أخي العزيز طارق
قرأتُ مشاركتك، وأسئلتك، ولم أعرف حقيقة بماذا عليّ أن أجيب. هل أشكر وأُهدي زهوراً وأنفخ نفسي وأفرح وأطير بكوني "الشاعرة"، "الروائية"، "المثقفة الكاتبة المتفانية"؟
أم أكون صادقة مع نفسي ومعكم أولاً وأخيراً وأقول عن قناعة بأنك تجاااااامل يا طارق :)
بسمة حين أعدت البرنامج الثقافي، حاولت جهدها لكنها كرهت نفسها كمقدمة له في ظل ارتباكها الذي جعل نحو اللغة أشبه بـ "مفركة بطاطا"، وأيضاً تحاول بسمة الرجوع بذاكرتها حين هاتفتك، وأعتقد يومها كان بسبب مشكلة في الإذاعة والمكالمة لم تدم أكثر من دقيقتين كأطول مدة. صح؟ وأتمنى أنني كنت فعلاً لبقة في الحديث!
أما المسنجر ذلك المخلوق العظيم، سعيدة بمحادثتك والتعرف إلى إنسان طيب طموح مثلك، وشاكرة لك بنفس الوقت احتمالك لمزاجيتي حين كنا نجتمع للمسنجر من أجل الإذاعة وإذ بي أخاف التجمعات وأقول لكم ونحن في "عز المعمعة": "تصبحون على خير!"
وأهمس لك يا أخي الطيب الطيب، أنني أتمنى بل وأحلم بكتابة الرواية، وبالتالي أنا لستُ روائية في الوقت الحالي، ولن أكون إلا بعد إصداري لرواية، وهذا حلم بعيد، أدعو الله تحقيقه.
أشكركَ جداً جداً وبصدق يشرفني معرفتك.
والآن لوقت الجد في الأسئلة، سامحك الله، هذه ورطة كبيرة، أنا لست بقدرها.
الآن تذكرتُ حادثة حصلت معي –تذكرتها حين قلتُ ورطة كبيرة أنا لست بقدرها. حين التحقت بالجامعة وقبل تركي لي، كان هناك دكتور في الحاسوب، كان يعطينا لغة البرمجة باسكال Pascal، وسبحان من لا يحمد على مكروه سواه، أنا من الكارهين للحاسوب، وقتها لم أفهم شيئاً مما قال، وتالياً سألته سؤالاً لم يفهم هو منه شيئاً صمت وقال: أنو كلِّك هيذ؟ -الدكتور فلاح كح :D-
ولم يجبني، طالب آخر سأل سؤالاً آخر لم يفهمه أيضاً، فصرخ الدكتور وقال: يا إبني إنت عندك Imagination واسع إحنا مش كَدّه.
انفرط وقتها عقد الضحك بيننا ولم نستطع لملمته حتى نهاية المحاضرة.
والآن أقول لك بينما أنا أسبح في ارتباكي الهادئ، يا طارق أنت عندك imagination واسع في أسئلتك وأنا لست بقدها، فهل تغفر لي هروبي من بعضها؟ أتمنى...:)
اقتباس:- الحزن بالنسبة لي يا بسمة، هو نبلٌ يغسل الروح، فلماذا تتهربين منه، وأنت تعلمين أنه جزء منك؟ لماذا تتقيدين بنظرات وقيود الآخرين فيما يتعلق بهذا الحزن الذي يبدو منك وإليك؟
لماذا تخافين منه، بدلاً من تأمله والاعتداد به، فهل كتب "هيجو" مأساة البؤساء في حالة فرح، أم نظم نزار قصيدة بلقيسه وهو في مرقص؟ أم كتب كافكا "محاكمته" وهو يحتفل بعيد ميلاده؟
بل هل كتب ديستوفسكي "ذكرياته في بيت الموتى" من ذكرى قصة حافلة بالسعادة مع صديقة، أم كانت روايته الأكثر شهرة "الجريمة والعقاب" إسقاطاً لأجمل صفحات حياته؟
لماذا هذا الإنكار للحزن وهو وقود الشعراء والأدباء والكتاب والمبدعين؟
لماذا يا بسمة، لا تقولين مرة واحدة وللأبد؛ نعم أنا أحب الحزن أرتاح إليه أنطوي تحت ظلاله بين حينٍ وحين، وأطهر روحي برونقه الجميل؟
لماذا لا تقولين كما قال "بودلير" في قصيدته عن الشيطان في "أزهار الشر":
"آه يا أيها الشيطان خذني برحمتك، يا أجمل الملائكة"
نعم يا طارق، أنا أكره الحزن كرهاً شديداً، ولو كان الكره رجلاً لقتلته دعساً بقدمي!
ولا أحب الإشارة إلي بأنني حزينة، بينما الحزن يأخذ نصيبه من كل إنسان منا! ولو كان الحزن هو الدافع الحقيقي من وراء الإبداع، أدعو الله أن لا يجعلني من المبدعين، بل سأكون راااااااضية شاكرة ممتنة لو جعل مني حمقاء سعيدة:).
أعرف جيداً وأوافق من قال: "لكل شيء زكاة وزكاة القلب الحزن"، وأعرف أن الأشخاص الذين يملكون حساسية ورقة نصيبهم من الحزن أكثر من غيرهم. (وربما) أكون أنا منهم!
قد تسبب لي حزناً عظيماً حكايا وأمور لا تعنيني شخصياً لكنها مرت بجانبي قبل أيام سقط علي الحزن لست أدري من أين بسبب قصة سمعتها وما زلت أتتبع أحداثها وبالتأكيد سوف أكتب حولها حال انتهائي منها، وقتها كتبت مقطعاً صغيراً حول الحزن، الذي شعرته يخيم على كل ما حولي، وليس أنا وحسب:
حزينةٌ
وليس للحزنِ
أيَّ امتيازٍ غير
مجّانيَّتِه و-على الأكيد:
شُيوعِه وكَثْرَتِه!
وحزني
لا يغبطني عليه أحدُ:
وافِرٌ، وارِفٌ، ظليلٌ، شَرِهُ حياةٍ، وارِثُ قَلقٍ، وفيُّ صُحبة،
مأخوذٌ بي يُقبِلُ عليَّ بِكُلِّهِ غير منقوصٍ ولا يعرف وسادةً لرأسِه غيرَ صَدري!
يتبع باقي عقوباتك لي، غداً إن شاء الله
دمتَ رائعاً، وأقولها مرة أخرى، كان قدراً جميلاً التعرف إليك
(f)