{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
thunder75 غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,703
الانضمام: Feb 2002
مشاركة: #41
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
تستحق الشكر أيها الداعية على هذا الجهد الرائع

كتابات مصطفى محمود هي التي حببتني في القراءة والكتاب وهي التي بدأت على يديها أتعلم ملكة النقد والمحاكمة العقلية.

هذه المقالات قرأتها في الماضي وأحببتها كثيرا وكان لها بالغ الأثر في نفسي و في تفكيري

شكرا مرة أخرى فقد أعدتني لزمن كنت قد نسيته
09-13-2006, 11:19 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
زمان غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 454
الانضمام: Sep 2004
مشاركة: #42
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
[CENTER]
استمر في سردك ..

كلي اذان صاغية ..

.
.
شكرا

(f)[/CENTER]
09-13-2006, 11:34 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #43
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
اقتباس:  thunder75   كتب/كتبت  
تستحق الشكر أيها الداعية على هذا الجهد الرائع

كتابات مصطفى محمود هي التي حببتني في القراءة والكتاب وهي التي بدأت على يديها أتعلم ملكة النقد والمحاكمة العقلية.

هذه المقالات قرأتها في الماضي وأحببتها كثيرا  وكان لها بالغ الأثر في نفسي و في تفكيري

شكرا مرة أخرى فقد أعدتني لزمن كنت قد نسيته

مرحبا بك يا ثاندر وشكرا لك على اطرائك وتشجيعك (f)

أنا كذلك اكتسبت ملكة الننقد من خلال كتابات هذا الرجل الرائع ... يكفي أن لديه ( شجاعة عقلية ) تتيح له سلوك الطريق الصواب إذا تراءى له ....

وهي شجاعة يفتقدها كثير ممن يزعم الفكر الحر والبحث العلمي النزيه ...

شكرا لك وأهلين بيك

:redrose:
09-14-2006, 02:18 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #44
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
اقتباس:  زمان   كتب/كتبت  
[CENTER]

استمر في سردك ..

كلي اذان صاغية ..

.
.
شكرا  

(f)[/CENTER]

على عيني وراسي ياقمر الزمان (f)

09-14-2006, 02:20 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #45
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
اقتباس:  مالك   كتب/كتبت  
good :hii:
:97:

الناشط الإسلامي مالك عضو نادي الفكر العربي :

:kiss:
09-14-2006, 02:33 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
مالك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 768
الانضمام: May 2006
مشاركة: #46
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
اقتباس:  داعية السلام مع الله   كتب/كتبت  
اقتباس:

الناشط الإسلامي مالك عضو نادي الفكر العربي
طز :lol::lol:
09-14-2006, 08:44 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #47
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود


الحج ( 4 )


أين كان صديقي من هذا كله ؟
ما أبعد كل منا عن الآخر مع أن ذراعي في ذراعه .. كان يفكر و يمنطق و يرتب الحيثيات .

و كنت أذوب حبا و قد قفزت بي اللحظة فوق حاجز العقل و جاوزت بي الحدود و التفاصيل لتضعني على ذروة أرى منها رؤية كلية ، و أدرك منها إدراكا كليا .

هو الحب .

و الدين في جوهره حب
.. و الحج هجرة إلى بيت الحبيب و الطواف للعشاق .

هؤلاء لا يجدون فيه كلفة و لا تكليفا .

و إنما يجدون حوارا مؤنسا .. و مكالمة من تلك المكالمات السرية التي تضيء مجاهيل القلب .

و ما أكثر ما شعرت به في الكعبة مما لا أجد له كلمات
.

قد يسأل سائل .

و السؤال وجيه .

و الحقيقة أن الله قريب منا بالفعل و أقرب إلينا من الدم في أجسادنا ، و لكننا مشغولون على الدوام بغيره .

إنه لا يقيم دوننا الحجب و لكننا نحن الذين نقيم هذه الحجب .. نفوسنا بشواغلها و همومها و أهوائها تلفنا في غلالات مكثفة من الرغبات .. و عقولنا تضرب حولنا نطاقا من الغرور .. و كبرياؤنا يصيبنا بنوع من قصر النظر ، ثم العمى .. فلا نعود نرى أو نحس بشيء سوى نفوسنا .. و هذا هو البعد برغم القرب ..

و الهجرة على القدمين و تكبد المشقات و النفقات هي وسيلة مادية للخلوص من هذه الشواغل و تفريغ القلب لذكر خالقه ، و لإيقاظ الحواس على حقيقة هذا القرب القريب لله .

و من هنا كانت كلمة (( عرفة )) .. فبعد رحلة من ألوف الأميال يتيقظ القلب على (( معرفة )) .. فهو (( يتعرف )) على ربه و يكتشف قربه (( و يتعرف )) على نفسه و يكتشف بعدها ..
و يقول النبي عليه الصلاة و السلام في هذا اليوم :
(( نعم اليوم يوم عرفة لأن أهل الأرض يعرفهم أهل السماء ))
هي إذن معرفة شاملة من كل الوجوه .

و حينما يفد الحاج بجسده إلى البيت يكون عقله قد أشرق على معرفة .. و إذا عرف الإنسان ربه حق المعرفة فإنه سوف يدع الخلاف معه ، سوف يدع الذنوب ظاهرة و باطنة و سوف يكف عن منازعته في أمر قدره و قضائه لأنه اكتشف كامل عدله و حكمته ..
و سوف يدع الخلاف بينه و بين الخلق فيكف عنهم أذاه و يحتمل أذاهم و يترفق بهم و يشفق عليهم .

و سوف يدع الخلاف بينه و بين نفسه و يصل إلى حالة من الوحدة فيقول ما يبطن ، و يفعل ما يقول فيصبح ظاهره باطنه و قوله فعله .
و هذا هو الانسجام مع النفس و الكون و الله ..
و انعقاد الصلة بين الروح و خالقها .
و بلوغ السكينة التي لا تزلزلها الجبال .
و السعادة الروحية بالقرب .


يصف لنا معروف الكرخي رجلا بلغ هذه الحال فيقول :
(( رأيت رجلا بالبادية يمشي بلا زاد .. فقلت له .. إلى أين تريد .. قال لا أدري .. قلت هل رأيت رجلا يريد مكانا لا يدريه .. قال أنا هو .. قلت فأين تنوي .. قال مكة .. قلت تنوي مكة و لا تدري أين تذهب .. قال نعم و ذاك لأني كم مرة أردت أن أذهب إلى مكة فيردني إلى طرسوس ، و كم مرة أردت طرسوس فيردني إلى مكة .. قلت من أين المعاش .. قال من حيث يريد .. يجوعني مرة و الطعام حاضر و يشبعني مرة و الطعام غائب )) .

و حال صاحبنا هو حال من انعقدت صلته بالله ..
فهو لا يعرف لنفسه إرادة إلا ما يريد به خالقه و لا يتزود إلا بالتقوى و ليفعل به الله ما يشاء .. فهو قد علم أنه لا عبرة بالطعام .. فقد يوجد الطعام بوفرة و يوجد معه المرض الذي يصد عنه .. و قد يوجد الكفاف و يوجد الشبع .. و قد يوجد الصوم و معه الاكتفاء المشبع بصحبة الخالق و الائتناس به .

و لا يفهم من هذا تواكل ، بل هو عكسه و نقيضه ، فخادم الله هو أول من يثور على عباد الله دون خوف ..
و الخائف من الله لا تساوي عنده الدنيا شيئا فهو أول من يضحي بها و بنفسه تحت ظلال السيوف في سبيل كلمة حق .. لأن الله عنده هو الحق .. و عشق الله هو الموت في سبيله .

و هذا هو توكل الإسلام و هو غير تواكل الكسالى و الشحاذين من مفترشي الأرصفة .. و هؤلاء ليسوا مسلمين أصلا .
و ليس كل من يتمتم :
(( قل هو الله أحد )) بمسلم موحد .
و المهم ماذا تقول أعماله ..
إذا كان يعتقد حقا أن الله أحد لا سواه ، هو الضار النافع ، فلماذا يمد اليد إلى غيره و لماذا يتزلف و لماذا يتملق ، و لماذا يكدس المال و العقار و هو يعلم أن الله هو المالك الوحيد للأرض و ما عليها و هو الوارث للكل ؟ و لماذا يكذب و الله سميع ؟ و لماذا يسرق و الله بصير ؟ و لماذا ينافق و الله حسيب ؟ و لماذا يخون و الله رقيب ؟ و لماذا يهرب و الله شهيد ؟

و التوحيد أعمال و ليس تمتمة و حمحمة .
و الشكر أعمال و ليس (( الحمدلله )) على اللسان ..
يقول الله لآل داود ..
(( اعملوا آل داود شكرا و قليل من عبادي الشكور ))
لأن المقصود بالشكر الأعمال الدالة على الشكر و ليس التمتمة ..

اعملوا آل داود شكرا ( سورة سبأ ) .. اعملوا ..
و القرآن سياق متصل مستمر .. لكلمة اعملوا .. يبدأ بكلمة (( اقرأ )) للعلم ..
و بعد العلم يكون العمل على مقتضى التوحيد .

و هذا هو الدين ..

قل : لا إله إلا الله و استقم على معناها .

و هذه هي رحلة الهجرة إلى الله .. و الحج و الصلاة و الصيام صورتها البدنية .

[SIZE=4]و الحج في معناه خروج .

خروج من أسمائنا إلى أسماء الله .


و خروج من اعتدادنا بأنفسنا إلى الاعتداد به ، و خروج من العبودية للأسباب ( المال و الولد و الأرض و العقار و المنصب و السلطة و النفوذ و الجاه ) إلى عبودية له وحده باعتباره سبب الأسباب .

و خروج من حولنا و قوتنا إلى حوله و قوته .

و خروج من إرادتنا إلى إرادته ، و من رغبتنا إلى رغبته


يقول نبينا محمد عليه الصلاة و السلام :
(( اللهم بك أجول ))
(( اللهم بك أمسيت و لا فخر لي ))

و يقول عن الحج :
(( من خرج يريد الطواف خاض في الرحمة ))
و تفسير الرحمة إن الله يجذب همة عبده إليه و يعصمها من التفرقة .

و يقول عن الركوب للسفر :
(( فإذا ركب الحاج الراحلة في الظاهر يشهد في السر أن الله هو الذي يحمله )) و هي ذروة في التوحيد .

و هكذا تكون كل خطوة بالقدم ترافقها خطوة بالقلب إلى مزيد من التوحيد


:redrose:





09-15-2006, 04:02 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #48
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود


الحج ( 5 )



و هكذا يقطع المهاجر إلى الله مرحلة بعد مرحلة حتى يصل إلى الميقات ، فيفنى عن نفسه و يموت عن صفاته و يصبح حاله في الظاهر و الباطن حال من يحيا بالله ، و حينئذ يحق عليه الغسل و لبس ثوب الإحرام على العرى فهذا هو ثوب الميت المولود ..

و هو ثوب من قطعتين رمزا لستر العورة الظاهرة و ستر العورة الباطنة .. و الحياء هنا على وجهين حياء من الخلق و حياء من الحق .. حياء من سوء الخلق الظاهر الذي تعرفه الناس ، و حياء من العورة الباطنة التي لا يراها إلا الله .. و من هنا كانت الخرقتين الرمزيتين .

أما النحر و الذبح فهو في حقيقته ذبح للنفس و رغباتها و شهواتها و أهوائها .. و قد افتدى الله النفس بذبح الضحية .. فتضحي ببعض مالك رمزا لقتل شهواتك و هوى نفسك .

أما تقبيل الحجر الأسود فهو تزود من غائب ، فأنت تضع شفتيك حيث وضع النبي شفتيه صلوات الله و سلامه عليه .

و الحكايات عن أصل الحجر الأسود و الكعبة كثيرة .. فهي بيت العبادة الأول اتخذه آدم - عليه السلام - و أرشده جبريل - عليه السلام - إلى مكانه .. و حينما غرقت الكعبة في الطوفان استودع الله الحجر في جبل أبي قبيس .. و ظل الأنبياء يطوفون بمكان الكعبة حتى جاء إبراهيم - عليه السلام - فأقام قواعدها و أعاد جبريل الحجر إلى مكانه .

و في عام مولد النبي - عليه الصلاة و السلام - كانت غزوة الفيل المعروفة و هدم الكعبة كما أنه في عام 317 هجرية هجم أبو طاهر القرمطي على مكة و قتل و سبى ثم اقتلع الحجر الأسود و حمله معه إلى الأحساء .. و قد تبرأ عبدالله المهدي من فعل أبي طاهر و من أخذه الحجر الأسود و قتله الحجيج ، فبعث إليه برد الحجر الأسود ، و لكنه لم يستجب و بقي الحجر 22 سنة ثم نقل إلى الكوفة عام 393 هجرية ، و منها أعيد إلى مكانه في البيت .


و يرد بعض المؤرخين اقتلاع القرامطة للحجر الأسود إلى محاولتهم إبطال الحج و هدم الإسلام ، و إظهار عبادة النار و يرى آخرون أن الصراع كان سياسيا بحتا ، و كان المقصود منه محاربة عقيدة أهل السنة .

فالكعبة لم تسلم إذن من التخريب و الهدم و السلب و النهب .. و عبر التاريخ لم يبق فيها حجر على حجر .. لم يبق فيها إلا مكانها .

فهي رمز
و لا يصح تقديسها إلا رمزا
و شأنها شأن القرآن حينما يقول عنه الله :
(( لا يمسه إلا المطهرون ))


فالمراد هنا المعنى العميق .. (( لا يمسه إلا المطهرون )) .. أي لا يمس معاني القرآن و لا يفهم أسراره إلا النفوس المطهرة من أهوائها .

و بالمثل تقوم الكعبة كرمز .. لا كحجارة .
و الحج و الطواف و الذبح و الرجم و عرفة رموز .
فإذا تجاوز تقديس البقعة إلى تقديس الحجر ، خرج المؤمن عن إيمانه و سقط إلى حضيض الشرك و الوثنية ، و ما هكذا مراد الله بالكعبة
.

و الذي يسأل لماذا يكون الطواف سبعة أشواط و الرجم سبع حصوات .. نقول له و لماذا لا يكمل نمو الجنين إلا في الشهر السابع ؟ و لماذا يولد ميتا إذا نزل قبل السابع ؟ و لماذا تكتمل النوتة الموسيقية بالدرجة السابعة فلا تكون النوتة الأعلى بعد ذلك إلا جوابا للنوتة الأولى ؟

إنه سر في بناء الكون المادي و الروحي إنه سباعي التكوين ، و إن السبعة هي درجة الاستواء و التمام .

و النفس البشرية بالمثل سبع درجات .. أسفلها النفس الأمارة ، ثم تليها النفس اللوامة ، ثم النفس الملهمة ، ثم النفس المطمئنة ، ثم النفس الراضية ، ثم النفس المرضية ، ثم النفس الكاملة .
و لهذا يكون الطواف سبعة أشواط ، و الرجم سبع حصيات ، و السعي سبع مرات عن الأنفس السبع .

و السعي بين الصفا و المروة هو رمز لتاريخ الوجود بين المحو و الإثبات .
في البداية كان الصفا .
كان الله و لا شيء معه .. الخواء و المحو المطلق .
كان الأزل و ما سبق لنا في علم الله قبل أن نوجد و قبل أن يخلق الزمان .
ثم كانت المروة .. حينما نبع الماء .. و خلق الزمان و تدفق الوجود و قامت الحياة .
و كان فضل الله في الأبد ، كما سبق فضله من قبل في الأزل .
و السعي بين الصفا و المروة هو شهود الفضل في الحالين .
و هو الانتقال من الحقيقة إلى الشريعة للجمع بينهما في القلب .
من الكلمة التي سبقت في الأزل .
إلى التكليف القائم في الزمان .
و السعي رمز لإجابة الأمر و التلبية .

و الصوفي فيما يرمي من حصيات على إبليس .. يرمي عيوب نفسه و يرمي الدنيا .. و يرمي الأسباب ..

و هو حينما يذبح الضحية يذبح نفسه الموافقة للشيطان .
و حينما يحلق رأسه يحلق الكبرياء عن عقله .
فهو يعلم أن الكنز الحقيقي الذي يستحق أن يجهد في حصيله هو كنز البراءة .. البراءة من الحول و الطول و القوة و الغرور و الكبرياء .. لا حول و لا قوة إلا بالله .. هي الكنز)

لا وجود حق سواه ..
و الكل هالك ..
فيلزم التواضع بل الفناء في الحضرة الإلهية .

و أذكر فيما أذكر الآن ما كانوا يحكون لي عن جدي و أنا صغير و كيف أنه حج سبع حجات ، و كان الحج في ذلك الزمان البعيد منذ مائة سنة على الأقدام و على الإبل و بالبحر في سفن شراعية بدائية و في الحجة السابعة يروي الجد أهوالا .. عاصفة هبت على الحجيج و هم في عرض البحر و اقتلعت الشراع و حطمت الدفة ، و الكل يصرخ و يتضرع و يستنجد ، و المركب تدور في الدوامة كالفلك و الدوار ، و الموج المتلاطم يلف الجميع .

ثم يروي كيف تفسخت المركب إلى ألواح ابتلعتها اللجة في لحظات ، و كيف أفاق ليجد نفسه سابحا على طوف خشبي و أمامه جراب الزاد ، و كانوا يسمونه في تلك الأيام (( الذهاب )) .. كل حاج كان يطلع إلى الحج و معه ذهابه الخاص و به ما يلزم من المئونة و الأدوات و الثياب .

و كان أمرا عجيبا أن يهدأ البحر و تقلع الرياح و تنتهي العاصفة ، و ينجو وحده و معه ذهابه بهذه الطريقة التي تبدو كالمعجزة .

و تدمع عينا الجد و يومض بصره الكليل ، و كأنما يرى شريطا سريعا من اللقطات الرهيبة .. و يروي كيف قضى ليلتين في البحر ثم انتشله مركب شراعي آخر قاصدا إلى الحج .. و كيف أتم حجته السابعة ثم عاد بسلام .

و يروي كيف كان الموت يترصد الحاج في كل خطوة في البحر و في البر و في الصحارى .. و بين الحر المحرق و الرمال و العطش إذا ضل طريقه أو ماتت راحلته .. و على أيدي قطاع الطرق إذا ألقى به سوء حظه إلى عصبة من عصاباتهم .. أو بمرض معدٍ في زمان لم يكن يعرف شيئا اسمه طب وقائي أو يسمع عن لقاح للكوليرا أو التيفود .. و كانت الرحلة تطول إلى ستة شهور و سبعة شهور و سنة ، و كان الخارج إليها مفقودا و العائد مولودا .

و كان يختم قصته مبتسما بفمه الخالي من الأسنان ..
و برغم كل هذه الأهوال فقد حجيت سبع مرات و هاأناذا أموت بينكم في الفراش كما يموت الكسالى من العجائز ، لتعلموا يا أولادي أن كل شيء بأمر الله .. و أنه لا البحر يغرق و لا المرض يهلك و لا نار الصحارى تحرق ، و إنما هو الله وحده الذي يصرف الآجال كيف يشاء .

و أذكر الآن قصة هذا الجد الطيب و تطوف بذهني تلك الصور و أنا أضع قدمي في الطائرة لأصل جدة في ساعتين ، و في ساعة ثالثة أكون في الحرم أطوف بالكعبة ثم في الساعة التالية أكون صاعد إلى عرفات ، و بعد غروب الشمس أكون نازلا إلى منى لرمي الجمرات ثم طواف الإفاضة ثم تنتهي كل المناسك في أمان .

و أتذكر السرب الطويل من خمسين ألف عربة تحمل نصف مليون حاج و تصعد كلها في وقت واحد في عدة طرق دائرية حديثة الرصف .. و كل شيء يتم في سرعة و نظام و دون حادث و قد تناثرت وحدات الكشافة لتنظيم المرور .. و على الجبل تراصت مستشفيات كاملة التجهيز لعلاج و عزل أي حالة اشتباه .. و طوال ساعات الليل و النهار تطوف الرشاشات لقتل الذباب و البعوض في أماكن توالده ، و تطوف فرق أخرى لجمع القمامة و حرقها .
و بين مكة و المدينة يمتد أوتوستراد أملس كالحرير تنزلق عليه العربات في نعومة ، و ينام الراكب في حضن كرسيه في استرخاء لذيذ .

ما أبعد اليوم من الأمس .
و ما أكثر ما نتقلب فيه من النعم .
و كلما أحاطتنا النعمة ازددنا لله هجرانا .


أين إيمان اليوم .. من إيمان النبي العظيم منذ ألف و أربعمائة سنة و هو خارج في غزوة تبوك على رأس اثنى عشر ألفا من المسلمين في شهور القيظ المحرق ، ليخوض في رياح السموم و الحرور القاتلة سبع ليال يتهدده العطش في كل خطوة .. و قد ترك من خلفه الأمان و الظل الظليل و الراحة في خيام زوجاته .. ليلقى الله و ليبلغ الرسالة .. و ليحارب من ؟! .. الروم .. الذين احتشدوا على الحدود بمئات الألوف .

و اليوم ترتفع حرارة الجو بضع درجات فندير جهاز التكييف و نغلق أبواب غرفنا لا نبرحها لأن الخروج إلى الشارع مجازفة غير مأمونة .
و ما أبعد اليوم من الأمس حقا .
و ما أفدح ما خسرنا حينما خسرنا الإيمان .

هنا انتهت حلقات مقال ( [COLOR=Red]الحج :redrose:



09-19-2006, 11:01 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
mouyn غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 42
الانضمام: Jun 2006
مشاركة: #49
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
اقتباس:  داعية السلام مع الله   كتب/كتبت  

هل أنت مشغول بجمع المال و امتلاك العقارات و تكديس الأسهم و السندات؟ أم مشغول بالتسلق على المناصب و جمع السلطات و التحرك في موكب من الخدم و الحشم و السكرتيرات؟ أم أن كل همك الحريم و موائد المتع و لذات الحواس و كل غايتك أن تكون لك القوة و السطوة و الغنى و المسرات..
إذا كان هذا همك فأنت مملوك و عبد مملوك لأطماعك و شهواتك، و عبد لرغباتك التي لا شبع لها و لا نهاية.
هكذا تكون اللخبطة وإلاّ فلا.
مملوك وعبدا لأطماعك!!!!!! بهذه الشطحات يريد الأخ مصطفى محمود أن يقنعنا بأن المستغِل مستغلاً، بأن المضطهـِد مضطهدًا.
تحياتي:97:
09-20-2006, 02:29 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #50
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود

أخـ( ت ) ـي الكريمـ( ة ) ..

ليس المقصود أن نتخاذى أمام الاقطاعيين والظلمة واللصوص , بل نأخذ على أيديهم ونأخذ الحق منهم أخذا ..

ولكن لانكون مثلهم , لأن أصل داء هؤلاء الناس هو عين مايتحدث فيه الأخ مصطفى محمود ..

ولو كانوا كما يجب أن يكون الانسان : متحكما في أطماعه , قائدا لذاته مالكا لها , سيدا أمام نزواته غير عبد لها : لكان لهم حالا آخر ..

(f)
09-20-2006, 04:01 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  من سلبيات الخطاب الإسلامي المعاصر/ الدكتور عصام البشير فارس اللواء 0 1,163 01-03-2012, 09:16 PM
آخر رد: فارس اللواء
  انتفاضة البحرين وآفاق الحوار/ بقلم محمود إسماعيل فارس اللواء 0 1,095 09-13-2011, 12:27 PM
آخر رد: فارس اللواء
  رد الدكتور سليم العوا علي الشيخ حازم شومان بشأن أفكاره عن الليبرالية فارس اللواء 5 2,969 08-03-2011, 09:05 PM
آخر رد: فارس اللواء
  مؤمن مصلح يسأل هل سمعتم عن الدكتور داهش؟ مؤمن مصلح 20 6,771 06-24-2011, 07:42 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  الدكتور مهاتير محمد نجاح بلا حدود السيد الحسيسى 0 1,413 01-14-2011, 01:25 AM
آخر رد: السيد الحسيسى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS