عزيزتي هالة
هل تصدقين إن قلت لك أني لا أحب النقاشات الطويلة وخصوصاً التي تتلامس مع أحكام الإسلام لأني لا أطمح إلى الاستعراض الثقافي ونفسي قصير
كما أني لست معنية بتغيير فكر شخص نحو تلك الأحكام أو إقناعة بها ..ولكني رغم ذلك سعيدة بالحوار معك واتمنى أن تسعدي كذلك ..
-----------------------------------------------------------------
اقتباس:كما قلت لك سابقا حب التعدد ليس وقفا على الرجل فالانسان عموما لا يستطيع أن يأكل نفس الطعام يوميا و في كل الوجبات طول عمره بشتى مراحله ما دام بامكانه تناول طعام آخر و قطعة حلوى و فنجان قهوة و حفنة مكسرات. و ليس بالخبز وحده يعيش الانسان. و المرأة انسان لكن الضغوط و المعايير الاجتماعية هي التي تردعها و ليس لأنها أنثى. ألم تكن المشاعية الجنسية في المجتمعات البدائية سارية؟ ألا يعني هذا أن الفطرة و قبل أن تمضي عليها نواهي و جوازم القوانين و الاديان واحدة عند الرجل و المرأة؟
علاقة الإنسان بإنسان آخر تختلف عن علاقة الإنسان بطعام يشتهيه ثم يتناوله ثم يلفظه دون أن يهتم حتى وإن اقتصرت تلك العلاقة على الجنس فقط لأنه حين يأكل الطعام لا يحتاج إلى توارد الخواطر وحضور المشاعر أوتسارع نبضات قلبه بسبب نظرة أو إيماءة أو لمسة ولأننا ببساطة نتحدث عن علاقات إنسانية تتكون من نتاجها أسر ومجتمعات تقيم حضارات وعهود متلاحقة .. ولاشك أن الرجل والمرأة كلاهما إنسان ولكن تعدد الأزواج للمرأة الواحدة أمر تنفر منه الفطرة السوية لدى الذكور والإناث على حدٍ سواء لاسباب عديدة أبرزها أن المرأة عاطفية لا تتعلق بالرجل جنسياً بقدر ما تتعلق به عاطفياً وهي تحتاج منه إلى emotional attachment وتبحث عن قلب الرجل قبل جسده ليتحقق لها الاستقرار والأمان النفسي بالإضافة إلى أنه في حال تطبيق تعدد الأزواج لن تستطيع المرأة أن تهب حباً خالصاً لأي واحد منهم كما لايمكنها اجتذاب عواطفه الخالصة ولن تستطيع بناء مؤسسة أسرية مستقرة .. أمّا بالنسبة للرجل فهو يتنافى أوّلاً مع النفسية الاحتكارية لديه إذ مامن ذكر حر يرضى على نفسه أن يشاركه آخر في أنثاه .. وثانياً مع مبدأ الاطمئنان للبنوّة فالإنسان يحب أن يكون له ولد ويعرف هو ابن من ووالد من .. ويريد أن تكون صلته بالجيل اللاحق والجيل السابق واضحة ومطمئنّة ... أما إن أخذنا مبدأ تعدد الأزواج على أساس المقارنة بالطعام وتنويعه فالضغوط والمعايير الاجتماعية كما أنها لا تستطيع ردع الرجل فلن تستطيع ردع المرأة مهما كانت صرامتها وقوتها وما لاتستطيع نيله من فوق الطاولة تناله من تحتها وبكل ما تستطيعه من حيل ووسائل وهذه الظواهر موجودة عند النساء بامتياز في أرقى المجتمعات وليس البدائية فقط ..
اقتباس:يعني ترك الباب مواربا و لم يكن الموقف قطعيا كما نجده عند ديانات و طوائف أخرى. مجرد ترك القرار في يد الفرد ليقيم نفسه أن كان قادرا على العدل أو لا هو مفتاح المواربة و الاحتيال. لأن كل انسان يرى نفسه بصورة ايجابية و يرى أنه الصح. انظري لاحقا حيث تقول الآية "ان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم". هل ال ما ملكت أيمانهم هؤلاء ملطشة؟؟ ألسن نساء ذوات مشاعر؟ هل من حق ما ملكت أيمانهم أن ترفض استغلالها سيدها لها جنسيا؟ و الأنكى كيف يكون من حق انسان أن يمتلك انسانا آخر و أي تبرير هذا الذي يمكن أن نجده لتشيئ الانسان؟ كل الثورات تقوم ضد تشيئ الشعوب و تهميشها فلماذا نجتهد في تبرير و الدفاع عن تهميش المرأة ؟؟
التعدد في الآية ليس أمراً قطعياً ولكن العدل فيه قطعي والأمر بتنفيذه وإرضاء الزوجة بالمعروف أيضاً قطعي .. لأن النفوس تنفر من الأمر القاطع فيما يتعلق بالغرائز وتتقبل الأوامر فيما دونها والناس يختلفون في كل الأحوال فمن الرجال من يرضى بحاله ويكتفي ومنهم من لا يرضى ولا يكتفي وكذلك النساء فمنهن من ترضى وتقبل ولا يهمها ومنهن من ترفض وتطلب الانفصال لتحصل على زوج آخر ومنهن من ترفض الزواج تماماً ولا تدخل في هذا المجال نهائياً .. أما ملك اليمين فأنا لا أعرف تفاصيله في الأحكام ولكني أعلم أنه شرع لظروف معينة وطبق في فترة زمنية سابقة كمخرج للغريزة بإطار مقبول يحيط الجميع بالوضوح ويضع الأبناء في النور بدلاً من البحث عن مخارج غير مقبولة بامتهان النساء للبغاء ولهث الرجال واراءهن والبصق عليهن إذا انتهت حاجتهم ثم وضع نتاج ذلك – الأطفال- في الحاويات أو الملاجيء ..
أنا أتحدث عن واقع ملموس حتى عند شعوب الثورات سواءً العربية أو غير العربية والتي ترتفع فيها الأصوات للمطالبة بالحرية والمساواة ونيل الحقوق ومثالية المدينة الفاضلة ثم ما إن تستتب فيها الأمور ويستقر الاقتصاد حتى تري بائعات الهوى -تدفعهن الحاجة أياً كانت- يتسابقن ليمتعن زبائنهن والمنتفعين ينهمرون عليهن من كل جانب دونما حساب لإنسانية أو مشاعر أو نظرة اجتماعية هذا إن لم نفتح باب الاغتصابات والانتفاعات المادية من وراء جسد المرأة للمقامرين والتجار ونزلاء الفنادق الفارهة وفك زنقات المساجين والمعتوهين وووو أليس هؤلاء هم الملطشة ؟ أليس هذا استغلالاً لجسد المرأة أم هو نوع من التعدد المقبول ؟!
اقتباس:لا أدري عن أي حقوق تحديدا تتكلمين هنا يا عزيزتي. هل بامكان محكمة ما أن توقف احساسك بالجرح او الطعنة بعدما وقعت؟ أم بامكانها أن تقتلع آثار التجربة من اللاوعي؟ أم بامكانها ارجاع عمرك الذي ذهب مع الريح؟أما ان كنت تتحدثين عن حقوق مادية فماذا ان كان بسلامته معدما و فقيرا ما حيلتوش اللظى؟ ثم ان الرجل ذكي أيضا و ليست المرأة فقط و سبل التحايل على القانون متوفرة.
أي جرح مالم يقتل وينهي الحياة مصيره إلى اندمال وشفاء والحياة لن تتوقف عند خيانة عابرة فقدت فيها ما فقدت لأنها لو توقفت لخسرت المرأة أكثر لذلك فما قصدته هو أن تبحث المرأة عن مخارج تحقق لها حياة أفضل بعد الجرح والصدمة إما بالانفصال وتدارك ما فاتها والبدء باستقلال ومن جديد للمطالبة بحقوقها منه أو بالبقاء معه وتنتيفه و تحقيق ذاتها دون الالتفات إليه ..
اقتباس:نتفق قطعا على أن الفطرة أقوى من القانون. لكن نختلف على تعريف "الذات السوية" لأنها مفهوم نسبي. فمحمود ياسين (نرجع للفيلم كمثال) كان سويا برأيي و لم يكن زوجا سافلا بل يحب زوجته و توقع حياة زوجية رائعة و بني عليها آمالا عريضة كما أخبر نبيلة عبيد. لكنه -كما ضحية قصتنا التي انتحرت- اصيب بخيبة أمل قاااسية اذ سارت حياته في مسار صراع متواصل. فهل صار سافلا لأنه كان يلجأ الى نبيلة عبيد التي كان يرتاح عندها و لها لأنه لا صراع بينهما بل تكامل و سد نواقص؟
أي تكامل وأي سد نواقص ؟ أليس تركه لحبيبته الأولى وتردده على حبيبة جديدة هو خيانة ؟ ثم أين مقولة ومالحب إلا للحبيب الأولِ راحت فين بس
عزيزتي ..
دعيني أسألك لماذا اعتبرت علاقة الرئيس الأمريكي كلينتون بنساء كثيرات آخرهن مونيكا خيانة أثارت الشعب وتابعها العالم باهتمام ..ثم لماذا تكرر نفس الكلام مع الأمير تشارلز حينما خان زوجته الجميلة ديانا مع كاميلا التي أغوته وهو ياعيني بريء ؟ وحتى لما انفصلا لم يتركها في حالها و لم يهدأ فضول العالم بالمتابعة حتى بعد أن قتلت ... ؟!
كل التحايا