تحية ..
اقتباس:*
إن اختلاف الناس في الآراء والمعتقدات لا يعني اختلافهم في تفسيرهم للكون، وإنما يعني اختلافهم في تفسير أنفسهم.
إذا كانوا غير مختلفين فما هو تفسيرهم المشترك للكون؟ ولماذا اختلف تفسيرهم لأنفسهم؟ مع أنهم شيء واحد كما يتصور هو, مجموعة من الشهوات التي تؤدي إلى النجاح نتجت عن مادة صماء بالصدفة. الآن هو يناقض نفسه فهو يشتكي من اختلاف الناس في حين أنه يصنفهم على أنهم شيء واحد, والشيء الواحد لا ينقسم, وإذا انقسم لا يكون واحدا حينها.
اقتباس:*
إن منطق الإنسان هو محاولته فهم الكون ليتلاءم معه.
كأنه يرى أن الإنسان في داخله ثابت لا يتغير ولا يتطور ولا يتعلم ويجب الخضوع له وتطويع الكون وجعله متلائما مع ذلك الشيء, وأن كل سعي الإنسان ومعرفته وعلمه هو لكي يوائم الخارج مع داخل نفسه الغامض وغير المفهوم, فكيف يقدم معلوم إلى مجهول؟ بالنسبة للقصيمي ليس هنالك أي حقائق إلا ذلك الشيء الكامن في النفوس وهو إرادة القوة والشهوة, وهذه النظرة تنم عن تشكك بكل ما يكتسبه الانسان من معارف و علم وأفكار ومنطق ومثل.. إلخ, على اعتبار انها مجرد محاولات للتنسيق مع ذلك الداخل الغامض والمجهول المتوحش, وهي نظرة فلسفية تأصيلية, تريد ان تجعل من نوازع الشر انها هي الأساس لفكري والسلوكي للإنسان, وأن الشر اساسي والخير طارئ كمحاولة للمواءمة والتخفيف من حدة الشر الخالص, وعلى هذا الاساس تصنف الأديان والأخلاق, نظرة تحمل تشاؤم شوبنهاور وسادية نيتشه وليبيدو فرويد.
اقتباس:*
كل شيء في الوجود خاضع للوحة قانونية تحتوي على كلِّ أجزائه، كما يحتوي القانونُ العلمي والرياضي أجزاء هذا القانون كلَّها، أي كما يحتوي الشيءُ نفسَه.
كانه يريد أن يقدم الكون على شكل قطع منفصلة بعضها عن بعض ووحدات مستقلة كل منها يحمل قانونه بداخله, حتى يلغي وجود إرادة عاقلة نسقت بين تلك الأجزاء, وبالتالي لا ينبغي تفسير العلاقات بين تلك القطع فوجودها كافي لتبريرها, وهو تكرار لفكرة سابقة التي تكلم عنها, القصد منها محاربة قانون السببية لأنه يؤدي إلى إقرار بوجود خالق وبداية, مع أن هذه الفكرة تحمل اعراضا جانبية تقلل من شان العلم والعقل ومع ذلك قبل بها, وكأنها تقول لا تبحث عن أسباب شيء, كل شيء منفصل عن غيره وقانونه بداخله ووجوده هو سبب وجوده, وكفى بحثا خوفا من الوصول غلى إله, وإلغاء السببية يعني إلغاء للعقل, وهكذا نرى ان الفكر الالحادي كله يتمحور حول إلغاء وجود إله, مما جعله يناقض نفسه, لأنه ليس فكرا حرا, بل مربوطا بقضية محددة يدور معها أينما دارت وينسى مواقعه السابقه وما قال آنفا, وهذا افضل تاكيد يقدمه الفكر الإلحادي على صحة الدين والإسلام بالذات, لأنه لا يقدم طرحا حرا ومتماسكا غير متناقض, بينما الإسلام يقدم ذلك الشيء, مثل من يدور على مركز دائرة, في كل مرة يكون اتجاهه مناقض لاتجاهه السابق لأنه مربوط باتجاه المركز, فبالتالي لابد ن يكون متناقضا في كل مرة.
اقتباس:* إنه غير ممكن أن توجد القوانين الموجدة للشيء ثم لا يوجد ذلك الشيء.
هذا كلام يؤيد فكرة الإيمان, فالقوانين موجودة إذا موجدها موجود, ووجود الشيء لا يعني أنك تراه وتلمسه, هذا ليس شرطا منطقيا في كون الشيء موجود أو لا, وإن كان الملاحدة يصرون على هذا الشرط غير المنطقي لإثبات وجود إله. كل إنسان يصدق بانه يوجد له جدا يحمل رقم ألف في القدمية دون ان يراه أو يلمسه, إذا العقل وسيلة إثبات,والعقل يقول لكل مصنوع صانع والقوانين مصنوعة ولم يصنعها البشر إذا لها صانع مثلما أن لك جد يحمل رقم ألف, الملاحدة يأخذون المنطق مرة ويتركونه مرة حسب قربه وبعده من مركز الدائرة.
اقتباس:*
القوانين العلمية ليست سوى قوانين كونية صيغت في كلمات – أي أن قوانين الكون ومنطقه قد تحولت إلى منطق إنساني.
هي التي تحولت الى منطق انساني او ان المنطق الانساني نتيجة لها ؟ العكس هو الصحيح دائما . قوانين الكون هي التي صاغت المنطق الانساني ، بدليل التعديل المستمر في ذلك المنطق حسب الاكتشاف العلمي و التثبت و الدقة .
اقتباس:*
العالم كلُّه وجميع أنواع المعرفة مأخوذة من الكون، لكن الكون ليس مأخوذًا من شيء. نحن على مقاس الكون، والكون ليس على مقاس أحد.
هذا كلام نقض الكلام السابق ، وعلى اي اساس القطع ليس له مصدر ولا خالق ؟ هذا الحكم مخالف للمنطق وللعلم ، فالمنطق يقول لكل سبب مسبب . والعلم يؤكد ذلك المنطق . كيف يكون هذا التساهل بقوانين العلم والمنطق لاجل ايديولوجية الحادية ؟ وبعد هذا نسمع ادعاءات عريضة باحترام المنطق والعلم .
اقتباس:*
إنه محتوم وجودٌ أول ليس له أول. والأول بلا أول ليس مأخوذًا من شيء، ولا يمكن أن يكون علميًّا أو أخلاقيًّا.
كيف لا يكون وهو محتوم ؟ هذا تناقض في كلامه ..
ثم ما هو العلم ؟ هو ليس الا نتيجة قوانين ، هذه القوانين حتما لها موجد ، وهذا الموجد الذي اوجدها هو الوحيد الذي يستطيع ان يوجد قوانينا غيرها ، ويستطيع ان يوقفها ، اذا القوانين مخلوقة لأنها نتيجة مخلوقات ، و نتيجة القوانين هي العلم . اذا العلم هو مخلوق من المخلوقات ، ولا يمكن معرفة قوانين الخالق من قوانين المخلوق ، اذا قوانين العلم و شروطه لا تنسحب على خالق العلم ،فمعرفة قوانين الساعة لا تعني انك عرفت شخصية وعقلية صانعها ولا تحد عقله وقدراته بصنع الساعات فقط . ولا تـُعمم هذه القوانين الطبيعية على غير وجودنا الذي نحن فيه ، لانها خرجت منه . ولاننا اتفقنا ان العلم نتيجة للموجودات و قوانينها . وعليه فإن للعلم حدود يقف عندها و يسري فيما قبلها ولا يسري فيما بعدها . حدود العلم هي منابعه ، اي من الطبيعة المُعاشة و اليها , بعبارة اخرى : عقلنا لا يصلح لغير عالمنا . لأن منطقنا انبنى من واقعنا .
وعلى افتراض وجود مخلوقات اخرى في عوالم اخرى مختلفة عنا ، هذا يعني ان لهم منطق مختلف عن منطقنا ، بسبب اختلاف طبيعتهم عن طبيعتنا . والسؤال للقصيمي : ايها العقل من رآك ؟ ما هو منطقنا و علمنا ؟ اليس استقراءَ اعمى ؟ نـُجري التجارب منذ الطفولة البشرية ونحفظ البيانات والمعلومات التي نسميها منطقا ، و نعرف ان الكل يستوعب الجزء ، ولكن لا نعرف لماذا ولا من اين جاء هذا القانون وهل لا يمكن وجود عكسه ، طبعا لا نقول هذا ، والملحد كذلك لا يقول ذلك . اذا هل هذا العقل والمنطق الذي لا نعرفه نحن ، يصلح كوسيلة حتى نحكم بها على ما لا نعرفه ؟
المنطق عند قبيلة تعيش في الادغال و لا تعرف شيئا عن المدنية ، لا يستطيع ان يقبل ان الناس يتكلمون مع بعضهم على مسافات تفصلها الجبال والبحار ، وكأنهم جالسون مع بعضهم البعض . سيكون هذا الكلام غير منطقي عندهم . ولو ادعى احد وجود هذا الشيء لضحكوا عليه واتهموه بمخالفة العقل والمنطق .. هذا هو وضعنا تماما .. كل ما علمنا شيئا ، عممناه على كل شيء وحسبنا انه ليس بعده شيء .
العقل الملحد يوقـِف العقل في مجاله الطبيعي وهو ان لهذا الكون صانع بلا شك ، ويشغـّل هذا القانون خارج المجال الذي اكتُشِف فيه وهو وجود الاله الاول . نحن لم نكتشف هذا القانون من الوجود الاول للاله ، بل اكتشفناه من وجودنا نحن . اذا هم يستخدمون العقل في غير مجاله و يوقفونه في مجاله . اي انهم يوقفون قانون السببية قبل الوصول الى الاله ، ويفعـّلونه بعد الوصول الى الاله ، على سبيل القفز على المنطق ، مع ان المنطق يقول بتشغيل المنطق دائما في الاقرب قبل الابعد ، ولو عدنا للقبيلة السابقة الذكر ، لوجدنا انهم سيفعّلون المنطق و بثقة عندما يقسّمون اربعة اشياء على اربعة اشخاص ، ولن يفعلوه بصرامة و قوة في امكانية ان يتكلم البشر عن بُعد بعضهم مع بعض .
اذا المنطق يـُفعّل على قدر التأكد والقرب والواقعية ، اذا تفعيلهم لقانون السببية بعد وصولهم للخالق يعتبر من القفز الذهني ، واهمالهم لقانون البعرة والبعير و سخريتهم منه ، يعني تجاوزهم للمنطق الاكيد الواقعي ، فهم احترموا المنطق غير الاكيد واهملوا المنطق الاكيد . هذه القفزة لا يهملونها في حياتهم اليومية ، بل فقط في وجود الاله ، اذا هذا كيل بمكيالين وانتقائية على المستوى العقلي ، والدافع لها هو مركزية القضية عندهم ، وهي الغاء وجود اله ، و ليس المنطق الحر . اي انهم يحترمون فكرتهم بعدم وجود اله اكثرمن المنطق نفسه .
اقتباس:*
لا فرق بين صنع قلم وصنع كوكب يُطلَق ليسير بين المجموعات الكونية الهائلة، حيث إن كليهما خاضع لقوانين محتومة.
على اي اساس تم القطع بان القوانين محتومة ولا تتغير ؟ من اين جاءت هذه الحتمية ؟ جاءت من المشاهدة والواقع ، ولا يوجد اساس علمي مفهوم يثبت ان قوانين الكون لا يمكن ان تتغير ، ليس هناك سوى التجربة ، وهذا الدليل يسمى دليل تجريبي و ليس دليل علمي قطعي مدرك ومفهوم ، نحن نفهم القوانين ولا نفهمها . فنحن لا نفهم القوانين في كنهها ، كل ما علينا ان نقوله هو انها موجودة هكذا و ندرس ظواهرها وسلوكها ونربطها بالقوانين الاخرى ، اي اننا نعرف تاثير القانون على غيره ولكننا لا نعرفه هو ، واذا كان كل شيء مادة ، فاين هي مادة القوانين ؟ لماذا لا تُرى ولا تُشاهد ولا تدرك بالحواس ، فقط نتائجها وتأثيرها ؟ و مع ذلك يصدق الملحد بوجودها ، ولكن لا يصدق بوجد اله اوجد هذه القوانين و ادارها ، مع أنه يصدق بان القوانين تدير المادة ، أي ان الفكر المادي ليس بمادي ، فهو يصدّق بالقوانين بدون تاصيلها المادي .
إن هذا لا يعني علما . الوصف لا يعني العلم اليقيني . هل يستطيع ان يقطع احد بانه لا يمكن ان توجد قوانين غير تلك القوانين التي عرفناها ؟ وهل يثبت علميا عدم امكانية انعكاس القانون نفسه ؟ طبعا لا ، سيحيلك على الوصف الظاهري ليس الا . اذا علمُنا علم ظاهري مرتبط بالظاهرة دائما . ولا يمكن ان يتجاوز الظاهر الى الباطن , ومعرفة الباطن هو معرفة القانون نفسه . و العلم الظاهري معرفة واقع القانون ، نحن مثل من يعرف السيارة لانها تسير في الشارع ، ولكن لا نعرف ما بداخلها وما يعمل فيها ، فهناك من يعلم ذلك ، فهذه معرفة وتلك معرفة ، إن معرفتنا بالقوانين مثل معرفة السيارة بلونها وحجمها واتجاهها في الشارع ، وما دامت معرفتنا بهذه الضحالة ، فكيف نجزم ان القوانين هذه لا تتغير ولا يمكن ان تنعكس هذه القوانين ابدا ؟ هذا قفز على العلم . قال تعالى ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) .
يتبع ..