قصة "سمر" تعكس محنة الفلسطنيين في غزة
فقدت سمر عبد ربه شقيقتيها خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة في أوائل العام الجاري. مراسل بي بي سي تابع محنة سمر التي أصيبت بالشلل، وأسرتها التي أصبح أفرادها حاليا منقسمين بين عدة قارات بينما تتلقى سمر العلاج في بلجيكا مع أمها.
سمر فقدت ساقيها لكنها أبدت شجاعة نادرة
طوال عدة أشهر من العلاج المكثف يقول الأطباء البلجيكيون إن سمر أظهرت شجاعة غير عادية.
إنها تتطلع إلى استرداد قدرتها على المشي مجددا. ولكن ليس هناك شيء يستطيع الأطباء البلجيكيون القيام به لإصلاح ظهر سمر المكسور.
يقول اخصائي العلاج الطبيعي: "لقد خضعت سمر لعمليتين حتى الآن، واحدة أجريت في غزة، والأخرى في بروكسل. لكن الرصاصات استقرت على مسافة عميقة داخل جسدها. على الأقل هناك رصاصة منها موجودة في الحبل الشوكي".
ويضيف قائلا: "قابلت سمر للمرة الأولى في يناير/ كانون الثاني في أحد المستشفيات بالقاهرة. وكان قد تم نقلها من غزة لاجراء جراحة عاجلة، ضمن مجموعة من الأطفال الذي اصيبوا بجراح عندما كان الاسرائيليون يقومون بتفتيش منازلهم بحثا عن مسلحي حماس".
صادم
لكن كان هناك شيء صادم بوجه خاص في تلك القصة.
الأسرة تقول إن القوات الاسرائيلية أطلقت النار من على مسافة قريبة بينما كان افراد الاسرة يصطفون جميعا أمام المنزل وكانت جدة سمر تلوح بعلم أبيض.
وعندما انتهت الحرب توجهنا إلى جباليا في شمال قطاع غزة للبحث عن والد سمر. وقال لنا إن شقيقتي سمر، سعاد (7 سنوات) وأمل (سنتان) قتلتا خلال الهجوم. ونقلنا له خبر اصابة ابنته الوحيدة التي بقت على قيد الحياة بالشلل.
واليوم وبعد أشهر من العلاج على نفقة الحكومة البلجيكية أصبح باستطاعة سمر الوقوف على قدميها على الأقل، وهي تتدرب على كيفية المحافظة على توازنها.
ويتعين عليها ارتداء حزام بلاستيكي لكي يحفظ توازن عمودها الفقري.
وهي تخضع لجلسات يومية من العلاج الطبيعي حتى يمكنها تحريك ساقيها وتقوية الجزء الأعلى من جسدها.
وفي يوم زيارتنا لها وصل المقعد المتحرك الخاص الذي ستستخدمه.
منزل مدمر
المشكلة الآن هي ما الذي ستفعله الأسرة بعد عودة سمر إلى غزة، وكيف ستتمكن الأسرة من الاعتياد على حالة سمر.
والد سمر يقول إن الأسرة تشتت بعد ما وقع لها
كانت المنطقة التي سبق أن رأيتها في مخيم جباليا تبدو على نفس ما كانت عليه قبل ستة أشهر.
ومع بقاء الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة قائما لا يوجد أسمنت أو حديد تسليح بحيث يمكن اعادة بناء ما لحق بالمنطقة من دمار على أيدي القوات الاسرائيلية.
ولا يبدو أي اثر في غزة للمساعدت التي تعهدت بتقديمها دول العالم.
ويبدو سكان جباليا متعطشين للحصول على أي شيء يصلح للبناء : قطع من قوالب الطوب أو أسياخ من الحديد، يقومون بتحميلها فوق عربات تجرها الحمير.
وقد حصل خالد، والد سمر، على كوخ من الأكواخ الجاهزة التركيب أصبح مثل حمام ساونا في الطقس الحار في قطاع غزة. وهو أيضا بدون أي ماء أو كهرباء.
وينفق خالد ما معه من مال قليل على المكالمات الهاتفية إلى بروكسل.
وقد تجمع أفراد الأسرة لمشاهدة سمر في الفيلم الذي أحضرناه لهم من بروكسل.
يقول خالد: "كان الأمر شاقا بالنسبة لنا جميعا. لقد تشتت العائلة واصبح أفرادها متباعدين منذ سبعة أشهر، ونحن لانزال نحاول التكيف مع الصدمة والألم".
نفي اسرائيلي
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية لبي بي سي إن التحقيق الذي أجري في الاتهامات التي وجهتها الأسرة توصل إلى عدم وجود دليل على وقوع مثل هذه الحادثة. وأصروا على أن القوات الاسرائيلية لم تستهدف المدنيين ابدا.
إلا أنه وجهت اتهامات كثيرة بشأن سلوكيات وأخلاقيات الجيش الاسرائيلي من جانب عدد من الجنود العاملين بالجيش الذي شاركوا في العملية العسكرية على قطاع غزة، رغم أن شهاداتهم رفضت واعتبرت مجرد أقاويل.
وفي بروكسل تقول والدة سمر "كوثر" إنها ترغب في البقاء في اوروبا حتى لو كان هذا معناه تشتت الأسرة.
إنها تخشى إذا ما أخذت ابنتها سمر وعادت بها إلى قطاع غزة أن "تفقد عقلها بعد ان فقدت ساقيها" كما تقول.
سمر تحصل على كل ما تحتاجه من رعاية في مستشفى بروكسل، ولكن من الصعب التعامل مع حالة من هذا النوع وسط الفوضى والدمار المنتشر في غزة.
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2..._tc2.shtml