الجديد والمفصلي في خطاب الأسد
بواسطة
admin
– 2011/06/21نشر فى: مقالات وتحليلات
سامي كليب – صحيفة السفير
خاتمة خطاب الرئيس السوري بشار الأسد هي المفتاح الأبرز لفهمه. قال إن «رأس الأفعى قد قُطع قبل أن تلدغ الجسد السوري كله»، وإن «سوريا بخير». يُفسِّر هذا الاطمئنان الأمني اللهجة الحازمة التي تحدث بها حيال المخربين والتكفيريين والمؤامرات والجراثيم. ويفسر أيضا تجاهل المعارضة التي لم يرد ذكرها إلا مرتين في الخطاب، وعلى نحو عابر. أوحى الأسد بأنه يستعيد زمام المبادرة الأمنية. بدا أكثر راحة من خطابيه السابقين. ضحك مرات عديدة. كثّف العبارات المركِّزة على الشعب. سعى لأن يكون أكثر قربا من جمهور الشباب الجالس أمامه. بدت صورته عبر الكاميرات الكثيرة المضافة هذه المرة إلى القاعة مناقضة تماما لوجوم الوجه في الخطاب الأول. ولأنه ارتاح أمنيا فلا بأس أن يصل الكلام هذه المرة إلى حد احتمال تعديل الدستور أو تغييره. كل التوصيفات ممكنة لهذا الخطاب. يمكن أن يقال عنه خطاب انفتاحي وإصلاحي، تماما كما يمكن أن يوصف بالاستئصالي والأمني والردعي. يمكن أن يكون خطابا سياسيا بامتياز، وإنذارا عسكريا بامتياز أيضا. هو باختصار كل ذلك، وأريد له أن يؤكد قوة الدولة وأن الدولة القوية هي التي تقوم بالإصلاح وليس الضغوط المعارضة أو ضغوط الخارج. يبدو أن الأسد لا يختار جامعة دمشق التي تعلّم فيها وعاش على مقاعدها 6 سنوات، إلا في الحالات الحاسمة. يختارها حين يعتقد أن سوريا تتعرض لمؤامرة كبيرة، فيتوجه مباشرة للشعب والشباب. خطابه السابق في الجامعة نفسها يعود إلى العام 2005، وقال آنذاك «إن بعض القوى الكبرى تريد تصفية حساباتها مع سوريا… وإن سوريا تدفع ثمن تقاسم مصالح هذه الدول». وفي ذاك الخطاب قال عبارته المثيرة عن فؤاد السنيورة إنه «عبد مأمور لعبد مأمور» ذلك أن لبنان كان قد حاز على الجزء الأكبر من خطاب الأسد الذي قال آنذاك إن «لبنان ممر ومصنع وممول لكل هذه المؤامرات».
عبد الباري عطوان يكتب: خطاب الاسد الثالث
بواسطة
admin
– 2011/06/21نشر فى: مقالات وتحليلات
عبد الباري عطوان – القدس العربي /
بين خطاب الرئيس بشار الاسد الذي ألقاه في مجلس الشعب، وخطابه الذي القاه امس على مدرج جامعة دمشق فترة زمنية تمتد الى شهرين سقط خلالها 1500 شهيد، وآلاف الجرحى، وهروب اكثر من عشرة آلاف مواطن سوري الى الجانب الآخر من الحدود التركية للنجاة بارواحهم.
ما يمكن استخلاصه، وللوهلة الاولى، ان الحلول الامنية التي اتبعتها السلطات السورية في قتل المحتجين او اكبر عدد منهم، للسيطرة على الاوضاع، لم تحقق اهدافها، بل اعطت نتائج عكسية تماما، من حيث اتساع دائرة الاحتجاجات، ومشاركة اعداد اكبر فيها جمعة بعد جمعة.
خطاب الرئيس بشار الاسد الذي انتظرناه طويلا ومعنا كل السوريين وبعض العرب، لم يقدم جديدا ملموسا، او بالاحرى 'خريطة طريق' للخروج من المأزق الدموي الراهن الذي تعيش فصوله البلاد جمعة بعد اخرى، وكل ما تضمنه مجموعة جديدة من الوعود بالاصلاح، وحديث مطول عن المؤامرة.
الرئيس بشار حصر الازمة في مجموعة صغيرة من المخربين، وحملهم مسؤولية ما يحدث من اعمال عنف وصدامات مع قوات الامن وحرق المباني والمؤسسات العامة، وهذا تبسيط من الصعب ان يقنع غالبية الشعب التي تتابع ما يجري في بلادها بالصوت والصورة عبر الفضائيات العربية والاجنبية بأدق التفاصيل.
منذ بداية الازمة، قبل اربعة شهور، والرئيس بشار يتحدث عن تشكيل لجان، واحدة لتعديل الدستور، وثانية لوضع قانون للانتخابات، وثالثة للاعلام، ورابعة لمكافحة الفساد، وجميع هذه اللجان ما زالت تعمل، وتدرس، وتمحص، ولم نر النتائج على الارض حتى الآن.
مكافحة الفساد لا تحتاج الى لجنة، فرموز الفساد معروفة للرئيس بشار مثلما هي معروفة لاصغر طفل في سورية، فاذا كانت هناك نوايا فعلا لمحاسبتها، فان الامر لا يستغرق ساعات، فمثلما تعطى الاوامر للاجهزة الامنية باطلاق النار على المتظاهرين، ويتم التنفيذ فورا، يمكن ان تقوم بالشيء نفسه لاعتقال الفاسدين وتقديمهم الى محاكم عادلة مثلما شاهدنا ما حدث لنظرائهم في تونس ومصر.
الفساد موجود في بطانة الحكم السوري، مثلما كان موجودا في بطانة الحكم المصري، والشعب في سورية لا يمكن ان يصدق اي وعود بمحاربة الفساد الا عندما يرى رموزه خلف القضبان، ولا نعتقد ان مثل هذا الامر بات وشيكا في سورية. والدليل على ذلك ان السيد رامي مخلوف احد رموز الفساد والمحسوبية في سورية انتقل برمشة عين من كونه حوتا كبيرا يسيطر على مفاصل البزنس في سورية (60 ' من حجم الاعمال والشركات) بدعم من النظام، الى فاعل خير، يكرس ما تبقى من حياته للاعمال الخيرية.
' ' '
نصدق السيد مخلوف لو انه اعلن التبرع بالمليارات التي جناها على مدى السنوات العشر الماضية (عمره 41 عاما) الى الشعب السوري، ومشاريع توفير الوظائف لملايين العاطلين من اعماله، ومكافحة الفقر في الريف، تماما مثلما فعل بيل غيتس الملياردير الامريكي الذي كون ثروته بطرق مشروعة، وتبرع بثلاثين مليار دولار (اكثر من نصفها) لفقراء العالم الثالث، والشيء نفسه فعله ابن جلدته الملياردير الآخر وارين بافيت.
الشعب السوري لا يريد تخفيض اسعار المازوت ومواد البناء، وانما ديمقراطية ومحاسبة وعدالة اجتماعية، وانهاء كل انواع التمييز في الوظائف والمراكز، والمشاركة في تقرير مصيره من خلال مؤسسات منتخبة، واعلام حر، وخدمات تعليمية وصحية ترتقي الى الحد الادنى من المواصفات المتبعة ليس في العالم المتقدم فحسب وانما حتى في دول في العالم الثالث.
من يريد اصدار قانون للاعلام يؤسس لمرحلة جديدة من المهنية والحريات التعبيرية، يبادر فوراً لادخال اصلاحات في المؤسسات الاعلامية الحالية لتأكيد نواياه في هذا الصدد، وخاصة في محطات الاذاعة والتلفزة، ولا نرى اي مؤشر يوحي بتغييرات حقيقية مقنعة في هذا المضمار.
الرئيس بشار يقول في خطابه انه لا حل مع اناس يحملون السلاح، هذا كلام جميل، دعونا نقلب الآية ونقول ان الشعب قد لا يقبل الحوار مع من يطلقون عليه النار ويقتلون العشرات من ابنائه كل اسبوع، الامر الذي يجعلنا ندخل في دوامة من العنف يصعب بل يستحيل الخروج منها.
الحوار حتى ينجح يجب ان يسبقه قرار او هدنة من السلطة السورية، يتوقف خلالها اطلاق النار لمدة اسبوع او اسبوعين، لتوفير المناخات اللازمة، واعادة بعض الثقة، واعطاء المقابر اجازة من الجنازات شبه اليومية، في اكثر من مدينة او قرية على طول سورية وعرضها.
' ' '
توقفت كثيراً عند اعتراف الرئيس الاسد بان الازمة يمكن ان تمتد شهوراً او سنوات، ولذلك يجب ان يعمل الشعب على اعادة الامور الى وضعها الطبيعي، هذا الاعتراف، او هذه النبوءة، تعني ان الاصلاحات الموعودة ستتباطأ وقد تؤجل، وان اللجوء للحلول الامنية سيستمر، فالانتفاضة بدأت بسبب القمع الامني، وانتهاك حقوق الانسان، واهدار كرامته، واللجوء الى القوة لتركيع كل محتج باعتباره مخرباً وخارجاً عن النظام والقانون.
وتوقفت اكثر عند تساؤلات كثيرة طرحها الرئيس بشار في الخطاب، ابرزها دوره ومساهمته كفرد، وطبيعة النموذج الاقتصادي الذي يجب ان تتبناه سورية، اشتراكياً كان او رأسمالياً، فهل يعقل ان سورية حتى هذه اللحظة لا تعرف النظام الاقتصادي الذي يصلح لها، وهي التي تمتلك العقول الكبيرة في الوطن والمهجر، ثم من المسؤول عن هذا القصور؟
في الغرب يقيسون مدى أهمية اي خطاب للمسؤولين الكبار، وخاصة من يتربعون على قمة الهرم، بمعيار 'القيمة الاخبارية' ،
واعترف انني كصحافي بحثت عن هذه القيمة الاخبارية في خطاب الرئيس بشار الثالث فلم أجد الا القليل، وهذا في رأيي مسؤولية من وضعوا النص وخيبوا آمال الكثيرين الذين كانوا ينتظرونه، ونحن منهم.
اعترف بانني شخصياً شعرت بالاهانة عندما شاهدت السيد رجب طيب أردوغان يرسل كتاباً الى الرئيس بشار ليستخرج من ثناياه مخرجاً من الازمة، وبلغت الاهانة ذروتها عندما سمعت السيد أردوغان يمهله اسبوعاً لتطبيق الاصلاحات مهدداً ومتوعداً في حال عدم التنفيذ.
ولعل الرئيس بشار كان يرد عليه عندما قال انه لا ينتظر دروساً من احد بل سيعطي دروساً للآخرين.
لا نعرف طبيعة الدروس التي ستعطى للآخرين، هل هي تلك التي تمارسها اجهزة الامن في التصدي لمحتجين لا يملكون غير الحناجر واللافتات التي تهتف بالاصلاح، ام في التحجر الاقتصادي، واستفحال الفساد والمحسوبية باعتراف الرئيس بشار نفسه.
أردوغان يعطي الدروس ليس فقط للرئيس بشار وانما لجميع القادة العرب دون استثناء، لانه قدم نموذجاً فريداً في الديمقراطية والاصلاحات السياسية عبر صناديق الاقتراع، وفاز بثلاث ولايات متتالية بسبب نقله تركيا وفي اقل من عشر سنوات من كونها دولة متخلفة مدينة فاسدة منهارة اقتصادياً الى سادس اقوى اقتصاد في اوروبا، والسادس عشر على مستوى العالم وبنسبة نمو تصل الى ثمانية في المئة سنوياً.
عندما يحقق الرئيس بشار او اي زعيم عربي آخر هذه الانجازات او نصفها فاننا والآخرين على استعداد لتلقي الدروس منه مرفوقة بالشكر والامتنان اما قبل ذلك فلا وألف لا.
سوريا بعد الخطاب
طارق الحميد
الثلاثـاء 20 رجـب 1432 هـ 21 يونيو 2011 العدد 11893
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: الــــــرأي
كما توقعنا أمس، فلا جديد في خطاب الرئيس السوري، الذي أحبط أنصار النظام، أكثر من خصومه، أو المراقبين الحريصين على سلامة سوريا.
فكل ما قيل وعود، ورسائل مبطنة بالتهديد، وحتى إحراق جسور مع تركيا الورقة الأخيرة لنظام الأسد. لم يكن الخطاب بلغة «لقد قررنا».. بل خطاب «نعدكم»!
وهذه لغة لا تنفع لبلاد في أزمة حقيقية، وأمام مطالب شعبية مستحقة، وليست مؤامرة خارجية أيضا. بل إن الاستمرار في استخدام لغة التخوين يعتبر بمثابة صب الزيت على النار أمام مجتمع قتل منه إلى الآن، حسب المعلن، 1300، وفر منه قرابة الـ10 آلاف أو أكثر، ناهيك عن آلاف المعتقلين، وآلاف المفقودين. وفوق كل هذا وذاك يقول الرئيس الأسد إن هناك 64 ألف سوري مطلوب للعدالة! أمر عجيب فعلا.
الغريب أن قرارات القمع في سوريا تؤخذ بأسرع وقت ممكن، بينما الإصلاح يحتاج إلى دراسات، بحسب الرئيس السوري!
ملخص خطاب الأسد أنه لا أمل في أن يستجيب النظام لمطالب الشعب،
بل يبدو أن النظام لا يرى خطورة ما يحدث على سوريا الدولة، ككل، خصوصا عندما قال الأسد: «إن استمرت هذه الأزمة أو غيرها لأشهر أو لسنوات، علينا أن نتأقلم معها وعلينا أن نطوقها لكي تبقى أزمة محصورة بأصحاب الأزمة فقط». وهنا نجد أن الرئيس السوري قد كرر ما قاله رامي مخلوف من قبل، ولكن بإشارة مبطنة، أي أن النظام سيقاتل حتى النهاية. ولذا رأينا كيف رد السوريون مباشرة، وبعد خطاب الأسد، بالتظاهر في عدة مدن سورية، منها دمشق، وحلب، وحمص؛ حيث رفضوا خطاب الأسد ومضامينه، وطالبوا بإسقاط النظام.
والأمر نفسه خارجيا؛ حيث أظهرت ردود الفعل الدولية خيبة أمل كبيرة حيال خطاب الأسد، وبالتأكيد أن أكثر المحبَطين هم الأتراك، خصوصا عندما قال الرئيس الأسد إن بلاده هي من ستعلم دول المنطقة، وهذا بالطبع رد مباشر على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان؛ حيث قالت أنقرة إنها أعطت النظام السوري كتيبا يحتوي على خطة للإصلاح، وطالبت النظام بالتخلص من أقرب الناس، وحدد الأتراك اسمي رامي مخلوف، وماهر الأسد. وبالطبع كان رد الأتراك سريعا، وعلى لسان الرئيس التركي، الذي قال إن خطاب الأسد ليس كافيا.
وعليه، فبعد خطاب الأسد أمس تكون سوريا قد دخلت مرحلة أكثر تعقيدا، وخطورة، خصوصا على المواطنين السوريين العزل.. فأزمة الثقة بين المواطن والنظام باتت حقيقية، لا سيما مع فشل نظام الأسد في اتخاذ، أو تنفيذ، ولو قرار واحد ملموس، كما أن خطاب الرئيس يشير إلى أن النظام لن يتراجع عن القمع واستخدام القوة. فكما أسلفنا أعلاه، يقول الأسد: إن على السوريين أن يتأقلموا إن استمرت الأزمة سواء لأشهر أو لسنوات، وربما تكون هذه الإشارة للتجار، وقطاع الاقتصاد السوري الذي بدأ يتأثر حقيقيا من الانتفاضة السورية.
الواضح الآن هو أن سوريا بعيدة عن الحلول المنطقية، والسلمية، وباتت مرشحة لكل الاحتمالات، ومنها الأسوأ، للأسف.
tariq@asharqalawsat.com