مبادرة نور دبي
كالعادة يفتح الموضوع في واد, وينتهي في محيط لا ضابط ولا قرار له.
لذا ساترك الموضوع الرئيسي جانبا و اتناول ما طرحه "المنتقدون" فيما يخص دولة الامارات:
- الاخوة انصبت انتقاداتهم على نظام الحكم, و تبذير الموارد, و عدم وجود تصنيع, والعمالة الوافدة.
حسن ... لنتناول هذه المواضيع.
نظام الحكم:
كل شعب وفي كل دولة و بقعة جغرافية (يختارون) نظام الحكم الذي يناسبهم و يناسب ظروفهم و ثقافتهم و مستواهم الحضاري. فشكل الحكم لا يمكن ان يتطابق بيد دولتين, ولا حتى بين الدول التي تنتهج نفس النهج الايدلوجي و السياسي (اشتراكية - ليبرالية - ملكية - ملكية دستورية - دينية - مشيخية ....الخ). بل حتى هذه الانظمة ذاتها تتغير و تتطور من الداخل تبعا لتغير الاحتياجات و تطور المجتمعات , فنظام الحكم الذي لا يلبي رغبات الشعب سيتم تغييره بواسطة ذات الشعب, او على الاقل ستنادي بعض فئات الشعب بتغييره لما يناسبها. وبالنسبة للامارات فهي لا ولم وليس في سجونها - سجين- سياسي واحد..!! علاوة على ان "الشعب" راضي عن حكومته, ولو قيض لنا ان نشارك في اي استفتاء, فنفس هؤلاء الحكام سيتم انتخابهم باغلبية تلامس ال 100 % تقريبا. فطالما ان الشعب راضي عن حكومته, فلا يحق لاي شخص ان ينادي بالتغيير من "الخارج" , اللهم الا اذا كانت الحكومة تحكم هذا الشعب بالحديد والنار.
تبذير الموارد:
ماذا نقصد بالتبذير؟
فاذا ما كنت املك تريليونا و بنيت قصرا بعشرة ملايين, فهل انا مبذر؟
ثم متى واين كان (الرؤساء) مستواهم المعيشي اقل من عامة الشعب ؟ وهل راتب جورج بوش يساوي راتب عامل البيتزا الاميركي؟ , ثم ان الشعب الاماراتي من طباعه المتاصلة انه لا يحسد احدا ! فلو قلت لاي اماراتي بان فلان يملك و يملك, فلن يعدو جوابه مقولة: الله يزيده. فمثل هذا الشعب الذي لا يحسد بعضه البعض ولا الغريب, حري به ان لا يحسد رؤسائه. والسبب بسيط جدا ... فاذا كانت الدولة تتكفل بتوفير كافة مستلزماتك المعيشية, وعلى ارقى مستوى, من تعليم و طبابة و تسهيلات اقتصادية كالاعفاء من دفع فواتير المياه و دفع مبالغ رمزية لاستهلاك الكهرباء, ناهيك عن منح التعليم و العلاج في الخارج للكفاآت و الامراض المستعصية, و التكفل بمستلزمات زواجك المادية و منحك "فيلا" للسكن , وراتب يصل بين3 - 6 آلاف دولار بدون اية ضرائب .... الخ. كل ذلك لا يسمح لك حتى بالتفكير في انتقاد الحكومة, ناهيك عن معارضتها.
فعلى ماذا يثور الشعب او ينتقد حكومته؟ وماذا ستقدم له اية حكومة اخرى اكثر مما تقدمه حكومتنا؟
عدم وجود التصنيع:
في هذه النقطة الزميل طنطاوي وفى و كفى, فالدول الصناعية (المحور) تنقل تصنيعها الثقيل للدول النامية (الاطراف) لرخص الايدي العاملة, لذلك فليس لزام علينا ان نعيد اكتشاف العجلة, بل علينا ان نبدا من حيث انتهى غيرنا, وكون دولتنا حديثة , فهي ميزة وليست عيبا, فهذا يجعلنا اكثر تقبلا للحداثة و التطوير, و تكفي جولة خاطفة على الامارات لمشاهدة ارقى المعاهد الفنية و الجامعات العالمية التي تبزغ مثل الفطر في كافة انحاء الدولة, فبعد ان كان آبائنا يحلمون قبل بضعة عقود بركوب الطائرات, اصبح لدينا مصنع تجميع للطائرات النفاثة في دبي, وطيارين و مهندسي طائرات و اطباء و مدرسين مواطنين. فدولة قامت و تاسست مطلع السبعينات من القرن الماضي تنجز ما انجزته الامارات, هو تميز بكل المقاييس, ولكن مع هذا كله فمن الظلم ان نقارن دولة بعمر دولة الامارات مع دول ذات تاريخ و باع طويل في التطور والحداثة, ولكن مع ان الئك سبقونا باشواط و مراحل ولكننا نحاول اللحاق بهم, فانشاء المعاهد والجامعات و نقل المصانع و التكنلوجيات, وشراء الاصول في كبريات الشركات العالمية مجرد خطوات لللحاق , ولكن الشوط طويل والاجيال القادمة ستصل بالتاكيد.
العمالة الوافدة:
العيب الاخير الذي رآه بعض الزملاء يكمن في الهوية الثقافية و نسبة العمالة الوافدة, وهذا "العيب" هو احد اهم اسباب تطور دولة الامارات .. فلكم ان تتخيلوا عدم جلب العمالة الخبيرةمنذ ثلاثين عام و الى الآن, واعتماد دولة الامارات على (كوادرها) الوطنية الغير مؤهلة. ماذا كان سيكون شكل و مستوى دولة الامارات اليوم ؟.
اما الثقافة و الهوية فان العالم (شئنا ام ابينا) يتوحد, والعولمة حتمية ولا مناص منها , بالتالي فالاولى بنا اليوم وليس غدا ان نكيف انفسنا مع الواقع المستقبلي, اما من يدعوا من (الماضويين) و يصر على الجمود والابقاء على ثقافة الاجداد في وجه التقدم والحداثة بحجة الهوية الوطنية, فهذا شانه .. وعما قريب سيحول بنمط تفكيره هذا مجتمعه و دولته الى سكان متحف او جزيرة نائية معزولة عن باقي دول العالم المتحضر, فكما صاغت العوامل الجغرافية و الثقافية - ثقافة وهوية - الاجداد فانه من حقنا ومن حق الاجيال القادمة ان يصوغوا هوياتهم الثقافية التي تتماشى مع المستوى الحضاري الذي سيصلون اليه.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 10-24-2008, 10:53 PM بواسطة الحر.)
|