كثير من الخبراء يتكهنون بكارثة اقتصادية في الولايات المتحدة
أحدهم نورييل روبيني الذي توقع الأزمة العالمية
واشنطن: «الشرق الأوسط»
يكثر في الولايات المتحدة حاليا الاقتصاديون الذين يتكهنون بكارثة اقتصادية كبيرة لأول اقتصاد في العالم مع ارتفاع نسبة البطالة والعجز في الميزانية العامة.
وزعيم هذا التيار قد يكون الاقتصادي الذي دفعته الأزمة المالية العالمية إلى واجهة الأحداث نورييل روبيني. فبعد أن توقع فوضى أزمة الرهن العقاري ما زال «يبشر» بالأسوأ.
وقال روبيني في منتدى اقتصادي في الثالث من سبتمبر (أيلول) الحالي في إيطاليا إن «الولايات المتحدة استنفدت كل ذخيرتها (...) وأي صدمة صغيرة في هذه المرحلة يمكن أن تدفع بها إلى الانكماش».
ويعبر اقتصاديون آخرون، أقل اتصالا بوسائل الإعلام، عن رؤى أحلك.
فلورنس كوتليكوف، الأستاذ في جامعة بوسطن، الذي يحذر منذ الثمانينات من خطر العجز العام، نجح فجأة في إضفاء شرعية على تكهناته بعرضها في نشرة لصندوق النقد الدولي تحمل اسم «فايننس آند ديفلوبمنت».
فقد نشر قصة أقرب إلى الخيال، قد يرى فيها البعض نوعا من الهذيان! تتحدث عن خلاف تجاري بين الولايات المتحدة والصين يدفع بكين لتصفية سندات الخزينة الأميركية، في تحرك تنتقل عدواه إلى جميع أنحاء العالم.
وهذا الأمر يؤدي إلى خروج مبالغ هائلة من الأموال من الولايات المتحدة وضخ مبالغ هائلة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في النظام المالي.
وفي النهاية يضرب تضخم مفرط الاقتصاد.
لكن المؤلف اعترف «بوجود سيناريوهات أقل تشاؤما، وربما معقولة لكنها سيئة».
وكشف استطلاع للرأي نشر معهد «استراتيجي وان» نتائجه أول من أمس، الجمعة، أنه يعتقد 65 في المائة من الأميركيين أن هناك انكماشا جديدا سيحدث.
وعلى مدى أبعد! تبدو فكرة أن الولايات المتحدة «في حالة انهيار» راسخة. وأفاد استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» ومحطة «إن بي سي» الثلاثاء الماضي أن 65 في المائة من الأميركيين يؤمنون بذلك.
وقال كاتب الافتتاحية في صحيفة «نيويورك تايمز» ديفيد بروكس: «هذا صحيح. المشكلات الاقتصادية الحالية بنيوية ومشكلات السوق عميقة ولا يمكن معالجتها».
ورأى أن الولايات المتحدة تفقد تفوقها، كما حدث لبريطانيا قبل قرن واحد.
وتوقع الكاتب الاقتصادي في الصحيفة، بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد في 2008 «أسوأ من ذلك.. إذا أعطى الناخبون أصواتهم إلى الجمهوريين».
وقال الجمعة: «لا يمكن أن نقدر إلى أي حد ستكون مدمرة إذا طبقت الاقتراحات الاقتصادية التي تقدم بها زعيم المعارضة في مجلس النواب جون بورنر»، موضحا أنها تعني «عددا أقل من الوظائف، ومزيدا من العجز وهو مزيج مثالي».
وفتحت صحيفة «وول ستريت جورنال» صفحاتها لفائز آخر بجائزة نوبل للاقتصاد (في 2002) فيرنون سميث، الذي قال «يجب مواجهة الأمور: علينا أن نعيش، على الأرجح، مخاضا طويلا جدا» قبل أن نخرج من الأزمة.
وفي واشنطن، تسلل التشاؤم حتى إلى توقعات صندوق النقد الدولي. ففي مذكرة إلى دول مجموعة العشرين، الجمعة، عبر اقتصاديي المؤسسة المالية الدولية عن تخوفهم من موجة ثانية من أزمة العقارات في الولايات المتحدة «بخسائر غير متكافئة» للمصارف الصغيرة والمتوسطة.
وهم يرون أن ذلك «يمكن أن يسرع تراجع ثقة الأسواق في الانتعاش».
صندوق النقد الدولي يتوقع تراجع انتعاش الاقتصاد العالمي منتصف 2011
يفرج عن 2.57 مليار يورو من قرضه لليونان
صندوق النقد الدولي منح اليونان في مايو قرضا ناهز 30 مليار يورو على 3 سنوات (رويترز)
واشنطن: «الشرق الأوسط»
أكد صندوق النقد الدولي في مذكرة موجهة إلى دول مجموعة العشرين نشرت الجمعة أن انتعاش الاقتصاد العالمي سيستمر لكنه سيضعف بحلول نهاية العام وفي النصف الأول من 2011.
وقال صندوق النقد الدولي في هذه المذكرة التي صدرت بمناسبة اجتماع مندوبي دول مجموعة العشرين في كوريا في 4 و5 سبتمبر (أيلول) «بحسب توقعاتنا فإن الانتعاش سيتواصل مع بعض الضعف في النصف الثاني من 2010 ويتوقع أن يستمر في النصف الأول من 2011».
وأعلن صندوق النقد الدولي أنه أفرج عن دفعة ثانية من قرضه لليونان تبلغ قيمتها 2.57 مليار يورو. وقد صوت على هذا المبلغ مجلس الإدارة، أعلى هيئة قرار في صندوق النقد الدولي. ويتمثل في مجلس الإدارة 24 بلدا ومجموعات بلدان. وقال مساعد المدير العام للصندوق موريلو بورتيغال في بيان إن «السلطات اليونانية أمنت انطلاقة جيدة لبرنامجها الاقتصادي، وتصميمها على تنفيذه بدأ يعطي ثماره».
وكان صندوق النقد الدولي منح اليونان في مايو (أيار) قرضا ناهز 30 مليار يورو على 3 سنوات، وقد يكون أكبر قرض في تاريخه. وبلغت قيمة الدفعة الأولى التي وضعت في تلك الفترة في تصرف اليونان 5.5 مليار يورو.
ولم يعط الصندوق أي توقعات بالأرقام تتعلق بتباطؤ النمو. فهي متوقع صدورها في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) قبل الاجتماع السنوي للمؤسسة المالية الدولية في واشنطن.
ويرى خبراء الصندوق «أن الانتعاش الدولي دخل في مرحلة جديدة»، مضيفا «أن دعم الميزانية وإعادة بناء المخزونات بصدد التراجع في الاقتصاديات المتطورة، والنمو سيتأتى أكثر فأكثر عن الاستهلاك والاستثمار».
«لكن المخاطر تتمثل في أن يكون النمو أضعف مما هو متوقع، لا سيما أن الشكوك المرتفعة بشأن الأسواق المالية تشكل مصدر قلق كبير»، كما أوضح الصندوق. ويرى الصندوق أن هذا القلق يأتي في شكل خاص برأيه من المبالغ التي اقترضتها دول منطقة اليورو على الآجال القصيرة. وأشار صندوق النقد الدولي إلى «أن الدين العام الذي يستحق في الاقتصاديات الضعيفة بمنطقة اليورو في النصف الثاني من 2010 وفي 2011 يتجاوز الأربعمائة مليار دولار».
وحذر الصندوق من «أن أي اضطرابات في أسواق سندات الخزينة الناجمة، إما عن فشل عمليات إعادة التمويل أو عن نقص في رؤوس الأموال في القطاع المصرفي، قد تزيد الضغط بشكل كبير على الماليات العامة وتؤدي إلى فقدان الثقة في الأسواق، وتتسبب في تقليص جديد كبير لميزانية الدول التي تواجه صعوبات، ما قد يسيء إلى الانتعاش العالمي».
وهذه الدول التي لم يشأ الصندوق تسميتها، لكنها على الأرجح تلك التي يعتبرها المستثمرون الأكثر مجازفة إسبانيا واليونان وآيرلندا وإيطاليا والبرتغال، «ستواجه منافسة احتياجات إعادة التمويل لاقتصادات متطورة أخرى، تقدر بنحو 4 آلاف مليار دولار، ومصارف أوروبية تواجه أيضا ظروفا صعبة».
ويرى الصندوق خطرا آخر يأتي من العائدات الضريبية المخيبة. في هذه الحالة «قد تفقد الأسواق ثقتها تجاه بعض الدول، إن اعتبرت جهود السلطات لإبقاء دينها في مستوى قابل للاستمرار غير ملائمة أو تفتقر إلى المصداقية».
ففي مرحلة أولى «قد تسجل المصارف الأميركية الصغيرة والمتوسطة الناشطة بشكل كبير في قطاع العقارات خسائر غير متناسقة وتخفض عرضها للتسليف». كما يمكن أن «تسرع الدوامة السلبية بين الاقتصاد الكلي والمالية فقدان ثقة السوق في الانتعاش».
ويرى الصندوق أنه لا يتوجب انتظار دول مثل الصين والهند أو البرازيل لتدعم وحدها النمو العالمي.
وأكد «أن الطلب الداخلي في الاقتصادات الكبرى الناشئة لن يعوض بحسب توقعاتنا انخفاضه في الاقتصاديات المتطورة»، مشيرا إلى «إعادة توازن محدودة في الطلب» على الصادرات.