اقتباس: الختيار كتب/كتبت
زعم زميلنا الصفي أنه لا يُحتَج بالحديث لغوياً
و هذا الكلام مردود عليه جملة و تفصيلاً ، لأن أغلب أئمة اللغة احتجوا بالحديث لغوياً إن لم يكن جميعهم ، و قد جمعت خلال الدقائق العشر الماضية بضعة أمثلة عن بعض أئمة اللغة ، لعل و عسى تجد صدىً طيب لدى زميلنا الكريم .
دائما ما يلجأ زميلنا الختيار الى كلمات مفخخة مثل زعم الصفي او ادعى الصفي ليصور بانني من ابتدع الكلام او اول من قال به . تماما مثل قوله: بان لا احد من المفسرين قال بان جنة ادم في الارض و يتحداني ان اذكر له من من المفسرين قال بذلك و مع انه استشهد بقول ابن تيمية عن جنة ادم , و هو يدل على ان هناك من قال من المفسرين بانها في الارض بغض النظر عن راي ابن تيمية فيهم. كما ينسى الختيار ان هذا الراي ذكره قبلي الاخ ديدات. فهل ا يا ترى قال نفس كلامه
للااخ ديدات؟ و هل سال الاخ ديدات من اين اتى بهذا التفسير؟
الان نعود الى مسالة الاستشهاد بالحديث النبوي , و اعيد له ما ذكرته و هو راي اللغويين ايضا و ليس من ابتداعي:
اقتباس:و يضعنا هذا السؤال و اجابته اما قضية لغوية هي مصار الاحتجاج. و قبل ان ابينها, اوضح بان اللغويين العرب يرون بان السليقة اللغوية مرتبطة بالوراثة و الجنس , فلا يتصور ان يسيطر على اللغة العربية غير العربي, كما انه لا يمكن ان يتقنها اتقان العربي لها. و لان القدماء ذهبوا الى ان اللغة العربية تجري في دماء العرب فقد اخذوا اللغة عن العرب . و لكنهم ايضا تحدثوا عن الفصيح و الافصح و الاقل فصاحة الخ..
و قسموا اللغة الى اقسام: القران الكريم و الحديث الشريف و الشعر و نثر العرب.
و اليك ما قالوا عن كل منها كمصادر احتجاج:
1- القران الكريم: قالوا كل رواياته فصيحة , حتى الشاذ منها و لو انه لايقاس يها .
2- الحديث النبوي: يرفضون الاخذ به في الاستشهاد على مسائل النحو , محتجين بانه قد سمحت الرواية فيه بمعناه لا بلفظه, كما ان بعض رواته كانوا من المولدين. و هناك سبب اخر هو شيوع الوضع في الحديث في العصور الاسلامية الاولى و كثرة اتهام بالناس لبعض بهذا الوضع.
و ليس معنى هذا ان المؤلفات النحوية الاولى تخلو من ذكر الحديث تماما , الا ان كثرة الاستشهاد بالحديث ظهرت عند ابن خروف الاندلسي ت 609 هجرية و ابن مالك 672 هجرية
فلماذا يحاول الزميل تشويه صورة محاوره؟ و لماذا لا يكون امينا في استشهاده باقوال محاوريه.
[QUOTE]و الأمثلة أكثر بكثير مما يتصور زميلنا ، و لا يسعنا الوقت أن نتحرى جميع الأحاديث الواردة التي احتج بها أهل اللغة ، إضافةً إلى أننا غير معنيين بإقناع زميلنا الكريم بقدر ما يعنينا إظهار خطأ وجهة نظره التي تفتقر إلى الدليل دائماً و أبداً كما عوّدنا في حواراته .
لا انا اعرف و اتصور , و لكن ..كما ترى فان حتى الذين دخلوا ليهللوا لك قد ملوا , و لحسم الموضوع , خاصة انك لا يعنيك اقناعي كما ذكرت , فانا اعود لاصل المسالة و اضع التفسيرين و الجميع احرار في الاخذ بايهما فانت لا تملك سلطة على عقول الناس:
يورد الختيار الايات التالية:
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ
فَاهْبِطْ مِنْهَا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) الاعراف.
قضية زميلنا الختيار في تفسير هذه الايات , لخصها في الاتي:
اقتباس:بمراجعة الأحداث في الآيات السابقة ، يمكن أن نقسمها إلى مرحلتين أساسيتين .
المرحلة الأولى : تبدأ بأمر الملائكة بالسجود لآدم ، طاعتهم و رفض إبليس لهذا الأمر ، نقاش بين الله و إبليس حول سبب الرفض ، أمر اللهِ له بالهبوط من الجنة ، توعّد إبليس لآدم و ذريته بالإغواء ، تأكيد الأمر بالطرد مرة ثانية بقوله "اخرج منها مذؤوما مدحورا .... "
المرحلة الثانية :
تبدأ بطلب الله من آدم و زوجته أن يسكنا الجنة ، نهيهما عن الشجرة ، ثم وسوسة الشيطان لهما ، ثم الأمر بهبوط الجميع من الجنة
فهو اعتبر ان ابليس قد اهبط من الجنة مرة عند رفضه السجود , و مرة اخرى بعد ان وسوس لادم. لذلك تساءل :
السؤال الذي يطرح نفسه بكل شرعية :
[QUOTE]كيف تمكن إبليس من الوسوسة لهما بعد أن تم طرده بعد رفضه السجود لآدم ؟؟؟؟
و كيف يصح أن يخرج إبليس مرتين من الجنة ؟؟؟؟
و يجيب الزميل الختيار على سؤاله ساخرا من المولى عز و جل فيقول:
اقتباس:هذا يعني وجود دخول بينهما ، فكيف حدث هذا الدخول ؟؟
هل تسلل إبليس إلى الجنة من وراء علم الله العليم الحكيم ؟؟
أم أنه تلكأ في تنفيذ مشيئة الله الذي أمره بالخروج بصيغة آمرة قاطعة من نوع "كن فيكون" حين قال "أخرج منها مذؤوماً مدحورا" ؟؟؟؟
و قد اجبته اجابة واضحة بان امر الله تعالى لابليس الهبوط في المرة الاولى لم يكن من الجنة كما ظن , بل من مكانته بين الملائكة الى مرتبة هي ادنى لانه تكبر . و اما الهبوط الثاني بصحبة ادم و زوجه فهو هبوط من الجنة.
و لخصت له القصة كالتالي:
اولا: "و لكن لفاجئتك فان الفعل ( هبط) و مشتقاته
لا يستخدم في القران الكريم ابدا لوصف الانتقال او الحركة بين السماء و الارض. بل الفعل المستخدم هو ( نزل ) و مشاقاته."
ثانيا:فالهبوط في هذه الاية ليس هبوطا من الجنة لانه الى الان لم يسكن ادم الجنة و زوجه لم تخلق بعد.
و قدمت له تفسيرا يقوم على القاعدة الاولى في تفسير القران و هو ان القران يفسر بالقران.
فقلت:
تفسير الصفي الذي يسخر منه الختيار يقول بان معضلة هبوط ابليس الاول و من ثم لا معقولية دخوله الى الجنة ليوسوس لادم , معضلة لا توجد في النص القراني. و انما في ذهن الذي يصر على ان الهبوط كان من الجنة السماوية الى الارض.
و قاعدة ان القران يفسر بالقران قاعدة نبوية و سنة الرسول (ص) و اي مبتدئ يعرف ذلك.
فسرنا القران بالقران فلماذا السخرية .
قلنا الهبوط يعني الحركة من اعلى الى اسفل و لكن ليس بين مستويين مختلفين و دللنا على ذلك . و بناء على التفرقة بين الهبوط و النزول ظهر مقصد القران واضحا:
{قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} (13) سورة الأعراف
هنا اهبط ابليس من مرتبته بين الملائكة. حركة في نفس المستوى و البعد السماوي.
-------------
{قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} (24) سورة الأعراف
هنا هبوط لابليس و ادم و زوجه من الجنة الارضية الى خارجها و هي ( المكان الهبط من الارض = منحدر) مقارنة بالجنة.
تحياتي و الى اللقاء في رد خاطرة جديدة.