اقتباس: " مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا " الكهف 5
.....ومثلها : " كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ " الصف 3
" .. النصب ب ساء ونعم وبئس وأخواتها
فهذه حروف تنصب النكرة وترفع المعرفة تقول بئس رجلا زيد ونعم رجلا محمد نصبت رجلا لأنه نكره ورفعت زيدا ومحمدا لأنهما معرفتان
قال الله تعالى ( ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا ) و ( كبرت كلمة ) نصبت مثلا وكلمة لأنهما نكرتان ومنه قوله عز وجل ( وساء لهم يوم القيامة حملا ) ومثله ( ومأواهم جهنم وساءت مصيراً ) " من كتاب (الجمل في النحو)
".. وما كان مثل : كرم رجلاً زيد ! وشرف رجلاً زيد ! إذا تعجبت فهو مثل : نعم رجلاً زيد لأنك إنما تمدح وتذم وأنت متعجب ومن ذلك قول الله سبحانه : ( ساء مثلاً القوم الذين كذبوا ) وقوله : ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم )
وقال قوم : لك أن تذهب بسائر الأفعال إلى مذهب ( نعم وبئس ) فتحولها إلى ( فعل ) .." (الأصول في النحو)
" .. ويلتحق بهما فعل الذي يراد به المدح والذم نحو ( ساء مثلا القوم ) و ( كبرت كلمة تخرج ) وظرف رجلا زيد .." ( مغني اللبيب )
".. في موضع خفض بالعطف على الكاف في ( إليك ) والتقدير فيه يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة يعني من الأنبياء عليهم السلام ويجوز أيضا أن يكون عطفا على الكاف في ( قبلك ) والتقدير فيه ومن قبل المقيمين الصلاة يعني من أمتك.." من كتاب (الانصاف في مسائل الخلاف )
وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا
" لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا " النساء 162
لن أزيد على ما ذكرته من أقوال علماء اللغة ،
فالمقيمين :
يجوز أن تكون معطوفة على الضمير في "إليك" ( للرسول )، فتكون في محل جرٍ مضاف إليه ( إليك وإلى المقيمين الصلاة ).
ويجوز أن تكون منصوبة على المدح وهو الأصح :
"..أحدهما أنا لا نسلم أنه في موضع جر وإنما هو في موضع نصب على المدح بتقدير فعل وتقديره أعنى المقيمين وذلك لأن العرب تنصب على المدح عند تكرر العطف والوصف وقد يستأنف فيرفع قال الله تعالى ( وآتى المال على حبة ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء ) فرفع ( الموفن ) على الاستئناف فكأنه قال وهم الموفون ونصب ( الصابرين ) على المدح فكأنه قال أذكر الصبارين
قالت الخرنق امرأة من العرب :
- ( لا يبعدون قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر )
( النازلون بكل معترك ... والطيبين معاقد الأزر ) " ( الإنصاف في مسائل الخلاف )
والعرب قد يعطفون بالرفع على النصب ، كما يعطفون بالنصب على الرفع في حالة التفخيم أو المدح ، مثل قول الشاعر :
( وكل قوم أطاعوا أمر مرشدهم ... إلا نميرا أطاعت أمر غاويها )
( الظاعنين ولما يظعنوا أحدا ... والقائلون لمن دار نخليها )
وعلم النحو كعلم حديث نشأ للحاجة إلى وجود قواعد منهجية لترسيخ اللغة العربية في عقول الناشئين وفي عقول الجاهلين باللغة العربية ولم يأت لمقارنتة بالقرأن الكريم .
اقتباس: فلماذا ينصب البرّ بعد ليس في الأولى 177 و يرفعها في الثانية 189 ؟
سؤال لا يحتاج إلى جواب .
إنه كما قالت عائشة ، خطأ الكتّاب ، لأننا نستبعد أن يقع محمد في هكذا خطأ لا يقع فيه أصغر صبي في قريش .
مادامت عائشة قد قالت ذلك فلماذا لم يصلح الكتاب خطأهم ؟
أما البر فتنصب لأحد سببين :
1 ـ أن تكون جملة " أن تولو وجوهكم" في محل رفع اسم ليس ، والبر خبرها مقدم ،
مثل قوله تعالى : " فما كان
جوابَ قومه"
" .. قوله تعالى ليس البر يقرأ برفع الراء فيكون (أن تولوا) خبر ليس وقوي ذلك لأن الأصل تقديم الفاعل على المفعول ويقرأ بالنصب على أنه خبر ليس وأن تولوا اسمها وقوي ذلك عند من قرأ به لأن أن تولوا أعرف من البر إذ كان كالمضمر في أنه لا يوصف والبر يوصف ومن هنا قويت القرأة بالنصب في قوله فما كان جواب قومه قبل المشرق ظرف ولكن البر يقرأ بتشديد النون ونصب البر وبتخفيف النون ورفع البر على الابتداء" (التبيان في اعراب القرأن)
" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " البقرة 189
".. ولا اختلاف في رفع البر هنا لأن خبر ليس ( بأن تأتوا ) ولزم ذلك بدخول ( الباء فيه وليس ) ، كذلك ليس البر أن تولوا إذ لم يقترن بأحدهما ما يعينه اسما أو خبرا.."( نفس المصدر)
"..وأما قوله وليس البر بأن تأتوا فلا يجوز في البر إلا الرفع لدخول الباء في الخبر"( مشكل إعراب القرأن)
فما دامت الباء دخلت في الجملة فيلزم أن تكون "بأن تأتوا" خبر .
ولا يمكن أن نقول : ليس بأن تأتوا البيوت من ظهورها بر.
لكن يمكن أن نقول : ليس أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب بر.
وإن اعترضت في هذه النقطة فأتِ بأية تخالفها.
" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله :
قرأ حمزة وحفص ليس البر أن تولوا نصبا وقرأ الباقون بالرفع فمن نصب جعل أن مع صلتها الاسم فيكون المعنى ليس توليتكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر كله ومن رفع فالمعنى البر كله توليتكم فيكون البر اسم ليس ويكون أن تولوا الخبر وحجتهم قراءة أبي ليس البر بأن تولوا ألا ترى كيف أدخل الباء على الخبر والباء لا تدخل في اسم ليس إنما تدخل في خبرها
قرأ نافع وابن عامر ولكن خفيفة البر رفعا وقرأ الباقون ولكن البر بالتشد والنصب اعلم أنك إذا شددت لكن نصبت البر ب لكن وإذا خففت رفعت البر وكسرت النون لالتقاء الساكنين" ( حجة القراءات )
بالمناسبة :
هل تعلم أنه يجوز أن ترفع البر في " ولكن البرَ من أمن " ؟.. لماذا؟
لأننا يمكن أن نقرأها في رواية أخرى "لكنٍ البرُ " فتكون لكنِ بكسر النون دون تشديدها ، وتكون البر مبتدأ لجملة مستقلة عنها.
اقتباس: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ " المائدة 69
وكما ترون فقد رفع كلمة الصابئين رغم أنها معطوفة على منصوب ، و الدليل على ذلك هو آية البقرة 62 والحج 22.
ا
لرفع يجوز لعدة أوجه :
1 ـ أنها مبتدأ محذوف الخبر تقديره أيضاً أو كذلك
مثل قولنا : إن فلاناً وفلاناً ( وسعيدُ منهم ) وفلاناً لا يحزنون ،
ميزنا سعيداً لسبب معين ، وقد ميز كلمة الصابئين لبيان حكم خاص فيهم مثل الجزية .
2 ـ معطوف على ( محل إنِّ ) مثل قولنا :
إن سعيداً لا يحزن ، فجملة ( إن سعيداً ) في محل رفع مبتدأ ، وبقية الكلام في محل رفع خبرها .
3 ـ معطوف على واو الجماعة ( فاعل ) في كلمة هادوا.
مثل قولنا :
إن الذين صلوا والذين صاموا والفاطرون في رمضان حسابهم عند الله ،
مثل صاموا وأبوهم ( صاموا هم وأبوهم ) أو صام سعيد وأخوه .
4 ـ إنِّ بمعنى نعم بفتح الميم بمعن المدح ، الذين أمنوا وما بعده في موضع رفع .
" .. أحدها أنه مبتدأ حذف خبره أي والصابئون كذلك
الثاني أنه معطوف على محل إن مع اسمها فإن محلهما رفع بالابتداء
الثالث أنه معطوف على الفاعل في هادوا
الرابع أن إن بمعنى نعم ف الذين آمنوا وما بعده في موضع رفع والصابئون عطف عليه .."( الإتقان )
اقتباس: أكثر ما يستفزك هو التقدير ، وكأنهم يصححون لله ، أو يتممون ما فاته ذكره وسقط سهواً أثناء نزول الوحي ، وهو الذي يقول عن كتابه أنه كتابٌ أُحكمت آياته ثم فُصّلت ، فكيف يكون مُحكم وهو ناقص غير واضح مربك تضطرب فيه أقوال النحاة و أهل اللغة ؟؟!!!
كلامك هذا يدل على المغالطة أو أن ثقافتك البلاغية والنحوية متدنية لأن معظم بلاغة العرب وحكمهم قائمة على الحذف وجوباً أو إيجازاً أو تلميحاً أو لأغراض المدح والهجاء أو لربط المعنى بمعنى أخر في سياق الحديث ، والتقدير الذي يمنع إظهاره الإيجاز أو غيره في نواحي البلاغة ،
فلا يمكن أن تلوم رجلاً من العرب يقول :
إذا كان سكوتك عن جهل فما حيلتي ؟
وتقول ما هذا الجاهل الذي يحذف الكلمات مثل :
إذا كان سكوتك ناتج عن جهل فيك فما حيلتي نحوك ؟
ولا تنسى أنك تحاكم بعقلك المحدود رب العزة الذي خلق العقل والقلب واللسان وعلم الإنسان سائر علوم الفلسفة والمنطق واللغات بمختلف علومها ،
وعلم النحو والإعراب جاء بعد القرأن ، ونشأ للحاجة إلى وضع قواعد يمكن أن تعين الناس في إدراك كلام العرب ، والمقدرة على حسن استخدام الكلمات والقدرة على التلاعب بمواضع الكلمات وحسن استخدامها للإبداع في التعبير .
وإلى اللقاء في بقية مشاكلك اللغوية .
ودمت بهداية الله .
ـــــــــــــــــــــــ
{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }طه114