صالون العزيز يحمل كمشة من الأسئلة الضخمة وتقديري للعزيز يقتضي مني اهتماما أوسع، وهذا ما جعلني أخصه بماأعتبره ردا لتحيته وتقديره حين خصني بهذا التقويم المميز:wr:
اقتباس: الكندي كتب
أنت هنا تغرّد خارج السرب. ولا أعتقد أنه بإمكانك "التملـّص" من تعريف الرجعية الذي طرحه العلماني المرتكز على قول "خير العصور عصري". أسئلة أرجو منك الإجابة عليها بأختصار (يعني بدون لف ودوران):
ليس مهما أن يكون خارج السرب، إن كان هناك ثمة سرب! المهم أن تراه تغريدا!:23:
سأجيبك إلى طلبك، وبدون لف أو دوران، بس بدون اختصار كمان:emb:
ياصاحبي لاحاجةبي إلى التملص من أمر يبدو أن تسرعك أشغلك عن فهمه عني كما طرحت!
القضية ليست في إنكار الرجوع للخلف، فحتى النبال إن شئت أن تطلقها قدما تشدها إلى الوراء أولا ثم تطلقها، الرصاصة التي رشها الرشاش نحو الأمام تحتاج إلى شد الزناد إلى الخلف، كرة التنس التي تحلق عاليا تستدعي العودة بالمضرب وراء وأسفلا كي تحقق هدفها برشاقة ودقة....
ما أردت توصيله ولم يصلك أن الماضي جزء مهم ينبغي استثماره في مسيرة من ينشد المضي قدما، وانظر إلى عبقرية العربية حين قرنت بين المضي والماضي والمضاء في جذر مشترك!
وقلت أيضا أننا جميعا نتكأ على الماضي، غير أن بعضنا يعي ما يقول، فيقول إن في الماضي خير وشر، وليس من الصواب أن أرفض الماضي لماضويته المجردة، ولا من الحكمة اللهاث وراء تجديد ما لا يجدد!
أما آخرين من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، فإنهم يكفرون بالماضي وهم أساراه ، ويزعمون أنهم تقدميون وهم ينسجون على منوال البائدين من الحشاشين والزنج والقرامطة والصعاليك!
هل يعي هؤلاء ما يقولون حين يزعمون بأننا لا نستطيع أن نكون شعراء اليوم دون أن "نقتل" أبينا المتنبي، وأبينا احمد شوقي، بل وأبينا بدر شاكر السياب. المبدع من الشعراء (وسائرالمفكرين والفلاسفة والروائيين والمسرحيين ..)
هل عنوان التقدمية ما يزعمونه من قتل الآباء حتى يزعموا بأن تاريخ الإبداع هو تاريخ الآباء القتلى أو هو مذبحة للآباء، بينما الشاعر الوفي لآبائه سيبقى دائما وأبدا قزماً!!!
لماذا ترون الحرية والإبداع والتجديد للحياة محض قتل الأب وتحطيم السياج والخروج على النص والأصل والتمرد والفوضى والهياج والثورة العمياء المطلقة والصراع الديالكتيكي
لماذا التخريب والعصيان والفوضى مدخلات الإبداع، ولماذا يزعم اليسار بأن الحرية لا تبدع إلا إن قتلت، ولا تجدد الحياة دون موت!
ولا تظنن يا صديقي بأنني أحارب الإبداع والتطور الذي تصبون إليه!
بالعكس موقفنا نحن الإسلاميين داعم لكل من يدعو إلى الإبداع والابتكار في المعاني والقيم والأفكار والمعاني، جنبا إلى جنب مع الاعتزاز بمخزوناتنا الحضارية وإرثنا الذي لا نتنكر له حتى ونحن نطوره أو نقومه أو نتجاوز بعض ما فيه...
لا نتعامل مع اجتهاد الآباء بتقديس وعصمة، ولا بلعن وقتل واتهام، ولا نرفض قديما لقدمه، ولا تستهوينا صرعة الثورة لمجرد الثورة!
وفي قناعتي أن ثمة مقاربة مفيدة بين القديم والجديد، تجعل الانتقال سلسا صحيا، لا تمردا عشوائيا يقضي على ما ننهرب إليه وما نهرب منه معا وفي نفس الآن!!
ومن هنا فإن اقتضت عملية الإصلاح الخروج على نسق تاريخي في أي دائرة من دوائر الاجتهاد الديني أو السياسي أو العسكري أو الاجتماعي أو الثقافي، فلا بأس من ذلك، بل ولا بأس من الثورة –حين يقتضي المقام الثورة- على كل انحراف يكرس استبداد الأمس أو مظالمه أو انحطاطه وظلاماته، ومن هنا فإننا نحن الإسلاميين لا نعرف شيئا اسمه (معارضة) بالمطلق، لا في حراكنا السياسي المعاصر، ولا في تعاملنا مع ثقافة ومجريات التاريخ الغابر
خلاصة فلسفتي أعلاه: كلنا يستند إلى الماضي، غير أن بعضنا يعي ما يستند إليه، بينما غيرهم يقولون ما لا يفعلون، ويرفضون ماضيا كان أساس حاضرهم، كما يتمردون على حاضر هو الأساس لمستقبلهم لولا أنهم يهيمون في فلسفات المثال بعيدا عن واقعهم، ولأجل هذا سقطت فلسفتهم بعد قهر ودماء وأسوار ومنافي حققت الكثير إلا أهدافها في نصرة الكادحين والعدالة الاجتماعية والحرية!
انطلاقا من هذا التمهيد دعني أدخل إلى عالم أسئلتك بلا لف ولا دوران كما تطلب.:P
اقتباس: الكندي كتب
1. في اعتقادك، ألم يكن خير العصور هو عصر الرسول؟
بلى...
وخيرية ذلك العصر لا تعني استنساخه، وقد زكى القرآن أمما سابقة وفضلها قبلا بقوله { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}، وأكثر من ذلك أنه أمرنا بعدها بآيات أن نمشي على سننها ونقتدي بها فقال: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{} فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، ومع هذا فهو هو سبحانه شرع لنا من قرآنه بأن نتحرر ولا نكون أسارى لتلك الماضوية فقال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}{راجع البقرة:122-141}
قرن الرسالة خير القرون، لأنه جيل قرآني فريد بكل المقاييس، وهو بالتعبير القرآني يروي حكاية خير أمة أخرجت للناس، ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد بأن أمته كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره، ويؤكد بأن للإسلام إقبال وإدبار، وأن الأمل معقود قدما بخلافة راشدة على منهاج النبوة ، وسأشرح مرادنا من منهاج النبوة في سؤالك التالي...
اقتباس: الكندي كتب
2. في اعتقادك، هل العودة الى سنن الرسول وصحابته (خير العصور) أمر مرغوب أم غير مرغوب.
بدهي أن الارتقاء للهدي القرآني الأسمى هو المثال، وأن صورة هذا الارتقاء تجلت في أكمل إنسان صلى الله عليه وآله وسلم يوما، غير أنه لابد من تذكير غير الإسلاميين بدلالة سنة في الاصطلاح الديني...
هناك تداخل لدى بعض العوام وعند البعيدين عن الثقافة الإسلامية في دلالة السنة، وهذا ما اقتضى أصوليا فذا كالإمام الشاطبي يفرق بين نوعين من السنة يخلط بينهم الناس كثيرا!
سنة عادة وسنة عبادة...
سنة العادة لسنا مكلفين بأن نقتدي بها لأنها خارج إطار التشريع، ولذلك سماها آخرون بسنن غير تشريعية...
السنن التشريعية هي سنن العبادة التي نص النبي على الاقتداء به فيها من قبيل خذوا عني مناسككم، أو صلوا كما رأيتموني أصلي أو إن أصوم وأفطر ,وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني، أو أشباه ذلك وهو كثير...
ومن هنا فلم يحرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكل الضب على أعراب اليمامة وهم يأكلونه حتى اليوم، غير أن نفسه عافته لأنه لم يألفه في قومه، وأوضح هذا لمن ظن بأن تركه لأكله عن تحريم...
أشار في موضوع الزرع بمشورة ظهر للأمة جليا من بعد فسادها، فما كتم خطأه عن الناس، وقال لهم بعد أن تبين: (أنتم أعلم بشؤون دنياكم)
قال أنه يقضي لناس ممن يلحنون بحججهم حتى يختلط عليه، وأنه قد يقضي بقضاء ظني فيه جائر لم يهتد إلى جوره، وأنه حين يقضي بذلك فإنما يقتطع للجائر قطعة من النار...
ومن هذا القبيل ما تعارف عليه بعض الظاهريين من تخصيص علوم دنيوية باسم الطب النبوي وأكثر ما فيها علوم لأطباء العرب في عصره لم يبدعها هو صلوات الله وسلامه عليه، ولا زعم أنها معصومة، ولا أرى الاحتجاج بها شخصيا حتى ولو كانت في أمهات الصحاح، ولا أرى أنها توازي في كثير منها عشر معشار ما توصل إليه الطب الحديث مع كل إجلالي وتقديسي لمقام النبوة التشريعي المعصوم...
إذن نحن لا نقتدي بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم كونه يلبس عمامة بذؤابة كانت أو بدون ذوؤابة!
أو كونه يلبس بردا يمانيا أو قلنسوة كوفية أو عباءة حجازية أو معطفا أخضرا أو أسودا كما يفعل بعض النساك!
كما أننا لا نرى بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم جاء ليعلمنا في فنون الفضاء والتشريح والكيمياء والفيزياء والطب والهندسة وعلم الحساب حتى نخرج من أوهامنا إعجازا عدديا وطبيا وفلكيا وحاسوبيا لما نرويه من أخباره!
أبدا
معك لا أوافق على هذا، ولا أراه مناط الأسوة به...
أسوتي الحسنة في منهجه
وابرز مثال على ذلك أن أمية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليست أسوتي، إنما أسوتي هو منهجه (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، ومنهجه (طلب العلم فريضة على كل مسلم)
الأعراب الأولون فهموا هذا عنه، فانطلقوا صوب إيوان كسرى فارس لا لينشروا أسمالهم البالية، وبرانيسهم المهترئة كأنها إشعاعات الحضارة التي يبشرون بها العالم مثلما يفعل بعض المغفلين من دعاة اليوم في ديار الغرب والشرق!!
أبدا!
راحوا هناك ليبلغوا رسالة الحضارة كما تلقوها عن المعصوم، رسالة تحرير الإنسان من عبودية أخيه الإنسان: (جئنا لنحرر الناس من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد)، هكذا تلقاها كسرى وهرقل والمقوقس، وهكذا فهمتها فارس والروم والقبط، فلما غفل (ابن ألأكرمين) عن رسالته، كان القبطي المخالف قد وعاها كحق مكتسب، رفعه لأمير المؤمنين، فانتصف له عمر، وأعاد الجائر إلى صوابه، وأطلق كلمته التاريخية: (متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!)
هذه هي السنة، وذلك هو الهدي الذي نقتدي به، لا أشكال وأسمال وأعراض تتبدل وتتحول، ولا نسلم بأن أيا منها مناط تشريع أو ثبات أو محمدة مطلقة!
اقتباس: الكندي كتب
لا يمكن عقلانيا أثبات أن ثمة ثوابت في القيم أوالأفكار أوالمبادئ أوالأخلاق أوالعقائد أوالشرائع أوالعادات. هذه الأمور الفلسفية تصارع فيها الفلاسفة لآلاف السنين وأنتهت بإنتاج الفكر الوجودي الذي يقول بالنسبية. ولو عاينا كل من هذه الأمور التي ذكرتها أعلاه مستخدمين أمثلة من الواقع لتبيّن أن هذه الثوابت المفترضة ليست متماسكة داخليا حتى. ما يؤمن به البعض من وجود هذه الثوابت هو في حقيقته مقتبس من الإيمان بالله .. الثابت تعريفا. فإذا كانت القيم والعقائد والشرائع هي إرادة الله الثابتة، فلا بد أنها ثوابت. غير أن إرادة الله لم تكن ثابتة عبر العصور فالخمر حُرّمت ولم تكن محرمة قبل تحريمها، كمثال.
أما أنه لا ثابت مطلقا، فهذا محض خيال، وقد قدمت لك في تمهيدي ما يغني عن الاسترسال،
هناك ثوابت دينية كثيرة، وكمثال قوله سبحانه: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }الشورى13
وفي نفس الوقت هناك متغيرات جمة، بل هي بيقين تربو على الثوابت ويكفي للتدليل عليها قوله سبحانه: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48
على أن الزميل لا يميز بين ثابت وثابت!
هناك ثابت مطلق كثابت التوحيد مثلا، وهناك ثابت آخر استقر عليه الحكم بعد مرحلة من التطور كموضوع الخمر والمتعة والزنا والتبني
اقتباس: الكندي كتب
حتى الإنسان ذاته تغيّر منذ الخلق. ألم يكن طول سيدنا آدم ستون ذراعا :23:؟ لماذا البشر سود في افريقيا وبيض في أوروبا وسمر في الصحراء؟ اليست هي تغيرات على المستوى البيولوجي فرضتها البيئة؟ وهل الفطرة -أو الإحتياجات- هي ذاتها لدى إنسان الذي لا يجد قوت يومه كما هي لدى إنسان أمن الخوف والجوع؟ بالتأكيد لا. حتى احتياجات الإنسان الفطرية تتغير بتغيّر وضع الإنسان. حتى ولو كان هذا الإنسان في جنة الخلد ذاتها فهو ما يزال بحاجة الى أمور نابعة من قراره نفسه كالإبداع ومن حاجته الى التفاعل الإجتماعي مع غيره من البشر كالإحترام .. وهذه أمور خاصة بالإنسان ولا توفرها جنان عدن ذاتها.
لا اعتراض!:?:
وتمهيدي أوضح بأن علينا أن ننظر إلى الإنسان من زاويتي الثبات والتغير...
الثبات أصل فطري في كينونة الإنسان والخلق جميعا، كما التغير، ولا تناقض بينهما إلا عند من يتطرف بالتحمس لزاوية كافرا بالأخرى!
اقتباس: الكندي كتب
لا يوجد شرائع قطعية. فالمتعة مشروعة لدى فرق من المسلمين وإن اقتربت بنظري الى الدعارة .. والسلب وغنائم الحرب هي نوع من السرقة المشروعة. وأخذ السراري لا يختلف كثيرا عن الإغتصاب المشروع. كذلك أكل أموال الناس بالباطل يصبح مشروعا إذا ألبس لباس التجارة.
دعك يا صاح من المطلقات، على أنني لا أتكلم عن شتات لا يربط بينهم هوية مشتركة، أنا أتكلم عن أمة تجمعها هوية، من سماتها عادات وأعراف مشتركة، وهي في مجموعها لو استحضرنا المثال الإسلامي في أكثر بلادنا العربية تدين بشرائع قطعية تتعلق بالقتل والاغتصاب والشذوذ الجنسي واحترام المقدسات وحفظ الضروريات الخمس من دين ونفس وعقل وعرض ومال..
حين تصل أمتنا إلى حال من التمزق والشتات بحيث لا يجمعها جامع عرفي أو ديني، فحينها قد ننحاز إلى بعض ما في نظريتك من حلول، غير أننا نفضل أن نكون واقعيين على أن نسبح في أوهام نستوردها من هنا وهناك!
موضوع المتعة محل خلاف فقهي ولا شك، ومقارنته بالدعارة جهالة بأركانه وشروطه ليس حجة!
المتعة نكاح شرعي كامل، فيه عقد موثق يحفظ الحقوق للزوجة والأبناء، غير أن علته في تثبيت التوقيت في العقد، لأن الشريعة انتهت إلى تأبيد العقد إلا أن يطلق الزوج أو تخالع الزوجة لأي سبب طارئ، إخواننا الشيعة لا يقبلون رواية النسخ لأن آفتها أبي هريرة رضي الله عنه في تقويمهم، وهناك في الوسط السني رأي لابن عباس رضي الله عنه يدعم هذا التوجه!
مقارنة السبي بالاغتصاب كمقارنة الجهاد بالإرهاب!
السبي رد على العدوان بمثله، والسبي التي تفقد حريتها في معركة ليست أفظع حالا ومآلا من الصريع الذي تتناوشه سيوف المجاهدين في معركة شرعية جزاء لعدوانيته أو أسير المعركة الذي كانت قوانين الدنيا تفضي به إلى الرق، والإسلام دين واقعي (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)، وحين يرتقي العالم إلى مستوى حضاري يرفض فيه عبودية الإنسان لأخيه الإنسان، فإن هذا من مقاصد الدين الأصلية، ولذلك فلاعجب من أن تبارك السلطة العثمانية هذا الإجراء وتكون في طليعة من يوقع على وثيقة تحريم الرق في العالم..
أما أن الغنائم سرقة فلا أعلم أي حرز هي فيه حتى تسميها سرقة، وهل تعتقد بأن سيطرة الفلسطيني أو العراقي اليوم على سلاح الصهيوني أو الأمريكي الغاصب بعد قتله أو أسره هي في إطار السرقة أيضا؟!!
وما البديل في نظرك؟
أن يسلم المقاتل سلاح عدوه وعتاده لجبهة العدو ليواصل عدوانه مثلا؟ أم يعيده للأسير في معتقله؟ أم يحفظه له بوصل أمانة ويسلمه له بعد الإفراج عنه؟!!
مقارنة أكل أموال الناس بالباطل بالتجارة تشبه مقارنة الجاهليين {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }البقرة275
اقتباس: الكندي كتب
ليس في فطرة الإنسان العبودية وقد شرّع الإسلام العبودية لله وكذلك الرق ولو أنه هذّبه الى أن حرّمته شريعة الأنجلوساكسون البريطانيين. وليس في فطرة الإنسان إيقام الصلاة خمسة مرات في اليوم، ولا في في فطرته التخلي عن أمواله، ولا في فطرته الجوع والعطش أو تحمّل مشاق السفر وقد فرضها الإسلام جميعا كأركأن شريعته. لو كانت هذه الأمور في فطرة الإنسان لفعلها الناس جميعا تلقائيا.
بل في فطرة الناس التعبد، وما يزال الإنسان عابدا حتى في أطروحات الملحدين!
عبد الطواطم والكواكب والأحجار والأشجار والآلهة المتعددة وما يكاد يخلو جيل من عبادة...
أما استدلالك على عدم فطرية الشيئ بعدم فعل الناس له تلقائيا فأمر عجيب!
أوليس إتيان الذكر الأنثى فطري أم في ذلك شك؟ فما بال الشواذ يأتون حتى البهيمة والمحارم والمثلية!
أوليس القوام الذكوري يختلف فطريا عن القوام الأنثوي؟ فما بال الشواذ ينفخون هذا ويحلقون ذاك حتى يختلط لك حابل هذا بنابل ذاك!
أوليس الزواج فطرة الخلق؟ فما بال مهووسي الاستنساخ يركضون وراء صرعات دولي وهتلر وما أدراك!
أما أن فطرة الإنسان ترفض العبودية للبشر فهذا غير صحيح أيضا، فما يزال فرعون يستخف قومه، وما يزال الزحفطونيين يعبدونه وملأه من دون الله صراحة أو ضمنا!
على أن الإسلام لم يشرع العبودية، بل تعامل معها بواقعية، فلا هو أشرع الأبواب لها لأنها تخرج عن مقاصده في حرية الإنسان ، وهي شرط لكثير من العبادات الفردية والجماعية، ولا هو أغلقها بسذاجة بحيث يبقى المسلمون هدفا لجيوش الغزاة بينما يعف المسلمون برهبنة وعفاف وورع سامج عن مكافأة العدو بمثل عدوانه، لا تبديل الخد بآخر كلما صفعهم من لا يرعوي ولا ينحاز لإنسانيته!
بقية الشرائع كالصلاة والصيام والزكاة والحج فعلها المسلمون وغيرهم، وتمرد عليه فينا وفي غيرنا آخرون..
غير أنني سقت لك قبلا بأن تمرد المتمردين لا يخرج الفطري عن إطاره، ولا يحكم للشاذ بأنه القاعدة، والحكمة تقول: لكل قاعدة شواذ!:D
أشكر لك تفضلك بالمتابعة وأرجو ألا أكون لففت ودورت كثيرا لأنني أشعر بدوخة ما!:duh:
خالص الود والاحترام(f)