أخذ يستعيد كل شئ , لحظة , لحظة , يجتره في صمت , في بداية علاقتهما عندما انسل إلي داخلها وتعرف علي طبيعة الوتر , وظن أنه عرف كيف يعزف عليه النغمة التي تتناسب مع إيقاعها , سماها بأسماء كل حبيباته خوفا أن يناديها باسم واحدة منهن خطأ , عندما سألته : لماذا كل هذه الأسماء الكثيرة , رد ضاحكا : لأنني أري فيك كل نساء العالم .
عندما رأي في ملامح وجهها عدم التصديق , أخذ يزين الطريق بالورد خطوة خطوة , كلما سمعت همسة دارت رأسها , كانت كل همسة تتفق مع اسم إحدي حبيباته , يعرف قدرة كلامه المعسول , كان يراقبها عندما يناديها باسم غير اسمها , يري تغير ملامحها فجأة , ثم تستسلم , حين يرآها تنام كقطة وديعة , يعرف أنها أصبحت ملكه الآن وإلي الأبد .
تاريخه نساء معلقات من جدائلهن علي حبل طويل , نساء عرف كيف يوقع بهن , منهن من استعطفها وسكب لها دموعا , منهن من رسم لها صورة البطل في اللحظة المناسبة حين يفاجأها علي حين غرة لحظة خروجها من تجربة مريرة وهو يمد يده بالمساعدة , منهن من أسكرها بأشعاره وأرقها بأغانيه , منهن من بدا لها الرجل الخجول والذي يحتاج لمن يأخذ بيده في طريق الحب , يتذوق عسلها في متعة وهي تأخذ بيده , يتلذذ بسحر عذريتها وهي تفتح له الطريق إلي قلبها وتسكنه فيه , ينساب فيه يتأمل سحر أنوثتها ويغترف وهي تظنه البرئ , منهن من عذبها بتجاهله حتي إذا ما التفت إليها أحست أنها امتلكت العالم كله واندفعت إليه تروي عطشها وطول انتظارها وصبرها .
وحدها , وحدها فقط , من عندما تأكد أنه رآها من الداخل , سقطت كل أقنعته التي يكدسها في غرفته السرية , وحدها , وحدها فقط , من عندما أيقن أنه دخل عمقها لم يجد إلا أن يعترف لنفسه أنه كان زائفا وأنه عليه أن يثور علي كل تاريخه ويحذفه من ذاكرته , أن يستعيد براءته التي دنستها الأقنعة , أن يعود بطول الطريق نادما علي ما اقترفت يداه حين مسخت روحه .
كان يؤجل أن يتذوق تفاحتها لوقت أن يصيح أبيض كالثلج , يشتهي عسل عينيها , يتلمظ شوقا لحليب نهديها , يتأجج عطشا لخمر شفتيها , ولكنه كان ينتظر , ينتظر بصبر اللحظة التي يخرج فيها من المطهر .
عندما تأكدت تماما أنه ناداها باسم آخر حبيباته المعلقات داخل جدران ذاكرته , وأن آخر امرأة غريقة في بحره قد طفت علي السطح وتنسمت عبير حريتها , نظرت إليه في شفقة وقالت الجملة التي كانت تختزنها لهذه اللحظة : الآن أصبحت إنسانا جديدا , وداعا .
كوكو