و الادارات و مرافق الدولة.
- "قصف وضرب وقنص للشبان المسالمين، وكأنهم ذباب لا قيمة لحياتهم" انتباه البطل لظاهرة عنف الدولة غير المبرر تجاه مواطنيها العزل و قمعهم بشتى أشكال العنف "كأنهم ذباب". توحي بالاستنكار الصارخ للحط من قدر الانسان. و "المسالمين" ابراز لسلمية المظاهرات. التناقض بين السلمية و العنف انعكاس لتناقض المصالح بين هذا النظام و بين مواطنيه الذين يسحقهم و لا يحتمل لهم أي حضور سياسي حتى لو كان سلميا.
- "وعلمت أنني من صبيحة الغد سأكون بين شباب ضاحيتي أتظاهر" نلمس هنا تحول البطل من "انطوائي" الى "ثائر" و اشارة الى أن عنف النظام يرفع وتيرة السخط الشعبي و يضيف الى زخم الثورة وقودا و اشتعالا.
- "وكنا في كل يوم نقترب من حدود العاصمة.... وفي اليوم الثالث كدنا نصل إليها" كدنا .. فالعاصمة المرشومة بعيون الأمن و الاحتياطات الأمنية لم تشتعل بالثورة بعد. الكاتب أمين في تصوير واقعه.
- "وطرت مع ألم لامس أضلاعي" و انا طرت معه! الله يسامحك يا ابو ابراهيم عهالعملة.
- "ولكنني كنت أسمع من حولي يتصايحون لنقلي وحملي" ما عاد البطل وحيدا كما كان في بداية القصة بل أصبح جزءا من كل لا يتجزأ و العلاقة الثورية باتت تجمع الكل بالكل.
- "سمعتها تسأل : هل وصلت المظاهرات إلى أبو رمانة"؟؟ البال مشغول بالبطل و يتابع الأحداث رغم اختلاف المواقع و الأدوار. انه التعاطف مع الثورة يعبر الحدود و يتخطى المسافات.
- "جاوبتها وأنا أبتسم بآخر كلمتين لفظتهما : كنت أمزح" يموت البطل فقصة حبه محكومة بالموت منذ البداية بسبب الاستبداد و تبعاته الاجتماعية. موت البطل برصاص النظام يصور العلاقة الوجودية بين الشعب الثائر و ذلك النظام اذ لا حل للصراع الا بموت أحد الطرفين. و ان كان البطل مات فان آخر كلمتين تلفظ بهما تعنيان أن كل مضى كان مزحا و اضاعة وقت و هذا أوان الشد و الجد.
- "....." مات البطل و لكن الصراع لا زال مستمرا.
عذرا عزيزتي وردة .. لم أر حذف المشرف الا بعد ارسال ردي ... كنت مشغولة بالكتابة.