عند الحديث عن الأخلاق نجد أن الجميع (دينيين وملحدين) يتنافسون لكي يثبت كل منهم أن هو الأكثر التزاماً بالأخلاق ، وبدون أن يكون هناك أي تساؤل أو بحث لتحديد ماهية الأخلاق أولاً ، ثم تحديد الإجابة على السؤال: هل الأخلاق خير أم شر؟؟ فضيلة أم رذيلة؟؟ وهل هي خاضعة للعقل أم للذوق أم للمصلحة أم ماذا؟؟ ، أعرف أن هناك إجابة جاهزة لدى الجميع وهي أن هذا أمر مفروغ منه ، وأنه من مقتضيات "الفطرة" لكن من الضروري عند التفكير العلمي أن لا نستصحب أي أفكار مسبقة عند البحث ، لذلك أشجع بشدة الطرح الجينيالوجي الذي يدعو إليه أستاذناphilalethist
الأخ beammer :
1-في حوارنا السابق..
لا يوجد مع "الله" شيء اسمه حرية الاختيار بدون أن ننسب له صفة أخرى وهي الجهل [/URL]
2- إذا كنت زعلان من مثال القمر والجبن الذي تفضل به الزميل لوجيكال فدعنا نستبدله بمثال دوران الأرض حول الشمس
أغلب البشر كانوا مؤمنين بأن الشمس هي التي تدور وليس العكس ، وكان من العبث أن تقنع شخصاً أن ما يراه بأم عينيه غير صحيح
الإخوة الذين تحدثوا عن الإلزام الأخلاقي :
هناك نقطة دائماً نغفل عنها عند الحديث عن الجبرية الأخلاقية أو الإلزام الأخلاقي
يتفاخر المؤمنون بأن أديانهم تجعل على الإنسان رقابةً ذاتيةً ، بمعنى أن المؤمن الحقيقي حتى لو وجد فرصة مثالية للسرقة أو القتل بحيث لايحاسبه القضاء فإنه لن يقترفها بسبب "وازعه الديني" وخوفه من الحساب الأخروي الذي لا يمكن الإفلات منه
ويتفاخر اللادينيون -ومن في حكمهم- بأنهم يمكنهم الوصول إلى مثل ذلك الوازع عن طريق الوعي الحضاري والتربية والتعليم .. إلخ ولا يحتاجون إلى الدين لكي يجتنبوا الجرائم والأفعال اللاأخلاقية ، ويكررون دائماً بأن كونهم لادينيين لا يعني أنهم مجرمون أو لاأخلاقيون ...
والحقيقة أن كلا الأمرين (الوازع الديني) و (الوازع الحضاري) أمر ليس فطرياً أو متلازما بالضرورة مع الإنسان الديني أو اللاديني
فليس كل ديني مستقيما أخلاقياً ، وليس كل ملحد أيضاً كذلك .. لماذا؟؟؟
لأن زرع الوازع (الحضاري أو الديني) في نفس الإنسان يحتاج إلى تأطير وتكوين وتربية طويلة الأمد لكي ينزرع هذا الوازع في النفس ، ولا يكفي فقط كون الإنسان دينيا أو غير ديني لكي نحدد سلوكه الأخلاقي
نستنتج من هذا أنه (لا فضل لـديني على لاديني إلا بالجهد المبذول في إقناعه وتربيته)
فنفس الجهد الذي سنبذله مع المؤمن لكي نزرع فيه الوازع الديني (محاضرات كثيرة وخطب جمعه أسبوعية وغيرها)
هو نفس الجهد الذي سنبذله مع الملحد لكي نزرع فيه الوازع الحضاري (دراسات كثيرة وبرامج توعية بمخاطر السلوك المنحرف)
الفرق بين الديني واللاديني فقط هو (المرجعية) التي يتعلق بها الوازع الذي نريد زرعه فيه
الديني: مرجعيته (الله)
اللاديني: مرجعيته (الإنسان)
وليس لمرجعية (الله) أي أفضلية لأنك
تحتاج إلى اقناع الإنسان بها أولاً لكي تؤتي المرجعية مفعولها الأخلاقي ، تماما كما تحتاج إلى اقناع الإنسان بالمرجعية (الإنسانية) لكي تؤتي مفعولها الحضاري والأخلاقي
معذرة على الأسلوب المضطرب في التعبير ، إلا أنني أثق في حدة أفهامكم
الأخ رحمة العاملي:
بالنسبة لما تفضلت به في موضوع التطور أهديك تعليقاً لي كتبته بالأمس على
أحد المقالات التي تتحدث عن موضوع التطور والتصميم الذكي ، وإذا لم يكن لديك الوقت الكافي لقراءة التعليق كاملاً يمكنك القفز إلى
الفقرة الأخيرة منه والملونة باللون الأحمر ، رغم اني أتمنى أن تقرأه كاملاً لكي تتضح لك الصورة
_________________________
مشكلتنا -نحن الباحثين العلميين- أننا نضطر أحياناً لمجاملة المجتمع المتخلف البعيد عن الأسلوب العلمي لكي نحافظ على رؤوسنا من القطع!
صحيح ما قلته يا عزيزي "أسعد" من أن نظرية التطور لا تناقش مسألة وجود الله من عدمه وأنها لا تتطرق إلى كيفية “نشوء” الحياة على الأرض ، ولكن هذا “تدليس” منك يا عزيزي و”مجاملة” للمتخلفين الرجعيين اللاعلميين
إن نظرية التطور تكذب النصوص المقدسة تكذيبا صريحاً وواضحاً
فالقرآن يقرر أن “الله” خلق آدم إنساناً كاملاً ثم أنزله إلى الأرض ، ونظرية التطور تقول إن الإنسان لم يوجد كاملا بل مرّ بعدة مراحل تطورية قبل أن يكتمل “إنساناً”
أحد المعلقين قبلي قال مفتخراً وبملء فمه:
((أنا لا أشك مطلقا أن الله هو الذي خلق الانسان والقرد معاً))
في أسلوب توفيقي سخيف بين النصوص الدينية القادمة من أعماق التاريخ وبين النظريات التي أنتجها المنهج العلمي الحديث الذي يقوم على “رفض أي أفكار سابقة على البحث”
إذا كان النبي محمد قد سُـئل عن تفسير لظاهرة “الرعد” فقال إنه صوت مَلـَكٍ من الملائكة معه مخاريق من نار يسوق بها الغيوم!!!** فهل علينا أن نتجاهل التفسيرات العلمية الحديثة لهذه الظاهرة فقط لأن محمداً قد قال بذلك في صحراء الجزيرة قبل 1400 عام؟؟؟؟؟
أم أن علينا أن نحاول التوفيق “السخيف” بين مستجدات العلم ونصوصنا البدائية فنقول إنه لا يوجد تعارض بين هذا وذاك لأن الملائكة قد تكون هي التي تشحن الغيوم بشحناتها الكهربائية بتكليف من الله؟؟!!
إلى متى سنبقى أسرى للنصوص الدينية القديمة؟؟ وما الذي يجبرنا على ذلك أصلاً؟؟؟
زعم أحد المعلقين هنا أيضاً أن نظرية التصميم الذكي هي نظرية علمية أيضاً لأنها مبرهنة منطقياً نظراً لأن وجود الله مبرهن منطقياً!!!
يزعم هذا بكل بساطة رغم أن براهين وجود الله وأنه هو الخالق متناقضة جداً ، إذ كيف يجمع النقيضين ويكون هو خالق الخير والشر في نفس الوقت؟؟ هل هو شرير؟؟ هل فعل ذلك للاختبار؟؟ إذاً: هل كان لا يعلم نتيجة الاختبار؟؟ هل هو غير عليم؟؟ إذا كنا نستبعد أن يكون هذا الكون شديد التعقيد قد جاء صدفة ونجزم بأنه لا بد له من خالق فهل يمكن أن يكون هذا الخالق أقل تعقيداً من الكون الذي خلقه؟؟ إذا كان الخالق شديد التعقيد فكيف لا نتساءل عن الطريقة التي وُجد بها الخالق نفسه؟؟ أم أن الخالق أيضاً جاء صدفة؟؟؟ أم أن الخالق لا يخضع للمنطق البشري القاصر؟؟ إذا كان لا يخضع للمنطق البشري فكيف استطعنا إثباته أصلاً؟؟ إذا كان الدينيون يستجيزون لأنفسهم أن يوقفوا إعمال المنطق البشري عند حدود معينة (حدود مناقشة الطريقة التي وجد بها الله) فإنه يجوز للملحدين أيضاً أن يوقفوا المنطق في أي مكان يحلوا لهم وحينها سيكون من المنطقي جداً أن نقول بأن الصدفة هي التي خلقت كل شيء
إذا كان العقل قاصراً حسب زعم الكهنة الإسلاميين فهل لدينا وسيلة أخرى غير قاصرة لنفكر بها أو نستدل بها على الحقائق؟؟ وإذا قلنا إن تلك الوسيلة هي “الوحي” فكيف لنا أن نتحقق من صحة هذا الوحي بدون هذا العقل القاصر؟؟ حتى الوحي لا يستغني عن العقل لكي نؤمن به إيماناً صحيحاً وإلا كيف لنا أن نميز بين نبي صادق وبين مدعي النبوة؟؟ لا تقولوا لي نميزه بالمعجزات فمن السخافة أن تقيم الحجة علي وأنا في القرن ال21 بمعجزة رآها شخص بدوي أو تخيل أنه رآها قبل آلاف السنين!
ثم كيف يمكن أن نتصور الخلق من عدم؟؟ الخلق من عدم لا يتصوره العقل بطريقة منطقية أبدا وكذلك تحول المادة إلى عدم هو أمر غير متصور عقلاً(إلا أذا أوقفنا المنطق مرة أخرى وأعطينا الله قدرات خرافية على خرق المنطق فذلك شيء آخر) ولذلك قال بعض فلاسفة اليونان ومن تبعهم من فلاسفة “المسلمين” كابن سينا باستحالة بعث الأجساد يوم القيامة لأن الأجساد عند موتها تدخل في دورة الطبيعة وتتشكل منها أجساد أخرى بحيث إن الذرة الواحدة من جسمي ربما شاركت في بناء عشرات الأجسام منذ بداية الحياة فإذا أراد الله بعثنا يوم القيامة ففي أي جسم ستكون تلك الذرة؟؟ في جسمي أم في جسم أحد البشر الأوائل؟؟ أم ان الله سيبعثني من ذرات جديدة؟؟ حينئذٍ لن يكون ذلك بعثا بل سيكون خلقاً من جديد وهذا يثبت نظريتهم في استحالة بعث الأجساد وأن المادة لا تفنى
إن الدليل المنطقي الوحيد تقريباً على وجود الله هو الدليل المبني على السببية و”استحالة التسلسل” وإذا أمعنا النظر في هذا الدليل نجد أنه ليس دليلا بقدر ماهو تعبير عن العجز المعرفي ، فنحن نفترض وجود الله فقط لكي نوقف التسلسل (تسلسل الأسباب إلى ما لا نهاية) رغم أنه قد تكون هناك طريقة لم نعرفها بعد لتفسير هذا الوجود ، ويبقى وجود الله كتفسير لهذا الوجود مجرد فرضية بدائية لم نتمكن من إثباتها منذ آلاف السنين ، تماماً كما كان البدائيون يعتقدون صحة فرضية “الملك الذي يسوق الغيوم بمخاريق من نار” كتفسير لظاهرة الرعد والبرق ، ونحن في هذا العصر إذا واصلنا السير على المنهج العلمي فإننا سنصل يوماً ما إلى التفسير الحقيقي لهذا الوجود ، وعدم معرفتنا له في الوقت الحالي هو أمر عادي ، ولكن الأمر غير العادي هو أن يصر بعضنا على أن كل شيء قد تم تفسيره من قبل في الكتب المقدسة!
إننا لن نصل إلى أي تفسير علمي لهذا الوجود ما دام الكثيرون منا يرغبون في التفسيرات البدائية الجاهزة لأنها تريحهم من عناء التفكير والبحث ، ولو ظل الناس يعتقدون أن الغيوم تسوقها الملائكة أو أن سبب الزلازل هو حركة الثور الذي يحمل الكرة الأرضية على قرنيه لما حققت البشرية أي إنجاز علمي
إن “الشك” هو أهم سبيل إلى المعرفة ، وما دمنا نخاف بشدة من هذا الوحش المسمى ب”الشك” فلن نتطور أبداً ، وما دام من بيننا من يغذون النزعة الدوغمائية التي تذم الشك بشدة وتشجع الاتباع الأعمى وتحتقر العقل وتؤكد على قصوره (وهم الكهنة الإسلاميون لأن الشك يعني الخروج عليهم وعلى سلاطينهم الذين يستغلون أفيونهم الديني لتخدير الشعوب عن فظائع الدكتاتوريين منذ عهد بني أمية) فلن نصل إلى أي معرفة عصرية متطورة
إن نظرية التطور هي نتاج “المنهج العلمي” في التفكير وتفسير الأشياء ، ولا أحد يزعم أن النظرية صحيحة 100% لكننا نجزم بأنها مطابقة 100% للمنهج العلمي الصحيح ولو كانت نتيجتها أو بعض نتائجها غير صحيحة ، وطبعاً لا أحد يزعم أن المنهج العلمي قد فسر كل شيء بالفعل فهناك مليارات القضايا التي لم يجد لها تفسيراً بعد ، لكن المتفق عليه هو أن المنهج العلمي هو الطريقة المثلى للبحث عن تفسير للأشياء التي لم نعرف تفسيرها بعد ، أما المنهج الديني فهو منهج بدائي عاطفي لا منطقي ولا يصلح للتفسير العقلي وفائدته الوحيدة هي دغدغة العاطفة وتخديرها ولكنه لا يقنع العقل أبداً ، فيا ترى متى سنتبع المنهج العلمي الدقيق ونرمي بقية المناهج في مزبلة التاريخ؟؟؟
تحياتي لكم
** رابط حديث (الملك الذي يسوق الغيوم بمخاريق من نار)
]http://hadith.al-islam.com/Display/Display...2&doc=2